ابن طفيل في رسم تراثي (صفحة تراث - فيسبوك) ثقافة و فنون “حي بن يقظان” ما زال يعاصرنا بعد 850 عاماً by admin 13 مايو، 2025 written by admin 13 مايو، 2025 21 القصة التي كتبها ابن طفيل تؤكد ريادة أدبية عربية تثير الجدل اندبندنت عربية / علي عطا سبق للباحث المصري المتخصص في آداب العصور الوسطى عادل يحي عبد المنعم، أن تناول شخصية أبي بكر بن طفيل (توفى سنة 1185) ضمن كتابه “النقد الاجتماعي عند المؤرخين والكتاب الأندلسيين بين القرنين التاسع والخامس عشر الميلاديين”؛ الصادر عام 2018 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وهو عاد إلى تحقيق أحمد أمين (1886 – 1954) لرسالة “حي بن يقظان” بدراسة تصدَّرت طبعة جديدة من العمل صدرت ضمن سلسلة “التراث الحضاري” (الهيئة المصرية العامة للكتاب). وتحقيق أحمد أمين صدرت طبعته الأولى عن “دار المعارف” في القاهرة عام 1952، وتناول فيه عمل ابن طفيل مقارناً إياه بأصل عربي سابق له ينسب إلى ابن سينا (980 – 1037)، وأصل عربي آخر لاحق منسوب للسهروردي (1155 – 1191م). وتقول الروائية سلوى بكر، رئيس تحرير سلسلة “التراث الحضاري” إن ابن طفيل أراد أن يصل الفلسفة بالدين، ليس فقط عند الخواص والنخب المثقفة في زمنه، ولكن عند البسطاء وعامة الناس أيضاً، فوضع أفكاره الفلسفية ضمن إطار حكائي شيق؛ “نشرت حي بن يقظان، مرارا ولكن هذه المرة تصدرتها دراسة عميقة تضيف إلى ما سبق من دراسات تناولت العمل نفسه شرقاً وغرباً. وهذه القصة غرضها إثبات عدم وجود تعارض بين الفلسفة والدين” ص6. أدب العصور الوسطى ترجم المستشرق الإنجليزي إدوارد بوكوك (1604 -1691) رسالة “حي بن يقظان” لابن طفيل الأندلسي إلى اللاتينية عام 1671م، تحت عنوان “الفيلسوف الذي علَّم نفسه”، فلاقت اهتماماً واسعاً في الوسطين الفلسفي واللاهوتي، لتبنيها فكرة أن العقل وحده قد يقود إلى الخالق. وتأثر بها كذلك الكثير من الأدباء في العصر الوسيط حيث شكلت الأساس للعديد من روائع الأدب العالمي مثل كتاب “عقيدة القس من جبل السافوا” للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، ورواية “روبنسون كروزو” للكاتب دانييل ديفو. وعلى الرغم من أن فن القصة فن حديث النشأة نسبياً، فإن ما تمثَّل في هذا القصة من جوانب النضج القصصي جعل الكثير من النقاد يعدُّونها أفضل قصة عرفتها العصور الوسطى. أما الترجمة الإنجليزية للقصة نفسها فقد أنجزها القس الإنجليزي سايمون أوكلي Simon Ockley، سنة 1708، أي على عتبة عصر التنوير. وضع المترجم عنواناً فرعياً لترجمته: “وفيها تتم البرهنة على الطرائق التي تمكننا بالنور الطبيعي من تحصيل معرفة الأشياء الطبيعية والفائقة للطبيعة، خاصة معرفة الله والحياة الآخرة”. كما كتب المترجم ملحقاً للترجمة، عنوانه: “ملحق مختصر في النظر في إمكان معرفة الإنسان الحقة بالله وبالضروري لخلاصه، دون إرشاد”. ولم يفعل فلاسفة التنوير اللاحقون سوى التأكيد على هذه الأفكار، بطرق كثيرة. كتاب “حي بن يقظان” (نيل وفرات) وهكذا باتت “حي بن يقظان” أكثر الكتب مبيعاً في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر. والأفكار المعبّر عنها في هذا العمل الرائد يمكن العثور عليها في كتب توماس هوبز وجون لوك وإسحاق نيوتن وإيمانويل كانت، وظهر تأثيرها جلياً في الأدب ومن ثم في السينما في الغرب الحديث. بلوغ العالمية نشر جميل