جزيرة الأمير إدوارد كَمدخل للحياة في كندا

راديو كندا الدولي / سمير بن جعفر

بعد أن تقضي تنزيل عوض أسبوعها في الجامعة منهمكة في الدراسة لنيل شهادة في علوم الكمبيوتر، تضع حاسوبها وأدواتها جانباً لتلتحق بعملها خلال نهاية الأسبوع في مطعم في شارلوت تاون عاصمة مقاطعة جزيرة الأمير إدوارد الكندية.

هكذا يمكن تلخيص روتين هذه الشابة السودانية المولد والتي تدرس في جامعة جزيرة الأمير إدوارد منذ خريف 2023.

وفي حوار مع راديو كندا الدولي، تقول هذه الشابة التي نشأت في المملكة العربية السعودية والتي درست لبضع سنوات في مصر إنّها بدأت تفكّر في الدراسة الجامعية في جامعة خارج المملكة بعد أن نجحت بامتياز في امتحانات اللغة الانكليزية.

وهذا ما جعل عائلتها تتقبّل فكرة الدراسة في الخارج بعيداّ عن أهلها. وسمحت لها علاماتها الدراسية بالتقديم للدراسة في جامعات في كندا وأستراليا ولولايات المتحدة حيث تمّ قبولها في خمس جامعات.

اخترت الدراسة في كندا لأنها الأفضل في التعليم عالمياً وشهاداتها الجامعية هي الأحسن حسب ما أعرفه.

نقلا عن تنزيل عوض، طالبة في جامعة جزيرة الأمير إدوارد

مركز الرياضة بجامعة جزيرة الأمير إدوارد.
الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjafer

وأوضحت أنّها اختارت الدراسة في جزيرة الأمير إدوارد لأنها تفضل العيش في مدينة صغيرة حيث الإحساس بالأمان أكبر، وفقاً لها.

وبلغ عدد سكان مدينة شارلوت تاون حيث تقيم الطالبة حوالي 39 ألف نسمة، حسب تعداد السكان الذي قامت به وكالة الإحصاء الكندية في 2021.

أمّا عدد سكان جزيرة الأمير إدوارد فقد وصل إلى ما يقرب من 180.00 نسمة في 2024، وفقاً لبيانات حكومة هذه المقاطعة الأطلسية، أصغر المقاطعات الكندية.

تحدّيات البداية

ورغم تمكّنها من اللغة الانكليزية إلّا أنّها واجهت تحدّيات في بداية دراستها في جامعة جزيرة الأمير إدوارد. ’’الصعوبة كانت متعلقة بمستوى اللغة الإنكليزية المتقدّم. كوني نشأت في وسط عربي، واجهت بعض التحديات اللغوية لأستوعب دروسي من رياضيات وعلوم مائة بالمائة‘‘.

لكنّ الاجتهاد والمثابرة مكّناها من تجاوز الصعوبات. ’’الموضوع يتعلّق أيضاً بطريقة المراجعة وكيف تجتهد في الموضوع الذي تريده. صراحة، كانت هناك بعض الصعوبات في الأسابيع الاولى لكنّ الحمد لله تمكّنت من تجاوزها‘‘، كما قالت.

تنزيل عوض (الأولى إلى اليسار)، طالبة سودانية تدرس هندسة الكمبيوتر في جامعة جزيرة الأمير إدوارد. مع اثنتين من صديقاتها الطالبات في نفس الجامعة.
الصورة: Instagram / Tanzeel Awad

وبالنسبة لهذه الطالبة التي تتمتّع بذكاء أعلى من المتوسّط والتي كانت لا تحتاج للعمل كثيراً للحصول على درجات عالية، فإنّ الدراسة في الجامعة فرضت عليها اتخاذ عادات جديدة في المراجعة والمذاكرة.

وتنصح تنزيل عوض الطلاب الدوليين الذين يأتون للدراسة في كندا بعدم الاستسلام عندما يواجهون أوّل صعوبة في الدراسة خاصة في البداية.

معظم الطلبة يخافون عندما يصلون ويفكّرون في العودة والتخلي عن الدراسة. لكنّ لو يقوم الطالب بالجهد المطلوب ويعمل كلّ هو منتظَر منه، فحتماً سينجح.

نقلا عن تنزيل عوض، طالبة في جامعة جزيرة الأمير إدوارد

وذكرت أنّها هي شخصياً مرت بهذه التجربة. وقالت إنّ الكثير من هؤلاء الطلبة المهاجرين ينجحون في دراستهم ويتخرّجون ويجدون عملا. ’’الموضع ليس بالصعوبة التي يتخيلّها البعض.‘‘

الحق في العمل

وحسب القانون الكندي، يُسمح للطلبة الدوليين العمل لمدّة أقصاها 24 ساعة في الأسبوع. وهذا ما سمح للطالبة السودانية في البحث عن عمل في مطعم مختص في المطبخ اللبناني في وسط مدينة شارلوت تاون.

وتقول إنها لم تبحث عن عمل في السنة الأولى من دراستها الجامعية وكانت تسخّر كلّ وقتها للتحصيل العلمي. لكنّ مع بداية السنة الثانية من دراستها، قرّرت البحث عن عمل ’’ليس للحصول على المال، لكنّ أساساً لكي تكون لي تجربة عمل في كندا‘‘، كما أكّدت.

وبدأت العمل في مطعم ’’شادي‘‘ الذي أسسه ولازال يديره اللبناني الكندي جوزيف سمّون منذ 1991.

مطعم ’’شادي‘‘ اللبناني في شارلوت تاون، عاصمة جزيرة الأمير إدوارد.
الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjafer

وللتوفيق بين الدراسة والعمل، اختارت كلّ ساعات عملها في نهاية الأسبوع كي تتفرّغ للدراسة خلال أيام الاسبوع الأخرى، كما ذكرت في حديثها مع راديو كندا الدولي. ’’أنهي كلّ واجباتي الدراسية خلال الأسبوع وأترك نهاية الأسبوع لأرتاح من الدراسة.‘‘

واستطاعت الطالبة أن تكوّن صداقات مع طالبات أخريات من جنسيات مختلفة من المغرب والمملكة العربية السعودية ونيبال والهند وغيرها منذ أول يوم في الجامعة. وتستقبل جامعة جزيرة الأمير إدوارد ما يقارب 2.000 من الطلاب الدوليين.

تحديات الاندماج

وتقول تنزيل عوض إنها لم تكن متعوّدة في بداية حياتها في المقاطعة على الأعياد مثل عيد الميلاد. ’’كان الأمر صعباً عليّ نوعاً ما حينما قضيت عيدي الأضحى والفطر بعيداً عن العائلة وعن الأحباب.‘‘، كما قالت مضيفة أن المرء يتعوّد على حياته الجديدة مع الوقت.

وعن نظرة المجتمع الكندي لها كونها فتاة من أصول إفريقية، تقول الطالبة : ’’أبدا لم أواجه العنصرية. بالعكس لم ألاق إلّا الثناء والمدح‘‘.

وعن المستقبل، تنوي تنزيل عوض مواصلة دراستها في كندا. ’’حلمي أن أبقى في كندا بعد البكالوريوس وأحصل على شهادة الماستر والدكتوراه.‘‘

وإن بدأت مشوارها في أقصى الشرق الكندي في جزيرة الأمير إدوارد، من المرجّح أنها ستواصله، حسب ما قالت، في أقصى الغرب الكندي في مدينة فانكوفر في مقاطعة بريتيش كولومبيا.