بأقلامهمعربي حسام عيتاني: لبنان: بعد الانهيار… قبل الانفجار by admin 27 أبريل، 2022 written by admin 27 أبريل، 2022 150 مسار الأمور هو المزيد من الفقر والجوع والظلام مقابل تشدد المجموعة المتسلطة في التمسك بمواقعها ورفض أدنى وأبسط أشكال الإصلاح… إلى أن يقضي الله أمراً. الشرق الاوسط اللندنية \ حسام عيتاني – بيروت تُضفي حوادث الأيام القليلة الماضية في لبنان المزيد من السواد على إمكان خروج هذا البلد من الطريق المسدود الذي زُج فيه. غرق، أو إغراق، زورق للمهاجرين الفارين من آفة الفقر عند شاطئ مدينة طرابلس، وإطلاق صاروخ من الجنوب في اتجاه إسرائيل ورد هذه بخمسين قذيفة، إضافة إلى الغياب شبه الكامل للكهرباء وتصاعد التوتر الاجتماعي، ناهيك عن تضاؤل الآمال بقدرة الانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل على تحقيق أي إنجاز، أمور تشي بأن الوضع في لبنان يقترب من انفجار لم تتحدد مظاهره بعد لكنه يأتي نتيجة الفشل الذريع في معالجة الانهيار الذي وقع فيه قبل عامين ونيف. في خلفية الانفجار المقبل يبرز عجز حكومة نجيب ميقاتي عن القيام بأي إصلاح مهما كان صغيراً مما تعهد به أمام القوى الدولية التي رعت وصوله إلى رئاسة الوزراء. لائحة الإخفاقات طويلة، وتشمل المفاوضات غير المثمرة المستمرة بتقطع مع صندوق النقد الدولي الذي عبر مرات عدة عن استيائه من قلة الجدية التي يبديها المسؤولون اللبنانيون في التزامهم بتبني إصلاحات جذرية في مالية الدولة. غني عن الذكر أن البيان المشترك الصادر عن بعثة الصندوق إلى بيروت والحكومة اللبنانية الشهر الماضي، كان مجرد إعلان عن استمرار التفاوض مع التشديد على ضرورة الإصلاحات التي يتعين على الجانب اللبناني القيام بها. المذهل في سلوك الجماعة الحاكمة في بيروت هو تمسكها بفكرتها الراسخة عن أن بعض «الفهلوة» والتشاطر على المؤسسات الدولية وعلى الدول العربية، كفيلان بعودة تدفق الأموال إلى لبنان، من دون أن يلاحظ أي من عتاة الحاكمين هنا أن العالم ومن ضمنه العرب، لم يعد راغباً في دفع المال لنظام لا يستطيع إصلاح ذاته، من جهة، ولبلد فقد كل وظائفه التاريخية التي ميزته في زمن ولى، من جهة ثانية. وهذه الأخيرة تبدو حلماً بعيد المنال. فالقطاع المصرفي ما زال يرفض الاعتراف بإفلاسه، ويمتنع في الوقت ذاته عن تسوية كارثة الودائع التي يتقاذف المسؤولية عن ضياعها مع الدولة والمصرف المركزي. ولم يستطع مجلس النواب إقرار مشروع التحكم برأس المال (الكابيتال كونترول) الذي كان من المفترض بدء العمل به بعد أسابيع من انهيار الاقتصاد اللبناني في خريف 2019، ولا يقل خطورة البهلوانيات المالية التي يلجأ إليها حاكم مصرف لبنان، الملاحق دولياً والمحمي محلياً، والتي تكلف مليارات الدولارات مما تبقى من احتياط المصرف. وآخر هذه «الإنجازات» كان الانهيار الكبير في سعر صرف الليرة أمام الدولار بعد شهور من التدخل المصطنع في السوق لتوفير دعاية سياسية لحكومة المقياتي. وفي غضون ذلك، انخفضت ساعات التغذية بالتيار الكهربائي من ساعتين إلى أقل من ساعة يومياً بعد نضوب مادة الفيول اللازمة لتشغيل محطات الإنتاج. لم تجد الحكومة غير اللجوء إلى حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد لاستئناف إدمانها على استيراد الوقود – وسط عمليات مشبوهة مع التجار – إثر ظهور الرفض الكامل من البنك الدولي لتمويل مشروع استجرار الغاز من مصر، في حال لم تتبن وزارة الطاقة خطة إصلاحية متكاملة. وهذا من رابع المستحيلات. إذ إن الوزارة هذه تشكل أوزة تبيض ذهباً لكل منظومة الفساد