صليبا وكامل عياد رسالة “حي بن يقظان” محققة عام 1935 عن “المكتب العربي” في دمشق. وتلت ذلك عشرات الطبعات المختلفة في شتى أنحاء العالم العربي. وسبق للدكتور شوقي ضيف في كتابه “تاريخ الأدب العربي”، أن فنَّد ما ذهب إليه بعض المستشرقين من أن أصول “حي بن يقظان” ليست إسلامية. ونقل عادل يحي عبد المنعم قول رئيس مركز الفلسفة بالإنابة في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية الباحث المغربي إبراهيم بورشاشن إن ابن طفيل بلغ العالمية برسالته “حي بن يقظان”. وأسهبت الكثير من الدراسات في بيان أثر “حي بن يقظان” في الغرب الأوروبي، والذي بدا واضحاً من خلال مدرسة طليطلة في القرن الثالث عشر الميلادي التي كان لها دور كبير في نشر الثقافة العربية في أوروبا، عبر ترجمة القصة إلى القشتالية. ومن الأعمال التي ظهر فيها أثر “حي بن يقظان”، التي ترجمت مبكراً في الأندلس إلى العبرية، قصة “الصنم والملك وابنته”، ومخطوطها الذي يرجع إلى القرن الـ16، محفوظ في مكتبة الأسكوريال، وقصة “الكريتيكون” لغارسيان المطبوعة في القرن الـ17. وهي أثرت في الكاتب الفرنسي دانيال دو فو، وقصته “روبنسون كروزو” المنشورة سنة 1719م. واشتهر مستشرقون في إحياء هذا الأثر الفلسفي، ومنهم الفرنسي ليون غوتييه، والإسباني غارسيا غوميز. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكاتب الجزائري كمال داود، ذهب في مقدّمته للترجمة الفرنسية التي وضعها جان باتيست برونيه لـ “حيّ بن يقظان”، إلى القول إن هذه الرواية الفلسفية تعاني من مرض “الأسبقية”، فهذا العمل الفذّ الذي ترك أثراً كبيراً على الأدب والفلسفة شرقاً وغرباً في القرون الماضية، وقع اليوم في طيّ النسيان وبات، حين يتم استحضاره، “مجرّد نصّ أوّلي أو مسودّة تُنبئ بسردية أخرى لاحقة” هي رواية الإنكليزي دانييل ديفو، “روبنسون كروزو”، ولعل هذا تحديداً، كما يقول إبراهيم العريس، في مقال نشر في “اندبندت عربية” بتاريخ 2 أكتوبر / تشرين الأول 2023، ما حثّ برونيه على نقل هذا العمل إلى الفرنسية بتصرّفٍ كبير، وإلى منح ترجمته، التي صدرت عن دار “فيردييه” الباريسية، عنوان “روبنسون الغرناطي”. الرمز والإسقاط وسبق أن رأى عبد الرحمن بدوي (1917 – 2002) أن قصة “حي بن يقظان” لابن طفيل كانت أوفر الكتب العربية حظاً من التقدير والعناية والتأثير في أوروبا في العصر الحديث، وظهر أثرها في “الأدغال” للبريطاني روديارد كبلنغ و”طرزان” للأميركي إدغار رايس بوروس . ورأى عادل يحيى عبد المنعم أن ابن طفيل كان سباقاً في استخدام ألفاظ ومفاهيم مثل الأسلوبية والرمزية والإيحاء والإسقاط في درته اليتيمة “حي بن يقظان”. يرى عبد المنعم أن ابن طفيل في استلهامه التاريخ، تأثر بما جاء في قصة العباسة أخت هارون الرشيد، واستخدم الرمز والإسقاط كاشفاً عن براعة أدبية. وأضاف أن هذه القصة هي نموذج للأدب العربي القديم؛ “استخدم فيها ابن طفيل أساليب عرفت بعد ذلك في الأدب العالمي، منها الأسلوب العجائبي”. ولد ابن طفيل في الأندلس وتوفي في مراكش، وهو كان طبيباً فيلسوفاً، واشتغل ببعض الأعمال الإدارية في دولة الموحدين، حتى صار طبيباً للخليفة الموحدي أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن الذي اتخذه مستشاراً له. وبحسب عبد المنعم فإن ابن طفيل أراد بهذه القصة أن يشارك في أحداث عصره بما يبرهن على أن الفلاسفة