بيل غيتس ينظر إلى شريكه المستقبلي في شركة "مايكروسوفت" بول ألين إذ يستخدم جهاز التيليتايب في صورة من الكتاب السنوي لمدرسة "ليكسايد" (1969-1970) (مدرسة ليكسايد) بأقلامهم بيل غيتس: العلاج النفسي في طفولتي غير حياتي by admin 5 فبراير، 2025 written by admin 5 فبراير، 2025 20 في مقتطف تنشره “اندبندنت” حصرياً من مذكراته الجديدة “سورس كود”، يتحدث بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة “مايكروسوفت” والناشط في الأعمال الخيرية، عن تجربته مع العلاج النفسي عندما كان صبياً صغيراً، ويكشف عن التأثير العميق الذي تركته في حياته ونموه الشخصي اندبندنت عربية / بيل غيتس منذ بلوغه العاشرة من عمره، كان بيل غيتس يتمتع بقدرات فكرية ناضجة ومتقدمة تجاوزت المعتاد لدى أقرانه، وكان يعاند أمه ووالده ويدخل في جدالات معهما، لا سيما والدته. يتذكر أنه قال لها ذات يوم: “أنا أفكر. ألا تفكرين أبداً؟ الأجدر بك أن تجربي التفكير في وقت ما!”. واليوم، يقول إنه لو نشأ في المجتمع الحالي لكان الأطباء شخصوا إصابته بـ”اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه” (“أي دي أتش دي”ADHD ) وطيف التوحد، ولكن في أيام طفولته لم يكن مثل هذا التشخيص معروفاً بعد. في المقتطف التالي المأخوذ من مذكراته الأخيرة المعنونة “سورس كود” (شيفرة المصدر) Source Code، يتذكر غيتس الجلسات العلاجية التي خضع لها مع الاختصاصي الاجتماعي، الدكتور تشارلز كريسي: “أنا في حال حرب مع والدي”، قلت للدكتور كريسي. في صباح كل سبت، كنت أذهب برفقة أمي وأبي إلى منزل فيكتوري الطراز، ذهبي اللون، يقع على مقربة من مطعم “جاك إن ذا بوكس” في منطقة “جامعة سياتل”. عندما نبلغ وجهتنا، كنت أدخل بمفردي وأجلس في غرفة الاستقبال ريثما يحين موعد جلستي، فيما كان الدكتور كريسي ينتهي من جلساته مع عملاء آخرين. وإذ أنا أنتظر، كنت أسمع عبر الجدران الجسية التي تفصل بين الغرف أصوات محادثات مليئة بالتوتر والقلق بين أزواج يحاولون إيجاد حلول لمشاكلهم الزوجية. في زيارتي الأولى، تساءلت في نفسي مستغرباً: يعاني هؤلاء الناس مشكلات حقيقية، فماذا أنا فاعل هنا؟ في جلساتنا، كنا نجلس أنا والدكتور كريسي على كرسيين بجانب نافذة كبيرة ذات إطلالة واسعة تدخل منها أشعة الشمس الدافئة، ونروح نتحدث طوال [نحو] ساعة من الوقت، أكثر أو أقل. بدا أن مساحته مصممة عمداً لتهدئة الصدور، كانت أشبه بغرفة معيشة مريحة خلافاً للصورة الموجودة في مخيلتي عن مكتب المعالج النفسي. كانت النافذة تطل على حديقة تنتصب فيها شجرة كبيرة تزين أغصانها زهور بيضاء في أيام الربيع. قلما يلقى المرء شخصاً يتسم مثله باللطف الشديد والتعاطف، ويملك القدرة على فهم مشاعر الآخرين وكسر الحواجز بينه وبينهم. كان يملك أسلوباً خاصاً في التعامل مع الآخرين، شجعني على فتح قلبي والتحدث بحرية، وكان يطرح عليّ أسئلة ذكية وثاقبة حول أسبوعي، وأموري في المدرسة، وطريقة تعاملي مع المواقف والتحديات التي تواجهني في علاقتي مع أمي. في العادة، كنت أرفض التفاعل مع هذا النوع من الأسئلة ولا أجيب عنها. ولكن الدكتور كان يظهر اهتماماً صادقاً وحقيقياً بكلماتي بدلاً من توجيهي إلى درس من نوع ما، أو أمر يريد مني أن أفعله. وكان هو نفسه شخصاً لديه أفكار وسمات وآراء تجعل الحديث معه شيقاً وممتعاً. قبل حصوله على شهادته في العمل الاجتماعي، كان الدكتور كريسي طياراً مقاتلاً في الحرب العالمية الثانية، وكان اشتغل لفترة مسؤول مبيعات في شركة أدوية، جمع خلالها مبلغاً من المال مكنه من البدء في ممارسة الاستشارات النفسية. نادراً ما كان يشارك مثل هذه التفاصيل الشخصية مع الآخرين. ولم يتحدث كثيراً عن نفسه. في المقابل، كان يصب تركيزه على شخصي. كل ما كان يفعله طرح أسئلته. لم يخبرني قط كيف علي أن أفكر، أو ما إذا كنت على صواب