بأقلامهم جهاد الزين يكتب عن تحشيد الأساطيل في المتوسط: لماذا تبدو حرب غزة “فرعاً ثانيا” للقتال في أوكرانيا؟ by admin 3 نوفمبر، 2023 written by admin 3 نوفمبر، 2023 90 تُظْهِر الأحداث أكثر فأكثر وقوع حرب غزة في قلب الصراع الدولي بين المحوريْن العالميّين الأطلسي من جهة والروسي الصيني الإيراني من جهة أخرى، وهذا بقدر ما يتجلّى الطابع الدولي للتوتر والتحشيد بقدر أيضا ما يجعل انفجار الصراع على مستوى المنطقة أعقد وغير مرتبط بالحسابات الإيرانية وحدها. النهار – جهاد الزين أما وقد بدأت الحرب البرية في غزة أو اجتياح غزة، وهي تُوغِل سريعا في التطور العسكري الشامل، أصبح السؤال هل تبدأ الحرب في الشرق الأوسط ولو بشكل غير مباشر بين إيران وبين الحشد الأميركي الغربي الذي تتجمع سفنه وحاملات طائراته الأميركية والبريطانية والفرنسية والألمانية من أقصى غرب البحر الأبيض المتوسط إلى أقصى شرقه قبالة إسرائيل ولبنان وقبرص وسوريا (راجع الصورة) ناهيك طبعا عن بعض الانتشار الأميركي في البحر الأحمر فكيف إذا أضيفت إليه قواعد ومحطات رادار أميركية بعضها في أريتريا وانتشار القوات الأميركية في شرق البر السوري و بعض العراقي، مقابل الانتشار الروسي الواسع في شمال سوريا ساحلاً وداخلاً؟ لست هنا في مجال تحليل عسكري لست مهيأً له أو قادرا عليه ولكن في مجال بعض المقارنات السياسية أو بين تجارب سابقة معاصرة. وسؤالي الأساسي هو: بماذا يختلف التحشيد الغربي الشامل الحالي في البحر الأبيض المتوسط عن التحشيد البحري والبري الروسي الذي سبق الغزو الروسي لأوكرانيا؟ لقد استغرق المراقبون في العالم وقتا غير قصير قبل أن يتأكدوا من أنه تحشيد روسي على حدود أوكرانيا سيبدأ بالغزو. لا نقول أن السيناريو الغربي سيتكرر نفسه في البحر الأبيض المتوسط وقد يكون الهدف الأساسي منه ردع إيران عن فتح جبهات حاليا تشتِّت التركيز الإسرائيلي على جبهة غزة. السؤال الثاني: بماذا يختلف التحشيد الغربي عن التحشيد البري الغربي في مواجهة العراق بعد غزو الكويت عام 1990؟ ألا نستعجل نتائج الغزو البري الإسرائيلي لغزة حين نتساءل ما إذا كان هذا التحشيد الغربي هو مقدمة لتكرار سيناريو دخول القوات المتعددة الغربية إلى بيروت عام 1982 وهو الدخول الذي انتهى بانسحاب هذه القوات المتعددة واجتياح إسرائيل لبيروت الغربية بخدعة لن ينساها الشعب الفلسطيني لأنها تسببت في مجزرة صبرا وشاتيلا الغنية عن التذكير؟ تُظْهِر الأحداث أكثر فأكثر وقوع حرب غزة في قلب الصراع الدولي بين المحوريْن العالميّين الأطلسي من جهة والروسي الصيني الإيراني من جهة أخرى، وهذا بقدر ما يتجلّى الطابع الدولي للتوتر والتحشيد بقدر أيضا ما يجعل انفجار الصراع على مستوى المنطقة أعقد وغير مرتبط بالحسابات الإيرانية وحدها. خالد مشعل الناطق الخارجي باسم “حماس” يكشف بوضوح في مقابلة مع “رويتر” أن روسيا “استفادت” من عملية 7 أكتوبر لأنها شتّتت التركيز الأميركي على حرب أوكرانيا وأن روسيا قررت تدريس عملية غلاف غزة في معاهدها العسكرية بينما أبلغت الصين “حماس” أنها قررت الاستفادة منها في مخططاتها حول تايوان حسب ما نقلت صحيفة “جيروزالم بوست” في عددها يوم الإثنين نقلاً عن وكالة MEMRI في واشنطن التي تُعنى بترجمة مقالات ومقابلات عن صحافة الشرق الأوسط. كذلك كان استقبال وفد “حماس” في موسكو مؤخرا مؤشرا في هذا الاتجاه ولو ربطته موسكو بدورها في محاولة تحرير الرهائن الروس بين الرهائن الذين تحتجزهم المنظمة الفلسطينية. في هذا السياق العالمي من الاستقطابات يجدر التوقف عند موقف الهند التي أخذت موقفا مؤيدا لإسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر حتى أن تيارا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي الهندية برز ليقول أن الهند وإسرائيل تواجهان “الإرهاب” نفسه, لكن هذا الجو مرتبط عموما بمواقف ناشطين في الأغلبية الهندوسية في البلاد وطبعا بتشجيع من رئيس الوزراء نارندرا مودي زعيم حزب الأغلبية الحاكم بهاراتيا جاناتا (BJP). لكن المهم هنا هو أن تأييد الدولة الهندية للفلسطينيين “أصبح من الماضي” كما تقول صحيفة “الغارديان” البريطانية في عددها أمس الأول الثلاثاء في ظل التحالف الذي أقامه رئيسا وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وررئيس الوزراء مودي. وتذكر مراسلة “الغارديان” بالمناسبة “هنّا إليس باترسون” أن السفارة الإسرائيلية في دلهي الأسبوع المنصرم شهدت تجمعا من المتحمسين الهندوس أبدو استعدادهم للتطوع في القتال ضد “حماس” ك “عدو مشترك”. لكن بالطبع يجدر التذكير أن الخطاب الرسمي الهندي لا زال قائما على تأييد حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. أسوق هذه المعلومات لتأكيد حجم الاستقطابات العالمية التي ترافق حرب غزة والتي “تسقط” أحيانا على انقسامات دول مهمة مثل التنافس بل العداء بين الصين والهند. لا ننسى أن الهند التي شهدت ولادة الخط الاقتصادي عبر الخليج حتى مرفأ حيفا في إسرائيل ومنه إلى أوروبا، والذي أعلن عنه مؤخرا الرئيس الأميركي جو بايدن كخط منافسة مع مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، لا ننسى أن الهند تعتبر متضررة من تراجع فرص هذا الخط بعد التغيير الجديد في الشرق الأوسط الذي خلّفته عملية 7 أكتوبر. كل هذا أيضا للدلالة على الجو المحموم عالميا والذي تبدو حرب غزة حتى الآن وكأنها “فرعه الثاني” الذي انفتح بعد “الفرع الأول” في أوكرانيا الذي أصبح الآن فرعا ثانيا لا أول! من بحيرة الحبوب والغذاء أوكرانيا إلى بحيرة الغاز والأساطيل في المتوسط كيف ستتدحرج الاستقطابات سياسيا ثم عسكريا لأن دويّ المدافع في غزة لا يُسمع فقط في قبرص القريبة بل أيضاً، وبالمعنى المجازي لكن الحسّاس في باريس ولندن وبرلين؟ فكيف في موسكو وبكين وواشنطن! طبعا هناك لاعب كبير في الميدان هو إيران لكن حجم التوتر الدولي لا يجعل طهران قادرة وحدها الآن على اللعب في المنطقة كما ذكرنا سابقاً ولأن حسابات كبيرة جدا على الصعيد الدولي باتت تحيط بالميدان الذي تملك إيران أذرعة فيه وتجعل حساباتها وحدها غير كافية دون شراكة حليفتيها روسيا والصين. وهذا بحد ذاته تطور أو نتيجة للتدويل الذي يمثله التحشيد العسكري. فكلما تعددت وتعقدت الحسابات في الحلف الواحد كلما صارت المخاطر أقل حتى لو أننا أصبحنا الآن في إحدى أخطر المراحل التي شهدها الشرق الأوسط في تاريخه الحديث. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post نصر الله يربط التصعيد في الجنوب بتطورات غزة و«سلوك إسرائيل» next post رضوان السيد يكتب عن الأكثر حيرة: الإسرائيليون وإيران! You may also like عبد الرحمن الراشد يكتب عن: نهاية الحروب اللبنانية... 11 يناير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: سوريا بعد الأسد واستقبال... 10 يناير، 2025 ابراهيم شمس الدين يكتب عن: هوية الشيعة الحقيقية... 10 يناير، 2025 منير الربيع يكتب عن: “الوصاية” الدولية-العربية تفرض عون... 10 يناير، 2025 لماذا يسخر ترمب من كندا بفكرة دمجها كولاية... 9 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل مسلحو سوريا... 9 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لا يطمئن السوريّين إلّا…... 9 يناير، 2025 ديفيد شينكر يكتب عن: لبنان يسير نحو السيادة... 9 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: إيران بين «طوفان» السنوار... 7 يناير، 2025 ساطع نورالدين يكتب عن: بيروت- دمشق: متى تُقرع... 5 يناير، 2025