حسن الصباح مؤسس حركة الحشاشين (صفحة الحشاشون - فيسبوك) ثقافة و فنون الأوروبيون أضفوا طابعا أسطوريا على فرقة “الحشاشين” by admin 4 مايو، 2025 written by admin 4 مايو، 2025 15 باحث مصري يراجع التاريخ الشائع عن جماعة حسن الصباح اندبندنت عربية / عبد الكريم الحجراوي في مستهل كتابه “الحشاشون: صفحات من تاريخ وأساطير النزارية” (دار العين – القاهرة – 2025)، يقر الباحث المصري حسن حافظ أنه خضع لثقل الأسطورة حين استخدم مصطلح “الحشاشين” للإشارة إلى “النزارية”، الفرقة التي أسسها حسن بن الصباح، إذ إنهم لم يطلقوا على أنفسهم هذا اللقب، وإنما هو “دعاية فاطمية” انطلقت من القاهرة، لتشويه منافسيهم في المذهب الإسماعيلي، لكن هذه الدعاية هي التي حملت النزارية إلى شهرة عالمية، فالذاكرة الجماعية احتفظت فقط باسم الحشاشين على رغم الجهود العلمية التي بذلت لدراسة تاريخ تلك الفرقة بصورة علمية، بداية من مارشال هودجسون وبرنارد لويس، اللذين اضطرا إلى استخدام مصطلح الحشاشين في عناوين كتبهما اعترافاً منهما بقوة الأسطورة عند الحديث عن النزارية. ويلفت حافظ إلى أن الأساطير التي انتشرت في الغرب حول الحشاشين، كان مصدرها فرقة الحشاشين في الشام بقيادة راشد الدين سنان (1130- 1193) أثناء الحروب الصليبية في الشام، وليس فرقة حشاشين ألموت بقيادة حسن بن الصباح (1050- 1124). دخل اسم الحشاشين إلى اللغات الأوروبية أثناء هذه الحقبة، واستقر مرادفاً لمعنى قاتل، وأصبح من العادي اتهام ملوك أوروبا بالتحالف مع الحشاشين أو تأجير خدماتهم أو حتى تبني أساليبهم في الاغتيال عند التعامل مع أعدائهم. أسطورة أوروبية الكتاب البحثي (دار العين) وأسهم جهل الأوروبيين بالعقيدة الإسلامية بصورة عامة، وبعقيدة الحشاشين بصورة خاصة في نشر الأساطير حولهم، مثل زعمهم أن الحشاشين كانوا يسيطرون على أتباعهم عن طريق مخدر الحشيش لتنفيذ الاغتيالات ضد خصومهم “فالعقل الأوروبي المؤسس على الخلفية الصليبية، التي كانت تنظر إلى الإسلام من حيث هو دين نظرة جاهلة، وشديدة السطحية، لم يفهم التكوين النفسي ’للفداوي‘ – الاسم الذي أطلق على من يقومون بتنفيذ الاغتيالات من الحشاشين – الذي يخضع لتدريب إيماني قوي في مراتب الدعوة الإسماعيلية، ويشحنون بالأفكار الجهادية التي تعزز من التضحية بالنفس”. تولدت عن أسطورة مخدر القنب / الحشيش تلك، أسطورة أخرى لا تقل عنها شهرة، وهي “جنة الحشاشين”، ومفادها بأن “الفداوية”، كانوا ينقلون وهم تحت تأثير المخدر إلى مكان يقال لهم إنه الجنة، وبعد مدة ينتزعون منه، ولكي يعودوا له يكون عليهم تنفيذ عمليات انتحارية. هذه أسطورة روتها الكتب الأوروبية، ولا وجود لها في كتب المؤرخين المسلمين الذين كتبوا عن النزارية بصورة علمية، وكانوا على حالة خصومة معهم، وتعرفوا عليهم عن قرب. قلعة ألموت التاريخية (مواقع التواصل الاجتماعي) ظهرت هذه الأسطورة في أوروبا في بداية القرن الـ14 الميلادي على يد الرحالة الإيطالي ماركو بولو، في حين أنه حتى الصليبيين الذي تعاملوا مع نزارية الشام، لم يسجلوا هذه الأساطير المتعلقة بـ”جنة شيخ الجبل”. دور ماركو بولو ويلفت حافظ إلى أن الصليبيين نقلوا إلى أوروبا كل ما