بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: بلاد سايكس بيكو المحاصَرة داخل المثلّث الإسرائيلي التركي الإيراني by admin 10 أغسطس، 2023 written by admin 10 أغسطس، 2023 102 نحن على أبواب تحولَيْن استراتيجيين ربما غيّرا وجه المنطقة في القرن الحادي والعشرين، التفاوض الأميركي الإيراني على الملف النووي، والتفاوض السعودي الأميركي على ملف أو ملفات العلاقات السعودية الإسرائيلية. النهاراللبنانية – جهاد الزين منطقتنا المشرقية (المسماة الليفانت) أو بلاد سايكس بيكو هل تعيش سنواتٍ جديدة من الاضطراب بل التحلّل أم نحن على أبواب متغيرات إيجابية كبيرة هي نفسها ربما تحتاج فترة أطول للانتقال من التفاعلات السلبية إلى التفاعلات الإيجابية إذا سار التفاوض الأميركي السعودي على العلاقات الإسرائيلية السعودية في منحاه المنتَظر؟ قبل مجرد “شيطنة” الموضوع المطلقة وأطرافه، من حيث هو حصار بطبيعته “شيطاني”، أشير أن هذه المقالة تنطلق من وجود ثلاث دول – أمم، اثنتان منها عريقتان جدا في المنطقة وهما تركيا وإيران، وكل من الأخيرتين بقايا إمبراطورية خبرت في مراحلها الأخيرة التعرض للاستعمار الغربي عليها بأشكال مختلفة كما خبرت بالمقابل في تاريخها الامتداد الجيوسياسي وراكمت ذاكرة السلطة على أجزاء من العالم العربي والإسلامي المشرقي. أما الثالثة فهي دولة – أمة حديثة زمنيا وقامت وتستمر على أنقاض مجتمع مشرقي ولا تزال تحاول السيطرة “المنزلية” (وفقاً لتعبير فرانز فانون) الكاملة عليه هو المجتمع الفلسطيني، هذه الدولة هي إسرائيل. اليوم، ومنذ عقود قليلة معاصرة نواجه تبلور قوة كل دولة – أمة من هذه الدول الثلاث تركيا، إيران، إسرائيل، التي تحاول الخروج من حدودها في صراع وتقاطع وأحيانا تفاهم على تأكيد نفوذها في القرن الحادي والعشرين. ولربما ستُذكر هذه الحقبة، العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، على أنها حقبة المثلّث الإسرائيلي التركي الإيراني من حيث الخروج عن حدود كل من دوله نحو ممارسة مفهومها للأمن القومي على مساحة محددة من المشرق، كما تُذكَر الخمسينات من القرن العشرين على أنها عقد الثنائية السعودية الناصرية والستينات على أنها عقد الصراع الفيصلي الناصري مع ملاحظة أن إسرائيل كانت السبّاقة تاريخيا بسبب خصوصية ولادتها الاستيطانية كدولة بلا حدود إلى توسيع مفهومها التطبيقي للأمن القومي بينما تبعتها إيران وتركيا إثر تغيير النظام السياسي في كل منها وتركيا إثر تغيير نظريتها للسياسة الخارجية في عهد الرئيس رجب طيِّب أردوغان، أما إيران الأيديولوجية الأصولية فوُلِد نظامُها الحالي متدخلاً خارج حدود الدولة القومية التقليدية أو ما بقي منها. أضعف هذه الدول – الأمم الثلاث اقتصاديا هي إيران وأقواها اقتصاديا هي إسرائيل، فيما تركيا ملتبسة القوة والضعف الاقتصاديّين. أعني المفهوم الإنتاجي للاقتصاد وليس الريعي. لعبت إيران الثورة الإسلامية بكل مساحات المشرق واستقرت حاليا على نفوذ يعتمد ضعف الدولة المحلية في كل من العراق وسوريا ولبنان، فيما تركيا تلعب في شمال سوريا وشمال العراق انطلاقا من أولوية منع أي انفصال كردي داخل أو خارج حدودها.أما إسرائيل وبسبب حداثتها العسكرية وتفوقها فتلعب جوا في لبنان وسوريا وبعض العراق، فيما هي منصرفة لتأكيد سيطرتها العدوانية على ما تبقى من الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية. كذلك يجسّد موقع الفلسطينيين المقيمين داخل دولة إسرائيل جزءا مهما من نظام الأبارتايد الذي تقيمه الدولة العبرية. لا تعلن هذه الدول الثلاث لأسباب سياسية وأيديولوجية أنها يمكن أن تتفاهم كليا أو جزئيا في سياق مساعيها للامتداد على الرقعة المشرقية، ولذلك هي تعتمد شعار الدفاع عن أمنها القومي (إسرائيل تركيا) بينما إيران طورّت دون إعلان، بل دون اعتراف، مفهومها للأمن القومي وأسبغت عليه إلى العنصر الأيديولوجي أساليب نفوذ غير مسبوقة عبر “الغيريللا” اللبنانية، والميليشيا في العراق وفي توسّع أبعد عبر التنظيم الحوثي في اليمن، وهو مشروع طموح للأمن القومي الإيراني يعتمد مزيجا متداخلا من التغيير السوسيولوجي في البيئة الزيدية اليمنية كما في البيئة الشيعية اللبنانية. آخر التفاهمات الهامة وذات الدلالة في هذا المثلث هو التفاهم الإيراني الإسرائيلي على السماح للبنان بتوقيع اتفاق ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل كجزء من التحضير لانضمامه إلى شبكة إنتاج وبيع الغاز في شرق المتوسط التي تضم دولا أخرى، كذلك التفاهم التركي الإسرائيلي على المساهمة بوصول الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا. لقد صار من الصعب في نمط العلاقات التفكيكية التي أقامها المثلث التركي الإسرائيلي الإيراني توقع نهوض ما للدولة المحلية حتى رغم قوة النظام الأمني في سوريا وتقاليده السلطوية وتمرسه في إدارة إرث الدولة السورية، أما الدولة العراقية بعد 2003 فتبدو أسيرة آليات طائفية غير قادرة على الإفلات منها لبناء دولة حد أدنى رغم التوازن الذي يتيحه النفوذ الكردي والذي يقبع في الدرجة الثانية على سلم السلطة في بغداد فيما يكتفي بإدارة الإقليم الشمالي الخاضع للحكم الذاتي. أما لبنان المستضعفة دولته إلى غير رجعة، على الأقل في الجيل الحالي، فهو تحت وطأة نظام قوي جدا يدير دولة ضعيفة تصبح تافهة وأكثر تفاهة يوما بعد يوم، بسبب انحطاط مديد لمنظومته السياسية الحاكمة. ليست منطقة المشرق خالية أمام هذا المثلث الجهنمي، فهناك قوى إقليمية كبيرة، السعودية و معها الخليج ومصر وهناك طبعا قوى غربية تقليدية كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصالح النفط الكبيرة في العراق ومصالح الغاز في شرق المتوسط، فيما جعلت الحرب الأوكرانية روسيا في موقع دفاعي، عموما على الصعيد الدولي، وفي سوريا خصوصا، رغم استقرار الوجود العسكري الروسي فيها والذي لعب دورا كبيرا بل الأكبر في تحديد مسار الحرب السورية. إلى هذه الصورة تنضم الصين كصاحبة مصالح اقتصادية ضخمة في التجارة مع المنطقة ولكنها لا تزال تتلمّس طريقها الجيوسياسي في الشرق الأوسط. ولربما كنا قريبا أمام “معمودية” دخول الصين كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعلى أمل أن ينتقل التماسك الداخلي المصري لتعود مصر إلى لعب دور محفِّز لاستعادة ما أمكن من تماسك المنطقة المشرقية وحدودها الداخلية والخارجية، يبقى المثلث الإسرائيلي التركي الإيراني هو اللاعب الوحيد بحدود منطقتنا وبأوضاعها من مواقعه الجغرافية ذات المخزون السياسي اللاإستقراري. العالم مليىء بالمناطق المتعَبة. هل من بصيص أمل لمنطقتنا؟ نحن على أبواب تحولَيْن استراتيجيين ربما غيّرا وجه المنطقة في القرن الحادي والعشرين، التفاوض الأميركي الإيراني على الملف النووي، والتفاوض السعودي الأميركي على ملف أو ملفات العلاقات السعودية الإسرائيلية. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حازم صاغية يكتب عن: خطّا القضيّة الفلسطينيّة المتوازيان next post في حضرة الغياب… في متن الشعر You may also like بيل ترو تكتب عن: تفاصيل أسبوع استثنائي في... 26 ديسمبر، 2024 ندى أندراوس تكتب عن: هوكشتاين وإنجاز الرئاسة بعد... 25 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن: العودة إلى دمشق.. المدينة... 25 ديسمبر، 2024 بناء سوريا ما بعد الأسد: كيفية التأكد من... 25 ديسمبر، 2024 طارق الشامي يكتب عن: هل تضبط واشنطن إيقاع... 24 ديسمبر، 2024 سام هيلير يكتب عن: كيف يمكن الحفاظ على... 24 ديسمبر، 2024 مايكل ماكفول يكتب عن: كيف يمكن لترمب إنهاء... 24 ديسمبر، 2024 حسام عيتاني يكتب عن: جنبلاط في دمشق.. فتح... 23 ديسمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: جنبلاط والشرع وجروح الأسدين 23 ديسمبر، 2024 مايكل شيريدان يكتب عن: الجاسوس الصيني الذي حاول... 22 ديسمبر، 2024