ثقافة و فنون ريتشارد فورد في حوار عن أبطال رواياته والتقدم في السن by admin 23 يونيو، 2023 written by admin 23 يونيو، 2023 23 بصق ريتشارد فورد ذات مرة على زميله الروائي كولسون وايتهيد، ويدعي أنه تخلى عن المشاجرات إلى الأبد، لكن مارتن شيلتون وجده مستعداً للكم ترمب ويعتبر إرثه الأدبي عبارة عن “كومة ركام” اندبندنت عربية \ مارتن شيلتون كاتب وصحافي MartinChilton@ تدور سلسلة روايات فرانك باسكوم Frank Bascombe الشهيرة لـريتشارد فورد حول روائي فاشل تحول إلى صحافي رياضي. لكن ما حدث في الحياة الواقعية على كل حال كان العكس. في محاولة للحصول على أول عمل له بعد تخرجه في الجامعة، أرسل المؤلف الآتي من مدينة جاكسون في ميسيسيبي، إلى غرفة تملؤها “مجموعة من قصاصات جرائد” وكلف من محرر الصفحة الرياضية في “أركانساس غازيت” كتابة موضوع. قال لي “جلست وشاهدت جميع هذه القصاصات – التي كانت، بصفتي مدوناً متمرساً، متناثرة بالطريقة نفسها التي أكتب بها الروايات بالضبط – وأنجزت مادة سيئة للغاية… لقد كانت قمامة حقيقية. عرضتها عليه وقال ’لا، لا، لا، لا، لا، لا، لا… أخرج من هنا‘. طردني ولم يكن لدي أمل في أن أصبح كاتباً. حدث هذا قبل 60 عاماً، لكنني ما زلت آمل حتى يومنا هذا أن يتصل بي”. أجري المحادثة عبر تطبيق “زوم” مع فورد الذي يقيم موقتاً في دبلن حيث أعطى ذات مرة محاضرات في الكتابة الإبداعية في كلية ترينيتي التابعة لجامعة كامبريدج. نضحك أثناء حديثنا على الأشياء الغريبة التي ترافق كونك كاتباً رياضياً، وهي مهنة كامنة في ماضي كلينا. يروي قصة مضحكة عن لاعب بيسبول موهوب للغاية كان خارج الملعب “مغفل المغفلين”. بالمناسبة، إنه “ينفر” من كرة القدم بسبب الطريقة التي يتصرف بها لاعبو كرة القدم إذ “يتخبطون ويندفعون ويمسكون بأعضائهم الذكرية” دائماً. وعند سؤاله عما إذا كان يعتقد بأن كتابة الروايات العظيمة هي قدره، يجيب ضاحكاً: “لا، على الإطلاق”. بدأت سلسلة باسكوم عام 1986 مع رواية “المحرر الرياضي” The Sportswriter، ينشر فورد هذا الشهر آخر جزء فيها بعنوان “كن لي” Be Mine. في هذه الرواية نجد باسكوم المسن وهو يقوم برحلة طريق مشحونة بالعواطف لرؤية جبل راشمور، بينما يحاول التصالح مع ابنه المريض بول. شخصية باسكوم هي إبداع أدبي لا ينسى – واحدة من أكثر الشخصيات تعقيداً وفرادة من نوعها في عصرنا – كما أن هذه الروايات المسرودة على لسان المتكلم، ذات الأجواء التي يتردد صداها بشدة والحبكة القوية جداً، مليئة بالشفقة، فضلاً عن أنها تصوير مضحك ودقيق للحياة الأميركية المعاصرة. كانت رواية “عيد الاستقلال” Independence Day، الثانية في سلسلة باسكوم، أول رواية تفوز بجائزة “بوليتزر” وجائزة “بِن/فوكنر” PEN/Faulkner Award في عام واحد (1996). فورد المولود في 1944 يقول إنه عندما يتعلق الأمر بالشيخوخة، فإنه يقدر عبارة الروائية الفرنسية كوليت عن عدم التخلي أبداً عن غريزة الدهشة لديك. يقول: “أعتقد بأنني أستطيع قراءة الناس في سني هذه بشكل أفضل مما كنت أستطيع لما كنت أصغر، على رغم أنني ربما أكون مخطئاً… أنت مهيأ للأخطاء اللعينة عندما