ثقافة و فنونعربي “المصابون بالطاعون” لبانيول: جانب إنسانيّ للحجر الصحي by admin 31 مارس، 2020 written by admin 31 مارس، 2020 170 يوم شربت مارسيليا المطهّرات بدل الخمور! اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب إحتاج الأمر يومها إلى الانتظار ثلاث سنوات بعد رحيل الكاتب والسينمائي الفرنسي مارسيل بانيول لـ”تكتشف” وتُنشر في العام 1977 رواية له من الواضح أنه لم يستكملها أبداً. وربما يعود سبب ذلك إلى أنها أرعبته وبدت له حين كتبها خارجة عن السياق العام لأدبه وسينماه اللذين اتسما بالبحث عن السعادة وبالعمل على إيجاد حلول ناجعة وسعيدة لمنغصّات العيش. فما الذي كان يمكن أن تفعله رواية عكف على كتابتها ذات يوم، عن الطاعون الذي اجتاح مدينته مرسيليا عام 1720؟ ومع هذا فإن الرواية تتسّم بطابع يكاد يكون هزلياً، وليس بسبب الوباء نفسه بل بسبب العقلية التي يصورها بانيول حيث تدور الأحداث في ظل الوباء الأسود الذي يهاجم المدينة فيقرر جماعة من سكانها يعيشون في منطقة بدت لهم أكثر تعرضاً للوباء أن يحموا أنفسهم جاعلين من حيّهم قلعة حصينة مغلقة على أي غريب. وها هم يعيشون الآن فيما بينهم تحت قيادة الطبيب المعلّم بانكراس وكاتب العدل المعلم باساكاي اللذين يعينان نفسيهما مسؤولين عن أمن السكان وصحتهم. وذلك لأنه فيما ينظم هؤلاء أنفسهم للوقاية من انتشار الداء سواء أتحرّك فيما بينهم أو أتاهم من الخارج الذي يجدر بهم الحيلولة دون تسربه إليهم، يتوجب عليهم في الوقت نفسه أن يحموا أنفسهم من اللصوص والجائعين الذين استشروا ساعين للاستحواذ على كل ما يمكنهم الاستحواذ عليه في غياب سلطة الدولة. بيد أن الطبيب وكاتب العدل لن يسمحا بذلك، بل سينظمان نوعاً، ولو ساذجاً، من الدفاع الذاتي، وهو ما يخلق، وربما على طريقة أعضاء نادي بيكويك في رواية شهيرة للإنجليزي تشارلز ديكنز، نوعاً من سلطة صارمة… لكن الإثنين يرتكبان من الحماقات ويعايشان من سوء تصرف السكان الذين وضعوا أنفسهم في تصرفهم، بأسوأ مما كان من شأنهما أن يعانيا لو أنهما تركا الأمور على سجيتها. أو هذا ما يقوله أحدهما للآخر ذات لحظة يأس وقلق. وكما يحدث مع فيروس “كورونا” في أيامنا هذه حيث تقوم الوقاية الأساسية ضدّه من خلال اللجوء إلى المطهرات وخاصة المواد الهلامية الكحولية، يتوصل الطبيب بانكراس إلى تصنيع خلّ مطهّر يُطلق عليه إسم “خلّ اللصوص الأربعة”. ولكن من ذا الذي يمكنه أن يقنع أهالي ذلك الحي في مرسيليا بأن هذا السائل صنع للتطهير وليس للشرب بديلاً من نبيذ بات يصعب الحصول عليه؟ وصيّة فنان يحب الحياة في مثل هذه المواقف عرف مارسيل بانيول على أية حال، كيف يستعيد في رواية يُفترض أنها تاريخية وكارثية، عوالمه المرحة وأجواء مدينته المحببة مرسيليا محوّلاً الكارثة إلى نوع من حالة هذيان ومرح، لعلّه، في رأي الكاتب، يتبدى نوعاً من ترياق حقيقي في وجه المعاناة العامة. صحيح أن بانيول لم يتمكن من إنجاز الرواية، لكنه عرف في نهاية الأمر كيف يجعلها، حتى بالشكل الناقص الذي انتهت اليه، نوعاً من وصية مبدع كان همه الأول من الكتابة أن يبعث الحياة في أفئدة قرائه ويدلهم على طريق السعادة. وهو بالتأكيد فعل ذلك رغم كارثية الأحداث التي أصابت حقاً تلك المدينة وتحديداً عام 1720 (ترى هل لهذا الرقم أن يذكّرنا بشيء ما؟). مهما يكن لا بد من التوقف هنا عند هذ الكاتب والسينمائي الفرنسي الفذ لنشير إلى أنه، حين رحل عن عالمنا عام 1974، أي في نفس العام الذي كان منكبّاً فيه على إنجاز “المصابون بالطاعون”، كانت أعماله كما شخصيته قد كفّت عن أن تكون «على الموضة»، وكان كثر من أهل الحداثة والمعاصرة ينظرون إليه باعتباره فناناً «رجعياً» ذا أفكار وأساليب لا تناسب العصر. وكان هو نفسه قد ركن لتلك الفكرة منذ زمن وجلس يرقب مسيرة الفنون والآداب من حوله مكتفياً بما تبقى له من مجد قديم، وبعضويته في الأكاديمية الفرنسية، غير راغب حتى في مجادلة من كانوا ينظرون إليه باعتباره قد أضحى كاتباً متحفياً ينتمي إلى ماضي فرنسا لا إلى حاضرها. بعد عشر سنوات ولكن، ما إن انقضت على ذلك الرحيل عشر سنوات، حتى عاد