"أنا لا أهاجم المسرحيات نفسها، ولكنني أتحدى أسطورة الرجل الذي تم رفعه إلى حد التقديس" (تيم لويلين) ثقافة و فنون روائية شهيرة: امرأة كتبت أعمال شكسبير! by admin 20 أكتوبر، 2024 written by admin 20 أكتوبر، 2024 30 في حديثها إلى “اندبندنت” تشرح الكاتبة جودي بيكولت لماذا اختارت تكريس روايتها الجديدة للبحث في الأدلة التي تشير إلى أن ويليام شكسبير لم يكن الكاتب الحقيقي لمسرحياته، كما تؤكد إصرارها على مواجهة القضايا الشائكة على رغم حظر كتبها في 35 ولاية أميركية اندبندنت عربية / كلير أولفري تقول الكاتبة جودي بيكولت “اُتهمت بالجنون وبأني مؤمنة بنظرية المؤامرة، ورأيت رجالاً بيضاً مسنين يشتكون مني في مدوناتهم، وأساتذة متقاعدين في أميركا يرسلون لي رسائل بريد إلكتروني ليخبروني بأنني مخطئة تماماً، وبالطبع لم يقدم أي منهم دليلاً على ذلك، ومن الواضح أن كثيراً منهم لم يقرؤوا كتابي”. تخبرني بيكولت هذا بابتسامة ساخرة من امرأة لن تدع أي تعليق سلبي من رجل يفسد يومها، والكتاب المعني هنا هو “بأي اسم آخر” By Any Other Name، مغامرة بيكولت الأولى في كتابة الرواية التاريخية، وهو كتاب أثار الجدل قبل حتى أن يُنشر. في هذه الرواية تجادل بيكولت بأن شكسبير لم يكن الكاتب الحقيقي لمسرحياته، بل إن الكاتبة الحقيقية كانت امرأة من أصول يهودية على الأرجح تدعى إيميليا باسانو، وهذه المرأة التي كانت موضوع مسرحية شهيرة بعنوان “إيمليا” Emilia عُرضت على مسارح ويست إند عام 2018، هي شخصية تاريخية معروفة نشرت كتيباً بعنوان “السلام على الله ملك اليهود” Salve Deus Rex Judaeorum في عام 1611، مما جعلها أول شاعرة أنثى تنشر أعمالها في بريطانيا، كما تعتبر أول كاتبة نسوية في بريطانيا بفضل آرائها الراديكالية حول الجندرية التي تضمنتها قصائدها. يعتقد بعض الأكاديميين أن إيميليا باسانيو هي “السيدة السمراء” Dark Lady في سونيتات شكسبير [نوع من الشعر يتألف من 14 بيتاً شعرياً وتتميز بقواعد محددة في الوزن والقافية]. لكن رواية جودي بيكولت التي تمتاز مثل جميع أعمالها السابقة بسلاسة أسلوبها وسهولة قراءتها على رغم موضوعها العميق، تتبنى فكرة أكثر جرأة حين تدعي أن هذه الفتاة الطموحة ابنة العائلة ذات الخلفية الموسيقية الرفيعة والروابط الاجتماعية القوية الآتية من البندقية، إذ إن والد باسانيو كان موسيقياً في بلاط الملكة إليزابيث الأولى، وكانت هي عشيقة رئيس البلاط الملكي لـ 10 أعوام منذ أن كانت في الـ 13 من عمرها، وكانت تمتلك معرفة ووصولاً يجعلانها ملائمة لتكون كاتبة أعمال شكسبير أكثر من رجل الأعمال المولود في ستراتفورد المعروف باسم ويليام شكسبير. التقيت بيكولت في مقهى في “سومرست هاوس” حيث عاشت باسانيو الشابة لأعوام عدة مع رئيس البلاط الملكي، والكاتبة الأميركية مشرقة ومليئة بالحيوية وتفيض بالثقة، وإذا كانت تشعر بأي قلق من تحدي أسطورة شكسبير الكبيرة في بلده فهي لا تظهر ذلك، تقول “إذا نظرتِ إلى الأدلة التي تدعم فكرة أن شكسبير كتب المسرحيات بنفسه ستجدين أنها غير مقنعة”. وتتابع “لدينا فقط ستة تواقيع لشكسبير وهي غير متطابقة مع بعضها، والدليل الوحيد الآخر على خط يده موجود في مخطوطة المسرحية الإليزابيثية ‘سير