الأحد, مايو 25, 2025
الأحد, مايو 25, 2025
Home » حازم صاغية يكتب عن: قراءة أخرى لـ«عيد التحرير» اللبناني

حازم صاغية يكتب عن: قراءة أخرى لـ«عيد التحرير» اللبناني

by admin

 

من دون أيّ انتقاص من التضحيات التي بذلها الحزب، وحُملت بيئته على تحمّلها، يبقى أنّ مقاومته لم تكن العنصر الحاسم في إحداث ذاك التحرير

الشرق الاوسط / حازم صاغية

  • مثقف وكاتب لبناني؛ بدأ الكتابة الصحافية عام 1974 في جريدة «السفير»، ثم، منذ 1989، في جريدة «الحياة»، ومنذ أواسط 2019 يكتب في «الشرق الأوسط». في هذه الغضون كتب لبعض الصحف والمواقع الإلكترونية، كما أصدر عدداً من الكتب التي تدور حول السياسة والثقافة السياسية في لبنان والمشرق العربي.

هل تحرّر اللبنانيّون فعلاً يوم 25 أيّار (مايو) قبل 25 عاماً؟

الجواب الذي لا يزال الجواب الرسميّ هو: نعم. ومن الجواب هذا انبثق تكريم ذاك اليوم وترقيته عيداً رسميّاً اسمُه عيد التحرير والمقاومة. صحيح أنّ سكّان المناطق التي كانت محتلّة عادوا إلى بلداتهم وقراهم التي جلا عنها الجيش الإسرائيليّ، كما استعيد حضور شكليّ للدولة وأجهزتها. لكنّ من يشاهد واقع حالنا يستغرب أن نكون قد تحرّرنا قبل 25 عاماً، وأن ينتهي بنا الأمر إلى الوضع المزريّ الذي نعيشه راهناً، والذي يشوبه احتلال وتدمير أخرجا الناس من بيوتهم التي سبق أن عادوا إليها.

والعيد، في المقابل، يُفترض فيه أن يعكس قدراً من الرسوخ والديمومة مصدرهما في الطبيعة أو في رواية جمعيّة أو واقعة أو تقليد…

لكنّ الأدعى للاستغراب أنّ الطرف الذي يُنسب إليه تحريرنا في العام 2000، أي «حزب الله»، هو إيّاه الطرف الذي استدعى الاحتلال مجدّداً، لا احتلال خمس نقاط فحسب بل إثقال السيادة اللبنانيّة وقرارها بكوابح وأوزان بالغة الضخامة قد تستمرّ معنا طويلاً وقد نتخبّط فيها طويلاً.

إذاً هناك خديعةٌ ما ينطوي عليها تعبير «التحرير» في حالتنا، وهي من صنف الخدع الأخرى التي لقّمها الحزب للّبنانيّين على مدى الأعوام، من نوع أنّ «زمن الهزائم ولّى» وأنّ «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»…

ولأنّ الوضع الراهن صار يسمح بالشكّ في ما كان الشكّ فيه ممنوعاً، لا بدّ من المضيّ في دحض أعمال التزوير على أنواعها. ذاك أنّ الويل الذي أصابنا بنتيجة «حرب الإسناد»، جعل مساءلة تاريخ المقاومة والتحرير، الذي طغى التزوير على روايته، أمراً شديد الإلحاح والراهنيّة. هكذا غدت إعادة تصويب الماضي شرطاً شارطاً للعيش السويّ في الحاضر وفي الحقيقة، ولإعادة تصويب الواقع تالياً.

أمّا الأكاذيب الفرعيّة الثلاث التي لا بدّ من مواجهتها قبل مواجهة التزوير الكبير فهي:

الأولى، أنّ الاحتلال الأصليّ، في 1978 و1982، أي قبل نشأة الحزب، إنّما حصل من دون حدث، وجاء مدفوعاً فحسب بجوهر ماهويّ رديء ينطوي العدوّ عليه. أمّا أن تكون قد استدعته مقاومة مسلّحة (فلسطينيّة يومها) فأمرٌ يُستحسن حذفه أو طيّه.

