ثقافة و فنونعربي الحياة الثقافية في السودان مقاومة غير معلنة ضد التسلط by admin 3 أبريل، 2023 written by admin 3 أبريل، 2023 32 مثقفون وكتاب يعيدون قراءة معطيات الحركة الوطنية وأبعاد التحولات الجديدة اندبندنت عربية \ حاتم الكناني يرصد المؤرخ والكاتب الصحافي حسن نجيلة (1912-1983) في كتابه “ملامح من المجتمع السوداني” نشأة الحركة الوطنية السودانية في كنف الحركة الثقافية التي من رموزها آنذاك الشاعر خليل فرح والأمين علي مدني وعلي عبداللطيف وغيرهم ممن يعدون ضمن الفئة المستنيرة التي قاومت الاستعمار الإنجليزي للسودان (1898–1956)، وممن أسهموا في شكل مباشر في قيام ثورة 1924. وبعد تحرر السودان من ربقة الاستعمار ظل اليسار حاضناً للفنانين والمثقفين والكتاب في السودان كما يشير الكاتب والمحرر الثقافي مأمون التلب، مؤكداً أيضاً أن المواجهة السياسية لنظام الإنقاذ – الذي انقلب على الحكم الديمقراطي في 1989 – كانت خاسرة منذ البداية، ودفعت الأوضاع بالبلاد حينذاك، كثيراً من المبدعين إلى الهجرة، لا سيما المتخصصين في المسرح والغناء والفنون ذات الطابع الجماهيري، ويضيف “واصلت مجموعة من الكتاب والشعراء نضالها الثقافي داخل السودان تحت ستار الملفات الثقافية والفعاليات الثقافية على شحها”. مقاومة ثقافية ضمن هذا السياق، برز مفهوم “المقاومة الثقافية” للسلطة في سودان ما بعد انقلاب الإنقاذ، وحتى سقوطه في أبريل (نيسان) 2019، ولم يقتصر على ترديد مقاطع لقصائد الشعراء الذين اختاروا مقاومة الديكتاتورية بأشعارهم مباشرة، مثل أزهري محمد علي وحميد والقدال وشاعر الشعب محجوب شريف، في ما يسمى في الأوساط السياسية الطالبية في السودان “الكولنغ”، الذي يردد في الغالب عند الدعوة إلى الأنشطة السياسية في الجامعات، بل كانت أشمل من ذلك وأعمق – كما يرى الشاعر والناشط الثقافي السوداني الأصمعي باشري، لكن في السياق نفسه يلفت باشري إلى الطبيعة العدائية الواضحة أصلاً لنظام الإنقاذ للنشاط الثقافي، وهو ما جعل من مختلف أشكال الفعل الثقافي في حالة مقاومة دائمة لنظام، أول ما أغلقه، اتحاد الكتاب السودانيين (تأسس في 1985) منذ الأشهر الأولى لسيطرته على مقاليد السلطة في البلاد. غرافيتي سوداني آخر (أ ف ب) وامتدت محاصرة نظام الإنقاذ للعمل الثقافي طوال عقد التسعينيات والعقد الأول من الألفية الثالثة بالتضييق على نشاط المراكز الثقافية حتى وصلت إلى حد إغلاق خمسة مراكز في عام 2012. وإضافة إلى منع الكتب عن طريق ما يسمى شرطة المصنفات، حاصرت سلطات الإنقاذ الصحافة الثقافية أيضاً، ضمن تقييدها لحرية الصحافة. فنون الثورة يقول مأمون التلب إن شعلة المقاومة الثقافية ظلت تكبر مع الزمن، وفي الألفية الثالثة تحديداً، برزت الحركة الثقافية كاتجاه مقاوم أكثر استقلالاً، وليس تابعاً للحركة السياسية المعارضة لنظام الإنقاذ. ويلفت التلب أيضاً إلى مفارقة أن الحركة الثقافية – بوصفها مؤسسات وتشكيلات مستقلة – كانت أقوى في فترة الإنقاذ، منها فيما بعد سقوطها، إثر اندلاع ثورة