خرج الدكتور مايكل هيد الباحث في منظمة الصحة العالمية بجامعة "ساوثهامبتون" برؤية عن 11 وباءً محتملاً في العام الجديد ومن أبرزها مرض "إكس" الغامض (ويكيبيديا) صحة “إكس”… الوباء القادم by admin 1 فبراير، 2025 written by admin 1 فبراير، 2025 17 هل البشرية جاهزة لملاقاة جائحة جديدة أم لم تتعلم من دروس “كوفيد”؟ اندبندنت عربية هل العالم على موعد مع تفشي وباء جديد حول الكرة الأرضية عما قريب؟ وربما بما يتجاوز في ضرره الخسائر التي لحقت بالبشرية من جائحة “كوفيد-19” قبل بضعة أعوام؟ خلال الأسابيع القليلة الماضية ومع نهاية عام وبداية عام جديد بدأ العالم في رصد ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في الصين، بما في ذلك الإنفلونزا من النوع (1) وفيروس التهاب الكبد الوبائي البشري على الأطفال وكبار السن، ويرجع هذا إلى الطقس البارد واستئناف الحياة الطبيعية بعد “كوفيد-19”. وعلى رغم الادعاءات عبر الإنترنت، فإنه في واقع الأمر لا توجد هناك علامات مؤكدة عن انتشار أي وباء جديد أو تنبيهات رسمية، مما يجعل الأمر ارتفاعاً موسمياً ليس أكثر. صُورت الزيادة الأخيرة في حالات الفيروس الرئوي HMPV في الصين بصورة خاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على انتشار فيروس جديد (رويترز) وفي حين أن هناك بالفعل ارتفاعاً في أمراض الجهاز التنفسي في الصين، إلا أن الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية لم تصدر أي تنبيهات رسمية أو تعلن حال الطوارئ، لذا وعلى رغم الإشاعات الفيروسية فلا يوجد وباء جديد في الأفق، في الأقل ليس بعد، غير أن تلك الأنباء تضعنا أمام تساؤلات جوهرية عدة، تبدأ من عند ما هو آني، أي حقيقة ما يجري في الصين، عطفاً عن التساؤلات الأهم وفي مقدمها “هل العالم بالفعل على موعد مع باء جديد قادم لا محالة؟ أين سيكون منشأه هذه المرة؟ ثم الأهم في واقع الأمر هو هل البشرية مستعدة بالفعل لملاقاة مثل هذا الوباء؟ هل لديها رؤية لمواجهته؟ هل تعلمت الدروس من الوباء السابق الذي لم يتجاوز خمسة أعوام؟”. تبدو التساؤلات عادة أهم من الإجابات، وربما هذا هو وقت يتعين فيه على قادة العالم، ومسؤولي المنظمات الدولية، وفي مقدمها منظمة الصحة العالمية، وضع رؤى وتصورات جديدة لمواجهة تطورات، وربما تدهور الأوضاع الصحية العالمية حتى لا تفاجئ البشرية بما هو أخطر في المدى الزمني المنظور. من أين البداية؟ وما الذي يجري في الصين؟ باختصار صور الزيادة الأخيرة في حالات الفيروس الرئوي HMPV في الصين بصورة خاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على انتشار فيروس جديد في البلاد مع بعض المنشورات التي تزعم أن ذلك دفع الصين إلى إعلان حال الطوارئ. غير أن الحقيقة هي أن فيروس الإنفلونزا البشري، الذي يسبب التهابات الجهاز التنفسي المشابهة لنزلات البرد والإنفلونزا، ليس جديداً في الصين أو في أي مكان آخر من العالم. من جهتهم قال مسؤولون صينيون ومتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن من المتوقع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس التهاب الجهاز التنفسي البشري وأمراض الجهاز التنفسي المعدية الأخرى خلال الشتاء والربيع. ويقول الخبراء إن هذا الارتفاع في حالات الجهاز التنفسي، بما في ذلك فيروس التهاب الكبد