ثقافة و فنونعربي تعرفوا إلى القصة الحقيقية الاستثنائية الملهمة لفيلم “تتريس” by admin 8 أبريل، 2023 written by admin 8 أبريل، 2023 24 غورباتشوف ونينتندو وروبرت ماكسويل: جميعهم لهم صلة بصنع لعبة فيديو رائعة ببساطتها ملأت أوقات فراغنا لمدة أربعة عقود. بالتزامن مع إصدار فيلم السيرة الذاتية “تتريس” على منصة “أبل تي في بلس”، نتحدث إلى المخترع والممثل اندبندنت عربية \ جيمس موترام ما زالت “تتريس” Tetris، بمكعباتها الملونة المتساقطة من أعلى الشاشة حيث يهرع اللاعبون إلى التقاطها ويحاولون متحمسين تركيبها بشكل متناسق، واحدة من أكثر ألعاب الفيديو في العالم الرائعة ببساطتها، حتى في يومنها هذا بعد 39 عاماً من ابتكارها. لكن كثيرين لا يعرفون القصة وراء اللعبة. عندما سمع المخرج جون إس بيرد (مخرج فيلم “ستان وأولي” Stan & Ollie والمعالجة السينمائية لرواية “قذارة” Filth للكاتب إرفين ويلش) القصة الحقيقية للمرة الأولى، بعد قراءة سيناريو “تتريس” الذي سيصبح فيلمه الجديد على شبكة “أبل تي في بلس”، أصيب بالدهشة وقال: “فكرت ’هل هذا صحيح حقاً؟ واو، هذا جنوني!‘”. لا تكفي كلمة جنوني حتى لوصف القصة التي تربط بين المكتب السياسي السوفياتي، وقطب الإعلام الراحل روبرت ماكسويل (لمن لا يعلم، إنه والد غيلَين ماكسويل التي وجهت إليها تهمة إغواء قاصرين واستغلال أطفال للاتجار بالجنس لمصلحة جيفري إبستاين)، وإطلاق شركة نينتندو جهاز “غيم بوي” الأيقوني – حيث سارعت أطراف عدة مهتمة للحصول على حقوق الملكية الفكرية لـ”تتريس”. اسم اللعبة التي اخترعها المبرمج الروسي أليكسي باجيتنوف عام 1984، جاء نتيجة الجمع بين كلمة “تترا” (التي تعني باللاتينية “أربعة”، في إشارة إلى المربعات التي تظهر على الشاشة في مجموعات مكونة من أربع) وكلمة “تنس” (إحدى الرياضات المفضلة لدى باجيتنوف). تدريجاً، شق هذا الاختراع الجديد الجهنمي طريقه إلى عرض مستهلكي الإلكترونيات في لاس فيغاس، وجذب انتباه رجل أعمال أميركي ومصمم ألعاب سابق يدعى هينك روجرز الذي غامر بكل شيء من أجل الحصول على حقوق الملكية العالمية للعبة. في الفيلم، يجسد شخصية روجرز النجم البريطاني تارون إيجرتن (بطل فيلم “روكيتمان” Rocketman وسلسلة أفلام “كينغزمان” Kingsman)، بينما يقوم الممثل الروسي نيكيتا يفريموف بدور باجيتنوف. مثله مثل المخرج بيرد، بالكاد صدق إيجرتن القصة. يقول: “كنت شديد الحرص على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي وما هو بهرجة هوليوودية… لقد دهشت نوعاً ما عندما علمت أن قسطاً كبيراً من القصة حدث بالفعل. لا سيما الموقف الشجاع جداً لشخصيتي كي يذهب إلى ذلك الجزء من العالم ويحاول تأمين حقوق الملكية الفكرية للعبة فيديو”. بموجب قانون حقوق التأليف والنشر، كانت الدولة أيام الاتحاد السوفياتي تحتكر الواردات والصادرات. وبالطبع لم يسمح للباحثين السوفيات – كان باجيتنوف يعمل في أكاديمية العلوم السوفياتية في ذلك الوقت – بالتربح من إبداعاتهم. لكن روجرز ذهب إلى موسكو من دون أي مستندات أو مقدمات رسمية للتفاوض مع شركة “إيلورغ” المملوكة للدولة التي تتعامل مع استيراد وتصدير أجهزة الكمبيوتر. يقول لي اليوم: “نظرت إلى الأمر على أنه لعبة مغامرة… هكذا أراه عندما أتذكر ما حدث. كان من الممكن أن أنعطف نحو المسار الخاطئ في أي مرحلة وأسقط في الهاوية”. وصل روجرز إلى روسيا بتأشيرة سياحية فقط. يقول: “لم أكن أعرف ما إذا كنت سأجد نفسي في معسكر اعتقال سوفياتي في النهاية، أو ما إذا كانوا سيسمحون لي بالدخول. كنت سمكة خارج الماء. لم يسبق لي الذهاب إلى بلد شيوعي. لم أكن خلف الستار الحديدي من قبل. ببساطة، لم أكن أعرف ما الذي كنت أفعله. وكان هذا الجزء من التجربة مثيراً حقاً”. كانت موسكو في