مارسيل بانيول، ليعتبر حديثاً ومعاصراً، وعادت كتبه تباع بمئات ألوف النسخ. كان يكفي لذلك فيلم واحد (تبعه جزء تال) اقتبسه مخرج فرنسي حصيف عن رواية لبانيول عنوانها «جان لا فلوريت» حتى تنقلب الأمور رأساً على عقب: تدفق الملايين لمشاهدة الفيلم، وراحت دور النشر تتفنن في إصدار طبعات جديدة من الرواية ثم من روايات بانيول الأخرى، وتلا «جان لا فلوريت» فيلم «مانون النبع»، ثم عمد مخرج آخر إلى تحقيق فيلمين تاليين عن روايتين أخرتين لبانيول هما «قصر أمي» و«مجد أبي». وبسرعة صار مارسيل بانيول، بعد عقد على رحيله سيد الأدب الفرنسي دون منازع، و«اكتشف» الكثيرون أن أدبه أدب معاصر، يلامس الكثير من القضايا المعاصرة، لا سيما قضية البيئة، وعلاقة الريف بالمدينة، والعلاقات البشرية وسمو العواطف. وعلى هذا النحو مكنت السينما الحديثة بانيول من تحقيق ثأر لم يكن قد خطر في باله، على أي حال، هو الذي كانت السينما الأميركية نفسها قد كرمته قبل عقود حين اقتبست من ثلاثيته المارسيلية الشهيرة حكاية «فاني» لتقدمها في فيلم أميركي حقق نجاحات كبيرة في أواخر سنوات الستين. بهذا المعنى وبغيره يمكننا القول إن مارسيل بانيول، المولود عام ولادة السينما (أي في العام 1895) كان على الدوام – ولا يزال حتى اليوم – واحداً من أوائل وأهم الكتاب الذين أدركوا ضرورة الربط بين السينما والأدب. فهو منذ اكتشف فن السينما الناطقة، عند نهاية عشرينات هذا القرن، وأولع بها، حوّل نفسه من كاتب مسرحي إلى كاتب سينمائي، ثم بعد ذلك إلى مخرج سينمائي، قائلاً، إن السينما الناطقة فن يمكّن الأدب الروائي (والمسرحي) من أن ينتشر انتشاراً كبيراً بين أوسع قطاعات الناس، إضافة إلى أن فن السينما يتميز عن فن المسرح بقدرته، عبر اللقطات الكبيرة خاصة، على سبر أغوار النفس البشرية. روح إيجابية كان بانيول في بداية حياته العملية أستاذاً للغة الإنجليزية في الجنوب الفرنسي، ثم بدأ يكتب مسرحيات محلية تعبّر عن حياة الجنوب والريف بشكل عام. وهو حين انتقل إلى باريس العاصمة بعد ذلك فوجئ بأن مسرحياته معروفة ومستساغة، في الوقت الذي اكتشف فيه فن السينما فغرق فيه كلياً، كاتباً ومنتجاً ثم مخرجاً، معتمداً على ممثلين كبار اصطحب بعضهم معه من الجنوب: ريمو وفرنانديل بين آخرين. والحال أن الأفلام التي اقتبست من رواياته وتحدثت كلها بلكنة الجنوب الفرنسي الطريفة والمحببة، لقيت نجاحاً كبيراً حيثما عرضت، وكان من أبرزها: «ماريوس» (1931) «فاني» (1932) و«توباز» (1932) وهو لم يخرج أيا منها على أي حال. بعد ذلك فقط سوف يتحول إلى الإخراج عبر أفلام لم تلق نجاح الأفلام الأولى، وإن كانت أكدت قدرة السينما على خدمة العمل الأدبي. رغم علاقة مارسيل بانيول بالسينما، فإن الفرنسيين نظروا إليه أولا وخاصة باعتباره كاتبا ريفيا كبيرا، نقل إلى العاصمة وإلى عامة القراء حياة الريف وعاداته (وهو أمر يستسيغه اليوم أنصار البيئة الذين يمجدون بانيول تمجيدا كبيرا) وخلص الأدب الفرنسي من حذلقته المدينية السائدة. وبانيول، بصفته أديبا لا بصفته سينمائيا انتخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية ومجد تمجيدا رسميا وشعبيا كبيرا عند أواسط هذا القرن. وهو لئن كان قد توفي وسط شيء من الصمت كما أسلفنا، فإن فرنسا لا تزال تستعيد ذكراه بين الحين والآخر متسائلة بدهشة عن سر ذلك القدر الكبير من البراءة والنقاء الذي طبع أعمال كاتب عاش كل شرور القرن العشرين وتقلباته دون أن يفقد إيمانه بالانسان، وهو ما يمكن أن تفعله اليوم أيضا حيث تٌستعاد روايته الكارثية هذه ويمكن أن تُقرأ بذهنية إيجابية. المزيد عن: مارسيل بانيول/فرنسا/مارسيليا/الطاعون 42 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post شعر.. عبد الرَّحمن بسيسو : وَقَالَتْ لِيَ الأرْضُ next post زها حديد مخترعة “الدرجة 89” You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024 42 comments зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 23 مارس، 2024 - 7:03 م This post is actually a pleasant one it helps new internet users, who are wishing for