ثقافة و فنونعربي الأم حارسة بوابة العبور الشاق… بين الخضوع والتحرر by admin 22 مارس، 2020 written by admin 22 مارس، 2020 132 عندما تواجه الامهات تناقضات مربكة في مجتمع ذكوري اندبندنت عربية / شيرين ابو النجا – ناقدة أكاديمية مصرية كيف تعبر النساء الحدود المفروضة عليهن والمرسومة منذ لحظة الولادة؟ وما هو دور الأم في هذه الرحلة؟ هل تزيد من صعوبة العبور أم تجعله حقاً لابنتها؟ لا بد من أن تصاحب العبور منظومة فكرية كاملة نابعة من داخل الثقافة ومناهضة لها في آن واحد، فالخطاب الذكوري يُقوّض من الداخل وليس من الخارج، وقد تكون الأم جزءًا منه. الرحلة دائماً صعبة كما تصفها فدوى طوقان، وتكمن صعوبتها في احتمالية الاغتراب الفكري والنفسي أمام التناقضات التي يرتبك أمامها العقل حتى يتمكن من تجاوزها أو يلفّق لها حلولاً أو يرفضها. نسجت المغربية فاطمة المرنيسي سردية التمرد من طرح سؤال الحريم من مدخل تاريخي وسياسي في “نساء على أجنحة الحلم” (1994)، أما التونسية مفيدة تلاتلي، فقد نسجت سرديتها في فيلم “صمت القصور” (1994) عبر ذاكرة “عالية” تستعيد معاناة أمها في الماضي أملاً في حاضر مختلف، في حين نسجت الفرنسية سيمون دو بوفوار السردية من واقع التمرد على الأم في الواقع اليومي، ثم دعمتها بالفلسفة في “مذكرات فتاة رصينة” (1958). نشأت دو بوفوار في بيئة تُعتبر الرصانة فيها الأصل لتشكل الأنوثة، فقد كانت محاطة بعاملَيْن من الصعب مواجهتهما: بيئة كاثوليكية محافظة وقد تجلّت بوضوح كامل يصل حد التطرف في الأم، وعائلة بورجوازية حتى النخاع. فكان العبور يستدعي تجاوز الأم والدين والطبقة. لم تكن المنظومة التي يتوجب عبورها سهلة، فهي تأخذ شكل المثلث الذي يحاصر العقل بدونية النساء “الطبيعية” ممّا يجعل العبور شاقاً: فتجاوز الأم يعني الانفصال العنيف، وتجاوز الدين يعني الشعور بالإثم، أما تجاوز الطبقة، فهو ما كان يُعدُّ في فرنسا العشرينيات بمثابة جنون مطبق. تقول دو بوفوار عن أمها، إنها “كانت في لحظة، وحتى في أعمق أسرار قلبي، شاهدي، ولم أكن أميز قط بين نظرها ونظر الإله. ومن أجل هذا، كنت أعتقد أن بوسعي، بل من واجبي، أن أساويها بالتقوى والفضيلة”. الكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي (يوتيوب) في مذكرات المرنيسي، يأتي السرد من وجهة نظر طفلة في السابعة تعيش في حريم في مدينة فاس، ما يفتح المجال لعددٍ كبيرٍ من الأصوات النسائية التي تُشكل هذا الحريم. في الحريم، تتشابك علاقات القوي التي ترتبط بالمكانة الاجتماعية والسن والطبقة. فإذا كانت الرصانة هي السلوك الطبيعي لتشكّل الأنوثة في فرنسا، فإنّ الالتزام بقواعد الحريم الذي يتشابك ويتداخل مع أفكار عقائدية يبدو هو العقبة في طريق العبور. إلاّ أنّ كلاًّ من السياقين- الفرنسي والمغربي- قاما على أسس دينية – الكاثوليكية والإسلام – ترسخ مكاناً محدداً للنساء. وعلى الرغم من دعم الأم لابنتها “فاطمة” وتشجيعها على كسر منظومة الحريم، كان هناك عاملٌ إضافيٌّ في المغرب يُصعّب من رحلة العبور: الاستعمار الفرنسي والإسباني. فكان الأب يقول: “إننا نعيش أوقاتاً صعبة، فالبلاد في يد المحتل الأجنبي، وثقافتنا مهددة ولم تبقَ لنا إلاّ التقاليد”. ففي أثناء الاستعمار، يتركز هم المستعمَر علي الحفاظ علي هويته، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال النساء، إذ تُعدُّ المرأة رمزاً للوطن ومن أجل الحفاظ على هذا الوطن، لا بد من الإبقاء على وضع النساء من دون مساس. كان على “فاطمة”- الطفلة ذات السابعة- أن تحاول العبور من داخل المنظومة الدينية التي تُكرّس لفكرة الحريم، فجاءت الأسئلة “الطفولية” التي تطرحها على النساء/الأمهات بمثابة تحديات تكشف التناقضات الكامنة داخل الفكرة ذاتها فتتحول إلى ثغرات عبور. وفي كل ثغرة، كانت الأم تقول لابنتها “عليك أن تتعلمي الصراخ والاحتجاج كما تعلّمتِ المشي والكلام، إذا كنت تبكين حين تسمعين السباب، فكأنك تطالبين بالمزيد”. الأم والحريم في “صمت القصور”، ترصد تلاتلي مرحلتين في حياة “عالية”. الأولى هي مرحلة طفولتها في القصر وسط الحريم وقد كان معظمها في أثناء مرحلة الاستعمار. كانت