الوبائي البشري، مدفوع، إلى حد كبير، بالطقس البارد واستئناف الحياة الطبيعية بعد “كوفيد”. والشاهد أنه لأعوام أبقت عمليات الإغلاق الصارمة والحد من التفاعلات الاجتماعية عديداً من الفيروسات تحت السيطرة، مما جعل الناس، بخاصة الأطفال، أقل تعرضاً لمسببات الأمراض اليومية، غير أنه الآن وبعد أن أصبح العالم أكثر انفتاحاً هناك حكماً “فترة تعويض”، إذ يبدأ البشر بالتعرض من جديد للفيروسات والجراثيم، التي تضرب الأطفال والبالغين المعرضين للخطر بشدة، هل هذا وباء حقاً؟ الإنفلونزا الإسبانية ظهرت في غالب الأمر في أوروبا أولاً، ومنها انتقلت بعد الحرب العالمية الأولى إلى بقاع الأرض كافة (ويكيميديا) في الواقع أن هذه لا تزال مشكلة محلية صينية، ولا توجد علامات على أنها تصل إلى مستويات وبائية، حتى وإن حاول بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي إظهار المشهد على أنه جائحة جديدة متفشية، عبر كثير من الفيديوهات المركبة وغير الحقيقية لمستشفيات في الصين تبدو وكأنها مكتظة بالآلاف من المصابين، مما وضع العالم في الفترة الماضية في حال خوف شديد، لكن وعلى رغم هذا كله، يبقى التساؤل: هل يعني ذلك أنه ما من وباء قادم بالمرة؟ أم أن الوباء قادم لا محالة فيما الجميع ساهون غير متيقظين للهول الأكبر الذي لم يأتِ بعد؟ وباء “إكس” وأمراض أخرى في 2025 قبل أن ينصرم العام الماضي بأيام معدودات، خرج الدكتور مايكل هيد الباحث في منظمة الصحة العالمية بجامعة “ساوثهامبتون” برؤية عن 11 وباءً محتملاً في العام الجديد، ومن أبرزها مرض “إكس” الغامض الذي يمثل التهديد الأكبر بسبب عدم معرفتنا بطبيعته حتى الآن. وتطلق تسمية “إكس” على أي عدوى غير معروفة حتى الآن، وتعد هذه الحال واحدة من 11 مرضاً آخر تعدها الأوساط الطبية من أكثر الأمراض التي تثير القلق في العام الجديد، وتشمل هذه القائمة أمراضاً مثل الحصبة والكوليرا والقمل وإنفلونزا الطيور وحتى تفشياً آخر لفيروس كورونا. ماذا عن مرض أو وباء “إكس” المهدد الجديد لحياة العالم أخيراً؟ بحسب الدكتور هيد فإن مرض “إكس” هو من الأمراض التي قد تؤدي إلى انتشار واسع، وربما جائحة، ويضيف أن العالم سيكون في حال عدم الاستعداد إذا ظهر تفشٍّ مفاجئ لهذا المرض، تماماً كما حدث مع فيروس كورونا الذي صدم العالم. وعلى رغم أن مرض “إكس” لا يصف حالاً محددة واضحة، فإن فكرة وجود فيروس أو عدوى بكتيرية غير معروفة هي أمر حقيقي للغاية، وقد حث العلماء الحكومات على الاستعداد لما قد تطرحه الطبيعة من تحديات، ونظراً إلى أن مرض “إكس” يمكن أن يكون فيروساً أو عدوى بكتيرية، فإن أعراضه قد تختلف بصورة كبيرة حسب تركيبته البيولوجية، وإذا كان الفيروس تنفسياً فقد يسبب سعالاً أو صعوبة في التنفس، بينما إذا كان عدوى بكتيرية فقد يتسبب في أعراض شبيهة بتلك الخاصة بالتهابات المعدة. ولا تتوقف الأوبئة المهددة لحياة البشر عند حدود المرض الغامض فحسب، فهناك قائمة من المهددات التي يمكن أن تشكل نوازل على البشرية، من بينها عدد من أنواع الحمى، مثل حمى الضنك، وهي أكثر الأمراض الفيروسية شيوعاً، التي ينقلها البعوض، وتصيب حمى الضنك بصورة كبيرة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الاستوائية مثل جنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية. ونظراً إلى