blogging. Reply глаз бога телеграмм бесплатно 11 أبريل، 2024 - 9:19 م Greate article. Keep writing such kind of information on your blog. Im really impressed by your site. Reply глаз бога телеграмм 12 أبريل، 2024 - 5:55 م hey there and thank you for your information I’ve definitely picked up anything new from right here. I did however expertise a few technical issues using this web site, since I experienced to reload the site a lot of times previous to I could get it to load properly. I had been wondering if your hosting is OK? Not that I am complaining, but sluggish loading instances times will often affect your placement in google and can damage your high quality score if advertising and marketing with Adwords. Anyway I’m adding this RSS to my e-mail and can look out for a lot more of your respective intriguing content. Make sure you update this again soon. Reply глаз бога телеграмм 13 أبريل، 2024 - 3:27 ص Hi there, I found your web site by the use of Google even as searching for a comparable topic, your web site got here up, it looks good. I have bookmarked it in my google bookmarks. Reply глаз бога телеграмм 13 أبريل، 2024 - 1:48 م Wonderful beat ! I wish to apprentice while you amend your site, how can i subscribe for a blog web site? The account aided me a acceptable deal. I had been tiny bit acquainted of this your broadcast provided bright clear concept Reply глаз бога телеграмм бесплатно 14 أبريل، 2024 - 12:10 ص Hey there, I think your blog might be having browser compatibility issues. When I look at your blog site in Chrome, it looks fine but when opening in Internet Explorer, it has some overlapping. I just wanted to give you a quick heads up! Other then that, very good blog! Reply глаз бога бот 14 أبريل، 2024 - 10:37 ص Terrific article! This is the type of information that are meant to be shared around the web. Disgrace on the seek engines for not positioning this post upper! Come on over and seek advice from my web site . Thank you =) Reply глаз бога бот 14 أبريل، 2024 - 8:07 م Its like you read my mind! You seem to know so much approximately this, like you wrote the guide in it or something. I think that you simply could do with some % to drive the message house a bit, however other than that, this is magnificent blog. An excellent read. I’ll definitely be back. Reply глаз бога 15 أبريل، 2024 - 5:36 ص Now I am going to do my breakfast, when having my breakfast coming yet again to read further news. Reply глаз бога тг 15 أبريل، 2024 - 3:49 م I all the time emailed this weblog post page to all my associates, since if like to read it then my links will too. Reply глаз бога телеграмм 16 أبريل، 2024 - 2:10 ص Nice respond in return of this question with firm arguments and describing all concerning that. Reply глаз бога тг 16 أبريل، 2024 - 12:38 م It is appropriate time to make a few plans for the longer term and it is time to be happy. I have read this publish and if I may I want to recommend you few fascinating things or advice. Perhaps you could write next articles relating to this article. I want to read more things approximately it! Reply steam csgo live gamble sites 8 مايو، 2024 - 11:14 ص Hey very interesting blog! Reply Гомельский государственный университет имени Франциска Скорины 16 مايو، 2024 - 12:23 م Francisk Skorina Gomel State University Reply университет 17 مايو، 2024 - 12:20 م One of the leading academic and scientific-research centers of the Belarus. There are 12 Faculties at the University, 2 scientific and research institutes. Higher education in 35 specialities of the 1st degree of education and 22 specialities. Reply University 17 مايو، 2024 - 11:01 م ГГУ имени Ф.