بيت هيغسيث اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترمب، ليشغل منصب وزير الدفاع الأميركي الجديد في ولايته الثانية (أ ف ب) عرب وعالم بيت هيغسيث… “جنرال البنتاغون” التلفزيوني by admin 23 فبراير، 2025 written by admin 23 فبراير، 2025 28 لماذا يخشى الأميركيون “رجل الوشومات”؟ وهل هو رهان اليمين في الولايات المتحدة؟ اندبندنت عربية في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ظهر عبر شبكة “إكس” إعلان يظهر فيه رجل وامرأة على خشبة المسرح ممسكين بميكرفونات، وفي الخلفية علم أميركي كبير. الرجل يرتدي بدلة زرقاء وربطة عنق صفراء، وخلفها وسط ضجيج الموسيقى الهادرة لوحة معلقة مكتوب عليها “لنجعل أميركا قاتلة مرة أخرى”. لم يكن الرجل سوى المذيع الأميركي والمؤلف بيتر هيغسيث أو بيت هيغسيث الذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترمب، ليشغل منصب وزير الدفاع الأميركي الجديد في ولايته الثانية. فارق شاسع بين الجنرال لويد أوستن “جنرال الحروب والأربع نجوم”، وبين هيغسيث، على رغم علاقته بالحرب كمقاتل، والتساؤل: هل يمكن لهذا الشاب القادم من عالم الإعلام أن يقود أكبر مؤسسة عسكرية في العالم، وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”؟ مثل ظهور هيغسيث في إعلان “إكس” دلالة مهمة للغاية، إذ حمل معاني تشير إلى أن الجيش الذي سيرثه ضعيف للغاية بحيث لا يستطيع صد روسيا، وأقل قوة لدرجة لا تسمح له بإخافة الصين. ترمب يجري مقابلة مع هيغسيث، مقدم برنامج “فوكس آند فريندز”، في البيت الأبيض، السادس من أبريل 2017 (رويترز) والمعروف أن كل وزير دفاع يدخل “البنتاغون” يحمل عادة قائمة من الأهداف، بعضها أهداف عامة، وبعضها أهداف خاصة، ومنها أهداف شخصية، وهناك ما هو موصول بأهداف شعبوية، غير أنه، وفي كل الأحوال، يقول الأميركيون إن مبنى “البنتاغون” عنيد للغاية، لا سيما مع وجود أجسام مضادة عمرها عقود من الزمن في حالة تأهب قصوى لأي شيء متطرف للغاية. والعادة أن وزراء الدفاع، دائماً ما يكونون في حاجة إلى بضعة أمور لإحداث التغيير، ومن بين هذه الأمور: دعم السلطة التنفيذية ودقة الموازنة. في هذا السياق، لن يعدم هيغسيث دعماً عالياً جداً من إدارة الرئيس ترمب، عطفاً على زخم أكبر من إيلون ماسك، رجل التدقيق في الحسابات والموازنة الأميركية، الذي يحذر دوماً من أن تصل الولايات المتحدة إلى حد الإفلاس يوماً قريباً. غير أن كولين دوبك، وهو زميل غير مقيم في معهد “أميركان إنتربرايز”، يذهب إلى القول “إن التركيز الرئيس الآن ينصب على إذا ما كان هيغسيث يتمتع بالخبرة التنفيذية اللازمة لإصلاح البنتاغون، ذلك أنه في النهاية جهاز بيروقراطي ضخم”. أما الآن وبعد أن تم تأكيد وتثبيت هيغسيث في منصب وزير الدفاع من مجلس الشيوخ، بدأت الأسئلة تتوالى عن شخصه، وما إذا كان هو رجل الساعة لقيادة الجيوش الأميركية في هذا التوقيت العصيب، إذ العالم يكاد أن يشتعل، وبخاصة في ظل صحوة عسكرية صينية، وترسانة نووية روسية تتعاظم يوماً تلو الآخر. على أن هناك نوعاً جديداً من المخاوف في الداخل الأميركي مرجعه طبيعة وشخصية هيغسيث، عطفاً على ميوله التي يراها كثيرون يمينية بدليل الوشوم التي تميز أجزاء مختلفة من جسمه لا سيما ساعداه. من هو هيغسيث الذي يحار فيه الأميركيون ويخشى منه الأوروبيون؟ وهل يحمل بالفعل رؤية انقلابية للـ”ناتو” ضمن عدد من التوجهات والأهداف التي يحملها في قائمته؟ هيغسيث… سياسة وإعلام وعسكرة ولد بيتر رايان هيغسيث في السادس من يونيو (حزيران) عام 1980، أي أنه في الـ45 من عمره، مما يجعله من أصغر وزراء الدفاع الذين مروا على “البنتاغون” في العقود الأخيرة، وكان مولده في مينيابوليس بولاية مينيسوتا. ودرس هيغسيث في جامعة “برينستون” العريقة حيث تخصص في السياسة، ووفقاً لمجلة “الاحتياطي والحرس الوطني”، فقد فضل “برينستون” على الأكاديمية العسكرية الأميركية. في الجامعة حيث درس العلوم السياسية، بدأت الميول الصحافية والإعلامية تتجلى في الآفاق، ونشر في صحيفة “برينستون توري”، وهي صحيفة طلابية محافظة. وقبل أشهر قليلة من أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول) من عام 2001، انضم إلى فيلق تدريب الاحتياط، وفي عام 2003 كلف كضابط مشاة في الحرس الوطني في مينيسوتا، حيث خدم في قاعدة خليج غوانتانامو البحرية، وأرسل إلى العراق وأفغانستان. هناك وشم آخر على كتفه عبارة عن صليب مع سيف، ويشير إلى آية في إنجيل متى تقول “لا تظنوا أني جئت لألقي السلام على الأرض بل السيف”. (صفحة هيغسيث على إنستغرام) وبحلول عام 2006 انتقل إلى مانهاتن، وبدأ العمل في معهد “مانهاتن” لأبحاث السياسات، كما بدأ العمل في منظمة قدامى المحاربين من أجل الحرية في العام نفسه كمدير غير مدفوع الأجر، مما يوضح أن ميوله كانت أيديولوجية عميقة، وأكثر من كونها براغماتية نفعية. وفي الأشهر التي سبقت انتخابات الرئاسة عام 2008 بدأت هذه المؤسسة في تقديم الدعم للمرشح الجمهوري جون ماكين، وبوصفه رئيساً للمجموعة، انتقد سيناتور إلينوي باراك أوباما لدعمه “سياسة خطرة للانسحاب غير القابل للرجوع”. وبعد بضعة أعوام سيجد بيتر طريقه إلى العمل الإعلامي في قناة “فوكس” عام 2014، ومع إطلاق حملة ترمب الأولى في 2016 كان هيغسيث يلعب دوراً متقدماً كمستشار انتخابي إعلامي وسياسي وربما عسكري في الوقت ذاته. وحاز هيغسيث ثقة ترمب بالفعل، مما دفعه لترشيحه لمنصب وزير الدفاع، وكان عليه أن يواجه لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، التي فتشت في دفاتره القديمة، إذ واجه مزاعم بسوء السلوك الجنسي وسوء الإدارة المالية وقضايا الكحول، ناهيك بسلوكه اليميني وتصريحاته الفاقعة في كثير من المحافل، ومخاوف الديمقراطيين الهائلة من هذا كله. غير أنه وفي نهاية الأمر تم تأكيد ترشيحه، وأدلى نائب الرئيس جي دي فانس بصوت فاصل، وهي المرة الثانية في تاريخ الولايات المتحدة التي يقرر فيها نائب الرئيس تأكيد مرشح لمجلس الوزراء بعد بيتسي ديفوس في عام 2017 وزير التربية والتعليم في عهد إدارة ترمب الأولى، ويعد هيغسيث ثاني أصغر شخص يشغل منصب وزير الدفاع، بعد تولي دونالد رامسفيلد المنصب من 1975 إلى 1977 . آراء هيغسيث وتوجهات ترمب الأول هل كان هيغسيث وخلال عمله في قناة “فوكس”، أحد المقربين من الملك ترمب الذين قدر لهم أن يوسوسوا في أذنيه ويملأوا رأسه بكثير من الأفكار ذات التوجه اليميني التي قدر لها أن تتكاثر وتتزايد في ما بعد؟ يبدو أنه كذلك قولاً وفعلاً، فقد تركت تلك الآراء التي عبر عنها في برنامج “فوكس آند فريندز” على صنع سياسات ترمب في إدارته الأولى. على سبيل المثال في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، عندما بدأت قافلة مهاجرين في السفر إلى الولايات المتحدة، ادعى ترمب أن “شرق أوسطيين مجهولين” تسللوا إلى القافلة. الأكثر إثارة للجدل هو النقش الذي على ذراعه Deus Vult بمعنى “الله يريد ذلك” (صفحة هيغسيث على إنستغرام) هل كانت هذه من بنات أفكار ترمب أم من تأثيرات هيغسيث؟ من الواضح أن ترمب تأثر وتالياً استشهد بتعليق أدلى به هيغسيث عبر برنامجه، وذلك على رغم أن الأخير أشار إلى أنه لم يتحقق من صحة بياناته، ويبدو أن هيغسيث نفسه استند في ادعاءاته إلى بيان أدلى به الرئيس الغواتيمالي جيمي موراليس في شأن أسر 100 مقاتل من “داعش” في البلاد. مرة أخرى بدت أفكار وزير الدفاع فاعلة ومؤثرة في ترمب، ففي المفاوضات لتجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية، اقترب الديمقراطيون من التوصل إلى اتفاق حتى حث هيغسيث ترمب على عدم دعم صفقة لا تتضمن 5 مليارات دولار أميركي لجداره الحدودي، ولاحقاً سيكرر ترمب ادعاءات مفادها بأن هيغسيث ربط بين ألعاب الفيديو وحوادث إطلاق النار الجماعي بعد حادثتي إطلاق نار جماعي في إل باسو ودايتون. وفي أغسطس (آب) 2019، ادعى هيغسيث أنه تحدث إلى ترمب في شأن العفو عن مجرمي الحرب كلينت لورانس وماثيو أل جولستين، إضافة إلى عكس خفض رتبة إيدي غالاغر، وبدت صفحة هيغسيث الشخصية مليئة بالحالات من الاضطراب الأمر الذي ينافي حتمية ثباته الانفعالي، كقائد لأكبر وأخطر جيوش العالم. ففي قناة “فوكس”، كان هيغسيث موضوع دعاوى قضائية متعددة. في يونيو 2015 ألقى بفأس أثناء حدث يوم العلم في مدينة نيويورك، فأصاب عن طريق الخطأ عازف طبول من الأكاديمية العسكرية للولايات المتحدة. ولاحقاً تم تداول مقطع فيديو للحادثة على نطاق واسع عبر الإنترنت، زعم عازف الطبول جيف بروسبيري أنه عانى “إصابات شخصية شديدة وخطرة في عقله وجسده”، وآثار دائمة من الألم والإعاقة والتشوه وفقدان الوظائف، ورفع بروسبيري دعوى قضائية ضد هيغسيث بعد ثلاث سنوات. على أن أمراً آخر موصولاً بميوله الدوغمائية، أي انتماؤه الديني اليميني الواضح للجميع، يجعل الجميع يتساءلون “هل إدارة ترمب الثانية يمكن أن تشهد نوعاً من الحروب ذات الأبعاد الماورائية الدينية؟”. وإذا كان ذلك كذلك، فهل الولايات المتحدة الأميركية على موعد حقيقي مع جماعة أشد خطراً من مجموعة رامسفيلد وبوب ولفويتس وريتشارد بيرل، وبقية الذين أحاطوا بالرئيس جورج بوش الابن، من طغمة المحافظين الجدد، الذين دفعوه دفعاً في طريق غزو أفغانستان أول الأول وتالياً قادوه إلى مستنقع العراق وبقية قصة الحرب على الإرهاب. هيغسيث يحاضر في أحد مراكز التدريب في كابول، أفغانستان (ويكيبيديا) الانتماء العقدي اليميني لبيت هيغسيث يتساءل كثيرون في الداخل الأميركي وخارجه “هل الانتماءات العقدية الإيمانية لهيغسيث يمكن أن تؤثر في مساراته السياسية وتوجهاته العسكرية، بوصفه سيد العسكرية الأميركية إن جاز التعبير؟”. في توقيت مواكب لترشيح ترمب لوزير الدفاع الجديد، وكان ذلك في منتصف نوفمبر الماضي، تم تصنيف بيت هيغسيث الماضي في الحرس الوطني ومقدم البرامج في قناة “فوكس نيوز” على أنه “تهديد داخلي” محتمل من أحد زملائه في الخدمة، بسبب الوشم على ذراعه المرتبط بمجموعات التفوق الأبيض. فهل الأمر أكثر من مجرد وشم؟ ثم ما قصة هذا الوشم؟ في عام 1862 زار الملك إدوارد السابع ملك إنجلترا الذي كان آنذاك الأمير ألبرت، القدس، وسجل في مذكراته أن “أحد السكان الأصليين” هو الذي وشم جسده هناك. وبعد 20 عاماً فقط، كرر ابنه الذي أصبح في ما بعد الملك جورج الخامس هذه التجربة، وكتب إلى والدته أن “الرجل العجوز نفسه الذي وشم جسد والده، هو من قام بوشم الشيء نفسه، أي الصليب المقدسي المعروف أيضاً باسم الصليب الصليبي، أي ذاك الذي كان فرسان الفرنجة يوشمون به أجسادهم، ويرفعونه فوق راياتهم خلال أزمنة حروب الفرنجة في القرون 12 و13 ميلادية. وعاد هذا الصليب لدائرة الضوء مرة أخرى حين اكتشف الأميركيون أنه مرسوم على صدر بيت هيغسيث ولم يكن الوشم الوحيد، بأي حال من الأحوال، فلديه أيضاً Chi-Rho، الحرفان الأولان من معنى كلمة المسيح باللغة اليونانية، وأحد أقدم أشكال ما يسمى Christogram. أما الأكثر إثارة للجدل فهو النقش الذي على ذراعه Deus Vult بمعنى “الله يريد ذلك”، وهو تعبير يتردد صداه في صرخات حروب الفرنجة. وعطفاً على ذلك هناك وشم آخر على كتفه عبارة عن صليب مع سيف، ويشير إلى آية في إنجيل متى (أحد رسل السيد المسيح) تقول “لا تظنوا أني جئت لألقي السلام على الأرض بل السيف”، ولعل الأكثر إثارة هو وشم ورسم اسم “يسوع” لكن باللغة العبرية على مرفقه. هل تعني كل هذه الوشوم والرسوم في جسد وزير الدفاع الأميركي الجديد، وما تحمله حكماً في عقله ونفسه من انطباعات أمراً يمكن تجاوزه بسهولة؟ كان الإنترنت سريع الاستجابة لهذه المجموعة من الصور باتهامات تتعلق بأيديولوجية اليمين المتطرف العنيفة داخل أميركا وخارجها، إن لم يكن تفوق العرق الأبيض الصريح. ولعله من الطبيعي أن ينكر وزير الدفاع ما تناولته وسائل الإعلام، مع قيامه بتوجيه إبهامات مضادة لناقديه، مفادها بأنهم من اليسار الديمقراطي الأميركي الموصوف بالإلحاد، عطفاً على كارهي المسيحية في تقديره. وفي حين لا يمكننا أبداً أن نعرف على وجه الدقة أو اليقين النية الحقيقية أو التفسير الفردي للرموز وراء الوشوم، فإن إلقاء نظرة فاحصة على تاريخ هذه الصور المعنية ينتج صورة لا يمكن إنكارها للمسيحية المتشددة، مستمدة من تاريخ طويل من الأيقونات المرتبطة بالحروب الصليبية أو حروب الفرنجة كما سماها العرب، ومن الحقائق أيضاً أن عدداً من هذه الرموز منتشرة في كل مكان بين المجتمعات الدينية اليمينية المتطرفة . هل أميركا على موعد مع توجهات مقلقة للأمن والسلام العالمي من منطلقات دوغمائية تزعزع سلام العالم المهزوز في الأصل شرقاً وغرباً؟ ما الذي يحمله لـ”البنتاغون” عما قريب؟ عبر رحلة سريعة في عقل هيغسيث، لا سيما خلال الأشهر الثلاثة الماضية، يمكن بداية القول إنه يسعى إلى “تنظيف البنتاغون”، والمعروف أنه في كتابه الأخير، بدا وكأنه يشكو من أن الجنرالات الذين سماهم بالمستيقظين، وقادة الأكاديميات العسكرية النخبوية، تركوا المؤسسة العسكرية ضعيفة بصورة خطرة و”أنثوية” من خلال الترويج للتنوع والمساواة والشمول. ويقول إن الجنود العاديين يفوضهم “القادة المدنيون غير المبالين والضباط الحمقاء”، مضيفاً أن “القائد الأعلى القادم سيحتاج إلى تطهير البيت”. ويحمل هيغسيث رؤية غير صديقة لمجتمع “الميم”، وللمتحولين جنسياً، ويسخر من أفراد الخدمة المنتمين لهذين النوعين الاجتماعيين. “إن أبناء وبنات أميركا البيض يبتعدون عنا ومن يستطيع أن يلومهم على ذلك؟”