ارتباطها بتغير المناخ بدأت حالات حمى الضنك بالظهور في مناطق جديدة، بما في ذلك جنوب أوروبا، مما يشير إلى أن المرض قد يصبح تهديداً عالمياً. مرض فيروس الإيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز) وهناك كذلك حمى غرب النيل، التي تنتقل عبر البعوض، وعادة ما تكون غير ملحوظة في 80 في المئة من الحالات، لكن في بقية الحالات قد تسبب التهاب الدماغ أو التهاب السحايا، وتشمل أعراض هذه الحال الحمى والصداع والتعب والتورم في الغدد الليمفاوية، وقد بدأت الحالات المسجلة في دول أوروبا في التزايد مما يمكن أن يؤدي إلى أمراض عصبية شديدة في بعض الحالات . ومن بين الأوبئة المخيفة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وهي تلك التي تتطور لتصبح مقاومة للعلاج، مما يجعل من الصعب علاج العدوى، وهذه أصبحت أكثر انتشاراً مما يسبب صعوبة في علاج العدوى. ويخشى أن تتسبب مقاومة الأدوية في حدوث حالات وفاة كثيرة بسبب تعذر علاج العدوى التي قد تصيب الأعضاء الحيوية. ومن بين أنواع القائمة نجد السعال الديكي، وهو مرض بكتيري يسبب سعالاً قوياً، كما يسبب السعال الحاد، ويؤثر بصورة رئيسة في الأطفال. وعلى رغم وجود لقاحات فإن حالات السعال الديكي ما زالت تحدث، بخاصة في الأطفال الذين لم يتلقوا اللقاح، وفي بعض الحالات يمكن أن يكون مميتاً إذا لم يعالج. هل يعني ذلك أن الوباء قادم لا محالة؟ عن مكان وزمان بدايات التفشي ربما يتعين علينا، بداية، إعادة تعريف الوباء، وهو تفشي مرض في مكان معين، ومن هناك ينتشر في مناطق جغرافية مختلفة حول العالم في الوقت نفسه وتنتشر الأمراض المتوطنة بصورة منتظمة بين السكان، وقد تشهد بعض هذه الأمراض مثل الإنفلونزا ارتفاعاً في معدلات انتقال العدوى أو انتشارها بصورة وبائية في أوقات معينة. والعامل الممرض هو الكائن الحي الذي يسبب المرض لمضيفه، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الفيروسات. المعروف أنه قبل جائحة “كوفيد-19” كانت الخطط المسبقة في غالب البلدان تتوقع ظهور سلالة وبائية من فيروس الإنفلونزا (رويترز) متى يمكن أن يحدث الوباء؟ من المستحيل التنبؤ بموعد حدوث الوباء التالي، لأن هذه الأحداث عشوائية، ويمكن أن تبدأ في أي مكان في العالم حيث تكون بعض الحيوانات والبشر على مقربة من بعض، وغالباً ما تنشأ الأوبئة عندما ينتقل مسبب المرض من حيوان يعيش فيه إلى إنسان لم يسبق له الإصابة بهذا المسبب من قبل. وعندما يحدث ظهور المرض لدى البشر فإن النتيجة تكون واحدة من ثلاث نتائج، إما أن يسبب العامل الممرض مرضاً لشخص واحد، كما هي الحال مع داء الكلب، أو أن يسبب تفشياً أوسع مثل مرض فيروس الإيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عامي 2018 و2020، أو أن يسبب جائحة لديها القدرة على أن تصبح متوطنة، مثل فيروس نقص المناعة البشرية. وعرفت البشرية عبر تاريخها الطويل كثيراً من الأوبئة التي أبادت الملايين من البشر مما نعرف ومما لا نعرف، وقد جاءت جائحة الإنفلونزا الكبرى عام 1918 التي حصدت قرابة 50 مليون نسمة حول العالم، لتشكل نقطة مرجعية تاريخية رئيسة، ولكن منذ ذلك الحين حدثت أوبئة أقل فتكاً. ويطلق الخبراء على فيروس نقص المناعة البشرية وصف الوباء الذي أصبح متوطناً. ومن المرجح أن تحدث حالات تفشي الأمراض المعدية عندما