ليسوا أقل دوراً في مجتمعهم من الفقهاء والمتصوفة، خصوصاً في مسألة بلوغ كنه الوجود الإلهي بالعقل. أما ابن طفيل فقد ذكر في مقدمة “حي بن يقظان” أن هدفه هو بث ما أمكنه من أسرار الحكمة الشرقية، وقد رأى أحمد أمين أنها تقابل حكمة اليونان مستنداً إلى كتاب لابن سينا ألَّفه في المنطق وأسماه “منطق المشارقة للرد على منطق أرسطو وحكمة اليونان”. الحكمة الشرقية لكنّ عادل يحيى عبد المنعم يرجح أن المقصود بالحكمة الشرقية تلك التي ترتبط بتعاليم الإسلام وحكمته على النحو الذي أراده ابن طفيل في “حي بن يقظان”. وقصة “حي بن يقظان” هي تلخيص فلسفي لأسرار الخليقة، عرضت خلال حياة وأعمال طفل خلق من بطن الأرض في جزيرة مجهولة من جزائر الهند جنوب خط الاستواء، وهذا الطفل استطاع بالملاحظة والتأمل التدريجي أن يصل إلى أن للكون خالقاً هو الله سبحانه وتعالى. ورأى عبد الرحمن بدوي أنها قصة رمزية فلسفية تعرض نمو العقل الموحِد من بداية خلقه حتى وصوله إلى مرتبة الاتحاد بالخالق، وهو ما يعبر عن الجانب الصوفي في تلك القصة، بحسب عبد المنعم. وأول من استخدم تلك الفكرة في الحضارة الإسلامية هو ابن سينا المتوفى سنة 1036م، واستخدمها أيضا السهروردي المتوفي سنة 1191م وأسماها “الغربة الغريبة”، وابن النفيس المتوفى سنة 1288م وأسماها “فاضل بن ناطق”، أو “الرسالة الكاملية في السيرة النبوية”. وتعد فكرة الانتقال من العالم الأرضي والخروج من خلاله إلى الملكوت الأعلى القاسم المشترك بين الرسائل الثلاث عند ابن سينا والسهروردي وابن النفيس، بما يشير إلى التأثر بالثقافة الإسلامية في حادثة الإسراء والمعراج. تأثر ابن طفيل بـ”حي بن يقظان” لابن سينا، وأضاف إلى ما كتبه الشيخ الرئيس كثيراً من الجوانب الفنية. وهكذا ذاعت شهرة هذا العمل في الآفاق منسوباً إلى ابن طفيل. وعلى الرغم من أن للحكاية ما يشبهها مثل “الولد المسيَّب” لهوميروس، وأسطورة “الصبي اليتيم” من الأدب الشعبي التركي، فإن “حي بن يقظان” لابن طفيل تضمَّنت، كما يقول عبد المنعم، “ما يجعل منها عملا شرقياً أصيلاً، مع مراعاة تأثر الحركة الأدبية والعلمية الأندلسية على الأقل في بداياتها بآداب وعلوم إغريقية”. المزيد عن: ابن طفيلحي بن يقظانالقصة الرمزيةابن سيناترجمةلغات عالميةالمستشرقونالنص المتخيل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post يوم زاوج بلزاك في “الجلد المسحور” بين الفانتازيا والواقعية فكسب جمهورين next post “أنف الأسد” كلمة سر استعادة إسرائيل رفات فيلدمان من سوريا You may also like يوم زاوج بلزاك في “الجلد المسحور” بين الفانتازيا... 13 مايو، 2025 “بيبي جيرل” الانتصار للرغبة ولو بكسر القواعد 13 مايو، 2025 «جماليات الإفصاح الوجداني»… قراءات في الأدب الألماني 12 مايو، 2025 “العروس الشابة” رواية فانتازية للإيطالي أليساندرو باريكو 12 مايو، 2025 مونتسكيو يخرق صرامة “روح الشرائع” بكتابة لئيمة ساخرة 12 مايو، 2025 تاريخ بأسره وإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس وفيلم... 11 مايو، 2025 محمد أبي سمرا يكتب عن: “لعنة باب عكا”... 11 مايو، 2025 عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية 10 مايو، 2025 أهم إصدارات الكتب في بريطانيا لشهر مايو 2025 10 مايو، 2025 أرتيميسيا تلميذة كارافاجيو التي تفوقت عليه تستعيد مكانتها... 10 مايو، 2025