من صور حرب القرم (غيتي) ثقافة و فنون حرب القرم أولى الحروب الدينية العالمية الكبرى by admin 15 مارس، 2024 written by admin 15 مارس، 2024 137 مؤرخ إنجليزي يكشف عن جانبين خفيين من صراع أباد 800 ألف شخص في عامين اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب عقدان آخران من السنين ويستعيد العالم في أدبياته ذكرى اندلاع تلك الحرب التي قد يكون من المنطقي اليوم أن ترد على كل شفة ولسان تحديداً بالنظر إلى أن المنطقة التي دار الصراع فيها هي نفس المنطقة التي منها انطلقت مجموعة الصراعات التي تندلع بين الروس والأوكرانيين منذ أكثر من عقد من السنين، وهي منطقة القرم المطلة على البحر الأسود والتي يمكن وصفها بأنها، بعد كل شيء “حرب الإخوة الأعداء” طالما يقول لنا التاريخ إن الروس والأوكرانيين لديهم من الأمور المشتركة أكثر مما لدى أي شعبين متجاورين، لكن منطق الجوار والصراعات الراهنة يبعدنا عن أي فرضيات يمكن إيرادها في هذا المعنى هنا. من ثم إن تذكر أحد تلك الحرب غالباً ما يفوته أنها كانت في بداية أمرها تتسم بعدة أبعاد يمكن القول إن المؤرخ الإنجليزي أورلاندو فيجيس قد فاجأ الأوساط العلمية وحلقات المؤرخين بالعودة إليها في كتاب أصدره مع بدايات الألفية الجديدة بعنوان لم يكن لأحد أن يتوقعه، “حرب القرم، آخر الحروب الصليبية” بالنظر إلى أن الجانب الديني من تلك الحرب كان شبه منسي أو حتى لا يخطر في البال مقارنة بما تطورت إليه تلك الحرب. ومن هنا تلك السجالات التي دارت من حول الكتاب وتواصلت سنوات عديدة قبل أن “تستعيد” الصراعات الروسية –الأوكرانية أبعادها الجيو- سياسية وتحديداً في منأى عن جذورها الحدثية الحقيقية التي يقول لنا فيجيس إنها انطلقت في الأصل من صراع بسيط بين رهبان أرثوذكس تابعين لكنيسة القيصر الروسي آخرين كاثوليك مرتبطين بنابليون الثالث الفرنسي. مدينة القدس في القرن 19: الولادة الحقيقية لحرب القرم (الموسوعة التاريخية) القدس وجوهر الصراع اندلعت المعركة بين الرهبان في مدينة القدس وفي خلفيتها مسعى كل فريق من الفريقين لتأكيد سيطرة أمته الأوروبية على الأماكن المقدسة في حاضرة المسيحية في العالم. أما سلاحها فكان بشكل خاص التضارب بالشمعدانات المعدنية وبكل ما كان في وسع الرهبان من الطائفتين الحصول عليه من حوائج الكنيسة وأدوات التعبير عن الإيمان. ولئن كانت تلك المعركة الدامية التي أسفرت عن ضحايا بين رجال الدين (40 قتيلاً في الأقل) ومن حشد لهم من أبناء المدينة الفلسطينية، قد همدت حينها، يوم اندلعت في عام 1846 فإن النار بقيت تحت الرماد عدة سنوات أخرى لتشتعل من جديد بحسب ما يروي لنا الكاتب الإنجليزي بين عامي 1853 و1856 بعد فترة من تشابكات سياسية ودينية تمخضت هذه المرة عن تحالفات غريبة يصفها فيجيس بأنها كانت من النوع الذي يدور الزوايا، إذ تجمعت فيها ثلاث أمم كثيراً ما اندلعت بينها صراعات تاريخية فإذا بها اليوم تتجمع ضد عدو مشترك. ففي هذا المجال يخبرنا الكاتب أنه كان لافتاً إلى أن يتجمع الكاثوليك الفرنسيون مع الأنغليكان الإنجليز والعثمانيين المسلمين الأتراك في تحالف واحد ضد أمة الأرثوذكس الروسية ليتقاتلوا في ذلك الصراع الذي يقول لنا الكاتب على أي حال إنه كان أول صراع جيو– استراتيجي كبير في التاريخ، لا سيما بعد أن نسي طابعه الديني الذي سيمكن على أي حال القول إنه لم يكن من شأنه إلا أن يرضي صموئيل هنتنغتون صاحب كتاب “صراع الحضارات” الذي صدر في ثمانينيات القرن الـ20 على الضد من كتاب فرنسيس فوكوياما “نهاية التاريخ والإنسان الأول”، بيد أن “الـصراع” بين الكتابين ليس موضوعنا هنا. بل موضوعنا الجوانب “الخفية” من حرب القرم التي بدأت كصراع ديني تقليدي كما يؤكد فيدجيس، لتنتهي كحرب شديدة الحداثة إذ يجدر بنا اليوم اعتبارها نهاية عالم الحروب القديمة وبداية عالم الحروب الحديثة. غلاف كتاب أورلاندو فيجس (أمازون) نهاية وبداية وهذا الجانب الذي يمكننا أن نوجزه بأنه شهد خلال أعوام تلك الحرب تبدلاً جذرياً وبداية غير متوقعة ليس فقط لأدوات الحرب وأسلحتها، بل كذلك لجوهرها ومعانيها. فالعالم قبل حرب القرم لم يكن هو نفسه العالم الذي ولد خلال الحرب وبعدها. مما يعني أن حرب القرم إنما كانت “البروفة الأخيرة قبل الاستعراضات التي ستكون عليها الحروب في القرون التالية” والمهد الذي منه ولدت تفاصيل