توماس مور’ Sir Thomas More [التي كتبها أنتوني مانداي وهنري تشيتل، ويُعتقد أن شكسبير قد أسهم فيها] ولا توجد إشارات معاصرة تشير إليه ككاتب مسرحي فعلي، فمسرحياته تعكس معرفة ببلدان ولغات أخرى نعلم أنه لم يكن بإمكانه امتلاكها، ولا توجد مسودات أولية لأعماله، زعم جون هيمينغز وهنري كونديل اللذان نشرا ‘المطوية الأولى’ First Folio [أول مجموعة مطبوعة من مسرحيات شكسبير نُشرت عام 1623]، أنه لم يكتب مثل هذه الأشياء على الإطلاق، ونعم إنهما محقان، فكلما تعمقتُ في البحث وجدت ثغرات في كل مكان”. الجدل مستمر منذ حوالى قرنين حول ما إذا كان شكسبير الكاتب الحقيقي لأعماله، والمعارضون لشكسبير والمعروفون جماعياً باسم “معادو ستراتفورد”، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل مارك توين، والأكثر معاصرة الممثل والمخرج الفني السابق لمسرح غلوب، مارك رايلانس، يعارضون فكرة أن شخصاً واحداً، وبخاصة شخصاً تلقى تعليماً متواضعاً مثل شكسبير الذي يعتقد كثيرون كذلك أنه لم يغادر إنجلترا قط، يمكنه إنتاج كل هذه الروائع. إنهم يجادلون بطرق مختلفة بأن شكسبير إما تعاون بشكل واسع مع آخرين أو أن اسمه لم يكن سوى اسم مستعار يخفي وراءه مؤلفاً أو مجموعة من المؤلفين الذين لم يرغبوا في الكشف عن هوياتهم، أو أن مكانتهم الاجتماعية كانت تمنعهم من الكتابة بأسمائهم الحقيقية، ومن بين أبرز المرشحين لهذا الاحتمال يأتي فرانسيس بيكون وكريستوفر مارلو وويليام ستانلي الإيرل السادس لـ ديربي [الحاكم السادس لمقاطعة ديربي. ولقب “إيرل” (Earl) هو لقب نبيل في بريطانيا يعادل “كونت” في الأنظمة الأوروبية الأخرى]، ومع ذلك فإن معظم الأكاديميين الجادين لا يقيمون وزناً لهذه النظرية، لكن الفكرة التي تثير غضب الأكاديميين حقاً، كما تقول بيكولت، هي إمكان أن يكون الكاتب الحقيقي لأعمال شكسبير امرأة، وتوضح أنه “بلا شك إنها كراهية النساء”. من المؤكد أن بيكولت واجهت شيئاً من الإحباطات في تعاملاتها مع بعض الخبراء، وتضيف “كان بعض المتخصصين الذين تحدثت إليهم لطيفين تماماً، لكن كان هناك أيضاً موقف يوحي بأنهم يرونني كطفلة صغيرة، وبالتأكيد كان هناك شعور بالتقليل من شأني، كما لو كانوا يقولون ‘استمتعي بلهوك يا عزيزتي’ من السهل اتهام شخص ما بأنه غير عاقل، لكننا نعلم أن النساء كن يكتبن في زمن شكسبير، والهدف من قولي هو أننا ننظر إلى هذا الموضوع من زاوية واحدة لمدة 400 عام، ألن يكون من المثير للاهتمام أن ننظر إليه من زاوية أخرى؟” صورة مصغرة لإيميليا باسانو، التي تشكل محور رواية بيكولت الجديدة “بأي اسم آخر” (جودي بيكولت/ متحف فيكتوريا وألبرت) جاءت فكرة كتابة “بأي اسم آخر” بعد قراءة بيكولت مقالة في مجلة ذي أتلانتك نشرت عام 2019 للصحفية إليزابيث وينكلر طرحت فيها قضية باسانو، ومن المؤكد أنها قامت ببحث جيد، فالرواية التي تمزج بين قصة باسانو وقصة ميلينا، وهي امرأة معاصرة من نسل باسانو تحاول إنتاج مسرحية عن حياة جدتها، تستخرج عدداً من الروابط المثيرة بين تجارب باسانو المعروفة وكلمات شكسبير بأسلوب جريء وحيوي. وعندما يتبين أن تجربة شكسبير الذاتية تفتقر إلى بعض التفاصيل تظهر باسانو لتملأ هذا الفراغ، فخلفيتها الإيطالية، على