بأقلامهمعربي جهاد الزين: ترامواي المستقبل هل فاتَنا في لبنان ؟ by admin 14 سبتمبر، 2021 written by admin 14 سبتمبر، 2021 121 المعضلة العميقة أمام مفهوم الفدرالية في لبنان هو كونها تنطوي على تقسيم ديموغرافي ديني (مسيحي مسلم) وهو ما يجعلها فدرالية حسّاسة على مستوى كل المنطقة. النهار اللبنانية – جهاد الزين في كتابه المرجعي عن الحرب اللبنانية 1975 – 1990 يذكر الصحافي الفرنسي ألان مينارغ الذي توفّي في التاسع من أيلول الجاري أن الرئيس كميل شمعون نصح رئيس الوزراء الإسرائيلي ميناحيم بيغن عندما التقاه في زيارة سرية إلى إسرائيل في العام 1976 بأن لا ترتكب إسرائيل الخطأ الذي ارتكبه موارنة لبنان فأنشأوا الدولة مع المسلمين. وأن على اليهود الإسرائيليين أن ينفصلوا عن الفلسطينيين ويعطوهم دولة خاصة بهم. كميل شمعون الذي كانت له على ما يبدو مكانة كبيرة لدى بيغن وينظر إليه كزعيم أول للمسيحيين اللبنانيين منذ خمسينات القرن المنصرم حتى أن الكتاب الوحيد الذي ينقل المحضر الحرفي لاجتماع نهاريا الشهير الذي عقده بيغن مع بشير الجميل بعد انتخاب بشير رئيسا، وهو كتاب الدكتور جورج فريحة الذي رافق بشير إلى الاجتماع يذكر مرارا كيف يأتي اسم كميل شمعون على لسان بيغن من حيث حرص الأخير على معرفة موقف الرئيس الأسبق كميل شمعون أو الارتكاز عليه في الحديث عن الوضع اللبناني. وفي هذا الاجتماع ينقل فريحة كلاما تأنيبياً شديدا قاله بيغن للجميل بمجرّد أن أبلغه بشير بالحاجة إلى التشاور مع المسلمين لترتيب صيغة التوافق الداخلي قبل البحث بأي معاهدة سلام بين لبنان وإسرائيل طالبه بيغن بها مقابل ما حصل عليه من دعم إسرائيلي إذْ نَظَر بيغن إلى الأمر على أنه مطالبة الجميل بالوفاء بتعهد قطعه حول المعاهدة. لم يسمع اليمين الإسرائيلي الليكودي وغير الليكودي من ورثة ميناحيم بيغن أي نصيحة من نوع نصيحة شمعون! وفي مقدمها نصائح الغرب، فلم يُفرج قادة إسرائيل عن الشعب الفلسطيني المسجون جَماعيا على أرض وطنه في الضفة الغربية وقطاع غزة داخل نظام من التمييز العنصري ولم يوافقوا على إعطائه دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. لكن لبنان رواية أخرى لا تُقارَن تعدديتُها وتاريخُها الإنفتاحي بإسرائيل العنصرية رغم السمعة بل السجل السيِّئ للنظام الطائفي اللبناني الذي يكاد يودي بالدولة اللبنانية بفعل إدارة منظومة سياسية فاسدة متعددة الطائفيات لها. الإشكال المطروح في لبنان ليس “انفصال” المسلمين بل ما أصبح (منذ العام 1975) بحث الشريك المسيحي عن صيغة تسمح له بإعادة تجديد الفكرة اللبنانية على أساس جديد. الحد الأقصى لمطالب بعض النخب المسيحية اللبنانية المعلنة والمضمَرة هو الفدرالية . لكنْ هناك نخب مسيحية وازنة ليست ولم تكن مع الفدرالية ولو كانت الأكثرية الساحقة من المسيحيين، نخباً وجمهوراً، متململة مما يؤول إليه أداء النخب الحاكمة. الملاحظ أن ثورة 17 تشرين أنتجت حالةً شبابيةً توحيديةً صبّت غضبها ضد المنظومة السياسية والنظام السياسي وليس ضد الكيان أي “لبنان الكبير”. لكن ماذا لو فقدت هذه النخب الشبابية الإصلاحية كل أمل بالإصلاح؟ هل ستبقى توحيدية سواء من المسلمين أو المسيحيين؟؟ المعضلة العميقة أمام مفهوم الفدرالية في لبنان هو كونها تنطوي على تقسيم ديموغرافي ديني (مسيحي مسلم) وهو ما يجعلها فدرالية حسّاسة على مستوى كل المنطقة. فالعراق الفدرالي هو عراق قائم على أساس قومي وليس دينيا وسبق أن جرت محاولات بعد العام 2003 من بعض الأطراف الشيعية لفدرالية شيعية في جنوب العراق فسقطت الفكرة الفدرالية الشيعية لدى معظم القوى الشيعية قبل غيرها. لأنها ستكون فدرالية طائفية، فكيف بالفدرالية الدينية التي لا يستطيع المسلمون اللبنانيون قبولها لأنها ستعني أخذ قرار يؤثر ليس فقط على لبنان بل على مصر وسوريا والعالم العربي. إذن معضلة الفكرة الفدرالية في لبنان أنها فدرالية دينية بين مسلمين ومسيحيين مهما كانت طبيعة الصيغة بين السنة والشيعة والدروز على الجانب غير المسيحي، ومهما كان الواقع الفعلي فدراليا في لبنان من حيث تعميق تحوّل المناطق إلى مجمّعات تحت إدارة هذا الحزب أو ذاك. لا زالت بعض النخب المسيحية الساعية لتغيير ما في الصيغة اللبنانية يجعلها أقل ارتباطا بالمسلمين والأعباء الداخلية والإقليمية التي ترى أن كيان لبنان الكبير يتسبّب بها، لا زالت تصطدم بواقع العلاقات الدولية الذي لا يشجّع على هذا الاتجاه. ومثلما انتهت الحرب الأهلية 1975- 1990 وفي نفوسكم من هذه النخب شيءٌ من التحسر على عدم تحقّق هذا النزوع، فإن الانهيار الحالي يعيد ظهور هذا التيار الذي ينسب الفشل الدولتي إلى الصيغة الكيانيّة الحالية وليس إلى المنظومة السياسية المسؤولة عنها. الزميلة ريما مكتبي نشرت على صفحتها على التويتر صورة جميلة لعربة ترامواي في أحد شوارع بيروت وقالت: “عام 1964 كان في ترامواي في بيروت… كيف الشعوب والأوطان تتراجع بهذا الشكل!؟” نعم، الزميلة العزيزة، تتراجع بل تنهار وفي حالات معينة لا تعود قابلة للإصلاح كما ظهر من تجربة عشرين عاما في أفغانستان تحت الحكم “الإصلاحي” الأميركي الذي كانت فيه النخب الأفغانية الحاكمة وعلى رأسها الرئيس حامد كرزاي تحت سيطرة شبكات الفساد كما تُظهِر مقالة الباحثة سارة شايس في ال “فورين أفيرز” (10 أيلول) .كذلك العراق الأقرب لنا وبالتالي فساده الشفّاف أيضا. فهل علينا أن نخاف من أن يكون ترامواي المستقبل قد فاتنا في لبنان؟ j.elzein@hotmail.com Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عندما أطلق التونسيون إشارة البداية لأحداث 11 أيلول/سبتمبر next post كندا: التطوّرات السياسيّة قبل أسبوع على موعد الانتخابات التشريعيّة الفدراليّة You may also like عبد الرحمن الراشد يكتب عن: نهاية الحروب اللبنانية... 11 يناير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: سوريا بعد الأسد واستقبال... 10 يناير، 2025 ابراهيم شمس الدين يكتب عن: هوية الشيعة الحقيقية... 10 يناير، 2025 منير الربيع يكتب عن: “الوصاية” الدولية-العربية تفرض عون... 10 يناير، 2025 لماذا يسخر ترمب من كندا بفكرة دمجها كولاية... 9 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل مسلحو سوريا... 9 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لا يطمئن السوريّين إلّا…... 9 يناير، 2025 ديفيد شينكر يكتب عن: لبنان يسير نحو السيادة... 9 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: إيران بين «طوفان» السنوار... 7 يناير، 2025 ساطع نورالدين يكتب عن: بيروت- دمشق: متى تُقرع... 5 يناير، 2025 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.