عرفوه عن هذه الجماعة بصورة تمزج بين الواقع والخيال، وربطوا بين نزارية الشام ونزارية ألموت، على رغم أن الأخيرة لم تربطها علاقات مباشرة بالصليبيين ولا الأوروبيين عموماً، وخلط الصليبيون في كثير من الأحيان بين ابن سنان والحسن بن الصباح. وأسهمت كتابات الرحالة ماركو بولو في تغذية العقلية الأوروبية بالقصص الأسطورية حول الحشاشين، وجعلتها تغزو أوروبا كلها عبر الترجمة، ودخلت في نسيج الثقافة الشعبية لكل الأوروبيين. حدث ذلك على رغم أن ماركو بولو لم يزر قلعة ألموت كما هو ثابت من مسار رحلته. فضلاً عن أنه زار بلاد فارس بعدما دمر المغول القلعة النزارية لدولة ألموت بسنوات، ولم يعد متبقياً منها إلا الأطلال. كما أنه أطلق لقب “شيخ الجبل” على سيد قلعة ألموت، وهو اللقب الذي استخدم في الأدبيات الصليبية والأوروبية في الإشارة إلى مقدم النزارية في الشام، وخصوصاً زعيمها راشد الدين سنان. مما يعني أن ماركو بولو نقل الأساطير الصليبية التي أحاطت بقصة راشد الدين وألصقها بنزارية ألموت، وجعلها تناسب الذائقة الأوروبية وقتذاك، التي عاشت على أجواء من الأساطير والحكايات المشوقة عن عالم مجهول يسمى الشرق. ولم يكن بولو وحده الذي روج للأساطير حول الحشاشين في المخيلة الغربية، بل أسهم فيها البحث العلمي الأوروبي في العصر الحديث، إذ يلفت المؤرخ مارشال هودجسون (1922- 1968) إلى أن أول من درس النزارية من العلماء الغربيين المحدثين بجدية هما سلفستر دي ساسي (1758- 1838) وهامر برغشتال (1774- 1856) وكلاهما عارض الثورة الفرنسية في القرن الـ19 وما لحقها من ثورات. من ثم فإنهما قاما بصورة متعمدة بالتصديق على كل الاتهامات التي وجهت ضد قادة النزارية، ليجعلوا من الحشاشين مثالاً بغيضاً ومنفراً للحركات الثورية. فصورا الحركة كلها على أنها نوع من التلاعب بمجموعة من الحمقى من مجموعة من الأذكياء والحاقدين. بما يعني أن هذين المستشرقين استخدما النزارية كأداة لتشويه الحركات الثورية في أوروبا، وأسهم ذلك في تبني كل الأساطير حول الحشاشين واعتمادها وتكريسها في العقلية الشعبية. التشهير بالنزارية وعن سبب ارتباط الجماعة النزارية بالحشيش، يكشف حافظ عن أن مصطلح الحشاشين استخدم بالفعل في القرن السادس الهجري، الـ12 الميلادي، من جانب الفاطميين في مصر للتشهير بالنزارية، إذ استخدموا لفظ “الحششية” عند الحديث عنهم، وانتقل المصطلح من الفاطميين إلى مؤرخي العصرين الأيوبي والمملوكي. والمصطلح استخدمه الفاطميون بغرض التحقير، ويقصدون بالحشيشية العشب اليابس الذي يقدم علفاً للبهائم، لأن مخدر الحشيش لم يكن عرف بعد في مجتمع المسلمين. فالدولة الفاطمية من خلال جهازها الدعائي الرسمي عملت على الحط من النزارية ونسبها إلى الانحراف العقائدي على يد حسن الصباح، وشبهتهم بالعلف الذي يقدم إلى البهائم التي بلا عقل. ويفند المؤلف كذلك “أسطورة الأصدقاء الثلاثة”، التي ربطت بين حسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام، وزعمت أنهم كانوا رفقاء في مجالس العلم في صغرهم في نيسابور، وتعاهدوا على أن من يصل منهم إلى الحكم يشارك صديقيه فيه. وهي قصة مملوءة بالثغرات على رغم إيقاعها التشويقي بسبب تباين تواريخ ميلاد أبطالها فنظام الملك ولد في 408 هـ: 1018م في نواحي طوس، بينما ولد الصباح في قم عان 444 هـ، 1052م، وولد عمر الخيام بين عامي 430 و440 هـ/ 1038 و1048م في نيسابور. وهذا التباين في مكان المولد وتاريخه دفع المؤرخين إلى اعتبار القصة أسطورية، وأن نظام الملك وحسن الصباح لم يلتقيا أبداً. ويعود مصدر هذه الأسطورة للتراث الفارسي المتأخر، ومنه للأدب الأوروبي الحديث مع استخدامها من إدوارد فيتزجيرالد (1809- 1883) حين ضمنها ترجمته لرباعيات الخيام إلى الإنجليزية، فتلقفتها باهتمام المخيلة الشعبية الأوروبية وارتكزت عليها كذلك رواية أمين معلوف “سمرقند”. ويرى المؤلف أن هذه القصة الأسطورية كان الهدف منها رفع شأن حسن الصباح، وجعله بمستوى شخصية ذات تأثير عظيم مثل نظام الملك، وجعلت هذه الأسطورة منهما وجهين مختلفين لعملة واحدة. التحول المذهبي ومن المعلومات المثيرة التي يكشفها الكتاب، أن الحشاشين تحولوا في مرحلة من تاريخهم إلى المذهب السني، في عهد الحسن الثالث زعيم قلعة ألموت، الذي لعن حسن الصباح، وتبرأ من المذهب، وأحرق كتب أجداده ودعا عليهم في أحد رسائله «ملأ الله قبورهم بالنار»، لكن سرعان ما عاد خلفه للمذهب الإسماعيلي. ويخصص حافظ الفصل الأخير لقضية مهمة تثير اهتمام المصريين بين الحين والآخر، تتعلق بطائفة البهرة المهتمين بترميم آثار مصر الفاطمية، ومساجد آل البيت في القاهرة، وذلك لأن القاهرة مدينة مقدسة في معتقدهم شهدت حكم الأئمة الإسماعيلية يوماً ما. وزيارة القاهرة هي شكل من أشكال الحج بالنسبة إلى هذه الطائفة، وتعاونهم في ترميم الآثار المصرية بدأ في عهد جمال عبدالناصر، وعادة ما تغضب التجديدات التي يقومون بها كثيراً من المصريين، بسبب استخدامهم مواد حديثة لترميم الأجزاء المهدمة، مما يخل بطابعها الأثري. وذلك عكس جماعة الآغا خان الإسماعيلية التي تعود أصولها للحركة النزارية وقلعة ألموت، ولهم نشاط في ترميم الأماكن الأثرية في القاهرة بصورة احترافية تتواكب مع الأكواد العالمية وقاموا بإنشاء حديقة الأزهر، ويعتبرون أنفسهم ورثة أئمة الإسماعيلية ولهم مقابر خاصة في أسوان. المزيد عن: فرقة الحشاشينحسن الصباحالتاريخالإسلامكتابدراسة مصريةالفلسفة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post البحث الاكاديمي العربي: متى نغادر الأطلال؟ next post حبس مؤقت لمؤرخ جزائري هاجم الهوية الأمازيغية You may also like البحث الاكاديمي العربي: متى نغادر الأطلال؟ 4 مايو، 2025 كيف انتقلت سينما أندرسون من خشونة النفط إلى... 4 مايو، 2025 ندى حطيط تكتب عن «الدّماغ المؤدلج»: حين يكون... 4 مايو، 2025 القوة الناعمة العُمانية من سلاسة ناسها إلى سلاسل... 3 مايو، 2025 محمد الحجيري يكتب رواية فشل الحياة على هامش... 3 مايو، 2025 هلا شقير تبحث عن النقطة المضيئة في صميم... 3 مايو، 2025 عندما أراد المفكر الفرنسي بيار بورديو اللجوء إلى... 3 مايو، 2025 «عيون مغلقة على اتساعها»… تحفة كوبريك الأخيرة 2 مايو، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: «سفنكس» عُمان 2 مايو، 2025 دراسة تبحث في «الشعر العُماني في العصر البوسعيدي» 2 مايو، 2025