وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (وسط) شدد اخيراً على أن السودان يجب ألا يُنسى (حسابة على إنستغرام) عرب وعالم الدور البريطاني في إنهاء حرب السودان بين الطموح والخيبة by admin 29 يناير، 2025 written by admin 29 يناير، 2025 28 يأخذ بعض المتابعين على لندن أن دورها ليس بحجم علاقاتها التاريخية مع الخرطوم اندبندنت عربية / جمال عبد القادر البدوي صحفي سوداني على رغم مرور ما يقارب عامين على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فإن الجهود والوساطات الدولية والإقليمية كافة التي بذلت تعثرت وفشلت في وقف الحرب حتى الآن، إذ أحرز بعضها شيئاً من التقدم لكنه توقف عند منتصف الطريق. في هذه الأثناء أعلنت بريطانيا عزمها تنشيط الجهود الدولية بالدعوة إلى مؤتمر دولي لتحقيق التزام جديد بدعم عملية سياسية لإنهاء الصراع بالسودان، فكيف ينظر المتخصصون والمراقبون إلى الدور البريطاني تجاه حرب السودان؟ بخاصة بالنظر إلى العلاقات التاريخية بين البلدين، كونها الحاكم الاستعماري السابق للسودان، وحامل قلمه الحالي في الأمم المتحدة، والمسؤولة عن صياغة قرارات وقيادة المفاوضات في مجلس الأمن الدولي. الدعوة البريطانية في نهاية الأسبوع الماضي دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى “تحرك دولي عاجل لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان”، مشدداً على أن “السودان يجب ألا ينسى”. وعبر لامي عن عزم حكومته تنظيم اجتماع دولي على مستوى وزراء الخارجية بهدف حشد الدعم وتحقيق التزام دولي جديد لدعم عملية سياسية تنهي الصراع الدامي في السودان، وضمان وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً. وطالب الوزير البريطاني، خلال زيارة خاطفة إلى مدينة أدري ومعسكرات اللاجئين السودانيين على الحدود التشادية – السودانية، المجتمع الدولي بعدم نسيان الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان التي لا يمكن تجاهلها. وأعلن لامي عزم حكومته تقديم 20 مليون جنيه استرليني (25 مليون دولار تقريباً) إضافية لدعم اللاجئين الفارين من الحرب في السودان، تشمل هذه المساعدات تعزيز إنتاج الغذاء وتحسين المأوى ومياه الشرب والرعاية الصحية والتعليم، وذلك ضمن خطة أوسع أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ضاعفت خلالها دعمها الإنساني للسودان إلى 226 مليون ونصف مليون جنيه استرليني (283 مليون دولار تقريباً)، لتغطية توفير الغذاء لنحو 800 ألف نازح، أكثر من 88 في المئة منهم نساء وأطفال. كفارة التقاعس في السياق وصف وزير الخارجية السوداني السابق إبراهيم طه أيوب تصريحات وزير الخارجية البريطاني إثر وقوفه على الوضع المأسوي للفارين من جحيم الحرب الأهلية في السودان وتأكيده الحاجة إلى حل عاجل يوقف الحرب المدمرة، بأنها “تتسق مع مسودة القرار الذي سبق وقدمته بريطانيا لمجلس الأمن الدولي وأيده جميع أعضاء المجلس لكن أفشله الفيتو الروسي”. وأعرب أيوب عن أمله في أن يجري “عقد المؤتمر الدولي الذي تدعو إليه بريطانيا لإنهاء الحرب في السودان عله يكون كفارة عن مواقفها السابقة التي اعتقد بعضهم أنها تقاعس من جانبها في السعي إلى مساعدة السودان منذ بداية الحرب، وهو ما فسره بعض المتابعين بأنه ناتج من ضعف حكومة حزب المحافظين السابقة وانكماش دورها الخارجي كنتيجة طبيعية للانقسامات داخلها”. وأشار وزير الخارجية السابق إلى أن “المؤتمر المرتقب من شأنه أن يمارس مزيداً من الضغوط على القوى المسلحة التي تعمل على استمرار الاقتتال وتعرض أرواح المواطنين لأخطار القتل والمجاعة”، وتابع أن “وضع بريطانيا كصاحبة القلم على مستوى مجلس الأمن الدولي يضعها في الواجهة الدولية للدفاع عن مصالح السودان وشرح التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية فيه، وذلك مؤشر آخر على الأهمية التي تتمتع بها بريطانيا في الشأن السوداني دون غيرها من الدول”. عناصر من الجيش السوداني في بحري يحتفلون بفك الحصار عن القيادة العامة (رويترز) ثقل سياسي ويعتقد أيوب أن “بريطانيا وعلى رغم خروجها من الاتحاد الأوروبي لكنها لا تزال تحتفظ بثقلها السياسي وسط القوى العالمية، وبخاصة لدى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، فضلاً عن علاقاتها الوطيدة مع الدول الخليجية، مما يرشحها لأن تكون عاملاً أساسياً في استقرار السودان في فترة ما بعد الحرب، ليس من باب استدامة السلام والاستقرار فحسب، بل أيضاً من حيث متطلبات إعادة تعمير ما دمرته الحرب في المجالات كافة”. وزاد “تتمتع بريطانيا دون غيرها من دول العالم بعلاقات تاريخية وثقافية وحضارية واقتصادية مع السودان تضعها في المرتبة الأولى بين تلك الدول، فضلاً عن أن الشعب السوداني ينظر إلى تلك العلاقات بكثير من الود والاحترام والتقدير، بخلاف نظرة بقية شعوب القارة الأفريقية التي تناصب القوى الاستعمارية السابقة العداء المستحكم كما هو واضح في دول الساحل الأفريقي على سبيل المثال”. ويختتم وزير الخارجية السابق حديثه بالإشارة إلى “الثقة الهائلة التي تتمتع بها بريطانيا وسط القوى السياسية على الساحة السودانية، على مستوى الأحزاب وقوى المجتمع المدني باليسار واليمين، يقابل ذلك وجود قوى سياسية وأكاديمية واجتماعية عدة داخل المملكة المتحدة تبدي اهتماماً ومتابعة لصيقة بما يحدث في السودان، نتيجة صلات ربطت بعض الشخصيات البريطانية بالسودان أو من خلال عملها إبان الفترة الاستعمارية السابقة أو من كانوا امتداداً لها”. جهود متواصلة من ناحيته يرى السفير الصادق المقلي أنه “على رغم تزامن الحرب في السودان مع تطورات خطرة في أوروبا والعالم، قللت من اهتمام دول المعسكر الغربي بالحرب في السودان، مثل تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا، وحرب غزة، والاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية ولبنان، وإعاقة الحوثيين الملاحة البحرية الدولية، لكن وبحكم الارتباط التاريخي بين البلدين ظلت الجهود البريطانية الهادفة إلى وضع حد للكارثة الإنسانية المتفاقمة في السودان، متواصلة من دون توقف”. ولا يستبعد المقلي أن “تشهد الفترة القليلة المقبلة تنسيقاً بين بريطانيا والولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترمب الجديدة لتضافر جهود الدولتين لإنهاء الحرب والمأساة الإنسانية في السودان”، مشيراً إلى أن “زيارة وزير الخارجية البريطاني إلى معسكرات اللجوء في تشاد ودعوته إلى تحرك دولي عاجل لمواجهة الأزمة السودانية، تأتي في إطار اهتمام بريطاني أكبر بالمشكل السوداني”. الاهتمام والخيبة ويرى المقلي أن “بريطانيا تولي اهتماماً بالغاً بحرب السودان وما نتج عنها من مآس وكارثة إنسانية، وهذا ما أكده وزير خارجيتها لامي أمام مجلس الأمن عند تقديم مشروع قرار لوقف إطلاق النار وانسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في السودان، ووصف الفيتو الروسي الذي عطل المشروع وموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعار”. من جانب آخر يرى أستاذ العلاقات الدولية محمد بشير النور أن “الدور البريطاني منذ اندلاع الحرب ما يزال مخيباً لآمال وطموحات السودانيين، إذ لم يتجاوز حتى اليوم التركيز غير الفعال على حماية المدنيين والجوانب الإنسانية، وذلك مقارنة بمكانتها التاريخية وثقلها الدولي”، وأردف “عدد من المثقفين والسياسيين السودانيين يلومون بريطانيا لضعف دورها وتدخلاتها لوقف حرب السودان”. تقدم وتراجع وأوضح النور أن “المملكة المتحدة ظلت تبذل جهوداً مقدرة لإتمام إنجاز التحول الديمقراطي والحكم