سبيل المثال، تقدم تفسيراً منطقياً للإشارة إلى بساتين التوت في غرب فيرونا التي تظهر في “روميو وجولييت” Romeo and Juliet: فكيف يمكن لشكسبير أن يعرف هذا التفصيل بالتحديد وهو موضوع للنقاش بين العلماء. تشير بيكولت إلى مسرحية “عطيل” Othell التي توجد منها نسختان، إذ تتضمن النسخة الثانية التي نُشرت في المجموعة الأولى من أعمال شكسبير بعد وفاته قيام شخصية إيميليا، زوجة إياغو، بإلقاء خطاب قوي يحمل عدداً من الأفكار النسوية التي تتردد في قصائد باسانو (يظهر اسم إيميليا في عدة مسرحيات لشكسبير، وهناك اهتمام أكاديمي بمعرفة ما إذا كانت باسانو هي مصدر إلهام شكسبير)، كما أن باسانو تتحدث في سيرتها الذاتية عن المحكمة الدنماركية، أي أنها كانت مرتبطة بالنخبة أو الطبقة الحاكمة في تلك الفترة، وعن ساحة في إيطاليا تحوي لوحة جدارية، تجادل بيكولت بأن إياغو يقتبس منها في “عطيل”. وتتساءل بيكولت “مَن غير امرأة أصبحت وهي في الـ 13 من عمرها عشيقة رجل أكبر منها سناً كان ليكتب مسرحية روميو وجولييت التي تدور أحداثها “حول فتاة في الـ 13 من عمرها على وشك الدخول في علاقة جنسية؟ أنا لا أقول إن إيميليا كتبت كل المسرحيات، كما أن أعمالها الشعرية المنشورة كانت متحذلقة مقارنة باللغة المستخدمة في المسرحيات، ولكنني أعتقد أيضاً أنها كانت ذكية بما يكفي لإخفاء نفسها عندما احتاجت إلى ذلك، وأنا لا أخوض معركة مع المسرحيات نفسها ولكنني أتناول أسطورة رجل بُجّل حد العبادة”. فيلم مقتبس من رواية بيكولت “حارسة أختي” صدر عام 2009، بطولة كاميرون دياز (سكاي) بيكولت (58 سنة) هي كاتبة في رصيدها 28 كتاباً، وقد بدأت مسيرتها الأدبية بنشر قصص قصيرة في مجلة “سيفنتين” عندما كانت لا تزال في مرحلة الدراسة الثانوية، وأول عمل روائي لها يتصدر قائمة أكثر الكتب مبيعاً في صحيفة “نيويورك تايمز” كان “19 دقيقة” Nineteen Minutes الصادرة عام 2007 وتتناول تداعيات حادثة إطلاق نار داخل مدرسة. ويتطرق كثير من أعمالها إلى مواضيع شائكة وصعبة بالقدر نفسه، مثل “حامي شقيقتي” My Sister’s Keeper التي تتحدث عن تبرع الأعضاء بين الأشقاء، و”قوانين المنزل” House Rules التي تستعرض قضايا الإعاقة ونظام العدالة، ومع ذلك تعتقد بيكولت أن رواية “بأي اسم آخر” هو رسالتها في الحياة ومقدر لها أن تكتبها. تقول “لقد تحدثت كثيراً خلال مسيرتي عن التمييز على أساس الجنس في مجال النشر، وحقيقة أن النساء لم يكن قادرات على الكتابة علناً في إنجلترا في العصر الإليزابيثي هي بالنسبة إلي دليل واضح على التمييز بين الجنسين”. في المملكة المتحدة غالباً ما يطلقون عليّ لقب كاتبة الأدب النسائي الخفيف، وأنا لا أكتب هذا النوع من الروايات. بعد مرور 400 عام، وعلى رغم حدوث كثير من التغيرات فإن هناك حاجة إلى تغيير كثير كما تقول بيكولت، فالشخصية المعاصرة في روايتها، ميلينا، التي تكافح من أجل أن تأخذها أوساط المسرح في نيويورك بجدية وتقدير، تمثل جزئياً الكاتبة نفسها التي عانت تجارب مؤلمة مماثلة ككاتبة نصوص في المسرحية الموسيقية “بين السطور” Between the Lines التي عُرضت عام 2022 خارج برودواي، وهي مستوحاة من روايتها التي تحمل الاسم نفسه والموجهة إلى اليافعين. وتقول “صُدمت