تجتمع مجموعة من عوامل الخطر معاً، فقد تسببت ظاهرة “النينو” المناخية عام 1998 في حدوث فيضانات في كينيا والصومال والسودان وتنزانيا، مما أدى إلى إجبار الماشية والبشر على العيش قرب بعضهم بعضاً على الأراضي الجافة المتبقية، وقد أدى هذا إلى زيادة خطر انتقال مسببات الأمراض بين الأنواع، وبسبب نقص اللقاحات لم تُطعم الماشية ضد فيروس حمى الوادي المتصدع، وهي عدوى شائعة بين الحيوانات المجترة في المنطقة. أين يمكن أن تحدث الأوبئة التالية؟ لقد بذلت جهود للتنبؤ بالأماكن التي قد تنشأ فيها الأوبئة من خلال تحديد مواقع ظهورها في الماضي، مثل رسم خرائط لحوادث العدوى الناشئة المعروفة من أربعينيات القرن الـ20 إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ21 والتنبؤ بحدوث ظهورها في أحد تلك المواقع، غير أن الظهور غالب الأمر هو حدث عشوائي في كل من الزمان والمكان، ولم يكن رسم الخرائط مؤشراً موثوقاً به. هل من مخاوف من وباء بعينه؟ هناك محور استراتيجي مرعب في حد ذاته، وهو المتعلق بالحرب البيولوجية أو الإرهاب البيولوجي (أ ف ب/ غيتي) الإنفلونزا وباء القرنين الـ20 والـ21 على رغم أن الإنفلونزا الإسبانية ظهرت في غالب الأمر في أوروبا أولاً، ومنها انتقلت بعد الحرب العالمية الأولى إلى بقاع الأرض كافة، فإن القارة الآسيوية باتت لاحقاً وكأنها على موعد مع قدر مقدور في زمن منظور لظهور الأوبئة الخاصة بأمراض التنفس وبخاصة الإنفلونزا. لماذا آسيا بنوع خاص؟ المؤكد أن للأمر علاقة بين الناس والحيوانات الأليفة أو البرية، فقد ظهرت أنواع من الأوبئة المرتبطة بالإنفلونزا تاريخياً في جنوب الصين، ولهذا كانت هذه المنطقة في مقدم الأماكن محط الأنظار في العالم باعتبارها مصدراً محتملاً لسلالات جديدة من فيروس الإنفلونزا، وعلى رغم ذلك فإنه من المعتقد أن جائحة إنفلونزا الخنازير H1N1 التي تفشت عام 2009 نشأت في المكسيك، أو جنوب الولايات المتحدة وليس في الصين. وحتى لو كانت هناك عملية تسلسل جيني لجميع الكائنات الحية التي تحملها الحيوانات البرية المرتبطة بالحيوانات التي تعيش فيها، فإن مثل هذه القاعدة من البيانات سيكون من الصعب تحديثها، وفي أفضل الأحوال قد تعطي فكرة عن أصل مسببات الأمراض التي حُددت حديثاً، لكن العلماء لا يستطيعون التنبؤ بتفشي المرض باستخدام مثل هذه القواعد البيانية، كما أن غالب فيروسات الإنفلونزا تنشأ في الطيور المائية البرية، أما فيروس إنفلونزا الخنازير فقد نشأ في مجموعات من الطيور التي يعتقد أنها نقلت العدوى إلى الخنازير حين تحورت على نحو جعلها قادرة على الانتقال بسهولة من إنسان إلى آخر بمجرد أن يصاب البشر بالعدوى مباشرة من الخنازير، فيما فيروس الإنفلونزا التقليدي هو غير مستقر وينشأ في الطيور المائية البرية التي تنقل العدوى إلى الطيور المنزلية والدواجن، ثم تنقلها إلى الحيوانات و/أو البشر، وفي بعض الأحيان يتحور فيروس الإنفلونزا إلى شكل يمكن أن ينتشر بسهولة بين البشر، وفي مثل هذه الظروف يمكن أن تحدث جائحة. والمعروف أنه قبل جائحة “كوفيد-19” كانت الخطط المسبقة في غالب البلدان تتوقع ظهور سلالة وبائية من فيروس الإنفلونزا، لكن البلدان في آسيا التي شهدت تفشي فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد عام 2003 كانت تميل أيضاً إلى أخذ فيروسات كورونا في الاعتبار. هل العالم على استعداد لمواجهة الجائحة القادمة التي قال بعض المصادر إنها ستتمثل في وباء المرض الغامض “إكس” القادر على التسبب في وفيات أكثر 20 مرة مما تسبب فيه فيروس “كوفيد-19″؟ الوباء قادم… فمتى يستعد العالم؟ في شهر مارس (آذار) 2024 اجتمع في مدينة دافوس في سويسرا قرابة 194 مسؤولاً من مختلف دول العالم للاتفاق على خطة عالمية للتعامل مع التهديد المعروف باسم مرض “إكس”. ويشير الاسم الرمزي، كما أسلفنا، إلى المرض غير المعروف حتى الآن، الذي من المتوقع أن يدمر العالم يوماً ما في شكل تكرار لمرض “كوفيد-19” أو ربما يحمل أضراراً أسوأ. وقد أدى هذا الخوف الآن إلى انطلاق تسع جولات من المفاوضات الدولية المضنية حول نص أول معاهدة عالمية في شأن الأوبئة، التي يجب الاتفاق عليها قبل اجتماع الجمعية السنوية لاتخاذ القرارات في منظمة الصحة العالمية الذي جرى في مايو (أيار) 2024. وتهدف الاتفاقية إلى مساعدة الحكومات والمؤسسات والشعوب على تجنب أخطاء أزمة كورونا، لكن الوصول إلى هذا الهدف سبب انقسامات عميقة. وفي المحادثات التي جرت عبر الإنترنت، وشخصياً في جنيف، ضغطت البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على الدول الغنية وشركات الأدوية للذهاب إلى أبعد مما فعلته سابقاً في شأن تقاسم الموارد الصحية المنقذة للحياة. في تلك الأثناء زعم بعض المحافظين في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها أن المعاهدة بعيدة المدى بالفعل، وعندما اختتمت الجولة الأخيرة من المحادثات من دون التوصل إلى اتفاق في الـ28 من مارس الماضي كان عنوان تقرير على قناة “فوكس نيوز” الأميركية “المرض إكس: يقول المنتقدون إن إدارة الرئيس جو بايدن تبيع السيادة الأميركية بمعاهدة منظمة الصحة العالمية”. هل يعني ذلك أن الأغنياء والكبار قد أخفقوا في التوصل إلى ملامح ومعالم اتفاقية تقي العالم شر الخطر الجامع القادم لا محالة؟ للمرء أن يأخذ في الاعتبار حال ومآل منظمة الصحة العالمية، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من هذه المنظمة، وكيف ستتراجع درجة الجهوزية لديها، لكن ماذا عن توقعاتها وتنبؤاتها للخطر الوبائي القادم لا محالة وغالباً في المدى المنظور؟ والعهدة هنا على رجالات من نوعية بيل غيتس وتيدروس أدهانوم غيبريسوس رئيس المنظمة. الصحة العالمية… العالم غير مستعد في التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري، كان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يقول لوكالة الصحافة الفرنسية إنه إذا وصل الوباء التالي إلى العالم، فإن هناك كثيراً من الثغرات ونقاط الضعف التي سيتسرب منها الموت مرة جديدة. ويبدو التساؤل محرجاً عن حال العالم بعد خمسة أعوام من كورونا، والسؤال المهم: هل كانت منظمة الصحة العالمية أمينة بالفعل في سعيها إلى تجنيب العالم مثل هذا الوباء؟ أم أن الفساد الذي يعتري بنيتها الهيكلية هو السبب الرئيس في جعل ترمب يصدر، ضمن أوامره التنفيذية الأولى، قراراً بالانسحاب منها؟ في محاولة لحفظ ماء الوجه، قال غيبريسوس إنه في حين تعتبر وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة أن العالم أصبح أكثر استعداداً مما كان عليه عندما ضرب “كوفيد”، غير أنه أضاف أننا “لسنا مستعدين بما يكفي”. وفي محاولة للالتفاف على مسؤولية المنظمة الأممية قالت مديرة برنامج الاستعداد والوقاية من الأوبئة والجوائح في منظمة الصحة العالمية ماريا فان كيروف إن الأمر يتعلق بموعد مواجهة جائحة أخرى، وليس ما إذا كنا سنواجهها أم لا. وفي اعتراف صريح أقرت بأن الأمور تحسنت كثيراً بعد جائحة إنفلونزا 2009، غير أن تفشي جائحة “كوفيد” أثبتت أن العالم غير مستعد لانتشار جائحة أخرى أوسع نطاقاً من وباء معدٍ. أين يمكن للمرء أن يجد اعترافاً صريحاً ولو غير مريح في شأن قادم أيام 2025 والوباء المنتظر؟ الثابت أن اللجنة المستقلة للاستعداد والاستجابة للأوبئة، التي أنشأتها منظمة الصحة العالمية، كانت الأكثر وضوحاً وصراحة في تقييمها، ما الذي جاء في تقريرها؟ نطالع ما نصه “في عام 2025 لن يكون العالم مستعداً لمواجهة تهديد وبائي آخر”، ومشيرة إلى استمرار عدم المساواة في الحصول على التمويل وأدوات مكافحة الأوبئة مثل اللقاحات. من جانبها، قالت عالمة الفيروسات الهولندية الشهيرة ماريون كوبمانز لوكالة الصحافة الفرنسية “إن نجاح وإنتاج لقاحات mRNA السريع من شأنه أن ’يغير قواعد اللعبة‘ في مواجهة الوباء المقبل”. ومع ذلك حذرت من أن “الزيادة الظاهرة في التردد في تلقي اللقاح”، وسط مستويات مذهلة من المعلومات المضللة، تعني أنه إذا وصلت جائحة أخرى قريباً “فسوف نواجه مشكلات كبيرة مع استخدام اللقاحات بسبب ذلك”. أما خبيرة علم الأوبئة في معهد “ساس” في الولايات المتحدة، ميج شايفر، فترى أن “الأمر سيستغرق من وكالات الصحة العامة ما بين أربعة إلى خمسة أعوام لتحديث الأنظمة للكشف عن المعلومات ومشاركتها بصورة أسرع. ويعتبر عالم الفيروسات في “إمبريال كوليدج” توم بيكوك أن احتمالات انتشار جائحة إنفلونزا الطيور H5N1 يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ففي الوقت الحالي لا ينتقل الفيروس بين البشر، لكنه ينتشر على نطاق واسع في كثير من الأنواع الحيوانية، ما المطلوب على مستوى العالم لتجنب كارثة قد تكون أشد هولاً من جائحة “كوفيد-19” الماضية؟ مراقبة تفشي الوباء واستراتيجية الوقاية تتمثل المهمة الأكثر أهمية، التي تقع على عاتق جميع البلدان في تعزيز قدراتها على تحديد حالات تفشي الأمراض والاستجابة لها أينما ومتى حدثت، ويشمل هذا التسلسل الجيني مسببات الأمراض وتبادل بيانات التسلسل في قواعد البيانات العالمية. ولضمان أفضل قدر ممكن من الأمن الصحي للسكان يتعين على الدول الصناعية أن تدعم البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في جهودها لتعزيز قدراتها في مجال الصحة العامة. ولقد كشفت جائحة “كوفيد-19” عن نقاط ضعف في قدرات المختبرات في عديد من أنحاء العالم، وتبذل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها جهوداً كبيرة للمساعدة في تعزيز هذه القدرة التي تعد ضرورية للكشف عن انتشار مسببات الأمراض في المستقبل. ويتطلب القيام بذلك أكثر من مجرد نهج واحد يناسب الجميع، فلا يمكن استدامة المختبرات إلا إذا كُيفت لتناسب البيئات والمجتمعات التي تستضيفها. وهناك عامل رئيس آخر في الرصد يتمثل في الحاجة إلى تحويل التركيز من اكتشافات مسببات الأمراض لدى البشر إلى اكتشافها في مجموعات الحيوانات في وقت مبكر ومنعها من الاستقرار قبل فترة طويلة من انتشارها إلى البشر، على أنه وفي مواجهة