ثقافة و فنونعربي “العاشقان” لماغريت لوحة لزمن كورونا by admin 16 أبريل، 2020 written by admin 16 أبريل، 2020 22 مرة أخرى مَنْ يقلّد مَنْ: الفن أم الحياة؟ اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب هل هي معجزة صغيرة من معجزات الفن، تلك التي تجعل أربع لوحات لرسام بلجيكي، تعود لتشغل الناس ويُجرى تناقلها بدهشة في زمن كورونا والعزلة والأقنعة الذي نعيش في خضمّه؟ الحقيقة، أن في الرسائل وربما عشرات ملايين الرسائل التي يبعثها الناس إلى بعضهم بعضاً على سبيل التسرية أو التفكّه أو التعبير عن الشفقة على الذات أو تعزية هؤلاء الناس لبعضهم بعضاً، تحلّ ثانية في تراتبية اللوحات المرسلة الأكثر انتشاراً، بعد تلك التي تحلّ في المرتبة الأولى: لوحة “الخليقة” لميكائيل آنجلو، واحدة أو أخرى من أربع لوحات رسمها الفنان ماغريت في عام 1928 تباعاً، لكن من دون أن يخطر في باله أمران على الأقل: أولهما أن تلك اللوحات سوف تنتشر بصورة مدهشة بعد أقل من قرن، لكن لغايات تختلف تماماً عن تلك التي كان يتوخاها هو الذي كان يأمل من تلك اللوحات أن تُقدّمه من الباب العريض إلى جماعة السورياليين في باريس، وثانيهما أن اللوحات نفسها سوف تأتي، لتؤكد من جديد كيف أن الحياة تقلّد الفن، في وقت يقول الناس جميعاً إن الفن الأهم هو ذلك الذي يقلّد الحياة. والحقيقة، أن من يشاهد اللوحة المرفقة مع هذا المقال سيدرك من فوره ما الذي نعنيه، بل سيدركه بالطبع أكثر كثيراً مما كان من شأن الفنان صاحب اللوحة أن يفعل لو إنه بُعث حيّاً بيننا وشاهد ما نشاهده. وما نعنيه هو بالطبع ذلك القناع الذي بات لا بدّ من ارتدائه في كل لحظة وحين في أيام كورونا للحيلولة دون أن ينقل الناس الوباء إلى بعضهم بعضاً. قناع كامل صحيح، أن القناع في اللوحة وأخواتها يشمل الوجه كله، بحيث لا يشاهد العاشقان بعضهما بعضاً، إذ في المبتغى الأصلي للعمل الفني لم يكن لانتشار الوباء علاقة بالقناعين الفاصلين بينهما. ومع هذا تنبني رمزية اهتمام الناس بمن فيهم أولئك الذين لم يسبق لهم أن سمعوا بماغريت أو رأوا أياً من أعماله من قبل، ضمن إطار ضرورات المرحلة ومعانيها. ومن هنا يعود الفن “النخبوي” إلى الواجهة من جديد من دون معرفة صاحب الفن أو إذنه. وقبل العودة إلى ماغريت نفسه لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن النقاد والمؤرخين غالباً ما انكبّوا على دراسة هذه اللوحة وأخواتها الثلاث، كما يفعلون عادة بالنسبة إلى القسم الأكبر من إنتاج ذلك الفنان البلجيكي المدهش، فيجدون مفتاحاً للفهم، لكن تغيب عنهم مفاتيح كثيرة أخرى، واختلفوا في التفسير. اقرأ المزيد “ثلاثية الجزر” لبرغمان… تلك الوحوش تلتهمنا “نهم” للبولندي ويتكيفيتش… استفزاز حتى الجنون لكن، المهم أنّ اللوحات الأربع مرسومة بنفس واحد، وربما بتزامن مقصود، وبنفس المقاييس (73 سم × 54،2 سم لكل لوحة)، ومرقمة بالروماني من واحد إلى أربعة، لكنها تعيش الآن موزّعة في عدد من المتاحف (تلك التي نقدمها هنا توجد في مجموعة خاصة ببروكسل). والطريف أن أكثر محاولات التفسير توافقت على فكرة أن “الحب أعمى”، وليس على العاشقَين أن يريا بعضهما لكي يتحابّا. وهو تفسير من شأنه طبعاً أن لا يرضي الفنان الذي نادراً ما قَبِل بأن يفسّر فنه بتلك الطريقة المغرقة في “واقعيتها”، وربما في “وعظيتها” أيضاً. وثمة في هذا السياق أيضاً تفسير آخر يربط اللوحات بصورة ما بذكرى أم الفنان التي انتحرت غرقاً بينما كان هو لا يزال مراهقاً. ومن ناحية أخرى يقترح أحد المفسرين نظرية ثالثة، مفادها أن ماغريت ربما يكون قد رسم الرغبة نفسها، بصورة سيكولوجية، من خلال الغياب الحسّي لهوية العاشقين. مهما يكن من أمر، لا شكّ أنّ ما من واحد من المفسّرين تمكّن من الوصول إلى تفسير يتعلق بـ”الوظيفة” التعبيرية “الجديدة” لهذه اللوحات على ضوء كورونا وأقنعتها. أمّا بالنسبة إلى ماغريت نفسه فإننا نجدنا نعود هنا إلى حكاية تتعلق بانتشار لا بدّ من ذكره لصور للوحاته في عديد من البيوت العربية، وذلك من قبل كورونا بسنوات عديدة. لكنها حكاية أدبية لا حكاية فنية، ولا علاقة مباشرة للوحاته بها! كما أنّ ماغريت نفسه حين رحل عن عالمنا في عام 1967، لم يكن عارفاً بالطبع أنه بعد سنوات قليلة سيكون واحداً من أكثر رسامي العالم انتشاراً في العالم العربي. بل من المؤكد أنه حتى لو عاش في أيامنا هذه لن يدري شيئاً حول انتشاره العربي المفاجئ. دور غادة السمان حسناً، لكيلا يبدو كلامنا هذا أحجية من الأحجيات سنبادر إلى التفسير: إن الكاتبة العربية