طفولة مرتبكة ما بين رفيقة اللعب، ابنة أخت ، سيد القصر ، وما بين رؤيتها لأمها- التي بيعت للأسرة وهي في سن العاشرة- وهي تخضع للرغبات الجنسية للسيد، ثم اصطدامها بمشاكل الطبقة الواضحة. من قلب منظومة الطبقة والاستعمار والجندر، تتمرد “عالية” وتغادر القصر لتصبح مطربة، في إشارة إلى امتلاكها لصوتها، لكنه صوت لا يصل لأنه يأتي عبر وسيط ذكوري وهو رفيقها “لطفي”، المناضل الوطني. أما المرحلة الثانية، فهي فعل الذاكرة، ذاكرة الألم والقهر لما عانته الأم، وهي ذاكرة متأخرة من ناحية أنها تنفجر بالصور بعد موت السيد، لكنها أيضاً تساعدها في الشدو بما تختاره من أغانٍ، وهو فعل رمزي يحمل دلالة رفض الخطاب السائد، ويجعلها تواجه رفيقها “لطفي” بتمردها. يقدم فيلم “صمت القصور” سردية كاملة لوضع النساء في الاستعمار وما بعده، لتظهر الحقيقة المخزية، لم يتغير الأمر كثيراً، ممّا يحتم على الفرد أن يسلك الدرب بمفرده، وهو ما فعلته “عالية”. كانت الأم هي محرك البحث عن المعنى والجوهر لكل ما يحدث. فعلى الرغم من أنّ الأم كانت خاضعة للنظام الطبقي وعلاقات الجندر غير المتكافئة، إلاّ أنّها كانت حريصة على إبعاد ابنتها عن التجربة ذاتها، ولذلك كان تحذيرها لها من “الصعود إلى فوق” دالّاً وكاشفاً، وقالت لها صراحة: “مكانك معي في المطبخ”. الكاتبة الفرنسية سيمون دو بوفوار (يوتيوب) لا يقوم دور الأم منفرداً من دون تعزيزات، بل هو مدعوم من قبل الطبقة والدين والمكان. فالأم بوصفها امرأة خاضعة للقيود المجتمعية ذاتها وملتزمة بمفاهيم الجندر ذاتها، قد تقوم بدور إعادة إنتاج – وترسيخ – القيم الذكورية، كما هو الحال مع أم دو بوفوار، وبالتالي، تعلن رفع يد الحماية عن الابنة، رمز العقوق وخيبة الأمل، أو قد تكون داعمة للابنة- كأم المرنيسي- مُعوّلةً عليها الآمال في تشييد مستقبل مختلف عن الحريم، لكنها في الوقت ذاته خاضعة قهراً لسلطة أمهات أخريات في الأسرة الممتدة يتمتعن بسلطة ما. أما والدة “عالية” (“خديجة”) فهي تبدو كالقربان الذي كان لا بد من تقديمه إلى المجتمع من أجل أن تستعيد “عالية” كل الذل والمهانة، فيشدو صوتها بأغنية مختلفة. في غالبية الأحوال، لا يتوافق دور الأم مع المثالية والرومانسية التي تغلّف الخطاب السائد سواء كان الواقعي أو الأدبي، فالأم دائماً ما تنصّب نفسها حارس البوابة الذكورية وهو ما يجعل رحلة العبور صعبة مليئة بالشعور بالذنب ومحاولة كسب الرضا. المزيد عن: الام/الذكورية/فاطمة مرنيسي/سيمون دو بوفوار/الحريم 30 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post سيكولوجية البشر في أزمنة انتشار الأوبئة next post العمال الفلسطينيون في إسرائيل… “كورونا” عزز شعورهم بـ “الموت البطيء” You may also like أضواء جديدة على مسار فيكتور هوغو السياسي المتقلب 24 ديسمبر، 2024 صبحي حديدي يقارب شعر محمود درويش بشموليته 24 ديسمبر، 2024 الثنائي هتلر – ستالين في ما هو أبعد... 24 ديسمبر، 2024 رحيل محمد الخلفي الممثل الرائد الذي لم ينل... 24 ديسمبر، 2024 كاتب مسلسل “يلوستون” أبدع قصة ويسترن معاصرة وصنع... 24 ديسمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: القدس عاصمة الروح ومدينة... 24 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: وجوه مجرّدة من موقع... 24 ديسمبر، 2024 “الذراري الحمر” يحصد جائزة “أيام قرطاج” وضجة حول... 23 ديسمبر، 2024 أوديب: الأسطورة المتجددة عبر العصور 23 ديسمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: مشير عون يكشف ركائزه... 