مشهد من مسرحية "غاتسبي العظيم" في برودواي (خدمة العرض) ثقافة و فنون رواية “غاتسبي العظيم” تسطع في برودواي بعد 100 عام by admin 2 ديسمبر، 2024 written by admin 2 ديسمبر، 2024 27 المسرح النيويوركي يقدم صيغة بصرية احتفالية لرائعة فيتزجيرالد التي لم تنل شهرة في عصرها اندبندنت عربية / كاتيا الطويل @katiatawil يبدو أنّ رواية “غاتسبي العظيم” (The Great Gatsby, 1925) التي لم تنل شهرتها الواسعة سوى بعد أعوام من وفاة صاحبها وهي كانت روايته الثالثة، تظل موجودة في المشهد الثقافي المعاصر حتى يومنا هذا من خلال ظهورها المتكرر في الأوبرا خلال عام 1999 مثلاً، أو من خلال ظهورها أيضاً على صورة أفلام وذلك منذ منتصف القرن الماضي وصولاً إلى الفيلم الأحدث الذي صدر عام 2013 إخراج باز لوهرمان وتأدية ليوناردو دي كابريو في دور جاي غاتسبي. المرأة المحرك الخفي رواية “غاتسبي العظيم” (أمازون) على رغم أن رواية فيتزجيرالد متينة السرد والحبك وثرية موضوعاتياً بفضل القضايا الشائكة التي تتناولها، مثل الحب والحرب وصراع الطبقات والثراء الفاحش والقيم والعادات الاجتماعية التي تظلم المرأة والخيانة الذكورية والعراقة في النسب والسير نحو الهاوية والانتقام من الماضي، يبدو أن فيتزجيرالد أعاد سبب فشل كتابه “غاتسبي العظيم” في حصد قراء كثر لدى صدوره إلى أن قراء الروايات خلال عشرينيات القرن العشرين كانوا في معظمهم من النساء، ولم تكن في روايته أية امرأة تجسد دور بطولة أو تشكل بشخصيتها محط اهتمام واختلاف، مما جعل الرواية تفشل في جذب قارئات عصرها. لكن من يتعمق في النص يلاحظ أن المرأة موجودة وقوية ومحركة واضحة للأحداث، فالمرأة الأولى وهي دايزي التي جعلت غاتسبي يصبح ما هو عليه من رجل ناجح وثري و”عظيم”، عدا عن أنها مثال الحب الأول والمستحيل والبعيد المنال الذي يحرك ويحفز ويتحول إلى الهدف. تتحول دايزي إلى “الضوء الأخضر” في الأفق، ضوء الوعد بالهناءة والحب والنهايات السعيدة. قصة حب معقدة (خدمة العرض) أما المرأة الثانية في النص فهي جاين مثال المرأة الحرة الثرية المثقفة الساخرة المتمردة التي ترفض أن تكون ضحية المجتمع، من خلال رفضها القبول بالزواج ورفضها الانصياع لإرادة الرجل العنجهية ورفضها القبول بتصرفاته المتخطية للقيم والأسس العائلية، ومبدأ الصواب والخطأ. وترفض جاين خيانات الرجل كما ترفض تنازلات الزوجة وتضحيات الأم لتجسد بهزلها وملاحظاتها الثاقبة والقاسية امرأة القرن الـ21 بطريقة ثوروية وavant-gardiste، هي التي ترفض أن تؤدي دور الزوجة المنتهكة الحقوق. وتبقى مؤسسة الزواج في نهاية المطاف أحد أهم المواضيع المطروحة في النص من خلال دايزي وزواجها القائم على نفاق الطبقة الاجتماعية الرفيعة، ورفض جاين للزواج، وخيانات زوج دايزي الكثيرة، وخيانة زوجة العامل في محطة الوقود لزوجها مقابل ما يقدمه لها عشيقها من مجوهرات وهدايا، وتكون الضربة القاضية للزواج هي رفض دايزي ترك زوجها على رغم كل ما وقع لها منه، وعلى رغم حبها الكبير لغاتسبي وذلك فقط خوفاً من رفض المجتمع لعلاقتها برجل من خارج طبقتها الاجتماعية. صراع الطبقات الروائي الأميركي فيزجرالد (صفحة الكاتب – فيسبوك) أما المحور الأساس الذي يدور حوله نص “غاتسبي العظيم” فهو طبقات المجتمع وصراعها والعجز عن الانتقال من طبقة إلى أخرى. وتجسد دايزي وزوجها الطبقة المخملية الأرستقراطية الفاحشة الثراء والبذخ والتكبر، بينما يجسد غاتسبي الطبقة الفقيرة ونموذج الدخيل الأبدي الذي مهما عمل ومهما اجتهد ومهما بلغت ثروته سيظل مرفوضاً، لأصوله الوضيعة ولظهوره الحديث في المجتمع الراقي. ويتجلى صراع الطبقات الموضوع الأبرز في هذا النص من خلال زوج دايزي الذي يقدم خطاباً رائعاً وذكياً عن حقيقة طبقات المجتمع وعن استحالة انتقال فرد من طبقة إلى أخرى، فالأصول والولادة