غادة السمان، هي إلى جانب نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، الروائية والكاتبة العربية الأكثر انتشاراً، بحيث إن كل كتاب من كتبها يوزّع بعشرات ألوف النسخ، ويكاد يوجد في كل بيت فيه قراء. ومنذ نصف قرن من الزمن تقريباً، بدأت غادة السمان تنشر كتبها القديمة وكتباً جديدة لها عن دار نشر خاصة بها، وبأغلفة موحدة التصميم، قاسم معظمها المشترك وجود لوحة للفنان رينيه ماغريت عليها. وهكذا تحديداً كان دخول لوحات ماغريت إلى بيوت عربية عديدة. والحال، أن اختيار غادة السمان لوحات ماغريت تزين أغلفة كتبها لم يأتِ وليد صدفة من الصدف، بل إن في أسلوب كاتبتنا العربية غرابة منتزعة من صلب الواقع، ومزجاً للأزمنة، ما يحيلنا مباشرة إلى الأسلوب الذي تبنّاه الفنان البلجيكي الشهير في معظم لوحاته. فبالنسبة إلى ماغريت يكفي تضافر قبعة ووجه، أو طير ونافذة، أو أصابع وحذاء، لخلق لوحة تقف متوازية مع واقعية العالم، تخرج عنها، تحيل إليها ولكن من دون أن تستند في ذلك إلى أي عناصر غريبة، كما هي الحال مثلاً مع سوريالية سلفادور دالي ذات الأشكال المشوّهة والساعات الممطوطة والحيوانات الخرافية. فماغريت كان يرى أن الواقع نفسه سيبدو لنا حافلاً بالغرابة، إذا عرفنا كيف نعيد ترتيب عناصره وفق مزاجنا أو رؤيتنا. والحال، أن ما يفعله ماغريت في لوحاته ما هو إلا ترتيب وإعادة ترتيب عناصر الواقع مما يكشف عمّا كان فرويد يسميه “الغرابة المقلقة”، ونحن في إزاء لوحات ماغريت تجدنا دائماً أمام غرابة مقلقة، لا نطمئن إلا إذا جزّأنا عناصرها وفصلناها عن بعضها بعضاً، فارتحنا إلى عاديتها. واحدٌ من أعلام السوريالية وُلد رينيه ماغريت في بروكسيل عام 1898، وبدأ منذ صباه يمارس هواية فنية نهلت من الكلاسيكية الفلامنكية، وطبعت عمله بطابع مدرسي، حتى كان عام 1923، إذ اكتشف الفنان المجتهد الشاب أعمال الرسام الإيطالي السوريالي جورجيو دي كيريكو، فإذا بتلك الأعمال تُحدث لديه انقلاباً كبيراً في رؤيته واختياراته، وتُوجّهه نحو تبني التيار السوريالي، الذي سيتبناه حتى النهاية فيكون علماً على أعماله ويكون هو واحداً من كبار أعلامه، إلى جانب دالي وايف تانغي وماكس آرنست، وغيرهما. أمّا في بلجيكا، فيعد ماغريت على الدوام كبير المدرسة السوريالية إذا استثنينا فن بول دلفو ذا الطابع السوريالي الرومانسي. إذا أسقطنا من مسار رينيه ماغريت فترة أربعة أعوام (1943 – 1947) حاول خلالها أن يحقق لوحات انطباعية حديثة ففشل في ذلك، يمكننا أن نقول مع مؤرخي فن ماغريت، وكاتبي سيرة حياته، إنه ظل طوال عمره أمينا لأسلوب “بارد يقترب من أسلوب الخداع البصري”، وتمتزج فيه الغرابة بتعمد إثارة القلق، والأسرار بالفكاهة السوداء، وتلك هي، على أي حال، العناصر الأربعة التي شكّلت وتشكّل أساس التيار السوريالي. ومن هنا عُدَّ ماغريت سوريالياً خالصاً، على الرغم من خلافه مع أندريه بريتون وشلته من عتاة السورياليين، خلال فترة احتكاكه بهم حين أمضى سنوات عديدة في باريس بين 1927 و1930. كل هذا منطقي ومعروف بالطبع للمهتمين بالفن التشكيلي، غير أن ما لم يخطر لأحدهم في البال، كان تلك الظروف الصحية التي ستطل في بدايات القرن الواحد والعشرين لتعطي بعض لوحات ماغريت معنى بالغ الغرابة والقوة وغير متوقّع على الإطلاق… رغم “واقعيته” المذهلة! المزيد عن: الفنان ماغريت/لوحات ماغريت/غادة السمان/لوحات العشاق/السوريالية 20 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فلسطينيون يخترعون كبسولة طبية تعزل مصابي كورونا بالكامل next post عبد الرحيم الحويطي: من هو السعودي الذي “قتله مشروع نيوم”؟ You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 20 comments Loyd 20 يونيو، 2020 - 6:54 م An intriguing discussion is definitely worth comment. I do believe that you should publish more on this subject, it may not be a taboo matter but typically people don’t discuss these subjects. To the next! Kind regards!! Also visit my web site; come g Reply Barney 22 يونيو، 2020 - 8:29 م I simply couldn’t depart your web site prior to suggesting that I really enjoyed the standard information an individual provide to your guests? Is gonna be back continuously in order to check out new posts Visit my web site – rsacwgxy g Reply Jaqueline 25 يوليو، 2020 - 9:40 م Peculiar article, totally what I was looking for. Here is my web-site – web hosting company