منتصف الثمانينيات بيئة معادية للأشخاص الرأسماليين أمثال روجرز. يقول إيجرتن: “يمكنك إدراك لماذا قد يكون هذا مؤذياً، بالنظر إلى الطرق المختلفة التي ترى بها تلك الفصائل المنفصلة العالم”. وجد روجرز روسيا عند زيارتها “مكاناً غريباً جداً… لم يبتسم أحد في وجهي تقريباً”. الشخص الوحيد الذي تمكن من رؤية ابتسامته في النهاية كان باجيتنوف الذي ارتاحت له نفسه. يقول باجيتنوف اليوم: “لم يكن المغامر الأول الساعي وراء تتريس في ذلك الوقت… لكن عندما علمت أنه مصمم ألعاب أيضاً، غيّر ذلك كل شيء في داخلي على الفور، لأنه كان أول زميل أقابله في حياتي – لم يكن هناك مصممو ألعاب في الاتحاد السوفياتي حينها”. حتى إنهما تعاونا على تطوير اللعبة معاً. كان لروجرز دور فاعل في تحقيق اللاعب نتيجة أعلى إذا تمكن من ترتيب المكعبات بطريقة تؤدي إلى إكمال خط واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة. كان الشكل الأصلي للعبة البسيط بشكل واضح أمراً مفهوماً. يوضح باجيتنوف الذي لم ير أي جهاز ألعاب فيديو محمول في حياته: “صممت تتريس الأصلية خصيصاً لأجهزة الكمبيوتر”. من ناحية أخرى، كان روجرز أخذ لمحة سريعة عن المنتج الثوري الجديد الذي تطرحه نينتندو: غيم بوي. بعدما أقنع روجرز كبار المسؤولين في نينتندو بضرورة تحميل تتريس على الأجهزة المحمولة الجديدة، تبين أن الخطوة كانت البوابة التي أوصلت اللعبة إلى أيدي ملايين المستهلكين. في النهاية، كوّن باجيتنوف وروجرز شركة “تتريس” عام 1996 التي تدير حقوق الملكية الفكرية العالمية للعبة التي وصلت مبيعاتها حتى الآن إلى نصف مليار وحدة، مما يجعلها واحدة من الألعاب الأكثر مبيعاً على الإطلاق. لكن في ذلك الوقت، واجه روجرز منافسة شديدة على حقوق الملكية – ليس أخفها من قبل روبرت ماكسويل من خلال فريق ألعاب الكمبيوتر الخاص به ميرورسوفت. يجسده في الفيلم روجر ألّام، ونشاهده يصرخ كطاغية مغرور ويدعي أنه صديق للزعيم السوفياتي آنذاك ميخائيل غورباتشوف. يؤكد روجرز: “تم تصوير روبرت ماكسويل إلى حد كبير كما كان في الحياة الواقعية… شعرنا بالتضييق الذي كان يمارسه في موسكو”. في حين كان ماكسويل يحاول الاعتماد على غورباتشوف لإلغاء عقد إيلورغ مع نينتندو، كان في طريقه إلى الانهيار التام في النهاية. كما نرى في الفيلم، تراكمت عليه ديون تزيد على 5 مليارات دولار – وهذا يعني في الواقع أنه لم يكن يمتلك المال الكافي لشراء “تتريس”. بدلاً من ذلك، سرق 900 مليون دولار من صناديق التقاعد التابعة لشركاته، قبل وقت قصير من وفاته في ظروف غامضة على متن يخت فاخر في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1991. يتساءل إيجرتن: “هل أعتبره الشخص الشرير في الحكاية؟… أعني، بالتأكيد تم تصويره على أنه ليس شخصاً كامل الخلق. لكن في المقابل، الجميع في الفيلم… كلهم يتصرفون بدافع المصلحة الذاتية نوعاً ما”. بالطبع، لم تكن آلة ماكسويل الإمبراطورية الوحيدة التي تنهار. في ذلك الوقت، كان برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي أطلقه غورباتشوف “البيريسترويكا” سارياً، ويتبع سياسة اللامركزية في صنع القرار الاقتصادي لتحسين الكفاءة. لمعت شركة “تتريس” في ظل هذا التحول، إذ كانت رمزاً للانفتاح الجديد بين الشرق والغرب. يقول روجرز: “تلقى كل هؤلاء الأشخاص في المناصب الأدنى تعليمات من غورباتشوف للقيام بأعمال تجارية فعلاً وكسب المال وفعل الشيء الصحيح بدلاً من مجرد الانحناء للضغط السياسي… لو ذهبت إلى هناك قبل عام، لا أعتقد بأنني كنت سأستطيع القيام بذلك. لكنني حضرت في الوقت المناسب. بالضبط لما كان الاتحاد السوفياتي يتحول إلى شيء آخر”. كوّن روجرز وباجيتنوف عام 1996 شركة “تتريس” التي تدير حقوق الملكية الفكرية العالمية