والثانية، أنّ مقاومة «حزب الله» ولدت من عدم، علماً بأنّ آخرين، شيوعيّين وغير شيوعيّين، سبقوه إليها وتمّت تصفيتهم على يدها.

والثالثة، أنّ التحرير لم يُرَد له أن يكون مشروعاً جامعاً تماماً كما لم يُرَد ذلك للمقاومة. ففي 2005 مثلاً ظهر في أوساط معارضي «حزب الله» مَن يطرح تسوية يجتمع فيها التحريران – من إسرائيل في 2000 ومن سوريّا عامذاك، على أن تشكّل التسوية هذه نوعاً من رواية مشتركة بين سائر اللبنانيّين. لكنّ اقتراحاً كهذا لم يُواجَه بغير الرفض والتشكيك، فضلاً عن شكر «سوريّا الأسد».

أمّا في ما خصّ العام 2000 تحديداً، فالرواية الفعليّة، هنا أيضاً، أشدّ تعقيداً بكثير ممّا أشيع وعُمّم. فمنذ 1999 أعلن «حزب العمل» الإسرائيليّ، بقيادة رئيس الحكومة يومذاك إيهود باراك، عزمه على الانسحاب من طرف واحد. وردّاً على هذا الإعلان شرع الإعلام اللبنانيّ الموالي لدمشق وللحزب يتحدّث عن «مؤامرة الانسحاب»، ومثله فعل السياسيّون اللبنانيّون الدائرون في الفلك السوريّ – الإيرانيّ. فحينما تحقّق الانسحاب بعد عام، بُعثت إلى الحياة مسألة مزارع شبعا، التي سبق لإسرائيل أن احتلّتها من سوريّا في 1967، واستُخدمت سبباً يبرّر احتفاظ «حزب الله» بسلاحه. وتعزيزاً منها لاحتفاظ الحزب بالسلاح، تجاهلت دمشق سوريّةَ المزارع، علماً بأنّها لم تُقرّ بلبنانيّتها رسميّاً. بيد أنّ «ربط النزاع»، من خلال المزارع تلك، ترافق مع تضخيم آخر طال دور المقاومة في التحرير، فرسمها ضرورة حياة، لا أداة تحرير فحسب.

ومن دون أيّ انتقاص من التضحيات التي بذلها الحزب، وحُملت بيئته على تحمّلها، يبقى أنّ مقاومته لم تكن العنصر الحاسم في إحداث ذاك التحرير، وأنّ أهمّ ما فيها كان تشكيلها أحد العناصر المعزّزة لحجج معسكر السلام الإسرائيليّ في ضرورة الانسحاب من كلّ أرض محتلّة. فخلال 18 عاماً (1982-2000) بلغت الكلفة البشريّة الإسرائيليّة من جرّاء أعمال المقاومة 800 قتيل، أي ما يقلّ عن 45 قتيلاً في السنة الواحدة. وهذا، بحسب المقارنات التي درجت حينذاك، أقلّ من ضحايا حوادث السير في سنة واحدة في إسرائيل.

والحال أنّ كتابة الحزب للتاريخ لا تندرج في أيٍّ من مدارس «المراجعة» (revisionism) أو مدارس «النفي» للرواية السائدة (negationism). وسبب ذلك بسيط، هو عدم وجود رواية سابقة عن الاحتلال والتحرير والمقاومة اضطُرّ الحزب إلى «تصحيحها». ذاك أنّ الأخير ولفيفه هم وحدهم أصحاب الرواية التي لم تبدأ إلاّ معهم. وهكذا أرسي على أيديهم واقع مشوّه ووعي مزغول هدفهما خدمة أغراض محلّيّة وإقليميّة، وهذا قبل أن يتحوّل التشويه والزغل والخدمة إلى «أفق تاريخيّ» مكتوب بالماء.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili