بأقلامهمعربي الجميع يقول إن “بوتين يكذب” لكن هل هذا صحيح؟ by admin 4 يوليو، 2022 written by admin 4 يوليو، 2022 11 كما يشير وزير الدفاع البريطاني في أقوال الكرملين غالباً ما تكون ثمّة ذرة صغيرة من الحقيقة في صحراء من الأكاذيب اندبندنت عربية \ كايتي نيومان “بوتين لا يكذب”… تصريح مفاجئ أدلى به وزير الدفاع [البريطاني] بن والاس صباح أمس، وهو تصريح كفيل ربما في جعل المرء يغص بطعام فطوره. فالتاريخ الحديث، في النهاية، زاخر بالأكاذيب الروسية. إذ بعد أسبوعين من اجتياح روسيا لجارتها أصر وزير الخارجية الروسي على القول: “نحن لم نهاجم أوكرانيا”، وذلك أمر لا يصدق، ويشبه تماماً زعم المشبوهين في عملية تسميم مواطنين بريطانيين [عميل الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا] بأنهما جاءا إلى مدينة سالزبوري ذات الكاتدرائية (التاريخية) لمعاينة “برجها الشهير الذي يرتفع 123 متراً”، غير أن والاس في الواقع كان يحاول إثارة نقطة في غاية الوجاهة. ومما قاله والاس، في حديث ضمن برنامج “توداي” (اليوم) على “بي بي سي”، “أحد الدروس المستقاة من السنوات الـ10 و15 الماضية يتعلق بالاستخفاف الذي أظهره الناس تجاه فلاديمير بوتين. لقد تجاهلوا ما أفصح به علناً، وفعلوا ذلك على مسؤوليتهم. وبوتين من جهته كتب في شهر يوليو (تموز) السنة الماضية عما سيفعله بأوكرانيا على أرض الواقع. واعتقد الناس أنه يتبجح لا أكثر. وثمّة شبه مقولة متداولة هنا وهناك ترى أن “بوتين لا يكذب”. بوتين سبق أن أطلق الكثير من التهديدات، وفي الغالب نفذها”. وكانت مقالة بوتين المنشورة في يوليو (تموز) 2021، بعنوان “عن الوحدة التاريخية بين الروس والأوكرانيين”، ظهرت حينها لتبدو درساً مملاً في التاريخ عن الأجداد المشتركين ولا شيء آخر، إذ كتب الرئيس الروسي: “الروس والأوكرانيون والبيلاروسيون جميعهم يتحدرون من دولة الروس القديمة، التي كانت أكبر دولة في أوروبا”. لكن، حين نكمل قراءة المقالة، نقع على زعمه القائل، إن “السيادة الحقيقية لأوكرانيا ممكنة فقط عبر الشراكة مع روسيا”، فيظهر ذلك أقرب إلى رؤية مروعة للمستقبل. يتابع الرئيس في مقالته، “نحن معاً كنا على الدوام، وسنبقى أقوى وأنجح بكثير. لأننا شعب واحد”. وفي تصريحات الكرملين ثمة في الغالب مقدار ضئيل من الحقيقة، كمشة رمل وسط صحراء من الأكاذيب، هذا تحديداً يصعب مهمة مواجهة ما هو غير حقيقي في سياق ما يقال. وأنا فكرت بهذا الأمر عندما دعيت هذا الأسبوع لمقابلة سفير روسيا في المملكة المتحدة، أندريه كيلين (بعد ليلة واحدة فقط من قيام موسكو بحظري و28 آخرين من الصحافيين البريطانيين). قبل وقت قليل من توجهي إلى السفارة (الروسية)، قدمت وزارة الدفاع الروسية “تفسيراً” للهجوم الصاروخي على مركز التسوق في كريمنشوك، قائلة إن “هجوماً جوياً عالي الدقة” نفذ بهدف تدمير “هنغارات يخزن فيها أسلحة وذخائر”. وقد انفجرت تلك الأسلحة وتسببت باندلاع حريق في مركز التسوق القريب، وفق شرح وزارة الدفاع الروسية. بدا ذلك كلاماً بعيداً من الواقع، ثم قدم الدليل على الأثر كي يدحض المزاعم الروسية، لكن خلال الساعات التي تلت الهجوم، فإن صور الأقمار الاصطناعية التي أظهرت مصنعاً على بعد مئات قليلة من الأمتار من مركز التسوق، والذي وفق الفرضية يمكن استخدامه لتخزين الأسلحة، جاءت بدايةً كي تمنح شيئاً من الصدقية للرواية الروسية. والأوكرانيون من جهتهم منذ ذلك الحين قالوا إن مصنع “كريدماش” يستضيف شركة تنتج معدات لإصلاح الطرق وصيانتها. وفي بروباغندا الحرب لدى موسكو ورقة رابحة أخرى تحب أن تلعبها، إذ بعد أن قمت بصد نهج كذب الكرملين الذي اعتمده كيلين خلال المقابلة في موضوع كريمينتشوك، أقر السفير بأن الهجوم على مركز التسوق – الذي وصفه القادة المجتمعون في قمة الدول السبع بأنه “جريمة حرب” – قد يكون نتيجة “أضرار جانبية”. هل تذكرون هذه الجملة من حرب العراق؟ فالمدنيون قتلوا أيضاً آنذاك على يد التحالف الأميركي والبريطاني. والروس لن يسمحوا لنا أن ننسى ذلك أبداً. الحصن الأكثر صدقية ونجاعة ضد ارتكابات الحكومات في كل أنحاء العالم يتمثل بالصحافة المستقلة ذات الموارد الكفؤة. أما السفير الروسي فقد اعتبر أن حظر موسكو للصحافيين البريطانيين جاء لعدم تقديمهم “المعلومات الصحيحة”. أي بكلام آخر، لكشفهم الأكاذيب. في روسيا اليوم يعجز المواطنون العاديون عن رؤية الفظائع المروعة التي ترتكب بأوامر من رئيسهم، إذ إن “نوفايا غازيتا” Novaya Gazeta، الصحيفة الإخبارية المستقلة الوحيدة في ذلك البلد، جرى إغلاقها بنهاية شهر مارس (آذار)، لذا فإن الروس الذين يودون متابعة المعلومات غير الخاضعة للرقابة عليهم اعتماد محادثات “تلغرام” المشفرة، أو سبر الإنترنت عبر “الشبكات الافتراضية الخاصة” (Virtual Private Networks). يمكننا متابعة ومشاهدة الأخبار مع كل ما يتخللها من أهوال، ومعها يمكننا تحكيم عقولنا إزاء الأكاذيب وإنصاف الحقائق. وبدلاً من فرض الرقابة على الروس، ورفض محاولة مقابلتهم ومحاورتهم، كما اقترح عليّ البعض، فإن ما نحتاج إليه – مثلما اقترح والاس – هو الاستماع للتحذيرات والتهديدات، وكشف الأكاذيب والمعلومات المضللة، والرد عليها بما يتناسب. كاثي نيومان مقدمة برامج ومحررة تحقيقات في “أخبار القناة الرابعة” (Channel 4 News). نُشر في “اندبندنت” بتاريخ 30 يونيو 2022 © The Independent المزيد عن: فلاديمير بوتين\بن والاسا\لحرب على أوكرانيا\البروباغندا الروسية\روسيا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الأحزاب السياسية العربية بين القومية والدين next post ما جذور شيطنة جسد المرأة في المجتمعات الأفريقية؟ You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024