ثقافة و فنونعربي “جثة متنقلة” كوميديا سوداء بنكهة عبثية لبنانية by admin 26 أكتوبر، 2021 written by admin 26 أكتوبر، 2021 19 ديمتري ملكي كاتباً وممثلاً دور الميت الذي يرفض مغادرة هذا العالم اندبندنت عربية \ كاتيا الطويل @katiatawil في عمل مسرحي لا يتخطى الساعة الواحدة، يظهر الممثلان اللبنانيان ديمتري ملكي وشادي غازي على خشبة المسرح ليؤديا معاً مغامرة وجودية غير متوقعة بتاتاً. ففي مسرحية “جثة متنقلة” (نص ديمتري ملكي، وإخراج شادي الهبر)، قضية معقدة، وأحداث أقل ما يقال فيها إنها غير ممكنة الوقوع تدور في بيروت في الزمن الحاضر، وبطلها رجل ميت ترفض جثته مغادرة الأرض. قصة غريبة، كوميدية سوداء، بطلها شاب توفي ليلة رأس سنة 1982، وهو في التاسعة عشرة من عمره، لكنه مات من دون أن توافق جثته على ذلك تماماً، فعاد من عالم الأموات ليهيم على وجه هذه البسيطة محاولاً إيجاد مخرج من المأزق الذي وقع فيه رغماً عنه. وتروح أحداث القصة ترافق البطل في مغامراته، مغامرات رجل ميت يعجز عن الموت تماماً، ويبحث عن طريقة للانتقال إلى “الضفة الأخرى”، إنما لا تنفك جثته تعود به إلى الأرض. وبين حلول غريبة ساخرة وحلول اجتماعية شائعة، كوميديا سوداء تلامس موضوع الموت والدفن والغياب والعائلة والعادات والتقاليد والأفكار الشعبية المتداولة، إنما معتمدة منحى غرائبياً ظريفاً. المسرحية اللبنانية من إخراج شادي الهبر (الخدمة الإعلامية) ويعارض هذا العمل المسرحي بحبكته الأساسية المفهوم الفلسفي الكلاسيكي للموت في كونه انفصال الروح عن الجسد وانعزال كل منهما عن الآخر، فجاءت جثة بطل ديمتري ملكي لتدحض هذا المفهوم وتترك الجسد والروح مجموعين بعد الموت في تركيبة هزلية عبثية، فما العمل لتعود الجثة إلى عالم الأموات؟ ما الحل ليلتقي الشاب الميت بالموتى الآخرين، ويبقى إلى جانبهم في العالم الآخر بشكل قاطع ونهائي؟ “مسرح شغل بيت” تدخل مسرحية “جثة متنقلة” ضمن مشروع “مسرح شغل بيت”، وهو مشروع يشبه ما يمكن تسميته محترف تمثيل، أو مجموعة ورش عمل تقدم تمارين على التمثيل، وهو من تأسيس شادي الهبر وزميلته مايا السبعلي، اللذين تخرّجا معاً في مدرسة الراحل منير أبو دبس المسرحية في الفريكة. ومنير أبو دبس الذي توفي عام 2016 عن عمر يناهز 88 عاماً، هو طبعاً مؤسس مدرسة المسرح الحديث (1960)، أول مدرسة مسرح في لبنان. وفي حديث لنا مع شادي الهبر حول مشروع “مسرح شغل بيت” يقول: “بدأ مشروع “مسرح شغل بيت” عام 2016، وهو عبارة عن بيت في منطقة فرن الشباك حولناه إلى مسرح يحتضن ورش عمل وتمارين مسرحية وتدريبات لممثلين وهواة مسرح يرغبون في الدخول في مساحة الحرية التي يمنحها هذا الفن. إن الهدف من هذا المشروع هو تأهيل ممثلين محترفين، وذلك على عدة مستويات. فهناك ممثلون هواة يتمرنون ضمن المستويات التدريبية، وهناك الممثلون الذين ينضمون إلى فرقتنا الثابتة التي تقوم بعروضات وتقدم مسرحيات. وقد صار اليوم في رصيدنا ما يزيد على عشر مسرحيات، منها مثلاً “درج”، أو “أفيون”، أو “نارسيس”، وغيرها”. ويضيف الهبر متحدثاً عن معايير انضمام أفراد جدد إلى عائلة “مسرح شغل بيت”: “نحن مجموعة تتشكل من أفراد يجتمعون حول حب المسرح، التحديات كبيرة، فالدولة اللبنانية تركت المسرح وأهله والجمهور كذلك، ليبقى لنا الشغف والإصرار وحدهما ليغذيا عملنا ومجهودنا. لقد دخل نحو مئة شخص في ورشنا وفي برنامجنا لتأهيل ممثلين، منهم من أراد الانضمام إلى فرقتنا الثابتة التي تؤدي مسرحيات، ومنهم من دخل مشروعنا بهدف إضافة عنصر الجديد والمختلف إلى حياته فقط. لكل أهدافه الشخصية، إنما حب التمثيل والمسرح هو القاسم المشترك الأول والأساسي”. مغامرات الجثة جو مسرحي عبثي وفانتازي (الخدمة الإعلامية) بالإضافة إلى النص الطريف الساخر، يكتشف الجمهور قدرات تمثيلية متماسكة ومتقنة ومهارة جميلة في التأدية. فيقدم ديمتري ملكي وشادي غازي أداءً رائعاً متقناً مقنعاً، يمنح النص المزيد من الزخم والكوميديا. فملكي الممسك بزمام شخصيته بتقنية عالية، هو سليل التخصص الأكاديمي والخبرة الطويلة في المسرح، يقدم المغامرات التي تعيشها الجثة بمهارة عالية. فأمام من يريد إرسال الجثة إلى كندا، وأمام من يحاول إيجاد وظيفة لها، تمثيل مفعم بثراء تعابير الوجه وقوة حركات الجسد، بالإضافة إلى التنقل الخفيف السلس على المسرح، ما يضاعف تفاعل الجمهور مع القصة. أما شادي غازي الممثل الشاب الذي تقصد الالتباس بين أن يكون الجثة في عمر الشباب أو ملاك الموت أو حتى ملاك الخلاص، فيقدم أداءً رائعاً يعزز سطوة النص على الجمهور أكان بصمته أم أيضاً بمشيته الخشبية الحازمة التي تترافق أحياناً مع طرقات قوية على خشبة المسرح أو خشب التابوت. ويرافق هذا الأداء المميز ديكور جنائزي سوداوي صاعق. فالشموع موجودة، والورد، والتابوت، والمذبح، والتراتيل الكنسية، واللون البنفسجي المرادف للموت في الطقوس المسيحية. جميعها متكاتفة متآلفة لمنح الجمهور شعوراً عميقاً بالموت: الموضوع الأساس والبر الذي تعجز الجثة عن بلوغه. “جثة متنقلة” مسرحية كوميدية ساخرة، تقدم قصة جثة عاجزة عن دخول ملكوت الموت في إطار جنائزي سوداوي ثاقب وظريف ممزوج بأداء تمثيلي محترف ومتقن. المزيد عن: مسرحية\مسرح لبناني\الموت\الحياة\كوميديا سوداء\عبثية\سخرية\إخراج\نص مسرحي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post شيرين سامي تتأمل العلاقة الشائكة بين الرجل والمرأة next post يوم ودع غونتر غراس قراءه والعالم بنصوص تتصالح مع الحياة You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.