تكون في عمري تماماً مثلما كنت في الـ 21. أحد جوانب أنك في الـ 79 – الأمر الذي ينطبق على فرانك، على رغم أنه أصغر ببضعة أعوام في ’كن لي‘ – هو أنك تستمر في إيجاد نفسك تفكر بطرق توحي بوجود مستقبل. ثم تنظر حولك وتقول لنفسك ’حسناً، اللعنة، لن أكون قادراً على فعل ذلك‘، وهذا يزعجك”. تسير “كن لي” على خطى “المحرر الرياضي” و”يوم الاستقلال” و”تضاريس الأرض” The Lay of the Land و”دعني أكون صريحاً معك” Let Me Be Frank With You، وكتبت “كل يوم تقريباً” أثناء جائحة كورونا. ابتكر فورد “خططاً آسرة” لروايات، على رغم إدراكه دور عاملي الحظ والعناية الإلهية في جزء باسكوم هذا، لأنه أثناء ركوبه سيارة أجرة في واشنطن العاصمة، اقترح صديق من كارولاينا الجنوبية كتابة رواية عن عيد الحب، فأجاب صديقه: “أوه، هذه فكرة جيدة… سأسميها ’كن لي‘”. باسكوم هو رجل قادر على أن يكون صادقاً بطريقة لاذعة وواعياً بحذق بذاته – على كل حال، يعتبر فورد نفسه “مجرد رجل عادي”، شخصاً “أمثل فئتي العمرية والديموغرافية وحاضنتي الثقافية”. هل كانت صراحة شخصيته مصدر إلهام لاسمه الأول؟ [فرانك تعني صريح] يبتسم فورد: “لم يسألني أحد عن ذلك من قبل… عندما كتبت ’دعني أكون صريحاً معك‘ خطرت التورية في ذهني، لكن اسمه مستوحى بالأساس من صديق من فرقة ’ليتل روك‘ اسمه فرانك نيويل. هناك نغمة في صوت فرانك باسكوم يمتلكها صوت فرانك نيويل. أسميته فرانك لأن فرانك كان صديقي. لقد توفي الآن وقلبي ينفطر لقول ذلك”. عام 2018، تحولت رواية فورد “حياة برية” Wildlife إلى فيلم لقي استحساناً من بطولة كاري ماليغان وجيك جيلينهال. للأسف، لم يثمر اقتراح شبكة “إتش بي أو” إنتاج سلسلة مصغرة مستمدة من رويات باسكوم الثلاث الأولى. أسأله من هو الممثل الذي كان سيود أن يجسد شخصية فرانك؟ يجيب فورد، “كيفن سبيسي ممثل رائع وكان من الممكن أن يؤدي فرانك باسكوم بشكل جيد. أعتقد بأنه تقدم في السن الآن كثيراً وأصبح أحد المنبوذين”. كاري موليغان وجيك جيلينهال في فيلم “حياة برية” (سكاي) يعيش المؤلف في نيو أورلينز مع زوجته كريستينا التي اقترن بها عام 1968. أسأله ما إذا كان يثق برأيها في أعماله. يجيب بلطف: “أنا أثق بها في كل شيء… كريستينا عالمة اجتماع وخبيرة اقتصادية وتقرأ كل المواد المجددة والألغاز والأشياء الجادة. هكذا يكون القارئ المثالي بشكل أساسي أي إنه شخص يحب القراءة. لا أعتبر نفسي خبيراً، لكن كتابة الروايات، والبوتقة الصغيرة التي تتسم بها كتابة الروايات، والعزم وشدة المحاولة الجادة لقول شيء ما يثير اهتمام القارئ، يدفعك أحياناً إلى قول شيء أكثر ذكاء مما كنت ستقول”. لا بد من التطرق إلى الأسئلة حول الجدل الذي أثاره فورد قبل وقت طويل – عندما أرسل إلى مراجع نصوص نسخة من كتاب به ثقوب طلقات رصاص، والبصق على كولسون وايتهيد الحائز على جائزة “بوليتزر” – لكنها تجعلني أتساءل عما إذا كان فرانك شخصاً أقل تقلباً من مبتكره بشكل متعمد. يجيب فورد “إنه أقل تذبذباً مني شخصياً، بالتأكيد… شخص في عمري لا يستطيع الدخول في عراك بالأيدي. أنا مسن جداً. أنا أتمرن في صالة الألعاب الرياضية ولكن