العالم الجديد. أو هذا في الأقل ما يؤكده كتاب فيدجيس. وفي هذا الإطار يسهب المؤلف في رسم الخطوط العريضة لكل تلك التجديدات التي حملتها حرب القرم بالمقارنة، إلى حد ما مع ما كانت عليه الحرب من قبلها. وهو إسهاب لخصه المعلقون، بدهشة لا تخفى، على الكتاب لا سيما في الصحافة الإنجليزية. فبالنسبة إلى هؤلاء ها هي حرب القرم وبعد أن كان جنود الحروب القديمة قد أوصلوا أكثر البنادق فتكاً إلى مستوى السلاح الفردي الذي يخطئ أهدافه الفردية في معظم الأحيان كي تصيب رصاصاته من على مسافة بالكاد تتجاوز ما تحتاج إليه الأسلحة البدائية، ها هم جنود حرب القرم يطلقون كتل النار من على مبعدة لا تصدق ليقتلوا أعداداً كبيرة من جنود الأعداء في زخة واحدة. الآن لم يعد ممكناً أن ينتصر جنود يحاربون بالسيوف والرماح كما بات من غير الممكن اللجوء إلى قواعد الشهامة القديمة في النزال بين الفرسان شاهرين سيوفهم… وها هم القادة الذي كانوا في الحروب القديمة من النبلاء والأمراء الذين “كانوا يفخرون باصطحابهم فاتناتهم الحسناوات إلى ميدان المعركة”، ها هم يختفون ليحل محلهم ضباط قد يأتون من عامة الشعب ويدرسون فنون القتال في معاهد وأكاديميات مفتوحة أمام الجميع، هذا بالنسبة إلى البشر أما البنادق التي كانت قد وجدت واستخدمت بالفعل لا سيما في الحروب النابليونية، فها هي اليوم بندقية إنفيلد شديدة الحداثة آنذاك تضحى سيدة المعارك وتنتج بملايين النسخ ومعها تتطور بشكل لا سابق له حروب الخنادق والمجازر التي باتت تطال المدنيين خارج كل مواثيق الشرف المعهودة، وها هي تولد ضروب التمريض والإسعاف الحديثة لا سيما على يد فلورانس نايتنغيل التي كانت حرب القرم أول تجاربها الكبرى في هذا المجال كما نعرف. وفي السياق نفسه ها هو استخدام مادة الكلوروفورم ينتشر بشكل مدهش. المسافات تختفي لكن ذلك لم يكن كل شيء بالتأكيد. فهناك أكثر منه تعمم استخدام السكك الحديد في انتقال الأعداد الهائلة من الجنود إلى جبهات القتال (لم تعد الرحلة تلك تزيد على 10 كيلومترات بين القوات في الجبهة الخلفية وسيباستبول عند خطوط المواجهة وفي رحلة كانت قبل السكك الحديد تستغرق ساعات طويلة). وفي ركاب ذلك التحديث الهائل ولدت الريبورتاجات الصحافية المصورة ومعها تدفق الصحافيون والمصورون على تلك الجبهات. فراحت التحقيقات والأخبار تصل إلى العالم خلال ساعات قليلة من حدوث ما تصف حدوثه بفضل اللاسلكي وما شابه ذلك. وكان من نتيجة هذا التحديث الذي كان يبدو في حينها على أهمية وصول الإنسان إلى المريخ، أن ولد ما سيسمى لاحقاً بـ”الرأي العام” كفاعل أساس في التاريخ وفي مجرى الأحداث الكبرى نفسها. حرب تقاسم العالم غير أن فيجيس لا يكتفي في كتابه بالحديث عن ذلك كله وعن ارتباطه بالحروب والأزمنة المقبلة، بل توقف كذلك مطولاً عند جوانب صحيح أنها كانت قديمة قدم الحروب بين الفرس واليونانيين، وبالغة الأهمية في تاريخ العالم بقدر ما كانت عليه الحروب الصليبية التي قد يكون من الأمور المفروغ منها أن بداياتها كانت حقاً دينية، لكنها وبقدر ذلك كانت أيضاً سياسية تنطلق مما نسميه اليوم “الجيو– استراتيجية”. وبشكل أكثر تحديداً ولد حق تدخل القوى الكبرى في حروب الأمم الأصغر لأسباب قد ترتدي طابعاً إنسانياً لكنها في جوهرها حروب همها تقاسم العالم وثرواته”. فلئن كان المؤلف يتحدث هنا عن هروع الإنجليز وبعدهم الفرنسيون إلى مساندة العثمانيين في صراعهم ضد الروس للسيطرة على تلك المناطق من أمم البحر الأسود متذرعين أيضاً بالتصدي لمسعى الروس للسيطرة على مدينة القدس، فإن تلك الهرولة لم تكن بعيدة من مسعى مواز يسعى لوراثة العثمانيين في منطقة الشرق الأدنى وفي ركابهم الفرنسيون للغاية نفسها. ففي النهاية أتت حرب القرم بحداثتها وكما يقول لنا الكتاب المعنون “حرب القرم، آخر الحروب الصليبية” ليقول إن الدين وحروبه هنا لم يكن أكثر من قناع يخبئ أطماع الدول الكبرى وتقاسمها العالم” قناعاً بدا هنا شفافاً أكثر من أي أقنعة كبرى عرفها تاريخ العالم. المزيد عن: حرب القرمروسيا وأوكرانيامدينة القدسالحروب الدينيةالحروب الصليبية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فرانكلين روزفلت… رجل الحريات الأربع next post تبرئة المخرج الإيراني أصغر فرهادي من تهمة السرقة الفكرية You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024