، هكذا كتب هيغسيث في كتابه المعنون “الحرب على المحاربين وراء خيانة الرجال الذين يحفظوننا أحراراً”. على أن الخطورة الكبيرة في أفكاره التي تتبدى في كتاباته، تتمثل في أنه يحتقر السياسات والقوانين والمعاهدات التي تقيد المقاتلين في ساحة المعركة، من قواعد الاشتباكات التقليدية إلى اتفاقات جنيف التي يرى أنها عفا عليها الزمن ضد الأعداء الذين لا يلتزمون بها. رؤى هيغسيث حقاً مخيفة، وبخاصة حين يصل المشهد إلى حدود أسلحة الدمار الشامل، ذلك أنه لا يتحلى بالصبر الكافي للتعامل مع القضايا الأخلاقية المحيطة بالحرب. ويكتب عن الأميركيين الذين أسقطوا القنابل النووية على اليابان لإنهاء الحرب العالمية الثانية يقول “لقد فازوا، من يهتم”. ويدعو الوزير الجديد إلى إعادة تسمية وزارة الدفاع إلى اسمها الأصلي، وزارة الحرب، وتنفيذ حظر لمدة 10 سنوات على عمل الجنرالات لدى شركات الدفاع بعد تقاعدهم من الجيش. ومن بين المواقف المثيرة للغاية في شأنه، مواقفه من المرأة ودورها في الجيش الأميركي، فخلال مقابلة في برنامج “رايان شو” للترويج لكتابه الجديد في منتصف نوفمبر الماضي، قال “كل ما يتعلق بخدمة الرجال والنساء معاً يجعل الموقف أكثر تعقيداً، والتعقيد في القتال يعني أن الخسائر أسوأ”. وأضاف “أنا أقول بصراحة إنه لا ينبغي لنا أن نسمح للنساء بالقيام بأدوار قتالية، فهذا لم يجعلنا أكثر فعالية، ولم يجعلنا أكثر فتكاً، بل جعل القتال أكثر تعقيداً”. وأدت تصريحاته لإعراب النساء في لجنة الخدمات الاستثنائية، بما في ذلك السيناتور جوني إيرنست من ولاية آيوا، وهي قائدة سابقة للحرس الوطني، عن مخاوفهن في شأن تعليقاته، ومع ذلك أضافت إيرنست أنها ستدعمه. على أن السؤال الأهم “هل هيغسيث الرجل المناسب في هذا التوقيت لقيادة البنتاغون؟”. المؤكد أنه يأتي في ظل الصراعات المتنامية على جبهات متعددة، بما في ذلك حرب روسيا في أوكرانيا، والهجمات المستمرة في الشرق الأوسط من وكلاء إيران، والدفع نحو وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” و”حزب الله”، وتصاعد المخاوف في شأن التحالف المتنامي بين روسيا وكوريا الشمالية. هل سيتمكن من إخضاع جنرالات “البنتاغون” لتوجهاته الترمبية؟ المعروف أن العلاقة بين ترمب والمؤسسة العسكرية خلال فترة ولايته الأولى كانت مضطربة، فقد شغل خمسة رجال المنصب خلال سنوات ترمب الأربع، وانتقده عدد من الجنرالات الذين عملوا معه، بل ونظروا إليه نظرة دونية باعتباره غير لائق للخدمة في المكتب البيضاوي، وفي المقابل لم يقصر ترمب في إدانتهم، فهل سيتمكن هيغسيث من إعادة ترتيب أوضاع “البنتاغون” أم أنه سيكون سبباً في ثورة الجنرالات؟ خطط هيغسيث لوزارة الدفاع الأميركية هل من خطة واضحة في ذهن المذيع الإخباري الذي جرى اختياره ليصبح على قمة المؤسسة القتالية الأميركية مالئة الدنيا وشاغلة الناس؟ الشاهد أن هناك مجموعة هائلة من القضايا التي يتعين عليه معالجتها من الصراعات الإقليمية القريبة من أميركا جغرافياً، لا سيما في بنما وفنزويلا والمكسيك جنوباً، وكندا شمالاً، وصولاً إلى الصراعات الدولية، وفي مقدمها قضية جزيرة غرينلاند، والمواجهة مع الصين في بحر الصين الجنوبي وجزيرة غوام، ثم تايوان، وصولاً إلى بلورة رؤية خاصة عن أوكرانيا والصراع مع روسيا الاتحادية. وتوقف هيغسيث في “البنتاغون”، نهار السبت الـ25 من يناير (كانون الثاني)، من دون سابق إنذار بعد مراسم أداء القسم في مبنى المكتب التنفيذي للرئيس دوايت أيزنهاور. ولم تكن هناك أية تغطية إعلامية لوصوله. وفي وقت لاحق، أصدر “البنتاغون” صورة رسمية تقول إن هيغسيث “مستعد للعمل نيابة عن محاربي أميركا”. لقد بدأ طاقم الدعم بالفعل في الاجتماع بقادة عسكريين، بما في ذلك الجنرال سي كيو براون الابن رئيس هيئة الأركان المشتركة، غير أن وزير الدفاع سيحظى بتجربة ما، إذ يصفه كثيرون بأنه “شرب من خرطوم إطفاء”، بينما يعمل على التعرف بسرعة على ما يفعله 2.1 مليون من أفراد الخدمة و780 ألف مدني في الوزارة، ومن بينهم عشرات الآلاف الذين يخدمون في الخارج، بما في ذلك في مناطق القتال. هل من مهمة عاجلة ينبغي على هيغسيث قيادة “البنتاغون” في طريقها؟ مؤكد أنها نشر قوات على الحدود، ذلك أنه في محاولة تلبية طلب الرئيس ترمب بتأمين الحدود، سيواجه وابلاً من المعلومات حول القوات المتاحة والمساعدة التي تحتاج إليها عملية حراسة الحدود، وأين، إضافة إلى كيفية إيواء وإطعام ونقل القوات وموظفي الحدود، وكيفية ضمان عدم تأثير أي من هذا في متطلبات الأمن القومي الأخرى. ومن بين أول قراراته الكبرى، هو ما إذا كان سيوصي بأن تشارك القوات العاملة على الحدود في إنفاذ القانون، وهي الخطوة التي دفعت القادة العسكريين في السنوات الأخيرة إلى تجنبها. وسيواجه إشكالية عدد القوات التي ستتأثر بأول أمر تنفيذي للرئيس سترمب الذي ألغى الحماية التي أعاد الرئيس الديمقراطي جو بايدن فرضها على القوات المتحولة جنسياً بعد أن منع ترمب هؤلاء الأعضاء من الخدمة خلال فترة ولايته الأولى في منصبه. والمعروف أن وزارة الدفاع لا تملك رقماً دقيقاً لعدد القوات المتحولة جنسياً التي تخدم في الجيش، لأن كل شخص متحول جنسياً ليس في الحالة الطبية الانتقالية نفسها، ولا يحدد كل متحول جنسياً هويته في الأوراق العسكرية. وسيتعين على هيغسيث أن يتعرف على البنية المعقدة لموازنة “البنتاغون” التي تبلغ الآن نحو 850 مليار دولار، وكان ترمب تعهد في حملته الانتخابية بجعل الجيش الأميركي أكثر فتكاً، وهو ما ردده هيغسيث، مع حديثهما أيضاً على نطاق واسع عن خفض الهدر. ولعل الحديث عن موازنة “البنتاغون” سيفتح ولا شك باباً واسعاً من التساؤلات عن المساعدات العسكرية الأميركية لعدد من دول العالم، وهل سيكون وزير الدفاع مجرد منفذ لتوجهات ترمب السياسية؟ أم أنه سيتمكن من ترك بصمته العسكرية على وزارة الدفاع؟ هيغسيث وزمن عسكرة أميركا المفرطة بعد أول اجتماع عام عقده نهار الجمعة السابع من فبراير الجاري، بات التساؤل الذي عم المؤسسات البحثية والإعلامية الأميركية هو “هل يكون زمن هيغسيث هو أوان العسكرة الأميركية المفرطة، لا سيما في النظرة التي تحكم عقلية الرجل، والأحادية المنهجية التي تلف عقله، على غرار الرئيس بوش الابن في خطابه بعد أحداث الـ11 من سبتمبر بين الذين معنا والذين ضدنا؟”. خلال ذلك النهار تحدث وزير الدفاع بلهجة قريبة من حديث جورج والكر بوش “لا أحتاج أن أخبركم جميعاً بأننا نعيش في أوقات خطرة للغاية في عالم به قوى صاعدة لو أتيحت لها الفرصة، لأحبت الصعود ورفضت قوى وقدرات ومعتقدات الغرب”. ترى من يقصد هيغسيث بنوع خاص؟ من المؤكد أنه هنا لا يخرج عن الإطار التقليدي لاستراتيجية الأمن القومي الوحيدة التي وضعت في زمن الرئيس بايدن، ورأت النور في أكتوبر 2022، التي ترى أنه على رغم أن روسيا هي التي قامت بغزو واسع النطاق وغير متوقع لأوكرانيا، مما شكل تهديداً حقيقياً على الحضور الأميركي في أوروبا شرقاً وغرباً، إلا أن ذلك لم ينف أن الصين تظل تشكل الخطر الأكثر أهمية على المصالح الأميركية. في تصريحات لمجلة “بلينكيست” يقول هيغسيث “هناك كثيرون من الناس، وبالتحديد، وقد ذكرهم بالاسم علناً أيضاً، الصينيون الذين يسعون من خلال صعودهم إلى السلطة إلى تبني رؤية مختلفة تماماً للعالم، ولذا يتعين علينا أن نكون على أهبة الاستعداد، وأن نكون جاهزين لما قد يعنيه ذلك، وسنفعل ذلك”. أيكون هيغسيث رجل المواجهة مع الصين بنوع خاص؟ يبدو الأمر بالفعل شديد القرب من ذلك، وعنده أن ما يجعل الصين تشكل تهديداً خاصاً للأمن القومي الأميركي هو حقيقة أن بكين تستخدم نهجاً يشمل الأمة بأكملها لمصارعة التفوق العالمي. وتستخدم الحكومة الصينية الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستخبارية والدبلوماسية لتشكيل البيئة الجيوسياسية لصالحها. وعلى سبيل المثال قدر المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن أن بكين تسرق ما بين 200 و600 مليار دولار من الملكية الفكرية من الولايات المتحدة كل عام، وعلى رغم أن بعض هذه الملكية الفكرية المسروقة تتعلق بمشاريع عسكرية، فإن مزيداً منها يتعلق بالتكنولوجيا اليومية. هل يعني ذلك أن هيغسيث يسعى وراء الصدام مع الصين؟ لا يبدو أن مذيع “فوكس نيوز” يتطلع للوقوع في “فخ ثيوسيديدس” مع الصينيين، ولهذا يقول “إننا ندرك جيداً موقفنا من الشيوعية الصينية، لكننا لا نحاول أيضاً إثارة الصراع أو خلق صراع حيث لا داعي لوجوده”. غير أنه، وعلى رغم العقلانية الظاهرة من جانب هيغسيث تجاه الصين، إلا أنه من المؤكد وعند نقطة بعينها، ربما سيجد نفسه مجبراً على مواجهة تصاعد رغبتها في التسلح، وموازنتها الهائلة التي ترصدها لبرنامجها النووي القادم. المزيد عن: بيتر هيغسيثبيت هيغسيث دونالد ترمبلويد أوستنباراك أوباما جو بايدنالوشوماتجون ماكينأحداث 11 سبتمبرإيلون ماسك 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “ذاكرة الخلايا الدهنية” سبب استعادة الوزن بسرعة next post نتنياهو يخوض حرب اتهامات ضد “الموساد” و”الشاباك” You may also like علويو سوريا… مسالك العزلة مجددا 23 فبراير، 2025 تعريفات ترمب تحمل المستهلكين الأميركيين 10 مليارات دولار... 23 فبراير، 2025 مؤشرات على تقدم مصر في تحسين أوضاعها المالية... 23 فبراير، 2025 هل تستهدف سياسات ترمب إضعاف الدولار؟ 23 فبراير، 2025 “الدعم السريع” وجماعات متحالفة معها توقع ميثاقا لتشكيل... 23 فبراير، 2025 علي جمعة: يمكن أن يلغي الله النار في... 23 فبراير، 2025 أبرزهم ساركوزي… قادة ومشاهير عاشوا بوصمة “السوار الإلكتروني” 23 فبراير، 2025 سلاحه الاغتصاب… “سديه تيمان” سجن إسرائيلي سيئ الصيت 23 فبراير، 2025 ما سر فتور العلاقات بين تونس والإدارة السورية... 23 فبراير، 2025 نتنياهو يخوض حرب اتهامات ضد “الموساد” و”الشاباك” 23 فبراير، 2025