Reply Gonzalo 26 يوليو، 2020 - 11:28 م It’s an remarkable piece of writing for all the online visitors; they will obtain benefit from it I am sure. Also visit my web blog :: hosting services Reply Dolly 30 يوليو، 2020 - 10:11 ص Hi there, just became aware of your blog through Google, and found that it’s truly informative. I’m going to watch out for brussels. I will appreciate if you continue this in future. Numerous people will be benefited from your writing. Cheers! adreamoftrains best hosting best web hosting company Reply Sammy 31 يوليو، 2020 - 4:11 ص What i don’t realize is in fact how you are now not actually a lot more well-liked than you might be now. You are so intelligent. You recognize thus considerably with regards to this topic, made me for my part consider it from so many numerous angles. Its like women and men don’t seem to be fascinated until it’s something to accomplish with Lady gaga! Your individual stuffs excellent. All the time care for it up! my webpage … skyscanner uk Reply Ramona 7 أغسطس، 2020 - 3:17 م Hey! I know this is kind of off-topic but I needed to ask. Does managing a well-established website like yours take a lot of work? I’m completely new to operating a blog however I do write in my journal everyday. I’d like to start a blog so I will be able to share my personal experience and thoughts online. Please let me know if you have any kind of ideas or tips for brand new aspiring blog owners. Appreciate it! my web-site … best web hosting company Reply Dusty 24 أغسطس، 2020 - 2:43 م I believe what you published made a lot of sense. However, think about this, suppose you were to create a killer headline? I ain’t saying your content is not solid, however suppose you added something to possibly get people’s attention? I mean "العاشقان" لماغريت لوحة لزمن كورونا – CANADA VOICE is a little vanilla. You might peek at Yahoo’s home page and watch how they create article titles to grab viewers to open the links. You might try adding a video or a related picture or two to get readers interested about everything’ve got to say. In my opinion, it might bring your website a little livelier. cheap flights y2yxvvfw Reply Samara 24 أغسطس، 2020 - 11:15 م Hi there, I enjoy reading all of your article post. I wanted to write a little comment to support you. 34pIoq5 cheap flights Reply Malinda 5 سبتمبر، 2020 - 11:58 ص Incredible! This blog looks just like my old one! It’s on a entirely different subject but it has pretty much the same page layout and design. Excellent choice of colors! Feel free to visit my blog post – website hosting companies Reply FevbAnops 15 نوفمبر، 2020 - 8:51 م viagra purchase online viagra super force side effects directions for viagra Reply Frbhevege 16 نوفمبر، 2020 - 7:56 ص viagra withot a prescription https://paradiseviagira.com/ viagra store in las vegas Reply FnrhAnops 24 نوفمبر، 2020 - 3:14 م viagra, on line cialis vs viagra preview on viagra gold Reply FbsbAnops 9 ديسمبر، 2020 - 3:06 ص find cialis online cialis 800mg cialis 20mg pills Reply Fgnsevege 9 ديسمبر، 2020 - 4:44 ص cialis kidney function cialis price generic cialis in texas Reply FwsxAnops 9 يناير، 2021 - 3:12 ص erectile dysfunction treatment med rx pharmacy erectile dysfunction pills Reply JtmfAnops 9 يناير، 2021 - 6:13 م 24 hr pharmacy near me erectile dysfunction treatment canadian pharcharmy Reply LokuAnops 10 يناير، 2021 - 8:18 ص tops pharmacy discount pharmacy treatment for erectile dysfunction Reply FqhhAnops 3 فبراير، 2021 - 9:31 م online order medicine aarp approved canadian online pharmacies drugs from canada with prescription Reply Aqcfhadopound 4 فبراير، 2021 - 6:43 م cialis with dapoxetine 80mg buy original cialis 10 mg cialis ordering Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.