المخاوف القائمة والقادمة من وباء جديد، لا يبدو أن هناك استراتيجية عالمية جامعة مانعة في مواجهة أي جائحة عالمية في الطريق، بل خطط محلية لكل دولة، مما يعني أن المنظمات العالمية وفي مقدمها منظمة الصحة العالمية لم تستفد كثيراً من دروس الوباء الأخير، الذي كشف عن عيوب خطرة في قدرة العالم على الاستجابة بصورة فعالة، بخاصة الفشل في التعاون والتضامن العالمي على نطاق أوسع. لقد شهدت أزمة “كوفيد-19” إعطاء الدول الغنية الأولوية لسكانها على حساب الاستجابة العالمية الأكثر إنصافاً مما أدى إلى إطالة أمد آثار الوباء وتمديدها، وكافحت بعض الدول النامية للوصول إلى التشخيصات واللقاحات والعلاجات التي تحتاج إليها للاستجابة بفعالية. هل هناك جانب آخر من ضمن جوانب الاستعدادات الواجب توافرها في قادم الأيام وقبل أن يتعرض العالم لفاجعة وباء جديد؟ لقد أظهر انسحاب الرئيس ترمب مرة جديدة من اتفاق باريس للمناخ العالمي، وكذلك انسحاب بلاده من منظمة الصحة العالمية، أن وحدة الكلمة السياسية مفقودة وربما لأعوام أربعة مقبلة يمكن أن تجري فيها نوازل الأوبئة، وبما يضع العالم من جديد في مواجهة “التوحش المجهول”. إن أكبر خطر يهدد الاستعداد للوباء القادم هو وحدة الرؤية السياسية المفقودة عالمياً، وفي القلب منها مسألة الموازنة بين احترام السيادة الوطنية من جانب، وإظهار روح التعاون الدولي من جانب آخر. وعطفاً على ذلك تبدو الأزمات المالية فاعلة ومؤثرة في إدارة الأزمة وإيجاد المصادر اللازمة لتمويل ودفع التدابير المالية اللازمة للحفاظ على استعداد العالم لمواجهة جائحة أخرى. وكما هي الحال مع تغير المناخ فإن الاستعداد لمواجهة الأوبئة يعتمد على التضامن بين العالمين المتقدم والنامي، فضلاً عن التركيز السياسي على حل المشكلات بدلاً من إلقاء كل دولة العبء على الدول الأخرى. ما الذي يتبقى في هذا الحديث؟ بالقطع هناك محور استراتيجي مرعب في حد ذاته، وهو المتعلق بالحرب البيولوجية، أو الإرهاب البيولوجي، وكلاهما يهدد حياة الإنسانية، سواء عن قصد في المواجهات الأممية، أو عن غير قصد من خلال تسرب فيروسات بعينها. المزيد عن: وباء إكسكوفيد-19التهاب الكبد الوبائي البشريفيروس الإنفلونزا البشريمرض فيروس الإيبولاالإنفلونزاالإرهاب البيولوجيحمى غرب النيل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post سرطان البروستاتا يتصدر قائمة أمراض السرطان في بريطانيا next post بلزاك يبتكر مبدأ عودة الشخصيات في روايته “الأب غوريو” You may also like سرطان البروستاتا يتصدر قائمة أمراض السرطان في بريطانيا 1 فبراير، 2025 طريقة جديدة للكشف عن سرطان الأمعاء تبلغ دقتها... 31 يناير، 2025 سلاحان يساعدانك على مواجهة خطر الإصابة بالسرطان… تعرف... 31 يناير، 2025 كيف يمكن لأحلامك أن تتنبأ بإصابتك بالخرف؟ 29 يناير، 2025 اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يقلص عمر... 28 يناير، 2025 دراسة: النحفاء ذوو العضلات الدهنية معرضون للنوبات القلبية 28 يناير، 2025 أودى بحياة 17 شخصا.. “مرض غامض” يثير القلق... 25 يناير، 2025 الكركم لمكافحة الألم والتهاب العضلات بعد الرياضة 24 يناير، 2025 (7 تغيرات بدنية) تعتري المرأة بعد سن الأربعين 24 يناير، 2025 أخطاء مذهلة عند السيطرة على حالات الربو 24 يناير، 2025