عرب وعالمعربي “اتفاق الكامور” يضع هيبة الدولة التونسية في مرمى الاحتجاجات by admin 19 نوفمبر، 2020 written by admin 19 نوفمبر، 2020 16 مخاوف من تكرار السيناريو بمناطق أخرى ومطالب بتأطير التظاهرات وتقنين التفاوض اندبندنت عربية / حمادي معمري صحفي تونسي شكّل “اتفاق الكامور” محطة فارقة في مسار الحركات الاحتجاجية، التي شهدتها تونس بعد 2011، هذا الاتفاق الذي التزمت بمقتضاه الدولة بتوفير اعتمادات مالية، وإحداث مواطن للشغل، وعدم تتبّع المحتجين قضائياً. يعدّ الاتفاق، الأول من نوعه، إذ خرج ممهوراً من قِبل رئيس الحكومة هشام المشيشي، وفق جدول زمني واضح، ما اعتبره المراقبون دليلاً على ضعف الدولة، وعجزها عن السيطرة على مواردها، بعدما عطّل المعتصمون إنتاج النفط أشهراً متواصلة، وهو ما لم يحدث في تاريخ تونس. عصف بالديمقراطية في هذا الشأن، يرى سامي نصر، المتخصص في علم الاجتماع، أن الدولة وقعت في فخ النمط الجديد الذي يسير فيه المجتمع التونسي، وهو التحلّل بسبب تفشي الفساد، وتفكّك المؤسسات وتنامي القطاع الموازي. وقال “الوضع في تونس غير طبيعي وغير مطمئن، فالأجهزة الموازية هي التي تتحكم في المشهد، ومؤسسات الدولة باتت محكومة بمصالح اللوبيات (مجموعات الضغط) السياسية والمالية، والبرلمان يحتكم إلى المصالح الحزبية الضيّقة، بينما تكابد المؤسسات من أجل استعادة توازناتها، أمام شطط النقابات وتغولها”. ولئن رحب المتخصص في علم الاجتماع بـ”اتفاق الكامور”، فإنه عبّر عن امتعاضه من تعاطي الدولة مع الملف، وسقوطها في “فخ التفاوض مع مجموعات غير مؤطرة”، ما دفع أحياناً بالمحتجين إلى “الإمعان في الابتزاز ومسّ رمزية الدولة”. ونبّه محدثنا إلى أن هذا الوضع غير الطبيعي، قد “يعصف بالديمقراطية الناشئة”، موضحاً “الناخب التونسي يُفترض أنه انتخب برلماناً، وحكومة منبثقة منه، يجد نفسه الآن أمام حكومة لا تملك قراراتها، ولا تتصرف باستقلالية، بينما يتهافت النواب على تحقيق مصالح أحزابهم الضيّقة على حساب ناخبيهم”. تابع، “ضُعف الدولة أمام القطاع الموازي، والنقابات، ولوبيات المال والسياسة، قد يدفعنا إلى وضع (اللادولة) الذي يتجلّى من خلال القفز على القوانين، وتكريس الإفلات من العقاب، وغياب العَقد الاجتماعي، الذي تتّضح من خلاله حدود الحق والواجب، وأيضاً التداخل في الوظائف وتعويم مجالات كل وظيفة، من أجل تكريس مفهوم (الوظيفة السائلة) الفاقدة حدودها”. ولأن الدولة في مفهومها الجديد لم تعد ثلاثية الزوايا (أرض، بشر، نظام)، بل تتعدى ذلك إلى حاصل التفاعل بين هذه المكوّنات، من ثقافة تتراكم وإنسان يتغير ونظام يتطور، يرى نصر، أن الرهان على المحلي، من خلال تفعيل مؤسساته، وإعادة صوغ علاقته بالمركز، ومنحه استقلالية اتخاذ القرار من أجل “مأسَسة” العلاقة بين المحلي والمركزي، والحيلولة دون انزلاقها إلى الكينونات الناشئة، التي لا تعترف بالمؤسسات على غرار “تنسيقية الكامور”، وهي مجموعة من المعتصمين، صاغوا في ما بينهم تنسيقية، متسائلاً عن دور المجالس الجهوية ومؤسسات الحكم المحلي. هل يتكرّر سيناريو الكامور؟ تستعد الدولة التونسية، إثر حلّ أزمة الكامور، لسلسلة من الاحتجاجات في عدد من المناطق التي تشكو ضنك العيش وقلة التنمية، فكيف ستتصرف إزاءها؟ يجيب نصر، “الفرق بين حالة الكامور وغيرها من الاحتجاجات المطالبة بالتنمية، هو السياق المجتمعي المحافظ في تلك الربوع، ما حال دون إمكانية اختراق الاعتصام، الذي تمسّك به أصحابه، وثبتوا على مواقفهم فيه”. أضاف، “لأن تلك المنطقة تُعاني فقراً تنموياً متراكماً، علاوة على تصحّر المؤسسات والهياكل، التي تؤطر هذا الحراك، انتظم المعتصمون وانضبطوا لمطالبهم ولمُمثليهم في جلسات التفاوض مع الحكومة. وخصوصية الكامور تجعلها مختلفة عن بقية المناطق، لذلك فإعادة السيناريو في مناطق أخرى تبدو مستبعدة”. هيبة الدولة ما حدث في الكامور ظاهرة جديدة في منطق التفاوض التقليدي بين مؤسسات الدولة والهياكل النقابية، لذا يخشى بعضهم من أنه قد يُضعف كيان الدولة ويُربكها ويقلص هيبتها، وهو ما دعا مراقبي الشأن التونسي إلى المطالبة بتأطير التحرّكات الاجتماعية وتقنين أشكال التفاوض، من خلال الاتحاد العام التونسي للشغل، حتى لا تقع الدولة في فخ الكامور مجدداً. ذهب متابعون إلى أن الشكل الجديد من التفاوض دشّن نموذجاً جديداً في فضّ الإشكالات الاجتماعية، إذ بات يلقي بظلاله في مختلف المناطق المتأزمة اجتماعياً، حيث يبحث المحتجون على السيطرة على موارد الدولة من أجل ابتزازها لتحقيق مطالبهم. يعتقد كثيرون أن سياسة تفكيك الدولة في تونس ممنهجة منذ 2011، باختيار نظام سياسي هجين، جعل الحكم “فُتاتاً” تتقاسمه مؤسسات ثلاث (رئاسة الحكومة، البرلمان والقصر الرئاسي)، وفكّك مؤسسات الدولة، بتكريس الصراع والتنازع على السلطة، وهو ما تعيشه تونس اليوم من عدم استقرار وتناحر أديا إلى تتالي الحكومات. ويؤكدون أن تونس مدعوة اليوم إلى مراجعة النظام السياسي والانتخابي، من أجل إفراز أغلبية واضحة المعالم، قادرة على تحمل أعباء الحكم ويمكن مساءلتها مع ضرورة القطع مع المحاصصة الحزبية في مناصب الدولة العليا، بالتعويل أكثر على الكفاءات السياسية والاقتصادية وتطهير محيط مؤسسات الإنتاج من كل أشكال الاعتصامات والاحتجاجات وتجريم تعطيل الإنتاج. المزيد عن: تونس/اعتصام الكامور/اتفاق الكامور/الاحتجاجات في تونس 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بينها إيران.. كندا تتهم 4 دول باستهدافها ببرامج قرصنة next post ماكرون يطلب من مسؤولي الديانة الإسلامية “ميثاقا للقيم الجمهورية” You may also like ابتعاد النظام السوري من “محور الممانعة”… استراتيجي أم... 24 نوفمبر، 2024 تل أبيب عن مقتل إسرائيلي في الإمارات: إرهاب... 24 نوفمبر، 2024 استهداف إسرائيل للجيش اللبناني: خطأ أم إستراتيجية؟ 24 نوفمبر، 2024 أحوال وتحولات جنوب لبنان ما بعد الهدنة مع... 24 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: صهر صدام حسين وسكرتيره... 24 نوفمبر، 2024 تقرير: حزب الله يستخدم نسخة من صاروخ إسرائيلي... 24 نوفمبر، 2024 إيلون ماسك يصبح أغنى شخص في التاريخ 24 نوفمبر، 2024 مصر تُضيّق الخناق على “دولار رجال الأعمال”.. فما... 24 نوفمبر، 2024 «جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع 24 نوفمبر، 2024 “الأوضاع المزرية” تجبر لبنانيين فروا إلى سوريا على... 23 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.