رويترز / الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عرب وعالم أردوغان يحاول مرة أخرى حل “القضية الكردية” بشكل نهائي by admin 15 يناير، 2025 written by admin 15 يناير، 2025 25 قد نكون بصدد فرصة نادرة لتحقيق مصالحة حقيقية المجلة / عمر اونهون عندما صافح الزعيم القومي التركي المتشدد دولت بهجلي الرئيسين المشاركين لـ”حزب الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024، لم يكن ذلك مجرد لحظة عابرة، بل كان المقدمة التي أطلقت شرارة مسار جديد ما زال موضوعا للنقاش. شكلت المصافحة، التي جرت في اليوم الأول من السنة التشريعية الجديدة للبرلمان التركي، بمبادرة من بهجلي، البالغ من العمر 77 عاما ورئيس “حزب الحركة القومية”، لحظة رمزية في معركة تركيا المستمرة منذ قرون مع الجماعات الكردية، والتي تركز أساسا على “حزب العمال الكردستاني”، المصنف على نطاق واسع كمنظمة إرهابية. ويبدو أن مبادرة بهجلي تشير إلى محاولة أوسع لمعالجة “القضية الكردية” المزمنة والشائكة. وباعتبارها “عملية مصالحة” محتملة، فإن هذه الجهود تمس ديناميكيات سياسية واجتماعية بالغة الحساسية. عرض بهجلي بعد ثلاثة أسابيع من هذه الخطوة السياسية ذات المغزى، دعا بهجلي عبد الله أوجلان، مؤسسَ “حزب العمال الكردستاني” الذي يمضي عقوبة السجن لإعلان حل الحزب أمام البرلمان التركي مقابل إطلاق سراحه. ولذلك أهمية خاصة إذا تذكرنا أن بهجلي كان قد دعا سابقا إلى إعدامه. قبض عملاء الاستخبارات التركية على أوجلان في عملية جرت في نيروبي عام 1999، وهو يقضي الآن حكما بالسجن مدى الحياة في زنزانة انفرادية بجزيرة إمرالي في بحر مرمرة. وصرح بهجلي بأن أوجلان إذا أصدر هذا النداء، يمكن أن يحصل على ترتيب قانوني لإعادة النظر في شكل ومدة احتجازه، على الرغم من وجود الكثير من الشكوك والمخاوف حول كيفية تنفيذ ذلك. ومن المفارقات أن بهجلي، الذي أسس أيضا منظمة “الذئاب الرمادية” اليمينية المتطرفة، كان حتى عام 2016 من أشد معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان، بل إنه اتهمه بخيانة البلاد والأمة التركية، وانقلب اليوم ليغدو الحليف والشريك الأكثر ولاءً لأردوغان. وبعد بضعة أيام من الصمت، أعرب أردوغان عن دعمه لاقتراح بهجلي، واضعا حدا للتكهنات التي أشارت إلى وجود خلاف بينهما حول القضية. والواقع أن من غير المرجح أن يكون بهجلي قد اقترح إطلاق سراح أوجلان مقابل حل “حزب العمال الكردستاني” دون الحصول على موافقة أردوغان المسبقة. تجربة مريرة ومع ذلك، فهذا المسار ليس جديدا تماما، فقد أطلق الرئيس أردوغان نفسه عملية مشابهة في الفترة من 2012 إلى 2015، سوى أنها انتهت بتجربة مريرة جعلت الزعيم التركي يتوخى الحذر. ولذلك، يفضل أردوغان الآن البقاء في الخلفية، كما يقول الصحافي التركي البارز محمد يلماز، جزئيًا لأنه يشكك في قدرة أوجلان على السيطرة على “حزب العمال الكردستاني”، وبالتالي في إمكانية تحقيقه لنتائج ملموسة. ولذلك نجد الرئيس التركي مترددا، في انتظار تطورات ملموسة، مثل إصدار أوجلان دعوة لوضع السلاح، وإشارة قادة “حزب العمال الكردستاني” الآخرين إلى استعدادهم للالتزام بذلك، قبل أن ينخرط بشكل فعال، ويجازف بالتالي برأسماله السياسي. ويلعب “حزب المساواة والديمقراطية”دور الوسيط القانوني، وهو ما يفسر مصافحة بهجلي الشهيرة. ويمتلك الحزب 57 مقعدا، مما يجعله ثالث أكبر حزب سياسي في البرلمان التركي. وهم قادرون على التواصل من جهة مع بهجلي (وبالتالي مع الحكومة)، ومن جهة أخرى مع “حزب العمال الكردستاني” وفروعه السورية. وبالفعل، التقى– بعد موافقة من الحكومة– عضوان في البرلمان التركي عن “حزب الشعوب الديمقراطية”، هما بيرفين بولدان، وصري سريايا أوندر، بعبد الله أوجلان في سجن إمرالي يوم 28 ديسمبر/كانون الأول. وفي اليوم التالي، نقلا عنه تصريحا عبّر فيه أوجلان عن امتلاكه القوة والإرادة للمساهمة الإيجابية في النموذج الجديد الذي أطلقه