عندما أشاهد الشباب الأصغر وهم يضربون أكياس التمرين الثقيلة، أقول لنفسي ’واو، إنهم يضربونها بقوة أكبر بكثير مما أستطيع‘. أتمنى لو كانت شخصيتي أفضل. أتعامل باتزان نسبي مع الأخطاء التي ارتكبتها، طالما أنها لا تبقيني مستيقظاً في الليل، لكنني أتمنى لو أنني لم أرتكب معظم أخطائي”. ضمن محادثتنا الطويلة، ناقشنا أيضاً عسر القراءة (يقول إن القراءة البطيئة تعني أنه يقوم باختيارات دقيقة للكلمات) وازدراءه لدونالد ترمب. من بين المصطلحات الأكثر تهذيباً التي يستخدمها لوصف رئيس الولايات المتحدة السابق الذي يخشى أن يكون المرشح الجمهوري مرة أخرى عام 2024 هو “صاحب الشفة المزمومة، الخبيث، البغيض، المهرج، المثير للسخرية، الأحمق والأضحوكة”. ويضيف “يرشح الديمقراطيون هذا الرجل المسن المسكين الهرم [جو] بايدن في وقت كان يجب عليهم بذل جهد للعثور على شخص آخر لائق”. يقول فورد إن راندي نيومان [مغني ومؤلف موسيقى أميركي] هو أحد “أبطاله العظماء”، مضيفاً أن “شخصاً ما أخبرني ذات مرة أن راندي يحب أحد كتبي، ولا أعتقد بأن فرحتي بذلك خبت أبداً”. إنه أيضاً من محبي موسيقى الجاز – تشيت بيكر وسيدني بيشيه من بين الأسماء المفضلة لديه – على رغم أنه لا يحضر كثيراً من الحفلات الحية “لأنني منهمك بالعمل دائماً”. يتوقف قليلاً قبل أن يضيف “عشت في مكان تفصلني فيه ثلاث بنايات عن سناغ هاربر [حانة ومطعم جاز]، لكنني كنت أكتب الكتب دائماً. هذا عذر سيئ لعدم الذهاب والاستماع إلى مارساليس العجوز [عازف البيانو الراحل إليس مارساليس] الذي كان يعزف أربع لياٍ في الأسبوع في شارع فرينشمان. هذا هو عيبي البشري: أنا غبي”. نتشارك حباً عميقاً لرواية “حدث شيء ما” Something Happened لجوزيف هيلر الصادرة عام 1974. يشرح فورد: “أنا أحب هذا الكتاب. هو الذي علمني أن أكتب بصيغة المضارع وبضمير المتكلم… لقد عرفت جو قليلاً وكان رجلاً طيباً جداً ولطيفاً ومتواضعاً تقريباً. كانت رواية ’خدعة-22‘ Catch-22 الظاهرة العظيمة في الستينيات، إنها رواية مبدعة، لكن ’حدث شيء ما‘ متأنية ومتماسكة وبارعة ورائعة أكثر، من رجل ربما كان يقدرها أكثر من ’خدعة 22‘”. فورد متحدثاً في مناسبة في إسبانيا عام 2016 (غيتي) تصف جملة في “كن لي” ويليام فوكنر بأنه “مخادع مسن فاسد”. هل وضعها في الرواية لمجرد التسلية؟ يعترف فورد ضاحكاً مرة أخرى “نعم، نعم… أنا من ولاية ميسيسيبي، وفوكنر هو إله في ميسيسيبي. لقد كان، من نواح عدة، مخلوقاً ضئيلاً فظيعاً وعنصرياً ومتعصباً، رجلاً على هيئة دمية. يشرفني أن أكون قادراً على وصفه بـ’المخادع المسن الفاسد‘”. “كن لي” التي تدور حول رحلة طريق يقوم بها باسكوم مع ابنه بول الذي يحتضر في منتصف العمر، تظهر مهارة فورد الرائعة في استكشاف ديناميكيات الأسرة المشحونة. يقول “كنت طفلاً وحيداً، الأمر الذي يعد نعمة حقيقية لأنني لم أضطر إلى مشاركة أي شيء مع أي شخص… العلاقة بين الآباء والأبناء هي علاقة احتكاكية بطبيعتها ودرامية وتستحق الكتابة عنها، لأنها غالباً ما تكون أيضاً ضحية لحكمة تقليدية غير دقيقة للغاية. تقول الحكمة التقليدية إنك يجب أن تحب جميع أطفالك، لكن