Скорины Reply Гомельский государственный университет имени Франциска Скорины 18 مايو، 2024 - 9:34 ص Крупный учебный и научно-исследовательский центр Республики Беларусь. Высшее образование в сфере гуманитарных и естественных наук на 12 факультетах по 35 специальностям первой ступени образования и 22 специальностям второй, 69 специализациям. Reply F. Skorina Gomel State University 18 مايو، 2024 - 8:19 م One of the leading academic and scientific-research centers of the Belarus. There are 12 Faculties at the University, 2 scientific and research institutes. Higher education in 35 specialities of the 1st degree of education and 22 specialities. Reply Гомельский государственный университет имени Франциска Скорины 20 مايو، 2024 - 4:58 ص Reply Гостиничные Чеки СПБ 25 مايو، 2024 - 3:38 ص I really like it when people come together and share opinions. Great blog, keep it up! Reply купить удостоверение тракториста машиниста 31 مايو، 2024 - 6:36 ص Good day very nice blog!! Guy .. Beautiful .. Amazing .. I will bookmark your blog and take the feeds also? I am satisfied to seek out so many useful information here in the post, we need develop more strategies in this regard, thank you for sharing. . . . . . Reply 乱伦色情 4 يونيو، 2024 - 5:13 ص I like the valuable information you supply in your articles. I will bookmark your weblog and test again here frequently. I am rather certain I will be informed plenty of new stuff right here! Good luck for the following! Reply www.russa24-diploms-srednee.com 11 يونيو، 2024 - 10:07 ص I will right away take hold of your rss as I can not find your email subscription link or newsletter service. Do you have any? Please allow me recognize so that I may subscribe. Thanks. Reply hot fiesta казино 14 يونيو، 2024 - 10:05 م Write more, thats all I have to say. Literally, it seems as though you relied on the video to make your point. You clearly know what youre talking about, why waste your intelligence on just posting videos to your site when you could be giving us something enlightening to read? Reply хот фиеста 15 يونيو، 2024 - 9:11 ص I’m impressed, I must say. Rarely do I encounter a blog that’s both educative and entertaining, and let me tell you, you have hit the nail on the head. The issue is something that not enough folks are speaking intelligently about. I am very happy that I stumbled across this in my search for something concerning this. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 2:15 ص Greetings from Idaho! I’m bored to death at work so I decided to check out your site on my iphone during lunch break. I enjoy the knowledge you present here and can’t wait to take a look when I get home. I’m amazed at how quick your blog loaded on my cell phone .. I’m not even using WIFI, just 3G .. Anyhow, fantastic site! Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 3:19 م obviously like your web-site however you need to test the spelling on quite a few of your posts. A number of them are rife with spelling problems and I find it very bothersome to tell the truth then again I will certainly come back again. Reply Теннис онлайн 30 يونيو، 2024 - 5:08 م I am really glad to read this webpage posts which consists of plenty of useful information, thanks for providing these information. Reply Теннис онлайн 1 يوليو، 2024 - 5:56 ص Wow that was odd. I just wrote an extremely long comment but after I clicked submit my comment didn’t show up. Grrrr… well I’m not writing all that over again. Anyways, just wanted to say fantastic blog! Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 8:40 ص Terrific article! This is the type of information that are supposed to be shared around the web. Disgrace on the seek engines for not positioning this post upper! Come on over and discuss with my web site . Thank you =) Reply автомойка под ключ 7 يوليو، 2024 - 3:11 م Франшиза автомойки позволяет быстро начать свое дело с проверенной моделью бизнеса и полным пакетом услуг от партнера. Reply мойка самообслуживания под ключ 9 يوليو، 2024 - 2:20 ص Строительство автомойки требует тщательного планирования и учета всех нормативов. Опытные специалисты помогут реализовать проект любой сложности с гарантией качества. Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 7:54 م Hello would you mind stating which blog platform you’re working with? I’m planning to start my own blog in the near future but I’m having a difficult time selecting between BlogEngine/Wordpress/B2evolution and Drupal. The reason I ask is because your design seems different then most blogs and I’m looking for something completely unique. P.S My apologies for getting off-topic but I had to ask! Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 9:43 م No matter if some one searches for his required thing, thus he/she wants to be available that in detail, thus that thing is maintained over here. Reply строительство автомойки 15 يوليو، 2024 - 3:41 م 1Мойка самообслуживания под ключ – уникальная возможность начать простой в управлении бизнес. Идеально для начинающих предпринимателей. Reply строительство автомоек под ключ 16 يوليو، 2024 - 12:15 ص Выбрав услугу “автомойка самообслуживания под ключ”, инвестор получает полностью оснащенную и готовую к эксплуатации моечную станцию без необходимости заниматься её организацией самостоятельно. Reply строительство автомойки 16 يوليو، 2024 - 8:43 ص 1Франшиза автомойки от нашей команды – это успешный бизнес с минимальными инвестициями. Давайте станем партнерами! Reply мойка самообслуживания под ключ 16 يوليو، 2024 - 5:30 م Заказывая автомойку под ключ, вы экономите время и деньги. Наши специалисты возьмут на себя все этапы работ, от разработки до ввода объекта в эксплуатацию. Reply строительство автомойки 17 يوليو، 2024 - 2:27 ص Выбирая франшизу автомойки, вы получаете готовый бизнес-план, маркетинговую поддержку и постоянное обновление технологий. Reply автомойка самообслуживания под ключ 17 يوليو، 2024 - 11:18 ص Автомойка самообслуживания под ключ – это экономия времени клиентов и вашего вложения в персонал. Будущее за инновациями! Reply купить JAC 18 أغسطس، 2024 - 10:27 م You made some decent points there. I looked on the web for more info about the issue and found most individuals will go along with your views on this site. Reply theguardian 22 أغسطس، 2024 - 4:27 م I love your blog.. very nice colors & theme. Did you create this website yourself or did you hire someone to do it for you? Plz reply as I’m looking to design my own blog and would like to know where u got this from. thanks Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.