الكتب بريشة ليونيد أفريموف (صفحة الرسام - فيسبوك) Uncategorizedثقافة و فنون الكتب رفيقة العزلة بمحتوياتها وملمسها ورائحة ورقها by admin 9 ديسمبر، 2024 written by admin 9 ديسمبر، 2024 13 المكتبة الشخصية أكثر من مجرد مجموعة عناوين بل هي انعكاس لشخصية الفرد وذكرياته ورؤاه الفكرية والواقعية اندبندنت عربية / لنا عبد الرحمن يقدم مارتشامالو في “أن تلمس الكتب” (دار تكوين، ترجمة مارك جمال)، رحلة تتبع العلاقة الحميمية بين الكتاب ومكتباتهم، من خلال تأمل صادق في الصلة الجسدية والعاطفية، التي تربط عشاق الكتب بمجموعاتهم، فالمكتبة الشخصية هي أكثر بكثير من مجرد مجموعة كتب، إنها انعكاس لشخصية الفرد وذكرياته، ورؤاه الفكرية والواقعية. ويستكشف الكاتب بدقة بنيوية الخصائص الغريبة لمحبي الكتب، بداية من كيفية تنظيمهم لأرففهم، إلى تفاعلهم مع الكتاب كجسم مادي، يضفي طابعاً حيوياً ومؤثراً بعمق. يدعو خيسوس القارئ إلى التفكير في عاداته الشخصية: هل تنظم كتبك أبجدياً أم حسب النوع، هل تضيف ملاحظاتك على الصفحات أم تحافظ عليها نقية؟ هذه التفاصيل الصغيرة التي تبدو تافهة تكشف كثيراً عن العلاقة الحميمية بين القارئ ومكتبته. الكتاب بترجمته العربية (دار تكوين – الكويت) تعد الكتب التي تتناول موضوع القراءة من أبرز أنواع الأدب، التي تحفز القارئ على التأمل في معنى القراءة نفسها، وفي العلاقة التي تجمع بين الإنسان والكتاب، لأنها لا تقتصر على مجرد سرد تاريخي أو ثقافي لفعل القراءة، بل تسعى إلى استكشاف التأثير العميق الذي تحدثه الكتب على الفكر والذاكرة والمجتمع. من بين هذه الأعمال كتب ألبرتو مانغويل “تاريخ القراءة”، و”المكتبة في الليل”، وغيرها من مؤلفاته، إذ يقدم مانغويل للقراء رحلة فكرية عميقة، يربط بين الكتب كأدوات معرفية، والقراءة كفعل ثقافي محوري في تاريخ الإنسانية، مع الغوص في الأبعاد الفلسفية والاجتماعية للقراءة، مستعرضاً تاريخها عبر العصور المختلفة، والكشف عن الدور الحيوي الذي تلعبه الكتب في تشكيل العقل البشري الجمعي. في المقابل يقدم خيسوس مارتشامالو، في كتابه “أن تلمس الكتب” تجربة أكثر حسية وشخصية، إذ يركز على الكتاب ككائن مادي له قدرة على إثارة الأحاسيس والمشاعر. يتأمل في الكتب، مقدماً رؤيته لها، التي تتجاوز كونها وسيلة للمعرفة، كي تصبح أشياء تحمل معها قيماً عاطفية وثقافية، تمنح القارئ تجربة شعورية خاصة، عبر استحضار الذكريات من خلال صفحات الكتب. العنوان نفسه، يركز على التجربة الحسية في قراءة الكتب واقتنائها. يحتفي المؤلف بالمتعة الملموسة المتمثلة في حمل الكتاب، وتقليب صفحاته، وحتى رائحة الورق القديم الفريدة، مذكراً القارئ بأهمية الكتب الورقية، في عصر تهيمن عليه الصيغ الرقمية بصورة متزايدة. عشاق الكتب تستحضر كتابة خيسوس مارتشامالو حالة من الحنين، خصوصاً لأولئك الذين يجدون الراحة في مكتباتهم، ويعدونها، ملاذاً للذكريات والأحلام، إذ يصبح فعل لمس الكتب، أشبه باستعارة للاتصال بالقصص والأفكار والمشاعر المخزنة بين صفحاتها، والأبطال الأحياء والموتى بين السطور، فالماضي يحضر حياً متدفقاً خلاباً عبر الكتب، والمستقبل يبدو استشرافياً ومحيراً، مع الكتب التي ترصده، وتدعي الرؤيوية الحقة، لكن بين الحالتين، ثمة قارئ متلبس بفعل القراءة يلوذ بها من اللحظة الآنية، نحو زمن آخر. المكتبة الشخصية (سوشيل ميديا) يمثل عمل مارتشامالو أيضاً تحية للقراء الذين ينظرون إلى الكتب كرفقاء، إضافة إلى حكاياته عن الكتاب المشهورين ومكتباتهم، مما يوضح أن حب الكتب يتجاوز حدود الزمان والمكان، مثلاً عند الحديث عن الشاعر الفرنسي ريلكه، يكشف عن أنه فكر بالتعافي من طريق القراءة، يقول، “ذات يوم، وبينما هو يقتطف وردة في حديقته، انغرزت شوكة، فأصابته بالتهاب غريب، ثم تفاقمت الإصابة نظراً إلى ابيضاض الدم الذي كان يعانيه. رفض ريلكه الحقن، واكتفى بالقراءة، مدافعاً عن حقه في اختيار طريقته في الموت، بدلاً من ذلك الموت الذي عرضه عليه الأطباء”. القارئ المنظم تمثلت الجنة بالنسبة إلى الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، في مكتبته، إذ يشير المؤلف إلى بورخيس، الذي قال عبارته الشهيرة: “كثيراً ما تخيلت أن الجنة ستكون على هيئة مكتبة”. وعلى رغم من فقدانه شبه الكامل للبصر، قضى بورخيس حياته محاطاً بالكتب، ورأى في المكتبات أماكن مقدسة. لقد ظل حبه للكتب قوياً، خالداً يعكس ارتباطه الفكري والعاطفي العميق بفعل القراءة، وهذا ما كشفه أيضاً ألبرتو مانغويل في كتابه “مع بورخس”. عكست مكتبة خوليو كورتاثار شخصيته الحرة والمبدعة، فبدلاً من التنظيم الدقيق، كان كورتاثار يحتفظ بكتبه بطريقة تبدو فوضوية، إذ يخلط بين الأنواع والمواضيع المختلفة، جسدت أرفف مكتبته حالة ذهنه المتشعب، وقدرته على إيجاد اللهب المزدوج بين الأفكار المتباينة. ثمة مفارقات في علاقة الكتاب مع مكتباتهم، بالغة الغرابة والطرافة، كأن يرتب الكاتب الكوبي ليساما مكتبته، لا حسب الترتيب الألفبائي، أو نوع العمل الإبداعي، بل حسب دور النشر، بالنسبة له هذا يسهل عليه الأمور كثيراً. لوحة بريشة ترافكو بوبوف (صقحة الرسام – فيسبوك) يناقش الكاتب أيضاً علاقة مارغريت يورسنار بمكتبتها الشخصية الضخمة. نظراً إلى أن أرفف المكتبة كانت منظمة بعناية، يعد أنها غالباً ما استلهمت أفكارها من مجموعة الكتب الكثيرة الممتدة على مد نظرها. كما يروي مارتشامالو كيف كانت علاقة الكاتب الإسباني فرانسيسكو أمبرال بكتبه عميقة وشخصية، وكيف عد أمبرال الكتب رفاقه في عزلته، فقد كانت مكتبته بمثابة ملاذ له، يجد فيه الطمأنينة، ويعثر على الأفكار التي تحاكي مخيلته. أما مكتبة الشاعر غارسيا لوركا، وعلى رغم أنها كانت صغيرة الحجم، فقد عكست اهتمامه العميق بالفن والفلكلور والشعر، كما أن الكتب التي امتلكها لوركا قدمت لمحات عن مصادر إلهامه، والعناصر الثقافية التي شكلت أعماله. يذكر المؤلف أسلوب ماريو فارغاس يوسا المنهجي في إدارة مكتبته، كل كتاب في مجموعته، مفهرساً ومنظماً بدقة، مما يعكس الانضباط والنظام اللذين يطبقهما على كتاباته وعاداته في القراءة. أما مكتبة فرجينيا وولف، فقد مثلت محوراً مركزياً في حياتها وعملها. فقد كانت تؤمن بضرورة وجود مساحة خاصة بها مليئة بالكتب، جسدت مكتبة وولف انعكاساً لأفكارها الواقعية، وسعيها الفكري. واشتهر أومبرتو إكو بمكتبته الشخصية الضخمة، التي تضم أكثر من 30 ألف كتاب، لكنه كان يرى أنها ليست مجرد مجموعة للعرض، بل مكاناً عملياً، يجب أن يثير الفضول والانخراط الفكري، تضمنت مكتبته طيفاً واسعاً من الأعمال، من الفلسفة والأديان إلى الأدب والخيال العلمي. تكشف هذه القصص كيف كانت مكتبة كل كاتب بمثابة مرآة لشخصيته وإبداعه. تحتفي هذه الحكايات بالعلاقات الشخصية، وغالباً ما تكون غرابة الأطوار، التي تربط الكتاب بكتبهم، كاشفة للثراء العاطفي والفكري للحياة المحاطة بالأدب. كتب ملعونة هناك كتب لا ينتهي القارئ من قراءتها، يذكر الكاتب أن إحدى الصحف نشرت تقريراً يسأل فيه 12 كاتباً معروفاً، عن الكتاب الذي لم يتسن لهم الانتهاء من قراءته. وبين هذه الكتب الملعونة، نجد “دكتور فاوستس” لتوماس مان، و”الكوميديا الإلهية” لدانتي، و”باراديسو” للكاتب الكوبي ليساما ليما، كما نجد “تحت البركان” للكاتب الإنجليزي مالكوم لوري، وللمفارقة رواية “يوليسيس” لجيمس جويس، التي تعد من الكتب الملعونة الراقدة قرب الفراش. يتضمن الكتاب سرداً لمواقف طريفة، تحصل مع الكتاب، كما حدث مع الكاتب الإسباني أندريس ترابييو، حين أحضر إلى بيته عاملاً لإصلاح عطل ما، فوقف ذاهلاً أمام مكتبته ثم سأله: “ماذا تعمل؟” أجابه: “أنا كاتب”، فأردف العامل سائلاً: “وهل كتبت كل هذه الكتب بنفسك؟”، بعد لحظة من الحيرة، أجابه ترابييو بأنه قد كتبها كلها، مبرراً ذلك بقوله، “وكيف أصيبه بالإحباط لو عرف أني لست الكاتب”. حادثة طريفة أخرى يرويها المؤلف عن الناشر جوزيف لويس مونريال، الذي استغرق أعواماً في تعلم كيفية التخلص من الكتب، لكنه لم يعد قادراً على التخلص منها بعفوية، بل إنه صار يحتفل بذلك أحياناً وسط احتفال مهيب، يمزق فيه الكتب، ثم ذات مرة، وهو على متن طائرة عائداً من معرض بوينوس آيرس للكتب، وجد أن الكتاب الذي يقرؤه سيئاً للغاية، إلى حد جعله يقطع الطائرة من أولها إلى آخرها، وهو ينتزع الصفحات مناولاً إياها للمسافرين، الذين كان بينهم عدد كبير من الزملاء المحررين والكتاب والوكلاء، ويوصيهم صراحة بألا يقرؤوا ذلك الكتاب. لكن في النتيجة، بعض الكتب لا غنى عنها، بل إنها ترغمنا على اقتنائها، والاحتفاظ بها إلى جوارنا، حتى نتصفحها بين الحين والآخر، ونلمسها ونضمها إلينا، ونتأبطها، ومن الكتب ما كان الافتراق عنه ضرباً من المحال، لأن فيه شذرات من خريطة الكنز. المزيد عن: المكتبات الشخصيةالكتبرائحة الورقالمحتوياتالذكرياتالفكرشخصية القارئفيرجينيا وولف 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post استعادة لوصية أمين الريحاني الفكرية والسياسية للعرب next post جيف نيكولز: صانع الأفلام يقرر كيف وليس ماذا يصور You may also like “الممتثل”… بين فضح الفاشية وتحليل النفس البشرية 12 ديسمبر، 2024 الشاعر السوري أدونيس يدعو لتغيير “المجتمع” وليس النظام... 12 ديسمبر، 2024 “ستموت في القاهرة” رواية عن شاه إيران وصراعاته 11 ديسمبر، 2024 بول شاوول يكتب عن: التجديد المسرحي العربي في... 11 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: طبق نحاسي من موقع... 11 ديسمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: قصة «أيمن» الحقيقي بطل... 11 ديسمبر، 2024 دي ميرابو… مع الثورة ولكن أليست الملكية أعدل؟ 10 ديسمبر، 2024 سامر أبو هواش يكتب قصيدة ما بعد غزة... 10 ديسمبر، 2024 كيف تثبت الروايات القصيرة مكانتها في الأدب الإنجليزي؟ 10 ديسمبر، 2024 ندى حطيط تكتب عن: نحو تاريخ ثقافي لـ«أوراق... 10 ديسمبر، 2024