الحاكمة، في مقدمتها حزب رئيس الجمهورية وصهره. من جهة ثانية، أظهرت الشخصيات التي قدمت نفسها ممثلة لانتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) قصوراً شديداً في الارتقاء إلى مستوى التحديات. المتابع لكيفية تشكيل اللوائح المعارضة التي يتعين عليها خوض الانتخابات في 15 مايو (أيار) المقبل، تصيبه الدهشة من الأساليب المافيوية التي اعتمدها هؤلاء «التغييريون» و«الثوار»، والتي لا تختلف في شيء عن أساليب الجماعة الحاكمة. علماً بأن بعض المجموعات المشاركة في التشكيل لا يزيد عدد أنصارها عن أصابع اليد الواحدة مع ذلك سمحت لنفسها بفرض مرشحيها، ومارست النقض بحق مرشحين آخرين. حملت هذه الأجواء الجمعيات التي باتت تعرف بـ«المنصات»، والتي تساهم في تمويل حملات لوائح المعارضة على وقف نشاطها بعدما أيقنت استحالة توحيد المعارضين لوائحهم خلافاً لما كانوا أعلنوه في مراحل سابقة. من هنا، ليس من الشطط الجزم أن المعارضين بكافة مجموعاتهم وألوانهم، سيكونون أقلية غير فاعلة في حال تمكن أي منهم من الجلوس تحت قبة البرلمان. وبذلك يكون الأمل في أن تحمل الانتخابات النيابية بداية عملية تراكم من أجل إصلاح حقيقي قد وئدت على أيدي أصحابها وذواتهم المتورمة وطموحاتهم المراهقة. يترك كل ذلك الساحة مفتوحة على مصراعيها لليأس والفوضى. يأس دفع بحوالي ستين شخصاً من بينهم العديد من النساء والأطفال إلى ركوب زورق متهالك للهروب إلى إيطاليا، فاعترضه زورق حربي لبناني وصدمه (على ما يقول الناجون وينفيه الجيش) ما تسبب في غرق المركب وغرق ستة أشخاص وفقدان ما يقارب من الثلاثين. في الوقت ذاته كان أحد شوارع بيروت يشهد اشتباكاً بين مسلحين يقال إن بعضهم ينتمي إلى «سرايا المقاومة» التي أنشأها «حزب الله» لاختراق الطوائف الأخرى. ورغم اندراج الاشتباك ضمن مظاهر انحلال الدولة وتفسخ أجهزة السلطة، إلا أن هناك من يعده بمثابة رسالة من «حزب الله» حول قدرته على تخريب الانتخابات وضرب الأمن في العاصمة، في حال لم تأت نتائج الانتخابات وفق ما يراه مناسباً. ووُضع في السياق ذاته إطلاق الصاروخ من جنوب لبنان. من دون استبعاد الفرضية التقليدية عن قيام فصائل فلسطينية بالخطوة احتجاجاً على ما يجري في المسجد الأقصى. مسار الأمور هو المزيد من الفقر والجوع والظلام مقابل تشدد المجموعة المتسلطة في التمسك بمواقعها ورفض أدنى وأبسط أشكال الإصلاح… إلى أن يقضي الله أمراً. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أطنان إلى القمامة يومياً… مشروع قانون مصري لمكافحة هدر الطعام next post “التقسيم”.. مسؤول بارز في الكرملين يتوقع مستقبل أوكرانيا You may also like حازم صاغية يكتب عن: مسألة «الصراع» و«القضيّة» اليوم! 12 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: نهاية الحروب اللبنانية... 11 يناير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: سوريا بعد الأسد واستقبال... 10 يناير، 2025 ابراهيم شمس الدين يكتب عن: هوية الشيعة الحقيقية... 10 يناير، 2025 منير الربيع يكتب عن: “الوصاية” الدولية-العربية تفرض عون... 10 يناير، 2025 لماذا يسخر ترمب من كندا بفكرة دمجها كولاية... 9 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل مسلحو سوريا... 9 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لا يطمئن السوريّين إلّا…... 9 يناير، 2025 ديفيد شينكر يكتب عن: لبنان يسير نحو السيادة... 9 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: إيران بين «طوفان» السنوار... 7 يناير، 2025