عرب وعالمعربي القبضة الإيرانية… كيف أخرست دولة “العمائم السوداء” معارضيها؟ by admin 15 أكتوبر، 2022 written by admin 15 أكتوبر، 2022 40 الملاحقة والاستهداف والإعدامات تطول المنتقدين والمنشقين في الداخل والخارج ونجاح أي احتجاج يكمن في مدى استجابة قوى الأمن اندبندنت عربية \ أحمد عبد الحكيم صحافي @a7medhakim بأوامر من المرشد الأعلى حينها آية الله الخميني، وبإجراءات موجزة خارج نطاق القضاء، وثق المؤرخون والباحثون الحقوقيون في عام 1988 إعدام ما بين 3 و5 آلاف معارض سياسي مختلف التوجه في 32 مدينة على الأقل، كانت بمثابة ذروة حملة القمع التي بدأتها “دولة العمائم السوداء” بعد سقوط الشاه رضا بهلوي في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وقدرتها آنذاك بعض الجماعات الحقوقية بأنها ترقى لـ”جرائم ضد الإنسانية”. وفيما لم تخل الجمهورية الإسلامية من مشاهد الإعدامات والاستهداف وملاحقة المعارضين “الموثقة” في الداخل والخارج، طوال العقود الأربعة الماضية، فإن تصاعد الاحتجاجات الراهنة والمشتعلة منذ زهاء شهر، ضد حكام إيران “العازمين على الحفاظ على قبضتهم على السطلة بأي ثمن”، وفق توصيف مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، أعاد أسئلة المراقبين في شأن حجم القمع الذي طاول حركات المعارضة بمختلف أطيافها منذ نشأة ما يعرف لدى البعض بـ”دولة العمائم السوداء” عام 1979. كيف اختنقت حركات المعارضة الإيرانية في الداخل؟ وماذا عن من لم يتسع لهم وطنهم وبقوا قيد الاستهداف بالخارج؟ وأي مستقبل يسعى إليه من يمثلون “صوتاً مغايراً” لمن هم على هرم السلطة؟ هكذا يتساءل البعض لفهم طبيعة النظام السياسي الإيراني، الذي لطالما حفل سجله بـ”انتهاكات حقوق الإنسان”، واللجوء دوماً لأدواته القمعية، وتسخير السلطة القضائية التي كان لافتاً إعلانها الخميس 13 أكتوبر (تشرين الأول) أن القضاة تلقوا تعليمات بعدم التساهل في الأحكام التي سيصدرونها بحق من يظهر أنهم “العناصر الأساسيون للشغب”، وفق ما أفاد موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية. الصوت الواحد لم يكن الاستهداف وملاحقة المعارضين وتصنيفهم ضمن “الخونة والعملاء والمأجورين”، في التظاهرات الراهنة الآخذة رقعتها في الاتساع وتتصاعد مطالبها، بعد وفاة الفتاة الإيرانية الكردية مهسا أميني في أحد مراكز الاحتجاز الشهر الماضي على شرطة الأخلاق، مشاهد جديدة على إيران. نظام الجمهورية الإسلامية التي تأسست عام 1979، عندما أطاحت ثورة شعبية بنظام حكم الشاه محمد رضا بهلوي منح رجال الدين فرصة تولي مقاليد الحكم تحت قيادة المرشد الأعلى آية الله روح الله الخميني، عبر أقوى نفوذ سياسي في البلاد، مع صلاحية تعيين رؤساء الجهاز القضائي والجيش ووسائل الإعلام الرئيسة، إضافة إلى الموافقة على تولي رئيس الجمهورية المنتخب مهام عمله، فضلاً عن بقائه منصبه مدى الحياة (ما لم يحل حائل من دون قيامه بمهامه). وعلى رغم انخراط أغلب الأطياف السياسية في الثورة ضد الشاه خلال سبعينيات القرن الماضي “بدأت بعد نحو عامين ونيف بعض التيارات المعارضة تظهر داخل إيران، بعد تمكن رجال الدين من إحكام قبضتهم على السلطة، وبات رجل واحد يجمع كل السلطات الدينية والتشريعية والتنفيذية، مما اعتبر خطراً على مستقبل البلاد. تقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في تقرير سابق إنه في ذلك التوقيت “بدا التوافق بين التيارات الفكرة المختلفة مستحيلاً ووصل إلى طريق مسدود، إذ كان ينادي البعض بعدم التمييز بين الإيرانيين على أساس الدين أو العرق أو الطائفة، والعمل على بناء نظام اقتصادي أكثر انفتاحاً يمكن البلاد من حل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تعصف بها، وأدت إلى إطاحة الشاه”. أمام قمع حكام إيران الجدد لكل الأصوات المخالفة تباينت اتجاهات بعض حركات المعارضة في ذلك التوقيت، ولم تحمل الطابع السياسي على الصعيدين الخارجي والداخلي فحسب، بل مارس بعضها أنشطة عسكرية وسعي لمقاومة النظام. جرائم النظام وعلى قدر تمسك من سيطروا على السلطة بها تنوعت أدواتها في ملاحقة المعارضين واستهدافهم، إذ كتب ماثيو ليفيت مدير “برنامج راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب” بمعهد واشنطن، في أغسطس (آب) الماضي، أن “مؤامرة الاغتيال الخارجية الأولى التي نفذها عملاء إيران وقعت في بيثيسدا بولاية ماريلاند الأميركية خارج واشنطن عام 1980، وذلك بعد أن جند وكلاء إيرانيون ديفيد بلفيلد (المعروف أيضاً باسم داوود صلاح الدين)، وهو أميركي اعتنق الإسلام الشيعي، لاغتيال الدبلوماسي الإيراني السابق علي أكبر طباطبائي”. وأوضح ليفيت، نقلاً عن أحد المسؤولين الأميركيين العاملين في مجال مكافحة الإرهاب، أنه “في السنوات الأولى من نشأة النظام الإيراني الجديد رصدت أجهزة الاستخبارات الأميركية تورط عناصر تابعة له في نحو 50 جريمة قتل معارضين سياسيين وغيرهم في الخارج”. وأشار مدير “برنامج راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب” بمعهد واشنطن إلى أن إيران مضت في سياسة استهداف المعارضين في الخارج مع التركيز على أنشطة “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، المعروف أيضاً باسم “مجاهدي خلق”. في يوليو (تموز) الماضي، كان آخر تلك المحاولات التي أعلن عنها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بعد أن ألغى قمة كان من المقرر عقدها في ألبانيا، بعد تلقيه تحذيرات من سلطات البلد الأوروبي في شأن “تهديد إيراني محتمل”. أفراد من الحرس الثوري الإيراني في استعراض عسكري في طهران (رويترز) بدورها تذكر إحدى دراسات مركز “كارنيغي” لأبحاث السلام أن “من بين أحد أهم التوجهات الرئيسة لنظام الحكم في إيران على مدار العقود الماضية، هي إسكات أي تعبئة وحراك منظمين، ففي الحال يصبح الطلاب والمدافعون عن حقوق الإنسان وأنصار حقوق المرأة وقادة العمال والنشطاء الذين يرفعون لواء حقوق الأقليات مستهدفين، ويسيرون في حقل ألغام من القيود القانونية والخارجة عن نطاق القانون التي تفرض على حقهم في حرية التعبير والتجمع”. ولفتت الدراسة إلى ما حدث في التظاهرات الطلابية عام 1999، والاحتجاجات ضد “تزوير الانتخابات” في 2009، والخروج على سوء الإدارة الاقتصادية 2017، والاحتجاج ضد ارتفاع أسعار الوقود 2019، وهو الأمر الذي لطالما يدفع بمئات الناشطين والمعارضين لمغادرة البلاد، في وقت يبقى فيه آخرون يمضون سنيهم بالسجن. أمام منتدى سياسي سابق نظمه “معهد واشنطن” لدراسات الشرق الأدنى عام 2018، تحدث رضا بهلوي، نجل شاه إيران الراحل، قائلاً “منذ 1979 يعزز حكام إيران مصالحهم الأيديولوجية والاقتصادية على حساب الشعب الإيراني، فعلى الصعيد المحلي يمضون في قمع المعارضين واضطهاد النساء والأقليات الدينية”، وأن “النظام الإيراني يمارس انتهاك حقوق الإنسان بشكل منهجي”. في المقابل، لطالما يرى القائمون على الحكم بإيران في أي خروج أو تظاهر وحتى من يعارضون في الداخل أو الخارج أنهم “تهديد للأمن القومي”، ويجري التعامل معهم على أنهم مثيرون للقلاقل والفتنة. أبرز حركات المعارضة على غير أغلب الأنظمة السياسية حول العالم، تبقى إيران من بين الدول القليلة التي قادت فيها القبضة الأمنية إلى تكوين التيارات المعارضة من الخارج، خوفاً من الملاحقة والاستهداف والسجن وحتى الموت. ومن بين أكبر حركات المعارضة الإيرانية تأتي حركة “مجاهدي خلق” التي تأسست عام 1965 على أيدي مثقفي إيران من الأكاديميين بهدف إسقاط نظام الشاه، ولعب منتسبوها دوراً بارزاً في أحداث “الثورة” بعد أن أعدم نظام الشاه مؤسسيها وعدداً كبيراً من أعضاء قيادتها. وكما هو الحال في عهد الشاه، كان المصير نفسه في عهد “الجمهورية الإسلامية”، بعد أن اختلف “رفقاء الميدان” بعد فترة وجيزة من إطاحة رضا بهلوي. وأمام إعلان مواصلة “مجاهدي خلق” نضالها في الداخل والخارج لإسقاط النظام، أعدمت الحكومة الإيرانية عشرات الآلاف من أعضاء الحركة والمنتمين إليها. وكانت المنظمة قد بقيت في العراق كمقر رئيس لها لعقود، وقد غادرتها بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، ولجأ أعضاؤها إلى عدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألبانيا التي اتخذت المنظمة منها مقراً لها. وتحظر إيران المنظمة التي يشكل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية جناحها السياسي، لكنها تنشط في المنفى، سعياً لإطاحة النظام الديني. بجانب “مجاهدي خلق”، يأتي “المجلس الوطني للمقاومة”، الذي تأسس بمبادرة من زعيم حركة خلق مسعود رجوي في يوليو (تموز) 1981 بطهران، قبل أن ينقل مقره المركزي إلى باريس. وتنضوي تحت هذا المجلس أغلب القوى الديمقراطية المعارضة لنظام ولاية الفقيه، بهدف إسقاط النظام وتحقيق الديمقراطية في البلاد. وهو مكون من أمانة وستة أمناء يهتمون بالشؤون الإدارية الخاصة بالمجلس، وقد انبثقت عن المجلس 25 لجنة تشكل الهيكلية الرئيسة للحكومة الإيرانية الموقتة المستقبلية. في عام 1993، انتخب المجلس مريم رجوي رئيسة للجمهورية في إيران للفترة الانتقالية التي سيكون بعد سقوط النظام الحالي، على حد قولهم. ويحسب لذلك التجمع أنه كان السبب في الكشف عن التفاصيل الأولى من برنامج إيران النووي “السري” في 2002. كذلك تأتي حركة “النضال العربي لتحرير الأحواز” التي تأسست في الداخل الإيراني عام 1999، من قبل مجموعة من السكان العرب كحركة معارضة للوجود الإيراني في “إقليم الأحواز” (عربستان)، وهي تلك الحركة التي بدأت نشاطاً مسلحاً ضد إيران، في يونيو (حزيران) 2005، بهدف إنشاء دولة عربية في تلك الأراضي ذات الأغلبية العربية. ولطالما اتهمت الحركة إيران بأنها تقوم بعمليات تهجير قسري لسكان الأحواز العرب، بينما صنفتها الحكومة على أنها جماعة إرهابية، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 اغتيل زعيمها أحمد مولى أمام منزله في لاهاي بهولندا عبر كاتم صوت وثلاث رصاصات، لتتهم الحركة السلطات الإيرانية بالوقوف وراء عملية الاغتيال. أما “حزب الأمة”، الذي يعرف أيضاً باسم حزب “ملت إيران”، وهو حزب سياسي قومي ليبرالي ينشد الديمقراطية العلمانية وفصل الدين عن الدولة في إيران، أسس عام 1951 على يد المعارض داريوش فروهر، الذي بقي على رأس هرم الحزب حتى عام 1998، حيث اغتيل بطريقة غامضة. وبعد أن أحكم الخميني يده على السلطة في البلاد، حظر حزب “ملت إيران” وحزب “بان إيرانيست”، وغيرهما من الأحزاب القومية، مثل الجبهة الوطنية والتحالف الوطني، وتعرض مؤيدوهم للنبذ والاضطهاد. وفي المنفى كذلك كان هناك “حزب توده”، وهو حزب ماركسي لينيني إيراني تأسس عام 1941، اسمه يعني حزب الجماهير أو الشعوب الإيرانية، كان جزءاً من حركة المعارضة ضد محمد رضا بهلوي، ومنذ عام 1949 حظر مراراً وتكراراً في الداخل الإيراني، لذلك فإن نشاطه العلني في المنفى. وفيما باتت أغلب تلك الحركات من الخارج بشكل رئيس، لم يكتب الاستمرار في الداخل لما سمي “الحركة الخضراء” التي عدها بعض المراقبين، حين ظهورها على خلفية تظاهرات 2009، أن تكون بديلاً لمعارضة الخارج، وتكون المعارضة الرئيسة للنظام. وعلى رغم أنه بخلاف أغلب حركات المعارضة الأخرى، كانت “الحركة الخضراء” تقبل بالحكم الديني لإيران، مع ضرورة التطبيق “الصحيح” لدستور البلاد، بحسب ما أعلن في أكثر من مناسبة أبرز قادتها، وهما رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورئيس المجلس السابق مهدي كروبي، اللذان وضعا تحت الإقامة الجبرية المشددة في فبراير (شباط) 2011 بعد أن هدأت الاحتجاجات في البلاد. أفراد من قوات الباسيج الإيرانية خلال عرض عسكري (أ ب) وعلى وقع استمرار تأزم الأوضاع في الداخل الإيراني وتعدد مظاهر الاحتجاج، كانت هناك محاولات لتأسيس تيارات واسعة من حركات المعارضة، أبرزها عام 2019 حين تحرك مجموعة من الناشطين الإيرانيين الشباب خارج البلاد لتأسيس ما سمي “التيار الثالث”، الساعي إلى تشكيل جبهة معارضة ديمقراطية تمثل تطلعات الجيل الجديد من الشباب الذين ولد معظمهم بعد تولي النظام الحالي للسلطة في إيران منذ عام 1979. وفي بيان تأسيسه حينها، ذكر القائمون عليه، الذين يعتبرون أن إيران بلد متعدد القوميات والمذاهب والأديان أن “أكثر من نصف سكان البلد يتكون من القوميات غير الفارسية التي ذاقت الويلات جراء سياسات تعسفية ترجع أصولها إلى صياغة مفهوم القومية الإيرانية على أساسين رئيسين هما مذهب التشيع واللغة الفارسية منذ تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة”. وطالبوا بإعادة صياغة مفهوم المواطنة، بحيث يستوعب هوية القوميات الأخرى وخصوصياتها، ومن ثم تمثيلها في إطار برامج قوى المعارضة الفعالة للنظام الإيراني، معبرين عن اعتقادهم أن حل مشكلات إيران يكمن في تغيير النظام الحالي إلى جمهورية فيدرالية أو صيغة لا مركزية مماثلة تتفق عليها مكونات الشعب الإيراني، وتعطي الأولوية للبناء والتنمية واحترام حقوق الجميع. وفي أغسطس 2021، وبعد تولي إبراهيم رئيسي رئاسة البلاد، وهو من تتهمه جماعات حقوقية عدة بالتورط في أحداث “إعدامات 1988″، أصدرت 13 منظمة وحركة وحزب سياسي، بياناً مشتركاً لـ”الأمة الإيرانية” تعلن التنسيق فيما بينها من أجل تمهيد الطريق لـ”التضامن الوطني لإنقاذ إيران”. وفي بيانهم المشترك حينها، أعربت الـ13 منظمة وحركة وحزباً عن دعمهم لإسقاط نظام الحكم، قائلة “إننا مصممون على تعزيز هذا التعاون في أقرب وقت ممكن إلى مستوى من التنسيق المنظم”، مشددين على إيمانهم بـ”الديمقراطية والعلمانية وسلامة أراضي إيران والإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. وكان من بين الموقعين على ذلك البيان الجبهة الوطنية الإيرانية في الخارج والحزب الدستوري الإيراني وشبكة “فرشكارد” والمنظمة الخارجية للحزب الإيراني ومنظمة “التحالف من أجل بداية جديدة” وحزب الحرية والرفاه في إيران والمجتمع الديمقراطي الاجتماعي لإيران والحزب الديمقراطي العلماني لإيران ومنظمة نساء من أجل الحرية والمساواة وحركة الديمقراطية العلمانية في إيران. هكذا تقمع المعارضة من بين سياسات قمعية عدة يرتكز في قلبها نشاط الأجهزة الأمنية الموالية للمرشد، وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني وقوات “الباسيج”، في ملاحقة المعارضين لإبقاء النظام القائم “مقابل أي ثمن”. وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، قوات الباسيج شبه العسكرية التي تأسست بعد فترة وجيزة من الثورة الإيرانية عام 1979 لـ”أسلمة المجتمع”، تعد سلاح المرشد في الداخل لـ”سحق المعارضين والاحتجاجات” على مدار العقدين الأخيرين. وأشارت الوكالة إلى أنها قوات الباسيج هي من تقود “عمليات القمع الممنهجة ضد المتظاهرين والمعارضين”، موضحة أنها “ميليشيات مسلحة تظهر بشكل كبير عند أولى علامات الاحتجاج في إيران، هم رجال يرتدون ملابس سوداء ويركبون دراجات نارية ويحملون البنادق أو الهراوات في كثير من الأحيان”، ويعرفون أيضاً باسم “قوات الصدمات”. خلال الاحتجاجات الراهنة التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني، الشابة التي قتلت أثناء الحجز في مركز لشرطة الأخلاق الشهر الماضي، انتشرت قوات الباسيج في المدن الكبرى، وهاجمت واحتجزت متظاهرين، وهو ما قالت في شأنه الوكالة الأميركية، إن السؤال في شأن إمكانية نجاح أي احتجاجات أو تحركات معارضة في الداخل يكمن في الإجابة عن مدى “معرفة كيفية استجابة الباسيج وقوات الأمن الأخرى للغاضبين”. من جانبه، ووفق ما كتبه ماثيو ليفيت مدير “برنامج راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن”، تحت عنوان “مواجهة مؤامرات الحرس الثوري الإيراني”، فإن استهداف إيران من خلال عمليات خارجية لأعدائها المفترضين، عبر عناصر الحرس الثوري تشمل “المنشقين السياسيين أو من ينتقدون النظام أو حتى الشخصيات الأجنبية الداعمة لهم لمكافحة السلوكيات الخبيثة للنظام الإيراني”، موضحاً أن المسؤولين الإيرانيين يرون في ذلك “وسيلة فعالة من حيث الكلفة لحماية النظام الثوري في طهران”. وقال ليفيت “تستمر مخططات الاغتيال والمراقبة والاختطاف الإيرانية بلا هوادة على رغم الدعاية السلبية التي ترافق اعتقال العملاء الإيرانيين”. وأشار إلى أنه “بعد إلقاء القبض على دبلوماسي إيراني وعملاء آخرين في أنحاء أوروبا بتهمة التخطيط لتفجير تجمع خاص بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في يوليو 2018 بباريس، ربط المدعون البلجيكيون المؤامرة صراحة بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية التي تشمل مهامها بشكل أساسي المراقبة المكثفة لجماعات المعارضة داخل إيران وخارجها ومحاربة هذه الجماعات”. وأوضح “قد دين الدبلوماسي الإيراني وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً لدوره في المؤامرة، لكن على مدار السنوات الثلاث التالية، تابع الوكلاء الإيرانيون السعي إلى تنفيذ نحو 26 مؤامرة عبر قارات متعددة”. وبحسب ليفيت تشير البيانات إلى أن إيران تسعى بقوة إلى تنفيذ مؤامرات الاغتيال والاختطاف والإرهاب والمراقبة الدولية، حتى في الأوقات والأماكن الحساسة بشكل خاص، فباستثناء الفترة التي امتدت 23 شهراً بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، حين سعت إيران بنشاط إلى تجنب الوقوع في “الحرب على الإرهاب”، نفذ العملاء والوكلاء الإيرانيون عملياتهم. يعزز حكام إيران مصالحهم الأيديولوجية والاقتصادية على حساب الشعب ويمضون في قمع المعارضين واضطهاد النساء والأقليات الدينية (أ ف ب) وفي تقرير سابق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أرجع أحد الأسباب الرئيسة لاستمرار النظام الإيراني في هذا النهج طوال العقود الماضية إلى اعتقاد مسؤوليه أن “بإمكانهم القيام بذلك من دون تكبد أي كلفة تذكر أو من دون دفع الثمن على الإطلاق، كما ترى إيران أن الفوائد المحتملة لمثل هذه العمليات كبيرة، في حين أن كلفة اكتشاف اضطلاعها بها منخفضة، وعادة ما تكون موقتة”. ويرى ليفيت أن المرة الوحيدة التي وحد فيها المجتمع الدولي صفوفه وفرض كلفة دبلوماسية منسقة على إيران هي بعد أن وجدت محكمة ألمانية أن إيران مسؤولة عن الهجوم الذي وقع بمطعم ميكونوس في برلين عام 1992، والذي قتل فيه صادق شرفكندي رئيس جماعة معارضة كردية إيرانية. ولفت إلى أنه بعد هذه الحادثة سحبت دول أوروبية عدة سفراءها لفترة وجيزة من طهران، لكنهم سرعان ما عادوا، وبينما تم إلقاء القبض على عدد قليل من المهاجمين وإدانتهم، فإنه لم تتم أبداً محاسبة القادة الإيرانيين المتورطين في الهجوم. كذلك كتب رحيم حميد الصحافي المدافع عن حقوق الإنسان والباحث بـ”مركز دراسات دورانتاش” في كندا، في مارس (آذار) 2019، أن الاستهداف الإيراني لم يطل المعارضين والمنتقدين والمنشقين وحسب، بل تخضع الأقليات غير الفارسية لاضطهاد أكبر بكثير، إضافة إلى القمع الاستبدادي المعياري الذي يمارسه النظام، الذي يعامل الشعوب غير الفارسية كمواطنين من الدرجة الثانية، ويحدث كل ذلك على رغم الضمانات الدستورية المفترضة لحماية حقوقهم”. وقال حميد “تتم معاملة أي جهد تبذله أي أقلية في سبيل إطلاق حملة أو ممارسة الضغط لصالح حقوق الإنسان بمثابة مسعى جنائي تلقائياً، فتسجن الدولة الناشطين، وغالباً ما تصدر حكم الإعدام بحقهم على خلفية تهم مثل الإفساد في الأرض ومحاربة الله ورسوله”، كما ويتم تلفيق التهم المبنية غالباً على اعترافات بجرائم لم يرتكبها مطلقاً المتهم، وينطق بها تحت التعذيب. ومع أن الفرس هم أكبر مجموعة إثنية داخل إيران، فإن هناك إثنيات أخرى غير الفارسية تشكل نصف إجمالي عدد السكان، وتبلغ نسبة كل من هذه الأقليات الست الأكبر مجتمعة (الأحوازيين والأكراد والأتراك والبلوش والتركمان والقشقايين والقزوينيون أو الكاسيين وقبائل اللور)، نحو 50 في المئة من عدد السكان، وتتمركز في مناطقها الخاصة إلى حد كبير، وتشهد تلك المناطق، ولا سيما الأحواز، احتجاجات منتظمة ومستمرة تقريباً. المزيد عن: إيران\احتجاجات إيران\وفاة مهسا أميني\انتفاضة إيران\الحرس الثوري\المعارضة الإيرانية\دولة العمائم السوداءآ\ية الله الخميني\الشاه رضا بهلوي\الجمهورية الإسلامية\مهسا أميني 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل يثير فوز عبداللطيف رشيد “عش الدبابير” في كردستان؟ next post مسؤول إيراني مرتبط بقمع النساء يدير منظمة بريطانية خيرية You may also like المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024 النزاع الإيراني- الإسرائيلي: دور روسيا “المحايد” على المحك 28 نوفمبر، 2024 بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية… هل حن الليبيون... 28 نوفمبر، 2024 مناطق لبنان المدمرة… قنابل موقوتة بما تحويه 28 نوفمبر، 2024 كيف قرأ سياسيو لبنان اتفاق وقف النار وهل... 28 نوفمبر، 2024 خريطة الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان وسيناريوهات الانسحاب 28 نوفمبر، 2024