السبت, نوفمبر 23, 2024
السبت, نوفمبر 23, 2024
Home » حازم صاغية يكتب عن: هل نفكّر ولو لمرّة واحدة بأحوالنا كما هي فعلاً؟

حازم صاغية يكتب عن: هل نفكّر ولو لمرّة واحدة بأحوالنا كما هي فعلاً؟

by admin

 

هناك اليوم عوامل سياسيّة واجتماعيّة يصعب تجاهلها في وصولنا إلى هذا الإغفال الذاتيّ الرهيب، منها تماسك المشروع الاستراتيجيّ الإيرانيّ ودأبه ممّا نواجهه بضعف المناعة أو قلّة التدبّر،

الشرق الاوسط \ حازم صاغية

  • مثقف وكاتب لبناني؛ بدأ الكتابة الصحافية عام 1974 في جريدة «السفير»، ثم، منذ 1989، في جريدة «الحياة»، ومنذ أواسط 2019 يكتب في «الشرق الأوسط». في هذه الغضون كتب لبعض الصحف والمواقع الإلكترونية، كما أصدر عدداً من الكتب التي تدور حول السياسة والثقافة السياسية في لبنان والمشرق العربي.

حينما انهارت السلطنة العثمانيّة، مع الحرب العالميّة الأولى، وجدت منطقة المشرق العربيّ نفسها أمام احتمالين: إمّا الدول – الأمم التي حملها الانتدابان البريطانيّ والفرنسيّ إلينا، أو محاولة إقامة دولة تضمّ جماعات المنطقة وأقوامها، على أن تكون، هذه المرّة، عربيّة الرابط لا عثمانيّته.

وبالفعل قامت تجربة حكم الأمير فيصل بن الحسين في دمشق، المستندة إلى دعم بريطانيّ صريح ومعلن. لكنّ التجربة المذكورة أودى بها بؤسها وعجزها، وضعف فهمها الترتيبات الدوليّة لما بعد الحرب الأولى، قبل أن يتولّى الجيش الفرنسيّ إنهاءها في ميسلون.

في ذاك المنعطف الخطير من تاريخ المنطقة توزّعت نُخَب المشرق بين رافضين يندّدون بالانتدابات الأوروبيّة، من دون أن يبلوروا أيّ تصوّر بديل لبلدانهم، وقابلين بالواقع الجديد، متعاونين مع السلطات الأجنبيّة المنتدبة. لكنّ هؤلاء القابلين، ومع استثناءات طفيفة، ألصقوا اللغة القديمة بهذا الواقع الجديد، فاستعاروا من قاموس التجربة الهاشميّة تعبير «الوطن العربيّ»، ومن الوحدتين الألمانيّة والإيطاليّة أواخر القرن التاسع عشر، ومعهما تلاميذهما العثمانيّون، مصطلحات «القوميّة» و»الأمّة» في وصف الكلّ العربيّ المنشود.

هكذا حُرمت الأوطان الجديدة، حتّى عند من قبلوا بها، من الثقافة التي يُفترض أن تلازمها وتواكبها. وكانت شهيرة عبارة الرئيس السوريّ شكري القوتلي، يوم جلاء القوّات الأجنبيّة من سوريّا في 17 نيسان/أبريل 1947، من أنّه لن يرفع أيّ علم فوق علم بلاده إلاّ علم الوحدة العربيّة. ولئن بذل رئيس الحكومة اللبنانيّ رياض الصلح جهداً جبّاراً في التكيّف والتحوّل من مطلب «الوحدة السوريّة» إلى لبنان واللبنانيّة، ففي الستينات والسبعينات فاضت القرائح في توكيد إمكانيّات التوفيق المستحيل بين الدولة اللبنانيّة والثورة الفلسطينيّة عهذاك.

في هذا كلّه لازم الفكرَ السياسيّ المشرقيّ فشلٌ ممزوج بوطأة النوستالجيا وقوّة العادة. ونعرف أنّ اختلاطاً كهذا في المعاني والمفاهيم كان من أنشط القاطرات التي حملت العسكر إلى السلطة، وهو ما دفعه حزب البعث «الوحدويّ»، في الستينات، إلى ذروتيه في سوريّا والعراق.

