كثير من سكانها ينحدرون من أصول أندلسية حيث وفد أجدادهم إلى المدينة منذ القرن الـ14 ولعبوا دوراً كبيراً في نموها وتطورها (أ ف ب) عرب وعالم درنة “عروس ليبيا” المنكوبة بالإرهاب والإهمال والكوارث by admin 14 سبتمبر، 2023 written by admin 14 سبتمبر، 2023 87 شكلت مصدر فخر وإلهام لسحرها وثقافتها لكنها لم تسلم من براثن التطرف والاستبداد ثم جاءت السيول لاقتلاعها من الجذور اندبندنت عربية \زايد هدية مراسل https://gcj.yrc.temporary.site/.website_17b58ee0/wp-content/uploads/2023/09/درنة-عروس-ليبيا-المنكوبة-بالإرهاب-والإهمال-والكوارث-اندبندنت.mp4 لطالما أسرت مدينة درنة الساحلية الجميلة قلوب الليبيين بطبيعتها الساحرة وتضاريسها المميزة وإطلالتها الفاتنة على ضفاف البحر المتوسط، مسندة ظهرها إلى الجبل الأخضر الذي يروي مزارع الرمان والتفاح والخوخ والعنب الشهيرة بشلال صغير وينابيع متدفقة من باطنه. وهي المدينة التي سكنت قلوب الليبيين منذ تأسيسها، لكنها فطرت هذه القلوب اليوم بسبب الكارثة الطبيعية التي حلت بها بعد عاصفة قصيرة شديدة التدمير جرفت ربع سكانها ومساكنها إلى البحر، لكنها حتى في محنتها جمعتهم، هم المنقسمون، على نجدتها كما اجتمعوا على حبها دائماً وأبداً. عاصمة الثقافة الأسباب التي رسخت الشغف بدرنة في كل أنحاء ليبيا لا تقتصر على طبيعتها الساحرة، بل يضاف إليها خصائصها الثقافية والديموغرافية الفريدة التي جعلتها على صغر حجمها وقلة تعدادها السكاني مركزاً حضارياً بارزاً في البلاد على اختلاف العصور وامتداد الزمن.ر فلدرنة خصائصها التي تنفرد بها عن غيرها من المدن الليبية، وعن محيطها الذي يطغى عليه عنصر البداوة، بينما شكلت هي منذ القدم منارة حضارية بارزة، حتى إن سكان المناطق المحيطة بها اعتادوا على تسمية أهل درنة بـ”الحضور” أي أهل الحضر، وفيها تأسس المسرح الليبي الحديث في عشرينيات القرن الماضي، وولدت أسماء بارزة في كل مجالات الفنون والعلوم والثقافة والسياسة. الطابع الثقافي المميز للمدينة الساحلية، لعبت التوليفة الديموغرافية المتنوعة للسكان الذين ترجع أصولهم إلى شرق البلاد وغربها وجنوبها دوراً كبيراً في تشكيله، حيث انفردت عن كل مدن ليبيا بأن جانباً كبيراً من سكانها ينحدرون من أصول أندلسية، بعد أن وفد أجدادهم إلى المدينة منذ القرن الـ14 الميلادي، ولعبوا دوراً كبيراً في نموها وتطورها خلال القرون اللاحقة. تأسيس درنة أستاذ التاريخ الليبي أحمد البرعصي يسرد حكاية تأسيس درنة والعوامل التي أسهمت في منحها خصائصها البارزة قائلاً، “تأسست المدينة في الجزء الشرقي من إقليم برقة، على بعد 350 كيلو متراً شرق بنغازي، وعلى جزء من مدينة “دارنس” اليونانية المندثرة، التي كانت عاصمة لولاية ليبيا الشرقية قديماً”. ويوضح أن “هناك شبه إجماع في المصادر التاريخية على أن من أسسها هم الأندلسيون الذين نزحوا إليها عام 1493، عندما استقرت بعض العائلات الأندلسية فيها، وأخذوا يشتغلون بالتجارة وتفوقوا فيها على كل سكان برقة، وأسسوا فيها مرسى بحرياً صغيراً في جهتها الشرقية، وهو الذي أصبح ميناءً حيوياً في ليبيا بعد ذلك”. يبين البرعصي أن العنصر الأندلسي الوافد إلى درنة منح سكانها ميزة أخرى جديدة قائلاً “مع اشتغالهم بالتجارة نقلت الأسر الأندلسية الوافدة إلى درنة خبراتها الزراعية إليها، ونجحت في استثمار مساحات كبيرة من الأرض الصالحة للزرع وغرس الأشجار وفي جلب المياه من العيون القريبة منها، مما أعطاها ميزة ما زالت تشتهر بها إلى يومنا هذا وهي الزراعة، بينما كان اهتمام سكان القرى المجاورة لها متركزاً في الرعي حتى يومنا هذا”. أهم ما نقله الوافدون من الأندلس إلى درنة، بحسب البرعصي، وأثر تأثيراً مباشراً في ثقافة سكانها كان “شعرهم وموشحاتهم وآلاتهم الموسيقية، وخصوصاً العود الذي لم تتوقف نغمات أوتاره في ليالي درنة منذ ذلك العهد وحتى يومنا هذا، حتى بات من خصائص المنازل الدرناوية وجود آلة عود في كل منزل منها وعازف ماهر واحد على الأقل”. مدينة الصحابة من بين المزايا الأخرى التي عززت مكانة مدينة درنة عند الليبيين، ربما أكثر من غيرها، بعدها الديني والروحي، حيث دفن فيها عدد من صحابة الرسول محمد، ومن أشهرهم رويفع بن ثابت الأنصاري أثناء الفتح الإسلامي لليبيا في القرن الثالث للهجرة، وهو ما منحها أشهر أسمائها وهو “مدينة الصحابة”. على مقربة من مكان دفن هؤلاء الصحابة الكرام بني أقدم وأشهر مساجد المدينة والبلاد وهو “مسجد الصحابة” الذي تضرر كثيراً جراء السيول التي داهمتها