المدني في السودان عقب الإطاحة بنظام حكم عمر البشير في 2019، وانخرطت بثقلها في الترتيبات الدبلوماسية الهادفة إلى التسوية السياسية في السودان من خلال بروز دورها في لجنتي الترويكا والرباعية التي تضم بجانبها كلاً من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات لحل الأزمة السياسية السودانية، قبل أن تتفاقم إلى الحرب الحالية”، ويتابع “لكن دور بريطانيا ورد فعلها عقب اندلاع الحرب لم يكن بحجم نفوذها وتطلعات السودانيين وعلاقاتها التاريخية بالسودان، إذ لم تلتزم بالدعوة إلى وقف الحرب من منظور عادل، بل تتهم بلعب أدوار دولية وإقليمية متناقضة في الميل نحو مواقف الدعم السريع من جهة، واستضافة اجتماعات وناشطين من دعاة الحرب من جهة أخرى، مما جعل تدخلها عديم الجدوى وأشبه بالغياب”. ويشير الأكاديمي إلى أن “تراجع ملحوظ في دور ونفوذ بريطانيا تجاه القضايا السودانية لصالح الولايات المتحدة والصين وروسيا، إذ لم تمتلك مبادرة منفردة بل كانت مجرد داعم لجهود الآخرين، في جدة والاتحاد الأفريقي وغيرهما، قبل أن تتقدم بمشروع قرارها لحماية المدنيين أمام مجلس الأمن الذي أسقطته روسيا، مما تسبب في انخفاض تأثيرها في السياسة الداخلية السودانية”. جهود سابقة وفي سياق جهودها لوقف الحرب جمدت المملكة المتحدة في الـ12 من يوليو (تموز) 2023 أرصدة ست مؤسسات تجارية، ثلاث منها تعمل تحت سلطة الجيش السوداني وثلاث أخرى تتبع لقوات “الدعم السريع”، وقالت لندن “نحن ملتزمون بضمان ألا تؤدي العقوبات التي نفرضها إلى تبعات غير مقصودة”. وفي الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، طرحت بريطانيا مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو الأطراف المتحاربة إلى إزالة العقبات التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية، وحثتهم على حماية المدنيين والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار. في الشهر نفسه أعلنت تقديم حزمة مساعدات بقيمة 113 مليون جنيه استرليني (141 مليون دولار تقريباً) لدعم أكثر من مليون شخص متضرر من النزاع داخل السودان أو خارجه. وفي خطوة لتعزيز جهودها الدبلوماسية لإنهاء النزاع، عينت بريطانيا في سبتمبر (أيلول) العام الماضي الدبلوماسي ريتشارد كراودر مبعوثاً خاصاً إلى السودان. وعلى رغم قصر فترة الاستعمار البريطاني للسودان (من 1899 إلى 1956)، فإن تداعيات سياسات تلك الحقبة ما زالت مؤثرة في الساحة السودانية منذ استقلال السودان وحتى الآن. ونتيجة للمصالح القديمة المتبادلة بين البلدين، وصل عدد الجالية السودانية بالمملكة المتحدة إلى أكثر من 20 ألف سوداني. المزيد عن: السودانبريطانياحرب الجنرالينمجلس الأمنالمساعدات الإنسانيةالعلاقات التاريخيةديفيد لامي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ترمب يؤسس نظاما عالميا فوضويا بطريقة أكثر تنظيما next post ترمب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين You may also like إسرائيل تزعم اعتراض طائرة جمع معلومات لـ”حزب الله” 30 يناير، 2025 عون: لتغليب الكفاءات… وزير الخارجية المصري في لبنان... 30 يناير، 2025 إسرائيل تنفّذ عملية “نسف” في بلدة كفر كلا... 30 يناير، 2025 «كتائب القسام» تعلن مقتل قائدها العسكري محمد الضيف 30 يناير، 2025 انسحاب إسرائيل من سوريا.. تحديد شروط “الفرصة الذهبية” 30 يناير، 2025 ترامب يستعد لإعلان قرار يهم طلاب الجامعات المتعاطفين... 30 يناير، 2025 إعلان أحمد الشرع رئيسا لسوريا بحضور قادة الفصائل... 30 يناير، 2025 نتنياهو يضع العراقيل أمام المرحلة الثانية من صفقة... 30 يناير، 2025 فرع “القاعدة” في سوريا يعلن حل نفسه بعد... 30 يناير، 2025 ما حقيقة دخول الجيش اللبناني منشأة “عماد 4”... 30 يناير، 2025