ابنة فرانك تمتلك آراء سياسية مختلفة عنه، وحياتها بعيدة جداً من حياته، كما أنها سيئة المزاج إلى حد ما. إنه يحبها ولكنها لا تروق له كثيراً ويجب أن تكون قادراً على القول إن هذا الأمر محتمل الحدوث بين البشر”. أخبر فورد أنني أحسد فرانك على جهازه الهضمي المستقر وقدرته على النوم بعمق، وهما نتاج شخصية “لا تقلق على الإطلاق”. يقول فورد: “آه، أنا كذلك أيضاً… أنا مستعد للتضحية بأي شيء مقابل عدم القلق. الليلة الماضية، اتصلت بزوجتي عند الثانية صباحاً وأنا في حال ذعر ولا أستطيع حتى أن أتذكر لماذا كنت مذعوراً. أستيقظ كل صباح وأنا أحاول ألا أفكر في ما حلمت به. أشعر بالقلق طوال الوقت، قطعاً، وأصبح الوضع أسوأ مع تقدمي في العمر. لا أعتقد بأنني كنت متحرراً من القلق أبداً. كانت والدتي شديدة القلق. انتابني شعور رائع بالحرية عندما أسبغت الهدوء على فرانك. عندما كتبت تلك الجملة، قرب نهاية الرواية، قلت لنفسي ’هل هذا ممكن حتى؟ أو قابل للتصديق إلى حد ما في أقل تقدير؟‘” في الوقت الحالي، لا يحضر فورد أي كتاب جديد – لقد حاول ألا يترك نهاية “كن لي” مفتوحة جداً – ويوافق فرانك وبول الرأي بأن “الإرث هو كومة قمامة”. عندما أشير إلى أن الأجيال المقبلة ستقدر أعماله، لا يبدو مقتنعاً. يقول: “لن تصمد أمام اختبار الزمن… كان صديقي ريموند كارفر وقت وفاته عام 1988 غاضباً بشدة. لقد كان كاتباً عظيماً وإنساناً رائعاً ولم يعد الناس يقرأون كتبه كثيراً. أحزنني ذلك لفترة، لكنه لم يكن ليفاجئه. أنا أتبنى وجهة نظر قصيدة ’أوزيماندياس‘ [تخلص إلى أنه حتى أعظم الرجال والإمبراطوريات التي أقاموها أشياء غير دائمة، وأنه مقدر لإرثهم أن يتلاشى مع الزمن]. أحاول كتابة كتب تكون مفيدة للبشر في وقت أكون حياً”. فورد الذي أوفى بتعهده ببذل الجهد الضروري “للتأنق” اللازم لإجراء المقابلة وجهاً لوجه في مكالمة مصورة، يبتسم ابتسامة من القلب قبل أن يضيف “ما حدث هو ماض وأنا لا أستطيع فعل الكثير حيال ذلك ولا أفكر كثيراً فيه حتى. يمكنك التحكم في الحاضر من خلال إدارة كتبك بطريقة موقتة ومختصرة للغاية، ثم تفرض الحياة ضريبتها ويأتي كتاب آخرون يتحكمون في حاضر قرائهم. أنا أرحب بهم. حتى لو عنى ذلك استبعاد ما قمت به، فأنا لست آسفاً على ذلك”. تصدر رواية “كن لي” Be Mine لـريتشارد فورد عن دار بلومزبيري في الـ 22 من يونيو (حزيران) الجاري وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيه استرليني © The Independent المزيد عن: ريتشارد فوردالرواية الأميركيةتقدم السنترمب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ’’ميتا‘‘ ستمنع وصول الكنديين إلى الأخبار على منصاتها next post “أنا حرة” يربك خطاب النسوية في الأردن You may also like نظرية فوكوياما عن “نهاية التاريخ” تسقط في غزة 29 نوفمبر، 2024 لماذا لا يعرف محبو فان غوخ سوى القليل... 29 نوفمبر، 2024 جائزة الكتاب النمساوي لرواية جريمة وديوان شعر ذاتي 29 نوفمبر، 2024 طفولة وبساطة مدهشة في لوحات العراقي وضاح مهدي 29 نوفمبر، 2024 استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024