عرب وعالمعربي بولتون وقيم أخلاقية متضاربة by admin 30 يونيو، 2020 written by admin 30 يونيو، 2020 148 أهم الاستنتاجات المبدئية من تفاصيل كتاب “الغرفة” وجود تخبط في السياسة الأميركية اندبندنت عربية / محمد بدر الدين زايد دبلوماسي أسبق وأكاديمي اطلعتُ على بعض ملخصات وحلقات كتاب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، الصادر أخيراً بعد جدل هائل والذي حمل عنوان “الغرفة التي شهدت الأحداث”، ويتضح أن الكتاب مَلِيء بالكثير من التفاصيل والأسرار، فضلاً عن قراءة سريعة للكتاب ذاته إلكترونياً وفي انتظار قراءة تفصيلية. وكما هو معروف سبق تسريب الكتاب ضجة كبيرة بسبب محاولة ترامب وحكومته منع صدوره، لكن المحكمة رفضت هذا الطلب، فضلاً عن أن تسريب الكتاب تم قبل صدور الحكم، ما يشير إلى قوة سياسية تريد استثمار هذا الكتاب لأهداف سياسية واضحة في إضعاف حملة التجديد للرئيس الأميركي، وهي مسألة قد لا تحدث بالضرورة. إذن نحن هنا أمام قضية أخلاقية كبيرة فيما يتعلق بتنازع مجموعتين من المبادئ والأخلاقيات الكبرى، الأولى هي مجموعة المبادئ التي حاولت إدارة ترمب استخدامها لمنع صدور الكتاب وهي حماية الأمن القومي الأميركي، وتدخل معها مبادئ وقيم الانضباط الوظيفي والولاء، والثانية مجموعة مبادئ أخرى تقوم على أولوية المصلحة الوطنية وكشف العيوب والنقائص الأخلاقية على حساب الانضباط الوظيفي وقيم الولاء. مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون (أ ف ب) من ناحية أخرى، فإن السوابق المشابهة نادرة، ويقفز إلى الذهن مع الفوارق الكبيرة حدث هز مصر منذ عقود عندما أصدر السياسي والشخصية الوطنية مكرم عبيد “الكتاب الأسود” ضد الزعيم الوطني الوفدي مصطفى النحاس، وانشق بعدها عبيد عن حزب “الوفد” وشارك في تأسيس الكتلة الوفدية أوائل الأربعينيات من القرن الماضي. والمفارقة أن كلا الزعيمين محل تقدير واحترام من كثيرين، وهو ما يخالف تماماً الموقف في حالة ترامب وبولتون، وعموماً أثيرت آنذاك ضجة كبيرة وطرحت منظومتي القيم الأخلاقية. فمن الطبيعى أن ينظر إليها كثيرون من منطلق إضعاف حزب الأغلبية الوطنية وكجزء من الانشقاقات العديدة التي قادت إلى تراجع الحزب الكبير، لكن هناك منطق آخر مهم من مكرم عبيد هو عدم قبول التراجع الأخلاقي للحزب وانتشار المحسوبية والفساد. ولسنا هنا في معرض مناقشة هذه القضية التي حظيت بالكثير من الدراسات الجادة والموضوعية، لكن يبقى فارقٌ مهم جداً مع حالة ترمب وبولتون، وهو امتداد القضية إلى صلب قضايا السياسة الخارجية الأميركية ومصالحها، خلافاً للنموذج المصري القديم الذي كان أقل تفصيلاً فيما يتعلق بالسياسات العامة وما يكون انعكاساً وناتجاً عن الفساد والمحسوبية. لكن الحالة المعاصرة تتجاوز الخيال من كثرة التفاصيل المحرجة التي تتجاوز نمط صنع القرار لترمب وشخصه الذي أراد بولتون فضحه إلى كثير من الأبعاد الأخرى والأسرار التي اعتادت واشنطن كشفها وفقا لتقاليد سياسية راسخة بعد 25 عاماً، ومع إبقاء عدد آخر من الوثائق قيد السرية ليفرج عنها من خلال قانون خاص لمن يطلبها. وحتى في هذه الحالة يتم إبقاء مستندات سرية أخرى وعدم السماح بنشرها. وأذكر شخصياً أن بعض هذه الوثائق حاولتُ الحصول عليها ولكن بلا جدوى. وهنا يمكن المقارنة مع الشهادات الدبلوماسية التفصيلية لعدد من الساسة، مثل كتابات كيسنجر الهامة التي تضمنت الكثير من التفاصيل، ولدينا كذلك كتابات مهمة عربية ومصرية بشكل خاص من وزراء الخارجية السابقين، لكنها حتى لو كشفت بعض الأسرار فقد جاء ذلك بعد مرور فترات زمنية متفاوتة على ترك مواقع السلطة، كما تظل كلها متسمة بقدر من الانضباط والولاء للمصالح القومية للدولة وقدر ما من الالتزام حتى تجاه الحكم، حتى لو شابت العلاقة خلافات حول ملفات معينة. ولعل أحد أشهر هذه النماذج هو كتاب وزير الخارجية الأسبق