بهجلي وأردوغان، مؤكدا أن هذه الجهود يمكن أن تحقق تحولا ديمقراطيا، ودعا جميع الأطراف السياسية في تركيا إلى المساهمة الإيجابية. ومن المتوقع أن يلتقي وفد “حزب الشعوب”معه مرة أخرى في وقت لاحق من شهر يناير/كانون الثاني. المضي بحذر في هذه الأثناء، لا يزال الشارع التركي شديد الحساسية تجاه إرهاب “حزب العمال الكردستاني” والنزعة الانفصالية الكردية، ومع ذلك لم تظهر موجة اعتراضات كبيرة على العملية التي أطلقها دولت بهجلي، وحتى أشد المتحفظين يريدون كما يبدو أن يمنحوا إمكان تحقيق السلام فرصة. ومن بين هؤلاء قادة “حزب الشعب الجمهوري”، الحزب المعارض الرئيس، الذين صرحوا بأنهم لن يعترضوا على العملية، لكنهم أوضحوا في الوقت نفسه أنهم لن يدعموا أي خطة تخدم أجندة أردوغان السياسية. وبدلا من ذلك، شدد “حزب الشعب الجمهوري” على ضرورة أن يتولى البرلمان القيادة ويصبح مركز العملية. وعادة ما يتوقع المرء أن تأتي المعارضة الطبيعية لمثل هذه المبادرة من “حزب الحركة القومية”، الحزب القومي الرئيس في تركيا، ولكن زعيم هذا الحزب، دولت بهجلي، هو في الحقيقة من يقود العملية برمتها، ولذلك فإن هذا الاعتراض لم يعد مطروحا. لا يزال الشارع التركي شديد الحساسية تجاه إرهاب “حزب العمال الكردستاني” والنزعة الانفصالية الكردية ويذكر المسار الجديد بمسار آخر مشابه جرى قبل عقد من الزمن، حين أجرت الجهات الأمنية التركية، في تلك الفترة، مفاوضات سرية مع عبدالله أوجلان. ومع تقدم المحادثات، اعترف أردوغان علنا بالمحادثات وسمح للبرلمانيين الأكراد بزيارة أوجلان في سجن إمرالي.وتلا ذلك بوقت قصير دعوة من أوجلان إلى وقف الأعمال العدائية، مما أدى إلى إطلاق سراح معتقلي “حزب العمال الكردستاني”، ووقف العمليات العسكرية التركية ضد الحزب، وطرح مبادرات مثل السماح باستخدام اللغة الكردية. ولكن معالجة القضية الكردية تتطلب أيضا التعامل مع الفروع السورية لـ”حزب العمال الكردستاني”، وفي مقدمتها “وحدات حماية الشعب” و”حزب الاتحاد الديمقراطي”. وبالفعل جرت بين عامي 2012 و2015 محادثات بين الجهات التركية وممثلين عن الطرفين السوريين المذكورَين، بمن في ذلك صالح مسلم، زعيم “حزب الاتحاد الديمقراطي”. أ.ب / عبدالله أوجلان أثناء محاكمته في تركيا عام 1991 وعلى الرغم من أن تركيا نفت لاحقا أي تعاون على الأرض بين الطرفين، فقد صرحت “وحدات حماية الشعب” بأنها عملت مع الجيش التركي لنقل ضريح سليمان شاه، جد عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية، من منطقة “إيشمة” في سوريا إلى موقع أقرب إلى الحدود التركية، لمواجهة تهديد تنظيم “داعش” بتخريب الضريح، وقد أقر أوجلان بهذا التعاون وأشار إليه لاحقا باسم “روح إيشمة”. تغير الديناميكيات قبل عقد من الزمن، كان المشهد السياسي مختلفا تماما، فقد كان أردوغان بحاجة إلى الأصوات للانتخابات الرئاسية لعام 2014 والانتخابات البرلمانية لعام 2015. وكان كسب دعم الأكراد من خلال تشجيعهم على إلقاء أسلحتهم والمشاركة في العملية السياسية عاملا أساسيا لتحقيق هذا الهدف. وبعد الانتخابات الرئاسية لعام 2014، حصل صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك لـ”حزب الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد، على المركز الثالث بنسبة تقل قليلا عن 10 في المئة من الأصوات. وفي عام 2015، جاء “حزب الشعوب الديمقراطي” في المركز الرابع بنسبة تزيد قليلا عن 13 في المئة من الأصوات، وفاز بـ80 مقعدا من أصل 550 في البرلمان. وقد وضعت هذه النتيجة الحزب على قدم المساواة مع القوميين المتشددين بقيادة بهجلي، وأطلقت الصحافة الدولية على دميرطاش لقب “أوباما الأكراد”، بسبب التزايد المضطرد لتأثيره بشكل ملحوظ. ولكن في يوليو/تموز 2015، انهارت محادثات السلام مع “حزب العمال الكردستاني”. واتهم ديمرطاش أردوغان وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، بإعادة إطلاق العمليات العسكرية لكسب الدعم