عندما اكتشفت مدى هيمنة الرجال على هذا المجال، فالمتحكمون بـ برودواي هم فعلياً مجموعة من الرجال البيض المسنين، والأمر يمثل تحدياً كبيراً حقاً، وتُعتبر النساء اللواتي يعبرن عن استيائهن صعبات المراس”. تجد بيكولت نفسها تشمئز من الطريقة التي لا تزال توصف بها كـ “كاتبة نسائية”، وتقول “في المملكة المتحدة غالباً ما يُطلق عليّ لقب كاتبة أدب نسائي خفيف، لكنني لا أكتب هذا النوع من الكتابات، وهذا لا يحط من قدري ولكنه يسيء إلى أولئك الذين يعرفون المرأة التي تكتب بهذه الطريقة، ولا أتذكر كم من مرة افترض فيها الناس، عندما يعرفون أنني كاتبة، أنني أكتب كتباً للأطفال أو روايات رومانسية”. أشير إلى التغيير الكبير الذي حدث أخيراً في نظرة الناس للأدب الذي تكتبه النساء، فعلى سبيل المثال تضم القائمة القصيرة لجائزة بوكر هذا العام بشكل غير مسبوق خمس مؤلفات نساء، فترد “نعم لكن أرني مجموعة نشر واحدة تديرها امرأة! لا نزال بعيدين عن تحقيق ذلك”. بيكولت (على اليمين) مع الكاتبة جينيفر فيني بويلان في حفل لجمعية القلم الأميركية (غيتي) إنها تخوض صراعاً من نوع مختلف تماماً في قلب أميركا المحافظ، ففي بلد يعاني ذعراً أخلاقياً حول ما يجب أن يقرأه الأطفال، وجدت بيكولت أن رواياتها محظورة في 35 ولاية بسبب تناولها مواضيع مثل الجنس والإجهاض، وتقول “حتى في أماكن مثل كاليفورنيا توجد جيوب محافظة، إنه نوع من الفاشية المسيحية، وروايتي ’19 دقيقة’ التي تتطرق إلى حادثة إطلاق نار داخل مدرسة محظورة في ولاية آيوا، ليس لأنها تتناول جريمة سلاح بل لأنها تحوي كلمة ‘انتصاب’ وفي عام 2007 كانت جزءاً من المناهج الدراسية”. وتشير إلى المقارنات مع حركة التطهيريين (البيوريتانيين) الذين كانوا يقيمون احتجاجات أمام المسارح في أميركا خلال القرن الـ 17، وتضيف: “نعود لمرحلة حيث تتحكم مجموعة صغيرة من الناس في ما يقرأه الآخرون وما يكتبونه، وهذا بالضبط ما كان يحدث قبل 400 عام”. لكنها إلى جانب مؤلفين آخرين والصناعة الأدبية نفسها تخوض معركة مضادة، وتقول “تقوم دار ‘راندوم هاوس’ برفع دعوى قضائية في ولاية آيوا، ومنظمة ‘بن أميركا’ [التي تكافح من أجل حرية التعبير للكتاب] تتعقب ما يتم حظره”. وكما هو الحال في قضايا حقوق المرأة، تؤكد أن المظلومين يحتاجون إلى صوت الأقوياء للدفاع عنهم، مضيفة “رواية ‘بأي اسم آخر’ هي بالتأكيد كتاب يتحدث عن قوة الفتيات، لكنها مليئة أيضاً بشخصيات ذكورية تدعم النساء، وهذا هو المستقبل، فبمجرد أن يقول الشخص الموجود في قمة الهرم ‘أوه أنت محق’ يصغي الجميع إليه”. رواية “بأي اسم آخر” متوفرة للقراءة الآن عن دار “بينغوين مايكل جوزيف”. © The Independent المزيد عن: ويليام شكسبيرنظرية المؤامرةالكتابة الإبداعيةمارك توين 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الرجال أيضا يتعرضون للتحرش لكن النساء أعلى صوتا next post “بوبي اللطيف: كابوس الانتحال الإلكتروني” You may also like المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة... 21 نوفمبر، 2024 البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا 21 نوفمبر، 2024 من هي إيزابيلا بيتون أشهر مؤثرات العصر الفيكتوري؟ 21 نوفمبر، 2024