إسماعيل فهمي الذي أعده باحترافية ومسؤولية عالية، ولم يُنشر إلا بعد وفاة السادات بعدة سنوات، فضلاً عن أن الخلاف بين الرجلين كان معروفاً وعلنياً وحول قضية محددة وأدى إلى استقالة الرجل في تفاصيل معروفة، وظل فهمي أميناً على مصالح بلاده حتى وفاته كجندي دبلوماسي محترف. كتاب “الغرفة التي شهدت الأحداث” الذي أحدث جدلاً (أ ف ب) أما الحالة التي أمامنا ففيها كم من التفاصيل الدقيقة لعملية صنع القرار الأميركي في عهد ترمب، ورغم أن كثيراً من هذه الأبعاد معروف بسبب نمط شخصية الرئيس الأميركي وتسريباته الإلكترونية، وكذا ما أعلن بسبب استقالات لعدد من مساعديه، وأيضاً إطاحته بعدد آخر كبير خلال سنوات حكمه التي توشك على إكمال مدتها الأربعة الأولى، وتتعلق هذه التفاصيل بأدق جوانب وانشغالات السياسة الخارجية الأميركية، خصوصاً قضايا المواجهة مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. ربما يكون من أهم الاستنتاجات المبدئية من تفاصيل الكتاب تأكيد أن هناك تخبطاً في السياسة الأميركية وعدم وضوح رؤية في كثير من الملفات، بل ربما أغلب هذه الملفات، وهو رأي كان بعض المتابعين في العالم العربي يستبعدونه ويصرون على النظر إلى السياسة الأميركية كقوةٍ عُظمى تخطط كل شيء وتتعمد حالة الإرباك لتنفيذ مخططاتها. وواقع هذه المذكرات أن تنازع الاتجاهات وتضاربها هو السبب الحقيقي، فعلى سبيل المثال الضربة الجوية تجاه سوريا، التي أعطى ترمب انطباعاً بأنها ستكون شديدة، ثم خرجت محدودة، وفسرناها آنذاك بأن المؤسسات الأميركية أرادتها هكذا لكي يستمر لها تأثير ما في مجريات الصراع الذي تريده ممتداً ما دامت لا تريد وكذا لا تملك تأثيراً أكبر، حيث يشير بولتون في الكتاب إلى أن هذا كان موقف وزارة الدفاع الأميركية التي فرضت وجهة نظرها في هذا الصدد على الرئيس ترمب. بالتالي ما كشفه بولتون كان مفهوماً آنذاك ولكنه وثقه بهذه الشهادة. وفي النهاية يبقى الأمر الرئيس في شهادة بولتون أن اليميني المتشدد صاحب التوجهات العنيفة في الترويج لمصالح بلاده، يمزق رئيسه ترمب، ويتناسى أن صفات الأخير كانت معروفة له وللعالم أجمع، ويبدو أنه ظن عندما بدأ العمل معه أنه سيستطيع ترويض الرجل الجامح غير القابل للترويض، وهو أشار إلى هذا صراحةً، أي أنه تصوّر قدرته على التعامل مع ترمب، وعندما لم يستطع قرّر المشاركة بقوة في تمزيقه، والقضية بالنسبة إليه ليست كشف فساد أو نهج صنع قرار لا يناسب دولة عظمى – رغم أن صحة هذا – من ثم هو لم يختر بين منظومتي قيم كما فعل مكرم عبيد، وإنما اختار دافع الانتقام وحده، ولعل المثل المصري في هذا الصدد عن صراع الأشرار وكيف يؤدي إلى كشف الحقائق يكون مثلاً معروفاً. المزيد عن: الولايات المتحدة/ترمب/جون بولتون/الغرفة التي شهدت الأحداث/مصر/حزب الوفد/السادات/الانتخابات الأميركية 24 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الجدل يعود بعد مقتل فلويد: هل كان جون واين عنصريا ؟ next post الحكومة اللبنانية في عزلة ورئيسها يتوجس من مؤامرات You may also like ابتعاد النظام السوري من “محور الممانعة”… استراتيجي أم... 24 نوفمبر، 2024 تل أبيب عن مقتل إسرائيلي في الإمارات: إرهاب... 24 نوفمبر، 2024 استهداف إسرائيل للجيش اللبناني: خطأ أم إستراتيجية؟ 24 نوفمبر، 2024 أحوال وتحولات جنوب لبنان ما بعد الهدنة مع... 24 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: صهر صدام حسين وسكرتيره... 24 نوفمبر، 2024 تقرير: حزب الله يستخدم نسخة من صاروخ إسرائيلي... 