بأقلامهم جهاد الزين يكتب عن .. إيران واللعبة الخطيرة جدا في المنطقة وإسرائيل: قراءة للنتائج و”اعتراف” بها by admin 19 أكتوبر، 2023 written by admin 19 أكتوبر، 2023 234 الوضع مثير جدا لكل أنواع التكهنات. لكن إيران تعيش اليوم في الذروة من نفوذها الذي يحقق نجاحات تنطوي على قدر كبير من المقامرة. النهار – جهاد الزين أنا معارض مزمن لمخططات إيران في المنطقة وتحديدا منذ العام 2006 عندما اتضح أن المشروع الإيراني يرمي إلى اتخاذ الشاطئ اللبناني المطل على البحر الأبيض المتوسط، ومعه مناطق الامتداد الشيعي في لبنان قاعدة لنفوذ الدولة – الأمة الإيرانية بقيادة نظامها السياسي من رجال الدين. عام 2000 نجحت الغيريللا الإيرانية “حزب الله” التي نتجت عن استثمار سياسي وأيديولوجي وتنظيمي وأمني ناجح وواسع في بيئة الشيعة اللبنانيين وبالتحالف الوثيق مع قيادة الرئيس حافظ الأسد في تحقيق انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان قاطفةً بذلك لا فقط جهود غيريللا مسلّحة ضد الاحتلال بل أيضاً إرثا بكامله من النضال السياسي والديبلوماسي للدولة اللبنانية حتى قبل ولادة “حزب الله” كما إرثا مسلحاً متقطِّعاً لفصائل يسارية وقومية لبنانية قبل عام 1982 فانفردت الأداة الإيرانية الفعالة في السيطرة على كامل نتائج هذه العوامل المتضافرة على مدى 24 عاما وبدت حتى ذلك التاريخ (عام 2000) وكأنها تحقق إنجازًا وطنيا لبنانيا لا يستطيع أحدٌ منافستها فيه أو حتى مساجلتها عليه. كان طول النفَس الإيراني في هذا الوقت يُخطِّط لما هو أشمل وأعمق. ظهرت البوادر الضخمة الأولى في حرب 2006 في لبنان كامتداد لوضع إقليمي قطفت فيه القيادة الإيرانية السيطرة العملية على البيئة الشيعية العراقية الغزيرة بالديموغرافيا والإمكانات البترولية وقبل سنوات قليلة من بدء الحرب الأهلية السورية التي أرست تفاعلاتُها ظهورَ تشابك مصالح ضخم روسي إيراني لا زال يتطور حتى بلغ في حرب أوكرانيا ذروته الاستراتيجية ومدعوما بدعم صيني مستجد ومستند على الهجوم الصيني “الناعم” على الصعيد الجيوبوليتيكي الدولي والشرقْ أوسطي ومتكئاً طبعا على التقدم الصيني الاقتصادي المدهش. كل هذا السجل الحافل للنشاط الإيراني في المنطقة يبدو اليوم بعد حرب غزة فصلا قديماً قياسا بالفصل الأخير البادئ في حرب غزة المستمرة وما كشفته من نتائج خطيرة لدور “المدرسة الإيرانية” في دعم وتسليح حركة “حماس”. 1- في هذا التحالف “الحماسي” الإيراني لم نعد أمام استثمار إيراني جيوبوليتيكي للبيئات الشيعية في الإقليم، بل أصبحنا أما اختراق عميق إيراني لأهم حركة سنية أيديولوجية في المنطقة، وأي حركة؟!؟: حركة فاعلة جدا ومتجذرة في البيئة الفلسطينية وممتدة في قلب وخارج الخارطة الإسرائيلية وتمثل سياسيا أي نظرياً “نصف” الحالة الفلسطينية. كأن ظهور العلاقة الإيرانية مع “حماس” يجعل بالنسبة لإيران موضوع الحساسية السنية الشيعية الذي هيمن على المنطقة سابقاً موضوعا متجاوَزاً ويكاد يكون من الماضي. 2- يحدث هذا الاختراق الإيراني في قلب فلسطين، كتلة النار والجمر في التاريخ العربي الحديث.. يا للهول! 3- اللعبة الإيرانية في حرب غزة والحشْرة غير المسبوقة التي حشرت إسرائيل فيها تكاد تشعل لا المنطقة فحسب بل العالم. الرئيس الأميركي بكل هيبته وأساطيلها يأتي إلى المنطقة ويهرع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين ليستجمع عناصر التقييم وكأننا على أبواب حرب عالمية. يدعو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي لا يرتاح تقليديا لكل السيمفونيا الإيرانية إلى “مؤتمر إقليمي” لبحث الموقف في غزة وكأنه يوجه دعوة إلى إيران التي كانت معزولة سابقا فيما يلقي درسا علنيا شبه توبيخي لم يسبق له مثيل منذ معاهدة كامب دايفيد على وزير الخارجية الأميركي، ويتجرأ وزيرخارجية إيران أن يصرّح رغم حرصه على ممالأة ولي العهد السعودي أن التطبيع السعودي الإسرائيلي “لم يعد على الطاولة” ويرتبك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يبحث عن دور أمام هول ما يجري. 4- لكن ما قد يكون أهم من كل ذلك هو الوضع الإسرائيلي. فللمرة الأولى منذ حرب أكتوبر عام 1973، ولربما المرة الأولى بالمطلق، كل الخارطة الإسرائيلية من الشمال إلى الجنوب داخل الحرب. صحيح أن الرد الإسرائيلي رهيب ووحشي (ولا بد ذات يوم أن تُسأل “حماس” عن مسؤوليتها في الوصول إلى ذلك ) لكن الصدمة عميقة وغير مسبوقة في إسرائيل بل ومخيفة. 5- إذن تلعب إيران ربما أخطر لعبة في تاريخ نظامها الديني منذ عام 1979، ولذلك وبسبب معرفتها بهذه الخطورة قد يكون النظام الديني الإيراني الآن راغباً في التهدئة لكي يستطيع هضم إنجازاته السياسية والديبلوماسية، هذا إذا لم نشهد ردا خطيرا عليه يشعل المنطقة برمتها. 6- هل تستطيع إسرائيل وآلتها العسكرية أن تقبل هذه النتائج رغم بحر الدم الذي غرق فيه الشعب الفلسطيني؟ الوضع مثير جدا لكل أنواع التكهنات. لكن إيران تعيش اليوم في الذروة من نفوذها الذي يحقق نجاحات تنطوي على قدر كبير من المقامرة. غلاف الشرق الأوسط قد يتغيّر من غلاف غزة إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من احتواء الموقف لكن بعناصره الرهيبة الجديدة. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مهى سلطان تكتب عن : حليم جرداق في ذكراه الثّالثة… قطوفٌ من ثمرات التّجارب next post عبد الرحمن الراشد يكتب عن : سؤال المليون فلسطيني إلى مصر You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024