والانتماء أشياء تورث ولا يمكن أن تشترى كما لا يمكن أن تتغير مهما بلغت ثروة المرء، لينهي الزوج الأرستقراطي مونولغه بأن يسمح لدايزي بالرحيل مع غاتسبي متأكداً من أنها ستعود إليه، ومن أنها لن تجرؤ يوماً على تركه هو ابن العز والجاه والعائلة المرموقة من أجل شاب حديث الثراء nouveau riche ستبقى أصوله محط انتقاد وتوجس وشك، من دون أن تكون ثروته كافية لمنحه بطاقة دخول إلى المجتمع المرموق ومن دون أن تمنحه بما يسمونه الـclass. عرض بديع من نسج الخيال يقف المتفرج مشدوهاً أمام عظمة الإخراج في مسرح برودواي من حيث المؤثرات الصوتية مروراً بالموسيقى فالإضاءة والديكور والغناء والأداء، والأزياء والبهرجة الملائمة للحقبة والطبقة الاجتماعية الثرية. تغير سريع في المشاهد وإظهار متقن للبذخ وموسيقى ومؤثرات تليق بالقصة وترافقها وتمنحها بعداً حسياً إنسانياً هائلاً، وأزياء منمقة وكثير من الترتر والتوهج والمجوهرات، مع انتقال فوري إلى جو أمسيات عشرينيات القرن الماضي الذي يحمل الجمهور إلى سحر تلك الفترة. مفرقعات نارية تظهر في العرض وتفاجئ الجمهور، وأزياء تعكس المستوى الاجتماعي الخاص بكل دور وتختلف وتتغير في تنوع مدهش، خفة وجذالة في التأدية والرقص والغناء، وديكورات ثرية وكثيرة وكثيفة تنقل الجمهور من مكتبات ومكاتب إلى غرف نوم فغرف فنادق فشوارع فمحطة وقود، عدا عن التأدية البديعة والغناء الصادح اللافت والمحرك للمشاعر الدفينة إلى جانب الالتزام الأمين بالنص والكلام وروح الرواية والشخصيات. أكثر من 20 ديكوراً ومكاناً يتنقل بينها الممثلون مع دخول سيارتين إلى خشبة المسرح وتنقلهما عليها بكل أريحية خلال ساعتين ونصف، يقطع فيها الجمهور أنفاسه ويراقب فيها أحداث قصة يعرفها لكنه يعيد اكتشافها من جديد. واللافت أن مسرح برودواي الأميركي النيويوركي الذي انطلق في منتصف القرن الـ18 أي نحو عام 1750، والذي عرف انقطاعات متعددة خلال الحروب الأميركية والحربين العالميتين، كان مرتعاً لعرض مسرحيات ويليام شكسبير (1564- 1616) لأعوام طويلة في بداياته، وها هو الكاتب المسرحي البريطاني يعود اليوم بمسرحية “هاملت” المعروضة على خشبة برودواي والتي تعد من أفضل مسرحيات برودواي لهذا الفصل. إنما يبقى السؤال اليوم هو التالي: إلى جانب الإخراجات الضخمة في السينما والأفلام الكثيرة على تطبيقات مشاهدة الأفلام مثل HBO وNetflix، كيف يتأثر برودواي اليوم بالذكاء الاصطناعي وبالسرعة في تلقي العروض والأعمال الفنية، وهل يبقى رواده أوفياء له، وهل تستمر مسارح برودواي النيويوركية الـ41 الكلاسيكية التاريخية والتي يتسع كل واحد منها لما يربو على الـ500 شخص في تقديم عروضها؟ المزيد عن: رواية أميركيةفيتزجرالدبرودوايمسرحغاتسبي العظيممشهديةبعد بصرينيويوركإخراجالإحتفالية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post استرجاع باريسي لسينما المخرج الإيطالي الأكثر إنسانية والأقل هزلا next post “اختراع الكتب” من مدينة الملذات إلى روما اللصوص والمجرمين You may also like هل هناك مدرسة فلسفية مغربية؟ 3 ديسمبر، 2024 “الجميلات النائمات” في رحلة الحب والموت 3 ديسمبر، 2024 “أعراس” لسترافنسكي: تقاليد الريف الروسي تغزو الموسيقى الأوروبية 3 ديسمبر، 2024 العراقي قيس الزبيدي ترك اثرا كبيرا في السينما... 3 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: لُقى «سمهرم» في محافظة... 3 ديسمبر، 2024 “أيام الرخص” تسترجع الأربعينيات الليبرالية في مصر 2 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الفن والجنون وجهان لعبقرية... 2 ديسمبر، 2024 ما حدود قدرة كُتاب الظل على نقل التجارب... 2 ديسمبر، 2024 برامانتي بصحبة ليوناردو سنوات بداياته في خدمة آل... 2 ديسمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 2 ديسمبر، 2024