قبل أيام، وجرفت أجزاء واسعة من سوره الخارجي وفنائه الداخلي. رعب السيول الدائم عاشت درنة على مدار تاريخها رعباً دائماً من فيضانات السيول، ومعركة مستمرة مع طوفان المياه، كانت آخر حلقاتها الفاجعة الكبيرة التي أصابتها هذا الأسبوع، لأنها تقع على ضفاف واد كبير سمي باسمها “وادي درنة”، وفي طريق المصب الأخير لهذا الوادي في البحر، وهو الذي يتجاوز طوله 60 كيلو متراً ومساحة حوض التجميع فيه 575 كيلو متراً مربعاً. ومع تكرار حدوث الفيضانات في المدينة بسبب مرور الوادي في وسطها، أوصت الدراسات التي أجريت في الستينيات بضرورة إنشاء أكثر من سد واحد من أجل حمايتها من السيول وحجز الكميات الهائلة من المياه التي تجري في الوادي خلال وقت الفيضان واستغلالها في الزراعة. فيها تأسس المسرح الليبي الحديث في عشرينيات القرن الماضي وولدت أسماء بارزة في الفنون والعلوم والثقافة والسياسة (أ ف ب) في بداية السبعينيات قامت شركة من يوغوسلافيا، ببناء سدين ركاميين من الطين المدموك وجوانبهما من الحجارة والصخور على مجرى الوادي، الأول يبعد مسافة كيلو متر واحد جنوب المدينة بسعة تخزينية في حدود 1.5 مليون متر مكعب، والثاني يبعد نحو 13 كيلو متراً جنوب السد الأول، وهو سد كبير بسعة نحو 22.5 مليون متر مكعب، وهذان السدان انهارا في ظرف ساعة واحدة فجر الأحد الماضي، وجرفا جزءاً كبيراً من أحياء درنة إلى البحر. أكبر الفيضانات أما أضخم الفيضانات التي عرفتها درنة منذ بداية القرن الماضي، فكان فيضان 1941 الذي تسبب في خسائر كبيرة للجيش الألماني المرابط على أطراف المدينة أثناء المعارك مع الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، وفيضان عام 1956، والفيضان الكارثي عام 1959، وفيضان 1968، وفيضان 1986 الذي على رغم شدته فإن السدود لعبت دوراً مهماً في منع حدوث أضرار بالمدينة. ويظل فيضان عام 1959 الأكثر إيلاماً في ذاكرة المدينة بسبب عدد الضحايا والخسائر المادية التي خلفها، لكنه على رغم ذلك لا يمكن مقارنته بالفيضان الأخير في 11 سبتمبر (أيلول) الحالي، لا من ناحية الخسائر المادية والبشرية، ولا من جهة كمية الأمطار المسجلة. ثلاثة عقود منكوبة نكبة السيول الأخيرة التي أصيبت بها مدينة درنة لا شك أنها أكبر فاجعة وكارثة عرفتها في تاريخها الحديث على الأقل، لكنها في الوقت نفسه ختمت سلسلة من النكبات المتنوعة التي لاحقت المدينة بشكل غريب في العقود الثلاثة الأخير. النكبة الأولى كانت انتشار الفكر الجهادي المتطرف بين شبابها في بداية تسعينيات القرن الماضي، ودخولهم في مواجهات مسلحة مع نظام معمر القذافي، الذي أطلق حملة أمنية كبيرة في المدينة لملاحقتهم، ثم أهمل النظام بعد ذلك المدينة لعقدين من الزمن كنوع من العقاب الجماعي لسكانها على تمرد بعض شبانها، لتعيش فترة مظلمة أدت إلى تراجع دورها الفكري والثقافي الذي عرفت به لسنوات طويلة. بعد سقوط نظام القذافي عادت الجماعات الجهادية، وعلى رأسها تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، إلى درنة بأعداد أضخم من ذي قبل وسلاح أكثر، بقيادة عناصر خارجية شديدة التطرف أبرزها المصري هشام عشماوي، الذي قبض عليه الجيش في المدينة بعد مواجهات دامية عام 2018، وسلمه إلى السلطات المصرية التي أعدمته بعد ذلك. وتسببت فترة سيطرة الجماعات المتطرفة على المدينة والمواجهات التي خاضتها مع الجيش بعدها بخسائر مادية وبشرية كبيرة، وشروخ اجتماعية خطرة في التركيبة السكانية الدرناوية التي عرفت دائماً بتماسك طيفها الاجتماعي المتنوع وطابعها الحضاري وجمال طبيعتها، قبل أن تفاجئها الحوادث وتقلب أحوالها وأيامها. المزيد عن: ليبيامدينة درنةالكوارث البيئيةداعشتنظيم القاعدةمعمر القذافيإعدام هشام عشماويالإعصار دانيال 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post معرض فلسطين للكتاب في رام الله يكسر الحصار الثقافي next post إيران تستهدف صحافيين أزاحوا الستار عن مقتل مهسا أميني You may also like المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024 النزاع الإيراني- الإسرائيلي: دور روسيا “المحايد” على المحك 28 نوفمبر، 2024 بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية… هل حن الليبيون... 28 نوفمبر، 2024 مناطق لبنان المدمرة… قنابل موقوتة بما تحويه 28 نوفمبر، 2024 كيف قرأ سياسيو لبنان اتفاق وقف النار وهل... 28 نوفمبر، 2024 خريطة الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان وسيناريوهات الانسحاب 28 نوفمبر، 2024