الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » جهاد الزين يكتب من بيروت : مناقشة مع “البروباغندا” الأميركية حول الصين: من المستحيل أن تخطِّط بكين لشن حرب اليوم

جهاد الزين يكتب من بيروت : مناقشة مع “البروباغندا” الأميركية حول الصين: من المستحيل أن تخطِّط بكين لشن حرب اليوم

by admin

حتى ما يُنسب إلى الى الرئيس الصيني عن “الاستعداد للحرب” لا يكفي لإثبات وجود تخطيط صيني للحرب بعيدا عن محاولة ردع أي تخطيط غربي حربي مضاد.

النهار – جهاد الزين

الورشة الصينية مذهلة ليس فقط في نجاحاتها، بل في امتداداتها بعد بدء “مبادرة الحزام والطريق” التي لامست مشاريعها 147 بلدا ولو كان حجم هذه المشاريع متفاوتاً بين بعض البلدان ومعظمها.

الانصراف منذ فترة إلى قراءة ما يمكن قراءته عن الصين، سواء الكتب السياسية أو الروائية أو طبعا التقارير والتحقيقات الصحافية يستفيد من، كما “يصطدم” بِ، الحجم الضخم للانتاج الثقافي والمعرفي الغربي عن الصين في كل الحقول والتي يختلط فيها البحث الجدي بالبروباغندا.وأحيانا يكون من الصعب التمييز بين ما هو تعبوي وما هو بحثي، ويجب أن أضع كلمة “بعض” قرب كلمة “الكتب” وغيرها من المصادر لأن ما يصل المراقبَ أو هو “يصِلُ” إليه ورقياً أو على الإنترنت عن الصين على تعدديته يظل محدودا جدا جدا قياسا بما يصدر..

لعل هذا البلد،الصين، أضخم ورشة في التاريخ أو إحدى أكبرها.

هل بدأت الورشة الصينية تنافس أو تتجاوز الورشة البريطانية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر التي طبعت التاريخ السياسي للكرة الأرضية ولو كان من التسرع الأكيد القول أنها عادلت أو تجاوزت الورشة الأميركية المتواصلة في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين، فالعالَم هو عالَم أميركي حتى اللحظة وإلى فترة طويلة آتية على الأرجح. حتى النهضة الصينية كما يحب المسؤولون الصينيون أن يسموا نجاحاتهم الاقتصادية هي مطبوعة بالعالَم الذي تصنعه أميركا.

لكن الورشة الصينية مذهلة ليس فقط في نجاحاتها، بل في امتداداتها بعد بدء “مبادرة الحزام والطريق” التي لامست مشاريعها 147 بلدا ولو كان حجم هذه المشاريع متفاوتا بين بعض البلدان ومعظمها. إلا أنها بمجملها تصل إلى أرقام هائلة.

ها هو العقد الثاني على “مبادرة الحزام والطريق” (IBR) الصينية يتواصل والاستثمارات ومشاريع البنية التحتية الصينية تمتد من كمبوديا إلى باكستان واليونان وإسرائيل وصربيا وبولونيا وغيرها مرورا بالعديد من بلدان إفريقيا وأميركا اللاتينية.

لم يغيّر الصينيون العالَم بعد، ولكنهم ربما على وشك أن يفعلوا ذلك خصوصا بعدما أخذوا يُرْفِقون المشاريع والديون التي يقدّمونها مع رسالة ثقافية أبرز معالمها اليوم مؤسسة كونفوشيوس الناشطة في العديد من البلدان، والتي أصبح لها معهد تعليم الثقافة الصينية، وخصوصا اللغة، وبينها موطئ قدم في لبنان عبر الجامعة اليسوعية.
بعد الجولة الأخيرة من قراءاتي عن “مبادرة الحزام والطريق” قرأتُ بحثا في مجلة “فورين أفيرز” المتخصصة بالسياسة الخارجية يحاول أن يثبت أن الصين تحت القيادة الحالية تستعد للحرب.

والباحث يكرر اتهام الصين بعدم الشفافية في الإنفاق العسكري مع أن هذا الإنفاق بلغ في شباط 2023 ما يعادل 230 بليون دولار أي 1,7 من الناتج القومي حسب أرقام معهد أبحاث السلام في استوكهولم . في حين أن الولايات المتحدة الأميركية أعلنت عن موازنة لوزارة الدفاع هذا العام بلغت 1,73 تريليون دولار .
الحقيقة من الصعب الاقتناع بالبروباغندا الأميركية هذه. فكيف يمكن لدولة كبرى كالصين هي في ذروة نشاطها الاقتصادي والاستثماري في العالم كله ولا تزال أمامها خطوات معلنة للحد من الاعتماد على الخارج، ولو بنسب متناقصة في بعض منتجات التكنولوجيا العالية الدقيقة وفي السلّة الغذائية (الثلث تقريبا في الحبوب والأغذية) في مجتمع من مليار وأربعمائة مليون تزداد طبقته الوسطى المزدهرة بالتوسع العددي والنوعي، ومعه متطلباتها في رفع نوعية الغذاء… كيف يمكن لها أن تأخذ بالاستعداد لشن الحرب؟ أي حرب تدخلها مباشرة؟

حتى اليوم لا يزال من الصعب الاقتناع أن روسيا كانت ستشن حربها في أوكرانيا لو أعطاها الغرب فرصة تراجعه عن مشروع ضم أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي. فكيف بالصين الأقوى اقتصاديا بأشواط من روسيا والتي، أي الصين، لا تزال في طور الصعود. وإذا كان هناك منطق غربي يقول أن روسيا هي مارد عسكري وليس اقتصاديا، هو منطق صحيح، فإن أحدًا لا يجادل في صعود الصين كثاني اقتصاد عالميا بعد الولايات المتحدة.