الانتخابي. ولكن أردوغان اعتبر ذلك النقد تجاوزا للحدود، واعتُقل ديمرطاش في عام 2016 بتهم التحريض على العنف، ولا يزال في السجن منذ ذلك الحين. يبقى السؤال الرئيس متعلقا بالنظام السياسي الجديد في سوريا ومستقبل “وحدات حماية الشعب” وقد أعادت الانتخابات البرلمانية لعام 2015 تشكيل المشهد السياسي في تركيا بشكل كبير. فقد حول الناخبون الأكراد دعمهم إلى “حزب الشعوب الديمقراطي”، مما دفعه إلى البرلمان وتسبب في فقدان “حزب العدالة والتنمية” أغلبيته البرلمانية لأول مرة منذ عام 2002. وفشلت محاولات تشكيل حكومة ائتلافية، ما استلزم إجراء انتخابات جديدة. ولكن الأشهر الستة التي سبقت إعادة الانتخابات شهدت هجمات إرهابية من كل من “حزب العمال الكردستاني” وتنظيم “داعش”، فدفعت هذه الفوضى الناخبين للعودة لدعم “حزب العدالة والتنمية”، الذي استعاد أغلبيته البرلمانية.وهذه المرة أيضا، تظل الاعتبارات السياسية هي الحجر الأساسي للعملية الحالية، التي يقودها هذه المرة بهجلي. تعزيز الشعبية تراجعت شعبية أردوغان في الآونة الأخيرة تحت وطأة الأزمات الاقتصادية ونجاحات “حزب الشعب الجمهوري”، الذي تفوق على “حزب العدالة والتنمية” في الانتخابات. بيد أن انهيار نظام الأسد في سوريا، الذي يزعم أردوغان أنه تم بفضل تركيا، عزز مكانته في استطلاعات الرأي. وللحفاظ على هذا الزخم، يحتاج أردوغان إلى تحقيق انتصارات سياسية جديدة، ولذلك فهو يرغب في عملية مصالحة يتخلى فيها المسلحون الأكراد، ولا سيما “حزب العمال الكردستاني”، عن أسلحتهم، لإتاحة التركيز على أزمة الاقتصاد. إن إنهاء العمليات الإرهابية المكلفة المرتبطة بـ”حزب العمال الكردستاني” وتقليص الانتشار العسكري الباهظ في شمال سوريا يمكن أن يخففا الأعباء المالية الكبيرة. ومع ذلك، يجب على الحكومة أن تمضي بحذر. ولعل مكانة بهجلي كزعيم قومي مخضرم في السبعينات من عمره أن تحميه، في الوقت الحالي، من قدر كبير من الشكوك العامة. ويبقى السؤال الرئيس متعلقا بالنظام السياسي الجديد في سوريا ومستقبل “وحدات حماية الشعب”. كما أن صياغة دستور جديد وإمكانية إنشاء منطقة إدارية شبه مستقلة للأكراد في شمال شرقي سوريا يحملان تداعيات مهمة لكل من تركيا وعملية المصالحة. وتسعى أنقرة إلى الإيحاء بأن قضية “وحدات حماية الشعب” منفصلة تماما عن جهود المصالحة الداخلية، إلا أن الواقع يكشف ارتباطا وثيقا بين الجانبين، حيث تستمر القوات السورية المدعومة من تركيا في مهاجمة “وحدات حماية الشعب” حول منبج وسد تشرين. وختاما، يأمل أردوغان، بعد سنوات من الصراع، في أن تساهم مجموعة من العوامل، بما في ذلك نفوذه في دمشق، ومصداقية بهجلي، واستعداد أوجلان، وتقبل الشارع التركي، في تقديم فرصة نادرة لإنهاء “القضية الكردية” مرة واحدة وإلى الأبد. ويبقى الزمن كفيلًا بالكشف عما إذا كانت هذه العوامل ستتكاتف لتحقيق ذلك. المزيد عن: تركيا رجب طيب إردوغان الأكراد أوجلان حزب العمال الكردستاني 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بيروت تستعيد بريقها السينمائي مع 50 مخرجا لبنانيا في مهرجان “شاشات الواقع” next post ماجد كيالي يكتب عن: انهيار الخيار العسكري ضد إسرائيل فلسطينيا وعربيا You may also like هل أخفقت إسرائيل في اختراق الحوثيين استخباراتيا؟ 15 يناير، 2025 ماذا نعرف عن اتفاق وقف إطلاق النار الوشيك... 15 يناير، 2025 ما بين التخوف من “الإسلام السياسي” و”العودة إلى... 15 يناير، 2025 هل يشكل نواف سلام حكومة من دون “الثنائي... 15 يناير، 2025 السلطات السورية تعتقل متشددا مصريا بث تسجيلات هدد... 15 يناير، 2025 غضب في ليبيا بعد تسريب مشاهد تعذيب أعادت... 15 يناير، 2025 ماذا ينتظر لبنان من محطات مفصلية بعد تكليف... 15 يناير، 2025 نواف سلام.. خيار واعد يُحرر السنة في لبنان 15 يناير، 2025 ماذا حمل فريق ترمب من وعود لنتنياهو ذللت... 14 يناير، 2025 نواف سلام يستقيل من عضوية محكمة العدل الدولية 14 يناير، 2025