23 ديسمبر، 2024 30 comments зарубежные сериалы смотреть онлайн 23 مارس، 2024 - 3:53 م Howdy! I’m at work browsing your blog from my new iphone 4! Just wanted to say I love reading your blog and look forward to all your posts! Keep up the outstanding work! Reply бот глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 3:06 ص Greetings from Ohio! I’m bored to tears at work so I decided to check out your website on my iphone during lunch break. I really like the knowledge you present here and can’t wait to take a look when I get home. I’m shocked at how quick your blog loaded on my cell phone .. I’m not even using WIFI, just 3G .. Anyhow, amazing site! Reply глаз бога 10 أبريل، 2024 - 4:23 م Hi! Quick question that’s completely off topic. Do you know how to make your site mobile friendly? My site looks weird when viewing from my iphone 4. I’m trying to find a theme or plugin that might be able to correct this problem. If you have any suggestions, please share. Appreciate it! Reply steam cs2 skin gamble site 7 مايو، 2024 - 7:19 م What a data of un-ambiguity and preserveness of precious knowledge regarding unexpected feelings. Reply университет 15 مايو، 2024 - 8:13 م ГГУ имени Ф.Скорины Reply Гостиничные Чеки СПБ купить 24 مايو، 2024 - 11:46 ص You’re so cool! I don’t think I’ve read something like this before. So good to find somebody with some unique thoughts on this topic. Really.. thanks for starting this up. This website is something that is needed on the web, someone with a little originality! Reply купить удостоверение тракториста машиниста 30 مايو، 2024 - 2:18 م Simply wish to say your article is as amazing. The clearness in your post is simply nice and i can assume you are an expert on this subject. Well with your permission allow me to grab your RSS feed to keep up to date with forthcoming post. Thanks a million and please continue the rewarding work. Reply 国产线播放免费人成视频播放 3 يونيو، 2024 - 12:48 م You ought to take part in a contest for one of the highest quality blogs on the web. I will recommend this blog! Reply хот фиеста играть 13 يونيو، 2024 - 2:37 م Hi, i read your blog occasionally and i own a similar one and i was just wondering if you get a lot of spam comments? If so how do you stop it, any plugin or anything you can suggest? I get so much lately it’s driving me insane so any help is very much appreciated. Reply хот фиеста слот 15 يونيو، 2024 - 12:54 ص Superb blog! Do you have any hints for aspiring writers? I’m planning to start my own website soon but I’m a little lost on everything. Would you propose starting with a free platform like Wordpress or go for a paid option? There are so many choices out there that I’m totally confused .. Any ideas? Kudos! Reply Теннис онлайн 27 يونيو، 2024 - 8:00 م Excellent post. I am dealing with some of these issues as well.. Reply Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 3:33 م I love your blog.. very nice colors & theme. Did you create this website yourself or did you hire someone to do it for you? Plz answer back as I’m looking to design my own blog and would like to know where u got this from. thanks Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 5:32 ص Pretty section of content. I just stumbled upon your weblog and in accession capital to assert that I acquire in fact enjoyed account your blog posts. Any way I’ll be subscribing to your augment and even I achievement you access consistently rapidly. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 6:41 م Simply wish to say your article is as amazing. The clearness in your post is simply nice and i can assume you are an expert on this subject. Well with your permission allow me to grab your RSS feed to keep up to date with forthcoming post. Thanks a million and please keep up the gratifying work. Reply Теннис онлайн 1 يوليو، 2024 - 9:09 ص Appreciating the commitment you put into your site and in depth information you provide. It’s great to come across a blog every once in a while that isn’t the same outdated rehashed material. Wonderful read! I’ve saved your site and I’m including your RSS feeds to my Google account. Reply Прогнозы на футбол 1 يوليو، 2024 - 4:41 م Thanks for sharing your thoughts on %meta_keyword%. Regards Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 12:13 م I love your blog.. very nice colors & theme. Did you design this website yourself or did you hire someone to do it for you? Plz answer back as I’m looking to design my own blog and would like to know where u got this from. thanks Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 5:51 م I’m impressed, I must say. Rarely do I encounter a blog that’s equally educative and engaging, and let me tell you, you have hit the nail on the head. The issue is something not enough folks are speaking intelligently about. I am very happy that I found this in my search for something relating to this. Reply автомойка самообслуживания под ключ 8 يوليو، 2024 - 5:58 ص “Строительство автомойки под ключ” гарантирует высокую отдачу от инвестиций. Начните свой путь к успешному бизнесу с нами! Reply мойка самообслуживания под ключ 8 يوليو، 2024 - 5:31 م Строительство автомоек под ключ – наша специальность. Мы заботимся о каждой детали, чтобы обеспечить надежное и прибыльное хозяйство. Reply Прогнозы на футбол 12 يوليو، 2024 - 12:50 ص Way cool! Some very valid points! I appreciate you writing this post and the rest of the site is very good. Reply автомойка самообслуживания под ключ 15 يوليو، 2024 - 9:19 ص “Строительство автомойки под ключ” включает все от проектирования до ввода в эксплуатацию. Ваш бизнес-проект будет безопасен и эффективен с нами! Reply строительство автомойки под ключ 15 يوليو، 2024 - 5:54 م 1Мойка самообслуживания под ключ – уникальная возможность начать простой в управлении бизнес. Идеально для начинающих предпринимателей. Reply строительство автомойки 16 يوليو، 2024 - 2:26 ص Строительство автомойки под ключ – ваш шаг к автономному и прибыльному бизнесу. Наши специалисты помогут на каждом этапе. Reply строительство автомоек под ключ 16 يوليو، 2024 - 10:54 ص Приобретая франшизу автомойки, вы получаете проверенную модель бизнеса с полным комплектом оборудования и постоянной поддержкой франчайзера. Reply автомойка под ключ 16 يوليو، 2024 - 7:46 م Строительство автомойки под ключ – ваш шаг к автономному и прибыльному бизнесу. Наши специалисты помогут на каждом этапе. Reply мойка самообслуживания под ключ 17 يوليو، 2024 - 4:48 ص Строительство автомойки под ключ – это наш профиль! Обещаем качество, соблюдение сроков и построение устойчивого бизнеса от идеи до открытия. Reply мойка самообслуживания под ключ 17 يوليو، 2024 - 1:34 م 1Строительство автомойки – это инвестиция в стабильный бизнес. Мы сотрудничаем только с проверенными поставщиками и используем самые современные технологии. Reply Jac Благовещенск 19 أغسطس، 2024 - 4:33 م Hello there! I could have sworn I’ve been to this site before but after browsing through some of the posts I realized it’s new to me. Nonetheless, I’m definitely pleased I came across it and I’ll be bookmarking it and checking back regularly! Reply theguardian 23 أغسطس، 2024 - 5:09 م I’ve read some just right stuff here. Definitely worth bookmarking for revisiting. I wonder how much attempt you put to create this type of wonderful informative site. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.