24 نوفمبر، 2024 إيلون ماسك يصبح أغنى شخص في التاريخ 24 نوفمبر، 2024 مصر تُضيّق الخناق على “دولار رجال الأعمال”.. فما... 24 نوفمبر، 2024 «جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع 24 نوفمبر، 2024 “الأوضاع المزرية” تجبر لبنانيين فروا إلى سوريا على... 23 نوفمبر، 2024 24 comments зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 26 مارس، 2024 - 12:38 ص If you are going for most excellent contents like me, simply visit this web site daily because it offers quality contents, thanks Reply глаз бога тг 10 أبريل، 2024 - 10:33 ص Yes! Finally something about %keyword1%. Reply глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 11:46 م Unquestionably consider that that you stated. Your favourite justification appeared to be at the net the simplest thing to take into account of. I say to you, I definitely get irked at the same time as folks consider concerns that they plainly do not recognize about. You controlled to hit the nail upon the top as well as defined out the whole thing with no need side effect , other folks can take a signal. Will likely be back to get more. Thank you Reply steam cs 2 live betting website 2024 8 مايو، 2024 - 2:31 ص Hello there! This is my first visit to your blog! We are a group of volunteers and starting a new initiative in a community in the same niche. Your blog provided us valuable information to work on. You have done a marvellous job! Reply F. Skorina Gomel State University 16 مايو، 2024 - 3:24 ص ГГУ имени Ф.Скорины Reply гостиничные чеки Санкт Петербург 25 مايو، 2024 - 11:09 ص I’ve been exploring for a little for any high-quality articles or blog posts in this kind of area . Exploring in Yahoo I eventually stumbled upon this site. Reading this info So i’m satisfied to exhibit that I have a very good uncanny feeling I found out exactly what I needed. I so much for sure will make certain to don?t put out of your mind this site and give it a look on a continuing basis. Reply удостоверение тракториста машиниста купить в москве 31 مايو، 2024 - 2:24 م What’s Happening i’m new to this, I stumbled upon this I have found It positively helpful and it has helped me out loads. I am hoping to give a contribution & assist other users like its helped me. Good job. Reply 国产线播放免费人成视频播放 3 يونيو، 2024 - 8:23 م Hello there, simply was aware of your blog through Google, and found that it is really informative. I’m gonna watch out for brussels. I will appreciate should you continue this in future. A lot of other folks will probably be benefited from your writing. Cheers! Reply hot fiesta casino 13 يونيو، 2024 - 2:37 ص Wonderful website you have here but I was curious if you knew of any message boards that cover the same topics talked about in this article? I’d really love to be a part of online community where I can get feed-back from other knowledgeable individuals that share the same interest. If you have any recommendations, please let me know. Thank you! Reply hot fiesta слот 15 يونيو، 2024 - 4:39 ص I don’t know if it’s just me or if everyone else experiencing problems with your blog. It looks like some of the text within your posts are running off the screen. Can someone else please comment and let me know if this is happening to them too? This might be a problem with my browser because I’ve had this happen before. Kudos Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 9:54 ص I’m gone to say to my little brother, that he should also pay a visit this blog on regular basis to take updated from latest gossip. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 11:10 م Hmm is anyone else having problems with the images on this blog loading? I’m trying to find out if its a problem on my end or if it’s the blog. Any feed-back would be greatly appreciated. Reply Теннис онлайн 1 يوليو، 2024 - 12:50 ص What i do not realize is in fact how you’re now not really a lot more well-liked than you may be right now. You are so intelligent. You understand therefore significantly with regards to this topic, produced me in my opinion believe it from so many numerous angles. Its like men and women aren’t interested until it’s something to accomplish with Lady gaga! Your own stuffs nice. Always deal with it up! Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 5:10 م Tremendous things here. I’m very glad to peer your article. Thank you so much and I’m looking forward to touch you. Will you please drop me a mail? Reply Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 7:02 ص Asking questions are truly nice thing if you are not understanding anything entirely, except this article provides pleasant understanding even. Reply строительство автомойки под ключ 6 يوليو، 2024 - 8:34 م Строительство автомойки под ключ – неутомимая забота и полный контроль на каждом этапе, от проекта до открытия. Ваш бизнес в надежных руках! Reply автомойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 10:22 م “Строительство автомойки под ключ” гарантирует высокую отдачу от инвестиций. Начните свой путь к успешному бизнесу с нами! Reply строительство автомойки под ключ 8 يوليو، 2024 - 9:52 ص Автомойка самообслуживания под ключ – наше предложение для тех, кто ценит эффективность и инновации. С нашей помощью вы войдете в рынок быстро и без проблем. Reply Прогнозы на футбол 9 يوليو، 2024 - 8:58 م I was recommended this website by my cousin. I am not sure whether this post is written by him as no one else know such detailed about my difficulty. You are amazing! Thanks! Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 3:27 ص Very soon this site will be famous among all blogging and site-building people, due to it’s pleasant posts Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 4:28 م you are actually a just right webmaster. The web site loading velocity is incredible. It sort of feels that you are doing any unique trick. Moreover, The contents are masterpiece. you have performed a wonderful task in this matter! Reply автомойка самообслуживания под ключ 15 يوليو، 2024 - 3:43 ص Предлагаем строительство автомоек под ключ по индивидуальным проектам. Все работы выполняются в срок и с гарантией. Reply Джак 19 أغسطس، 2024 - 7:05 ص Greetings from Los angeles! I’m bored to tears at work so I decided to check out your site on my iphone during lunch break. I really like the info you present here and can’t wait to take a look when I get home. I’m shocked at how quick your blog loaded on my mobile .. I’m not even using WIFI, just 3G .. Anyhow, very good site! Reply theguardian 25 أغسطس، 2024 - 7:50 ص Since the admin of this site is working, no doubt very quickly it will be famous, due to its quality contents. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.