وهذا زمن انقضى، لكنّ ما لم ينقضِ هو دخول المنطقة عقرَ دار الجحيم وبقاؤها فيه.

واليوم نعجز عن التعاطي مع الظرف الراهن الموسوم بتفكّك الدول بأحسن ممّا تعاطينا مع نشأة الدول قبل قرن. فالنزاعات أو الحروب ذات الوتائر المتفاوتة، التي نشهدها في بلدان المشرق، وتشهدها معها بلدان من خارج المشرق، كاليمن وليبيا والسودان، لا يقابلها أيّ اقتراح مفيد أو أيّة فكرة في ما خصّ وقف العنف وضبط التكارُه وشقّ طريق معقول إلى المستقبل. ومجدّداً تطرأ وساطات دوليّة مهتمّة بالمنطقة لهذا السبب أو ذاك، ويُنسب إلى آخرين رسم خرائط لنا، كما يحتلّ أجانب أجزاء من بعض تلك البلدان، فيما نحن ماضون في التصرّف تصرّف الضيوف أو السيّاح المقيمين في أوطان غيرهم.

والحال أنّ أحد أسباب السلوك السلبيّ هذا بقاء شعوبنا لعقود خارج السياسة والتفكير في الشأن العامّ، بحيث لم يبق من قدرتنا على التدخّل في الواقع سوى لعن «المؤامرة» المحدقة بنا بعين لا تغمض. لكنّ من أسبابه أيضاً تلك الثقافة السياسيّة الشائعة، التي لا تبعد كثيراً عن الفكر التآمريّ، ومفادها أنّ ثمّة من «يحوّل» صراعاتنا إلى صراعات طائفيّة وإثنيّة فيحرفها عن جوهرها التحرّريّ المزعوم. أمّا حقيقة أنّ هذا «التحويل» يلقى النجاح، مرّة بعد مرّة، وفي بلد بعد آخر، فمسألة لا تستوقف المتمسّكين بإنكار الواقع. والإنكار هذا متعدّد الأشكال، فدائماً ما كان النظام السياسيّ والعقائد الحزبيّة والقضايا العابرة للحدود، ومؤخّراً نصرة الدين، تحظى باهتمام وتركيز لا يحظى بهما تماسك الدولة والمجتمع، أو أنّ هذا التماسك غالباً ما نُظر إليه كنتيجة آليّة للنظام والعقائد والقضايا والأديان.

وهناك اليوم عوامل سياسيّة واجتماعيّة يصعب تجاهلها في وصولنا إلى هذا الإغفال الذاتيّ الرهيب، منها تماسك المشروع الاستراتيجيّ الإيرانيّ ودأبه ممّا نواجهه بضعف المناعة أو قلّة التدبّر، علماً بأنّ نواياه حيال دواخل البلدان كما حيال مناطقها الحدوديّة لم تعد خافية على أعمى. وهناك التبعثر والتشتّت اللذان يطيحان الخرائط الوطنيّة للبلدان ويُضعفان التجانس، الضعيف أصلاً، لسكّانها.

وعلى جبهة الأفكار يواجهنا دائماً أصحاب السبب الواحد الذي قد يكون نظاماً بعينه أو ثقافة بعينها، في معزل عن تأصيل ذينك النظام والثقافة ورصد تقاطعهما الذي تمكّن من تخريب الشعوب ذاتها، وهو ما غدا بيت القصيد. فالشعوب أيضاً يمكن أن تمرض، ضدّاً على ما يزعمه الشعبويّون الذين ينسبون إليها العظمة لسبب ولاسبب. وشعوبنا اليوم مريضة جدّاً، من عوارض مرضها عدم قدرتها على إنتاج فكرة واحدة أو اقتراح واحد مفيدين، أو عدم رغبتها في ذلك. وهذا مع العلم بأنّ ما ينبغي التفكير فيه لا يقلّ عن حياة تلك الشعوب وموتها.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00