ثقافة و فنونعربي الوباء والإنسان الأدنى by admin 23 مارس، 2020 written by admin 23 مارس، 2020 141 العلماء إلى الآن بعدما مضى أكثر من ثلاثة أشهر على ظهور الجائحة ما توصلوا إلى إيجاد مصلٍ لهذا الوباء المتعولم. ميدل ايست اونلاين / كه يلان محمد العالمُ بأسره واقعُ في قبضة كورونا، وتسمر المواطنون في المنازل أمام الشاشة متابعين ما وصل إليه حملة الفايروس، وأي بلدٍ آخر ينضاف إلى سلسلة المناطق الموبوءة، تراجعت أخبار السياسة، لا يفيدُ موقع الدولة ودورها السياسي وترسانتها العسكرية في وقف زحف كورونا، بل خضع رئيس أقوى دولة في العالم لفحوصات طبيبة بعدما كانت تحوم الشبهة حول إصابته بالمرض. الأمر الذي شغل سيد البيت الأبيض عن تغريداته المثيرة للجدل. والعلماء إلى الآن بعدما مضى أكثر من ثلاثة أشهر على ظهور الجائحة ما توصلوا إلى إيجاد مصلٍ لهذا الوباء المتعولم، وكأنَّ وظيفة هؤلاء الأطباء والساسة صارت إحصاء عدد الضحايا الذي يزداد يوماً وراء يوم، ومواساتهم في ظلِ هذا الوضع هو اقتراب قدوم الصيف وإرتفاع درجة الحرارة لأنَّ الفايروس المستجد حسب المعلومات الطبية يفقدُ فاعليته كلما كان الجو حاراً. وبذلك اقتنعَ الإنسان بأنَّ الخلل الناجم في الطبيعة جراء الإسراف في استهلاك الطاقة وإستنزاف الموارد لا تصلحه سوى الطبيعة. ها هي المصانع قد توقفت عن العمل وخفت حركة السير والملاحة الجوية، والمدن والحواضر الكبيرة قد تتحولُ في الأيام القادمة إلى مسرح للأشباح، ويقبعُ كل فرد في زنزانته، إذاً تتنفسُ الطبيعة صعداء وتصفو الأجواءُ وفوق ذلك فإنَّ الجشع لدى الكائن البشري قد تخفُ حدته في لحظة مراجعة الذات والتأمل وهو يعاينُ حقيقة عدم جدوى التهافت على الماديات والنفوذ والبهرجة. ومن هنا يجبُ تفسير هذه الأزمة من مستوى آخر بدلاً من الإستسلام لمتاهة الخوف والتسابق لإدخار السلع، لا خوف يحميك من الوباء، ولا تراكم البضائع في المخازن يؤخر لحظة النهاية. ما يتعلمهُ الإنسانُ من الفلسفة هو التفكيرُ في الإمكانيات المتاحة لتحويل الأزمة إلى عامل للتحول والإنطلاقة نحو مرحلة جديدة وتعمق الوعي بفن العيش. ما يعوزهُ المرءُ أكثر من أي شيء آخر في عصرنا هو فن الحياة، لذلك يعاني من الإكتئاب والملل ويتفاقمُ شعوره بالضجر والتغرب عن الواقع فيما اللهاث وراء التربح يستمرُ “ماذا ينفعُ الإنسانُ لو ربح العالمَ وخسر نفسه”، وتفرغَ الدين من قيمه الروحية أيضاً لدرجة تحول إلى غطاء لأغراض سياسية وإقتصادية بحتة. وأمام ظاهرة تشيؤ القيم والسعار المادي تتلاشى حميمية الحياة البسيطة، وتتعقدُ طبيعة الإنسان نتيجة الإنسياق وراء الأوهام التي يغذيها النظام الرأسمالي، ومن المناسب هنا الإشارة إلى رأي المخرج البريطاني هيشتكوك الذي يقولُ بأن ما يوفره لك المال هو شراء بعض التعاسة فقط. الحنين الوقوع في دوامة الإستهلاك وفّر مستنقعاً لا تنموُ فيه إلا غرائز الإنحطاط لدى الإنسان، وكان حصيلة ذلك هو نسيان الوجود على حد تعبير هاديغر، دعك من الشراسة التي طبعت تصرفات الإنسان مع بني جنسه، فإنَّ الكارثة الحقيقية تتمثلُ في التحولات البيئية وهذا يعني أن الكائن الذي لا يمتلك راحة النفس يدمرُ نفسه ويدمرُ بيئته في آن واحد، لذلك فإنَّ ما يختبره الإنسان من العزلة ومشاهدته لتغير السلوكيات اليومية وبعض الأعراف الإجتماعية والدينية قد يكونُ فرصة لبرمجة نمط العلاقة مع الذات والآخر. كأنَّ صحوة الضمير لدينا تتطلبُ مرور بهذه التجربة ورؤية ما حل بالمجتمعات من الخوف إثر غزوة كورونا، إذ أصبح المواطنون أكثر تضامناً مع البعض، والمقيمون في الحجر الصحي بالمدن الموبوءة يملأون الدنيا بالأغاني لأنَّ “الأغاني لسه ممكنة” على حد قول محمد منير. وبهذا يتم إكتشاف سر الخفة من جديد وكل ما هو حسنُ خفيف مثلما قال نيتشه. عطفاً على ما سبقَ فإنَّ الحنين يأخذُ المقيمين بالمنازل إلى الأماكن والشوارع التي كانت تبعثُ على الضجر، وكان يشكوُ منها المارةُ من تكرار المظاهر والزحمة. الآن أصبحَ الشارع الذي يقعُ على مسافة ربع ساعة من مكان إقامتك الإجبارية قارة بعيدةً، ولا يمكنك أن تمضي فيه قليلاً من الوقت، وهذا يذكر بحال الشخص الذي كان يمشي بمحاذاة جدران السجن ويتساءلُ كيف يتخيلُ من لا يفصلني عنهم غير حائط سميك صورة الشارع وشكل ملامح المارة هل تصلهم أصوات الباعةِ كيف يكون طعم الحياة ولونها إذا غابت عنها هذه التفاصيل العادية والبسيطة؟ ومن جانبه أبانَ ألبيركامو عن هذا الحنين لدى الإنسان نحو إيقاع الحياة العادية عندما يكون قيد جدران السجن فإنَّ بطل “الغريب” يعاودُ قراءة قصاصة من جريدة قديمة يقعُ عليها النظرُ صدفةً في الزنزانة إذ يجدُ في هذه الورقة تعويذةً للحياة. ثقافة المواجهة تختلفُ طريقة مواجهة المرض من مجتمع إلى آخر، ويلعبُ مستوى الوعي دوراً مهماً في هذه المعركة بينما تحاولُ المجتمعات المتقدمة تحويل هذه الأزمة إلى طفرة علمية وينهمكُ علماؤها على دراسة طبيعة الفايروس لدحره قبل أن إستفحاله، تنشغلُ العقليات المُثقلة بإرث التخلف بحروب كلامية وبتفسيرات غير علمية، إذ يتمُ لي عنق الوقائع والظواهر وحالة إنتشار الأوبئة لصالح أهداف أيدولوجية. هذا ناهيك عن التشجيع على الخزعبلات والفذلكة والتسابق لإقتناء السلع بدلاً من التعامل المتوازن مع الأزمة. صحيح أنَّ هذا الوباء يشكلُ تحدياً حياتياً بالنسبة للجميع، لكن مرة أخرى يظهرُ هذا الواقع حجم البؤس والتخلف في البيئات التي لن يكون سلاحها في المعارك الوجودية إلا الإنفعال والعقلية الموتورة . إذاً فإنَّ العامل الثقافي يتخذُ أهمية كبيرةً في المراحل المفصلية، لا يجوزُ الإقتناع بالأفكار السقيمة التي تحللُ الظاهرة بمنطق التشفي والإنتقام، لأنَّ الوباء لا يفرق بين هذا وذاك، وهو ناقوس الخطر للإنسانية بقطع النظر عن الإختلاف الإثني والحضاري والديني. نعمَ أنَّ الجشع والتكالب على المصالح والطيش الرأسمالي والإتجار بالدين كل ذلك قد أدى إلى ظهور الإنسان الأدنى، حسب تعبير الفيلسوف اللبناني علي حرب بدلاً من الإنسان الأعلى كما كان يحلم به نيتشه. ومن هنا يجبُ إدراك حقيقة؛ وهي أنَّ البشرية عندما تصلُ إلى مفترق الطرق لا ينفعها إلا التضامن والعودة إلى المشترك الإنساني، وما يردمُ الفجوة بين البلدان والتجمعات البشرية. ومن الأفضل تعامل مع الوضع باعتباره فرصة للتصالح مع الحياة. 29 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كورونا ومبيعات الأسلحة.. ماذا يحدث في الولايات المتحدة؟ next post ألف ليلة وليلة واليهود في العقل الصهيوني You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024 29 comments зарубежные сериалы смотреть онлайн 23 مارس، 2024 - 6:33 ص Hiya! I know this is kinda off topic however I’d figured I’d ask. Would you be interested in exchanging links or maybe guest writing a blog article or vice-versa? My site goes over a lot of the same subjects as yours and I feel we could greatly benefit from each other. If you are interested feel free to send me an e-mail. I look forward to hearing from you! Fantastic blog by the way! Reply бот глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 2:43 ص You’re so cool! I don’t think I’ve read something like this before. So good to find somebody with a few unique thoughts on this topic. Really.. thank you for starting this up. This site is something that’s needed on the web, someone with a little originality! Reply глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 4:02 م Nice post. I learn something new and challenging on blogs I stumbleupon everyday. It will always be helpful to read content from other writers and practice a little something from their websites. Reply steam csgo skins betting site 2024 7 مايو، 2024 - 6:57 م Hi there friends, how is everything, and what you want to say regarding this post, in my view its in fact remarkable designed for me. Reply F. Skorina Gomel State University 15 مايو، 2024 - 7:51 م ГГУ имени Ф.Скорины Reply гостиничные чеки Санкт Петербург 25 مايو، 2024 - 6:36 ص I am regular reader, how are you everybody? This post posted at this site is actually good. Reply купить удостоверение тракториста машиниста 30 مايو، 2024 - 1:56 م Hello! I could have sworn I’ve been to this web site before but after going through a few of the posts I realized it’s new to me. Nonetheless, I’m definitely pleased I came across it and I’ll be bookmarking it and checking back frequently! Reply 乱伦色情 3 يونيو، 2024 - 12:23 م continuously i used to read smaller articles which also clear their motive, and that is also happening with this piece of writing which I am reading at this place. Reply хот фиеста игра 12 يونيو، 2024 - 7:02 م Undeniably believe that that you stated. Your favourite justification appeared to be at the net the simplest thing to have in mind of. I say to you, I definitely get irked at the same time as other people consider concerns that they plainly do not recognise about. You controlled to hit the nail upon the top as welland also defined out the whole thing with no need side effect , other people can take a signal. Will likely be back to get more. Thank you Reply Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 3:18 م This article will help the internet people for creating new webpage or even a blog from start to end. Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 11:57 ص Howdy would you mind letting me know which webhost you’re working with? I’ve loaded your blog in 3 completely different web browsers and I must say this blog loads a lot quicker then most. Can you suggest a good web hosting provider at a reasonable price? Thank you, I appreciate it! Reply Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 2:16 ص If you wish for to improve your knowledge only keep visiting this site and be updated with the most up-to-date information posted here. Reply Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 3:58 م This post is actually a nice one it helps new web people, who are wishing for blogging. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 4:48 ص It’s awesome to visit this website and reading the views of all friends about this post, while I am also eager of getting knowledge. Reply строительство автомойки под ключ 7 يوليو، 2024 - 5:22 ص Автомойка самообслуживания под ключ предоставляет клиентам возможность мыть свой транспорт самостоятельно, используя профессиональное оборудование. Это экономит время и деньги. Reply автомойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 6:04 م Выбрав услугу “автомойка самообслуживания под ключ”, инвестор получает полностью оснащенную и готовую к эксплуатации моечную станцию без необходимости заниматься её организацией самостоятельно. Reply автомойка под ключ 8 يوليو، 2024 - 5:46 ص Мойка самообслуживания под ключ – это отличная бизнес-идея для тех, кто ценит время клиентов. Установим оборудование и обучим персонал. Reply мойка самообслуживания под ключ 9 يوليو، 2024 - 5:04 ص Автомойка самообслуживания под ключ – это современное решение для максимально выгодного бизнеса. Без перерывов и выходных, 24/7 для клиентов. Reply Прогнозы на футбол 9 يوليو، 2024 - 1:24 م Hi there! This is my first visit to your blog! We are a group of volunteers and starting a new initiative in a community in the same niche. Your blog provided us valuable information to work on. You have done a extraordinary job! Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 8:53 ص Hi, this weekend is nice for me, because this occasion i am reading this wonderful informative piece of writing here at my home. Reply автомойка под ключ 15 يوليو، 2024 - 5:45 م Приобретая франшизу автомойки, вы получаете проверенную модель бизнеса с полным комплектом оборудования и постоянной поддержкой франчайзера. Reply мойка самообслуживания под ключ 16 يوليو، 2024 - 2:18 ص Франшиза автомойки – отличное решение для начинающих бизнесменов. Мы предлагаем проверенную модель и постоянную поддержку. Reply Jac Благовещенск 15 أغسطس، 2024 - 2:10 م This is my first time visit at here and i am in fact impressed to read all at alone place. Reply Джак 19 أغسطس، 2024 - 1:30 ص Great post. Reply theguardian 24 أغسطس، 2024 - 10:03 ص We stumbled over here coming from a different page and thought I might as well check things out. I like what I see so now i’m following you. Look forward to finding out about your web page again. Reply theguardian.com 25 أغسطس، 2024 - 2:07 ص Wow, marvelous blog layout! How long have you been blogging for? you make blogging glance easy. The entire glance of your site is wonderful, let alonesmartly as the content! Reply theguardian.com 25 أغسطس، 2024 - 5:26 م continuously i used to read smaller posts which also clear their motive, and that is also happening with this article which I am reading at this place. Reply theguardian 26 أغسطس، 2024 - 8:22 ص Hello there! I could have sworn I’ve been to this website before but after going through some of the posts I realized it’s new to me. Anyways, I’m definitely happy I came across it and I’ll be bookmarking it and checking back regularly! Reply theguardian.com 26 أغسطس، 2024 - 10:57 م It’s great that you are getting ideas from this piece of writing as well as from our discussion made at this place. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.