ديسمبر 2018، ويعزو ذلك إلى أن الانجراف الثوري والسياسي دفع الفنون إلى التحول إلى فنون تقاوم السلطة القامعة بطريقة مباشرة، تمثلت في الغرافيتي والجداريات والأغاني والشعر الدارج. ويرى التلب أن انجراف الفنون والآداب في الثورة السودانية، جعلها أداة لمعارضة الحكم العسكري أكثر من أن تكون فعلاً ثقافياً يستهدف الأفراد ويشكل وعيهم، ثم إن جزءاً كبيراً من الفاعلين الثقافيين – بحسب التلب – أغرتهم البطولة السياسية وانخرطوا في العمل السياسي المباشر وتخلوا عن خنادقهم في المقاومة الثقافية. ويضيف التلب أن هذا الواقع جعل من الفنون والآداب بوابة لما سماه سوق الثورة الكبير، يستطيع أن يدخل من خلالها كل من لا يحمل مشروعاً إبداعياً أو ثقافياً حقيقياً. ثقافة المحو لكن في المقابل يرى الكاتب مجاهد الدومة، وهو أحد الفاعلين في العمل الثقافي، أن هناك مساحات ضيقة تشكلت فيها المقاومة الثقافية، في عهد سلطة الإنقاذ، كانت بالضرورة بعيدة عن أعين السلطة أو اهتمامها، مستشهداً بتجربة مجلتين ثقافيتين إلكترونيتين سودانيتين، أنشئتا بمبادرة من كتاب ومثقفين وهما مجلتا “البعيد” و”جيل جديد”، واعتبرهما مساحات خارج الرقابة والضبط في ذلك الوقت، لوجودهما في فضاء سايبري، علاوة على اشتغالهما، خاصة “جيل جديد”، بأدوات جديدة ووفق إطار رؤيوي جديد. يضيف الدومة معلقاً “كأن المقاومة والثورة كانت موجهة إلى تثوير الثقافة نفسها”. ويقول “على مستوى آخر، وعند التفكير في مساحات المقاومة غير المرئية هذه، فإن عشرات الأسماء تخطر على البال، من بائعي الكتب مثل: مكمال وداعة وود الجبل في الخرطوم ومكتبة عم مصطفى في بورتسودان”. ويؤكد الدومة ضرورة النظر إلى المقاومة الثقافية وتتبع تاريخها في بقية أرجاء السودان. ويضيف أن أي مقاومة ثقافية هي معركة وحلم من أجل تحقيق الوجود في الفضاء العام وتشكيله، من دون مهادنة أو تنازل. ويستشهد الدومة بممارسة السلطة العسكرية بعد فض اعتصام قيادة الجيش بالسودان في 3 يونيو (حزيران) 2019، حين تعرضت الجداريات والرسومات في محيط الاعتصام للمحو تواً. ويلاحظ الدومة أن ما تعرض للمسح تباعاً كان هو ما يمتلك تعبيراً سياسياً مباشراً (جداريات الشهداء)، وهو مما اعتبره تحولاً للسلطة من استهداف الكلمة إلى استهداف اللون والرسم. ويعتبر التلب أن الحركة الثقافية كان لديها دور في تكوين إنسان سوداني مختلف، يعي وجوده وحقه كإنسان أولاً. ويرى أن الفرق بين الحركات السياسية والثقافية هو أن الأولى تستخدم أسلوب التوجيه، أما الثانية فتفتح باباً للمعرفة، ومن ثم يستطيع الفرد اكتشاف ذاته لا أن ينقاد. ويضيف “كلما غطت السياسة على الثقافة نفقد الإنسان”. المزيد عن: الثقافة السودانية\الحداثة\المواجهة\الحرية\الفن\الأدب\مثقفون\أدباء\غرافيتي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post رحيل التشكيلي المغربي محمد بناني فيلسوف اللون next post حرق الجثث في ألمانيا كابوس يخيف مهاجرين غير شرعيين You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024