للعبة التي وصلت مبيعاتها حتى الآن إلى نصف مليار وحدة (غيتي) كان العنوان الأصلي لفيلم بيرد هو “المكعبات المتساقطة” – في إشارة واضحة إلى اللعبة نفسها إضافة إلى انهيار الإمبراطورية السوفياتية عام 1991، بحيث ابتعدت دول الكتلة الشرقية عن الحكم المركزي. هذا الجانب من القصة جذب بيرد الذي درس السياسة والعلاقات الدولية في جامعة أبردين وعاش تلك الحقبة. يقول: “كانت فترة مخيفة للغاية بالنسبة لي عندما كنت مراهقاً – أتذكر أنني رأيت [الرئيس الأميركي رونالد] ريغان وغورباتشوف في هاتين القمتين في ريكيافيك… لكن قبل ذلك، في ظل [قيادة الزعيمين الروسيين ليونيد] بريجنيف و[نيكيتا] خروتشوف، كانت الأمور متوترة حقاً”. لهذا السبب يشعر بيرد بأن فيلمه يأتي في الوقت المناسب الآن، بالنظر إلى الوضع في أوكرانيا. يقول: “بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يتذكرون سقوط الاتحاد السوفياتي والذين ما زالوا صغاراً جداً… وبسبب هذا الصراع الرهيب في أوكرانيا، سيأخذون فكرة عن مدى قسوة العلاقات التي كانت تربط بين الشرق والغرب وإمكانية اندلاع حرب كاملة… لقد عايشنا ذلك، وللمفارقة، أعتقد بأن لدى الأطفال الآن فكرة أوضح عما كانت عليه الحال في ذلك الوقت من خلال هذه الحرب الرهيبة”. مع ذلك، يبقى السؤال: ما مدى الدقة التي يتعامل بها الفيلم مع القصة الحقيقية؟ يعترف باجيتنوف أنه عندما قرأ النص للمرة الأولى، شعر بأنه “فيلم حركة” – حتى إن بيرد يقر بأن تسلسل مشاهد المطاردة بالسيارة الأخير عبر موسكو، حيث كان روجرز في سباق للوصول إلى المطار، كان تنميقاً إضافياً بالكامل. لكن الغاية الأهم بالنسبة إلى روجرز كانت ضمان بقاء “مهمته المستحيلة” في موسكو على حالها. يقول: “لم أرد أن تضيع ضمن البهرجة الهوليوودية للفيلم. كان هذا أكثر ما يقلقني. [ظللت أقول لنفسي] ’أتمنى ألا يفسد أحدهم القصة‘. ولم يفعلوا ذلك إطلاقاً”. إنه أمر مفهوم، بالنظر إلى مدى أهمية هذه اللعبة لكليهما. يقول باجيتنوف: “ما زلت أعتني بطفلتي، بلعبتي، بـ تتريس”، بينما يطالبه المعجبون دائماً بتوقيع أشرطة “تتريس” القديمة التي كانوا يستخدمونها للعب بواسطة أجهزة نينتندو الكلاسيكية. بالنسبة إلى الفيلم، لدى روجرز أمنية واحدة. يقول: “ما آمل في أن يدركه الناس من العمل هو أن الصداقة تتجاوز الأنظمة السياسية… إنها تتجاوز كل شيء. الاتحاد السوفياتي كله، الولايات المتحدة بأكملها، الحرب الباردة برمتها… فليذهبوا جميعاً إلى الجحيم لأننا صديقان”. يعرض فيلم “تتريس” حالياً في عدد محدد من صالات السينما ويتوافر للمشاهدة على منصة “أبل تي في بلس”. © The Independent المزيد عن: ألعاب إلكترونية\ألعاب الفيديو\ألعاب الفيديو للخليوي\نينتندو\آبل تي في\السيرة الذاتية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “بيت جوزفين بيكر”: تحفة المعماري لوس التي لم تر النور next post “خط ساخن” و”درون” إسرائيلية لمراقبة البناء الفلسطيني You may also like ثقافة “الهاليو”… قوة كوريا الجنوبية الناعمة التي اجتاحت... 30 نوفمبر، 2024 عودة غودار من منفاه النهائي احتجاجا على كارثة... 30 نوفمبر، 2024 مقولة النصر والهزيمة في ضوء الفلسفة والنقد التاريخي 30 نوفمبر، 2024 كتّاب المرحلة الروسية الفضّية في “زهرة تحتَ القدَم” 30 نوفمبر، 2024 مستقبل مقاومة هوليوود الليبرالية بوجه ترمب 29 نوفمبر، 2024 نظرية فوكوياما عن “نهاية التاريخ” تسقط في غزة 29 نوفمبر، 2024 لماذا لا يعرف محبو فان غوخ سوى القليل... 29 نوفمبر، 2024 جائزة الكتاب النمساوي لرواية جريمة وديوان شعر ذاتي 29 نوفمبر، 2024 طفولة وبساطة مدهشة في لوحات العراقي وضاح مهدي 29 نوفمبر، 2024 استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024