أو خطأ. “ستحقق النجاح”، كان يطمئنني من دون أن يقدم مزيداً من الشرح أو التوضيح. عندما فكرت في سلوكه معي لاحقاً، أدركت أنه كان يوجهني لأكتشف بنفسي استنتاجاتي الخاصة [الحلول والأفكار] بدلاً من إملاء الإجابات عليّ. كان طالباً شغوفاً في مجاله، يقرأ الكتب باستمرار حول علم النفس والعلاج بحثاً عن أفكار ومفاهيم جديدة يمكنه تضمينها وتطبيقها في تقديم العلاجات والاستشارات. شاركني كثيراً من هذه الكتب، وكلفني بقراءة أعمال [عالم النفس السويسري ومؤسس علم النفس التحليلي كارل] يونغ أو [الطبيب النمساوي الأشهر في علم النفس والأعصاب سيغموند] فرويد وغيرهما من الخبراء، ثم كنا نناقش الموضوعات معاً. لقد أثار فضولي ودهشتي وجود أشخاص يبذلون جهدهم من أجل فهم الدماغ البشري وسلوكه. ومن خلال محادثاتنا، بدأت أدرك صواب أفكار الدكتور كريسي: كان مقدراً لي أن أفوز في حربي المتخيلة التي كنت أعتقد أني أخوضها مع والدي. وسنة تلو أخرى، كنت أنحو أكثر نحو الاستقلالية. ومع مرور الوقت، أصبحت قادراً في مرحلة ما على الاعتماد على نفسي والعيش بمفردي. ودائماً، آنذاك وفي المستقبل، بقي حب أبي وأمي لي ثابتاً ومستمراً. كم كان ذلك رائعاً بالنسبة إلي؟ أن أربح الحرب وفي الوقت عينه من دون خسارة حبهما أبداً. ومن دون أن يوجهني بطريقة محددة أو يقدم لي حلولاً جاهزة، ساعدني الدكتور كريسي على رؤية ما يلي: أولاً، كان والداي يكنان لي الحب فعلاً؛ ثانياً، لن أبقى تحت سقفهما إلى الأبد؛ ثالثاً، إنهما في الواقع حليفان لي في ما يتعلق بالأمور المهمة حقاً في الحياة؛ رابعاً، كان من السخف وغير المنطقي أن أعتقد أنهما قد ارتكبا أي خطأ في حقي. هكذا، بدلاً من إهدار طاقتي في محاربة أمي وأبي، كان علي أن أوجه طاقاتي إلى اكتساب المهارات التي سأحتاج إليها في العالم الخارجي. لاحقاً، علمت أن الدكتور كريسي كابد طفولة صعبة مليئة بإساءة جسدية تركت في نفسه غضباً كبيراً. ولكنه بعد انتهاء الحرب اتخذ قرار التخفف من الغضب وتكريس حياته لنشر الحب، وفق توصيفه. كان يعلم لا ريب أن مشاكلي كانت بسيطة مقارنة مع التجارب القاسية التي قاساها طفلاً، وبالتأكيد مقارنة مع معاناة الكثير من عملائه الآخرين. ومع ذلك، لم يقلل أبداً من أهمية المشاعر والصعوبات التي كنت أتخبط فيها. “أنت طفل محظوظ”، قال لي ذات مرة. كنت غارقاً في النظر إلى الخارج من خلف زجاج النافذة الواسعة، ولم أرد بأي كلمة، ولكنني عرفت [في أعماقي] أنه كان محقاً. كتاب “شيفرة المصدر: بداياتي” Source Code: My Beginnings لبيل غيتس صدر عن دار النشر البريطانية “آلن لين” Allen Lane في المملكة المتحدة، ودار النشر الأميركية “كنوف” Knopf في الولايات المتحدة في 4 فبراير (شباط) الجاري. © The Independent المزيد عن: علاج نفسيالحرب العالمية الثانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أسلحة الذكاء الاصطناعي تدعم محاربي السرطان next post “خطيبة للبيع” أوبرا هزلية تشيكية تحولت إلى رمز قومي You may also like منير الربيع يكتب عن: ترامب ونتنياهو.. “توسيع” إسرائيل... 5 فبراير، 2025 منير الربيع يكتب عن: هدفان مفروضان دولياً.. “تعاون”... 4 فبراير، 2025 حازم صاغيّة يكتب عن: لـبـنـان لـقـمـان سليم ولـبـنـان... 4 فبراير، 2025 طارق الشامي يكتب عن: أوراق ترمب وحدود مقاومة... 3 فبراير، 2025 ماجد كيالي يكتب عن: من “انتصارات” الأنظمة إلى... 3 فبراير، 2025 ألكسندر دوغين يكتب عن: “الترمبية” قد تهز العالم 3 فبراير، 2025 غسان شربل يكتب عن: الشرع والموعد السعودي 3 فبراير، 2025 حازم صاغية يكتب… عن الحشود التي تكسر القلب... 2 فبراير، 2025 أحمد مصطفى يكتب عن: خطط الصين للرد الانتقامي... 1 فبراير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: حين يصبح التحرير تهجيراً... 31 يناير، 2025