اعتماد الباحثين الأميركيين على “قرينة” زيادة الموازنة العسكرية الصينية لإثبات “التحضير” الصيني للحرب ليس كافيا قياسا بحتمية تفكير أي دولة كبرى (أو صغرى) بالاستفادة من التقدم التكنولوجي في المجال العسكري. ولكن الورشة الصينية رغم تصاعد اللهجة الوطنية في الأوساط السياسية الحاكمة والإعلامية في بكين هي ورشة لازال أمامها الكثير لتستثمره في التقدم السلمي. ولا شك أن لهجة الحكومة الصينية العالية النبرة حيال موضوع تايوان تفتح المجال للكثير من التكهنات حول الأهداف الصينية، لكن التصعيد الديبلوماسي شيء والتحضير للحرب شيء آخر لا يجوز الخلط بينهما.

وحتى ما يُنسب إلى الى الرئيس الصيني عن “الاستعداد للحرب” لا يكفي لإثبات وجود تخطيط صيني للحرب بعيدا عن محاولة ردع أي تخطيط غربي حربي مضاد.
تستخدم البروباغندا الأميركية تعبير “فخ الديون” في وصف القروض التي تمنحها الصين للعديد من الدول ذات الموقع الاستراتيجي على خطوط “مبادرة الحزام والطريق”، وبمعزل عن كيفية استخدام الصين مستقبلا لمسألة الديون، فإن رقم الدين الصيني لبعض الدول مرتفع جدا فعلا، فهو وصل في باكستان إلى 63 بليون دولار يجري إنفاقها على مشاريع بنى تحتية من طرقات ومعامل كهرباء وغيرها (3 آلاف كيلومتر شبكة طرقات تمتد من غرب الصين إلى الساحل الباكستاني عند مرفأ غواجار الذي يشكّل نهاية المنفذ البري لخط الصين البحري إلى الشرق الأوسط وأوروبا) أمام كون كل الطرق الأخرى البحرية إلى المحيط الهندي تمر في مضيق مَلَقا الممتد بين ماليزيا وإندونيسيا. وهو ما يُسمّى في أدبيات الجغرافيا السياسية “عقدة ملقا” الصينية.

هل سيكون بمقدور باكستان رد هذه الديون أو حتى خدمة فوائدها؟ هذا أمر على الأرجح غير ممكن، لكن الاقتصاد الباكستاني يستفيد من دينامية الإنفاق الصيني دون أدنى شك بمعزل عما يتردّد عن مرتبة دونية للشركات الباكستانية في المشاريع القائمة. وباكستان مثال واحد من عشرات الأمثلة المتفاوتة الحجم. والسؤال نفسه حول طاقة سداد الديون الصينية مؤخرا في الحديث عن سيريلانكا وبنغلادش وهي كلها دول تقع في جوار الهند، خصم الصين، الرابضة على مواقع استراتيجية في المحيط الهندي. حتى أن وزير الخارجية الصيني وصف التكهن حول “فخ الديون” بأنه مجرد أسطورة.

متى سيظهر الأثر الصيني بوضوح في الوضع العالمي في القرن الحادي والعشرين؟ هذا أصبح جوابه مسألة وقت. لكن الرعاية الصينية للاتفاق السعودي الإيراني أظهرت أن الصينيين قرروا عدم الاكتفاء بالدور الاقتصادي والانتقال الحثيث إلى الأدوار السياسية التي ستتبلور كل يوم من الآن فصاعدا.
التاريخ الاستعماري الغربي في شقِّه غير العسكري هو تاريخ استخدام الديون للسيطرة الاقتصادية والسياسية. ولذلك يعرف الغربيون كيف يتحدثون في هذا الموضوع،

لكن اتهام الصين المبكر جدا بنصب فخ الديون عدا عن كونه لا زال غير مثبت ولم يدخل بعد كمعطى في العلاقات الدولية على غرار الاستخدام الغربي العريق له، يجب أن يكون موضع رصد أساسي لكي يمكن للصين أن تقول أنها تقدِّم نموذجاً مختلفا فعلا عن النموذج الغربي؟

“نظرية” الحرب العالمية الثالثة البادئة لا تزال تهويلية رغم تصاعد التوترات إثْر الحرب في أوكرانيا والتصعيد الديبلوماسي بين البر الصيني وتايوان التي تبعد فقط 180 كيلومترا عنه ولكن لم يصل العالم بعد وقواه الكبرى إلى هذا الحد من تناقض المصالح الذي يملي الحرب التي ستكون بالتأكيد أكثر جنونا من أي حرب سابقة.

‏jihad.elzein@annahar.com.lb‏
‏Twitter: @ j_elzein

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00